أهالي جدة بعد الأمطار الأخيرة يتساءلون: إلى متى؟

بعد أن أعادت الأمطار الأخيرة معاناتهم إلى الواجهة وسط غياب الإصلاحات والمشاريع الكافية

مياه الامطار وقد تسربت داخل أحد المنازل («الشرق الأوسط»)
TT

في كل مرة تغطي السحب سماء مدينة جدة تسبق مخاوف الأهالي هطول الأمطار بعد سيناريو مؤلم سطروه العام الماضي خلال الكارثة التي ألمت بها، إلى جانب اللوحات المتكررة مرارا تتضمن تجمعات للمياه في الشوارع تؤدي بشكل عام إلى تعطل حركة السير في بعضها وبطئها في أنحاء أخرى.

«عجوز البحر الأحمر» لقب أطلقه السكان على مدينتهم في ظل انعدام البنية التحتية بها، والتي تتجلى مساوئها قبيل توقف الأمطار، كي تكون سببا في انتشار صهاريج سحب المياه لساعات طويلة دون توقف.

ورغم كل الانتقادات والشكاوى التي أثارها الجداويون في مجالسهم بعد الأمطار الأخيرة، يرى عبد الرحمن بن أحمد أن وضع مدينة جدة كان أهون بكثير مما حدث العام الماضي خلال الكارثة، إلا أنه أكد في الوقت نفسه على وجود مناطق تعرضت للغرق وأخرى تضررت.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة استياء كبير جدا من قبل أهالي منطقة جنوب جدة كونها الأكثر تضررا من الأمطار في كل مرة، وذلك نتيجة عدم وجود تصريف للمياه، عدا عن سوء سفلتة الشوارع بها، إلى جانب الحفريات التي يتم ردمها بشكل خاطئ لتنكشف مجددا إذا ما تعرضت إلى الأمطار».

وأشار إلى أنه شاهد صباح يوم أمس سقوط سيارتين في حفرية مردومة واقعة بطريق الملك عبد الله، مما أدى إلى تعطل حركة السير، ولا سيما أن استخراج السيارتين استغرق نحو ساعتين.

وأضاف: «ما زالت الأنفاق في مدينة جدة خالية من قنوات تصريف مياه الأمطار، بدليل امتلائها بشكل مشابه لما حدث بها العام الماضي، غير أن كارثة جدة الشهيرة كانت سببا في تسريع عمليات شفط المياه فقط، إلا أن مشاريع تصريف تلك المياه ما زالت تشكل مشكلة كبيرة في جدة».

وبالنسبة لوضع المناطق التي شهدت أضرارا العام الماضي، أفاد عبد الرحمن بن أحمد بأن بعض تلك المناطق لحقت بها أضرار جراء الأمطار التي شهدتها مدينة جدة مؤخرا، مما تسبب في تكرار مشاهد شبيهة بتلك في العام الماضي ولكن دون وقوع وفيات، لافتا إلى وجود أضرار منذ العام الماضي لم يتم إصلاحها بالكامل، إضافة إلى تضرر مناطق جديدة أيضا.

وعلى الرغم من إعلان أمانة محافظة جدة خلال العام الماضي ومنذ الانتهاء من أحداث كارثة جدة عن جملة من المشاريع العاجلة لتصريف مياه الأمطار ودرء مخاطر السيول التي كان من المتوقع أن تبعث التفاؤل في نفوس أهالي جدة، فإن المواطن محمد العماري رد على ذلك بالمثل الشهير «لا فات الفوت ما ينفع الصوت».

وأوضح محمد أحد سكان مخطط الحرمين بجدة أن مدينة جدة في كل مرة تهطل عليها الأمطار فإنها تتعرض للغرق في ظل سوء شوارعها، مشيرا إلى أن سيارته تعطلت نتيجة تجمعات المياه التي تكونت بعد هطول الأمطار الأخيرة.

وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «ليس جديدا ما يحدث في جدة بعد الأمطار، حيث إن المواصلات تصبح صعبة جدا في ظل وجود شوارع متهالكة مليئة بالحفر»، مبينا أن أحياء جنوب جدة عادة ما تتضرر في كل مرة تهطل بها الأمطار.

واستطرد في القول: «يعاني مخطط الحرمين –رغم أنه يعتبر جديدا - من سوء سفلتة شوارعه، وهو ما جعلها تتهالك منذ مدة تسبق فترة هطول الأمطار، مما جعلها تمتلئ بالمياه لتتسبب في تعطل حركة السير من الجزء الخلفي للمخطط»، موضحا أن بعض الأراضي الفضاء الموجودة في المخطط كونت مستنقعات مائية كانت سببا في توالد البعوض سريعا وانتشار المخاوف من تفشي مرض حمى الضنك بينهم.

وكان الدكتور هاني أبو راس أمين محافظة جدة قد أعلن نهاية الأسبوع الماضي عن توقيع عقد لترسية مشروع مخطط عام ورئيسي لدرء أخطار السيول والأمطار عن مدينة جدة بالكامل، وذلك في الرابع من شهر أبريل (نيسان) المقبل.

وأشار آنذاك إلى أنه سيكون لدى الأمانة منظومة متكاملة ومجموعة من المشاريع لمعالجة هذا الأمر بشكل جذري، مؤكدا أنه تم الانتهاء من كراسة الشروط والمواصفات والبدء في مرحلة تأهيل الشركات لذلك.

وهنا، علق محمد العماري قائلا: «إن أي مشاريع تشهدها مدينة جدة فيما يتعلق بتصريف مياه الأمطار لن تكون مثمرة مطلقا، في ظل انعدام البنية التحتية لها، وقد فوجئت منذ يومين بوجود تجمعات للمياه في الشوارع بشكل لم يكن متوقعا باعتبار أن الأمطار لم تتجاوز مدتها نصف ساعة فقط».