السعودية: مشروع وطني يضع حدا لـ«فوضى» قطاع الخدمات الاستشارية

يعيد النظر في 6000 مكتب استشاري.. خلال 14 شهرا

التنظيم الجديد لا يشمل قطاع الخدمات الاستشارية الخاصة بالأسرة أو بالشؤون الاجتماعية («الشرق الأوسط»)
TT

تتجه السعودية في الفترة المقبلة إلى تنظيم مهنة الخدمات الاستشارية (المالية والاقتصادية والإدارية وما يتعلق بها)، وإعادة النظر في جميع المكاتب الاستشارية الموجودة حاليا في البلاد، في مشروع وطني أعلنت عنه أمس الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، ويستهدف إجراء دراسة تشخيصية شاملة لنحو 6 آلاف مكتب استشاري سعودي، ومن ثم الرفع بالتوصيات للجهات المعنية، في مدة تستغرق 14 شهرا، وهو ما يأتي في إطار وضع حد لفوضى هذا القطاع.

وكشف الدكتور أحمد المغامس، أمين عام الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، هاتفيا لـ«الشرق الأوسط»، عن مبررات ذلك بقوله «هناك حاجة ماسة جدا لتنظيم مهنة الخدمات الاستشارية في البلاد، لأن الخدمات الاستشارية الآن غير منظمة بالطريقة الصحيحة، ولا تتبع هيئات مهنية معينة»، وأشار المغامس إلى دور الهيئات العمالية الموجودة في السعودية، مضيفا «في ما عداها، لا يوجد تنظيم للخدمات الاستشارية، سواء المالية أو الاقتصادية أو الإدارية».

وتابع المغامس بالقول «تُعطى التراخيص من قبل وزارة التجارة، لكن لا تنظمها هيئة مهنية مستقلة تعمل على متابعة المنتسبين لهذه الخدمات المرخص لهم، أو تتابع عملهم وتعليمهم، وتعاقب من يخالف الأنظمة منهم، والتأكد من التزامهم بالمعايير المهنية الخاصة بكل مهنة، ونحو ذلك».

ويضيف أمين الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، قائلا «هناك أيضا خدمات استشارية تقدم من جهات موجودة خارج البلاد، إلى الداخل، من دون وجود أي رقابة على أداء عملها، ومع عدم وجود أي تراخيص لها من جهة محددة، وهذا كله استدعى من هيئة المحاسبين ممثلة بلجنة الخدمات الاستشارية؛ تبني مشروع وطني لدراسة واقع الخدمات الاستشارية، حتى نقدم للمسؤولين في وزارة التجارة والجهات الأخرى تعريفا بواقع الخدمات الاستشارية بموجب دراسة مهنية».

وعن أبرز المعطيات التي سيقدمها هذا المشروع، يقول المغامس «هدفنا هو إعداد دراسة علمية لواقع الخدمة في البلاد، وعدد المكاتب العاملة في البلاد، وعدد عملائها، وحجم هذه الأعمال، ومن جميع ذلك سنخرج في النهاية بمقترحات ترفع إلى وزارة التجارة والهيئة العامة للاستثمار وهيئة السوق المالية والجهات المختصة، لتنظيم الخدمات بصورة أفضل مما هو معمول به حاليا».

يذكر أن دراسة سوقية حديثة أظهرت أن المكاتب الاستشارية السعودية تتنازع على 5 في المائة من «كعكة» الاستشارات المحلية، حيث تمتلك الشركات الأجنبية حصة الأسد في السوق بنسبة 85 في المائة، في ظل وجود ستة آلاف مكتب استشاري وطني في السعودية تتنوع اختصاصاتها ما بين الاقتصادي والهندسي والإداري والمالي وغيرها.

وفي يونيو (حزيران) الماضي، تبنى مجلس الغرف السعودية مبادرة لتوحيد جهود قطاع المكاتب الاستشارية الوطنية ورفع كفاءتها وزيادة قدرتها التنافسية للحصول على حصص أكبر من سوق الاستشارات في البلاد، وذلك خلال «الملتقى الوطني الأول للمكاتب الاستشارية»، الذي أوصى بإنشاء صندوق مالي يتم تمويله عن طريق المكاتب الاستشارية الوطنية، بهدف تمويل أنشطة مختلفة تستهدف رفع كفاءة القطاع وتعزيز البيئة الداعمة لنموه وتوسعه، بما في ذلك دعم الأنشطة الاستراتيجية الوطنية للمكاتب الاستشارية والتي أعدتها اللجنة الوطنية للمكاتب الاستشارية بمجلس الغرف السعودية، وتتضمن تنفيذ الكثير من الخطط والبرامج والأنشطة البحثية خلال 5 سنوات.

يأتي ذلك في حين يصل حجم سوق الاستشارات العالمية إلى نحو 310 مليارات دولار، إذ خرج الملتقى إلى اقتراح تبني مكاتب الاستشارات الوطنية فكرة الاندماج في ما بينها لزيادة ورفع قدرتها على المنافسة، والحصول على حصص من المشاريع والدراسات المطروحة، والدعوة لإيجاد شراكات مهنية وتجارية مع الدول المتقدمة في هذا المجال، في ظل الفرص والتحديات الكبيرة التي تنتظر قطاع الاستشارات الوطني مع الطفرة التنموية الكبيرة التي تشهدها البلاد. وهو ما دفع الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين لأن تعلن أمس أنها تقوم (ممثلة في لجنة الخدمات الاستشارية بالهيئة) بتنفيذ دراسة تشخيصية لمهنة الخدمات الاستشارية في السعودية. وعللت الهيئة عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، أهمية تنفيذ هذه الدراسة بأنه يأتي «استشعارا من الهيئة بأهمية الحاجة الماسة للنهوض بمهنة الخدمات الاستشارية (الاستشارات المالية والاقتصادية والإدارية وما يتعلق بها) وتنظيمها وتطويرها، لتعظيم المنفعة الوطنية وتحقيق المساهمة القصوى لنشاط الخدمات الاستشارية في الاقتصاد الوطني، وتعزيز الميزات النسبية للسوق المحلية في السعودية، وعلاج عناصر الضعف التي يعاني منها نشاط الخدمات الاستشارية».

في حين أكدت الهيئة على أن هذه الدراسة ستخرج عند الانتهاء منها بخطة عمل شاملة وتوصيات محددة تساعد الجهات الحكومية المشرفة والمانحة للتراخيص في السعودية، على تنظيم مهنة الخدمات الاستشارية في المملكة والارتقاء بها وتوطين المعرفة في هذا المجال.