الباحة.. تستريح على مخزون مائي يكفيها 3 عقود

مطالبات بضرورة تعقيم الناقلات.. والإقبال البشري في المواسم والعطلات أبرز نقاط الاستهلاك

TT

قدر مسؤول يعمل في الجهة المسؤولة عن توفير المياه في منطقة الباحة (جنوب البلاد)، أن ما تستريح عليه الباحة من مياه، ربما يغطي احتياج المنطقة بمحافظاتها لثلاثة عقود من الزمن، في إشارة منه إلى خطة استراتيجية طويلة المدى، يعمل في إطارها جهاز المياه في المنطقة.

وأكد المهندس محمد العضيد، مدير عام المياه في منطقة الباحة، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن لدى إدارته خطة استراتيجية تسير وفقها إدارته، لتأمين المياه للمنطقة، يتم فيها جلب المياه عبر مشاريع نقل من وادي عردة، بعد اكتمال مشروع السد الأكبر من نوعه، إلى جانب مشاريع نقل المياه من سد العقيق، ووادي ثراد، والجنابين، والأحسبة، ووادي دوقة، ووادي عليب، بالإضافة إلى المرحلة الثالثة من مشروع محطة التحلية بالشعيبة، والمتوقع من هذه المشاريع تدفق المياه بكمية تبلغ 91 مترا مكعبا يوميا حتى نهاية هذا العقد لمدة عشر سنوات.

وأكد المهندس العضيد على وجود مشاريع عدة، وصفها بـ«الضخمة»، يتم تنفيذها، تشمل خزانات مياه للتوزيع في أكثر من 16 موقعا، وسيتم تجريب الضخ فيها تباعا، بحسب كميات المياه المتوافرة، وأن ميزانية العامين الماضيين حملت ما يقرب من 1.8 مليون ريال، حيث تم اعتماد مبلغ 632 مليون ريال لمشاريع الباب الرابع، ومنها دراسة وتصميم مشاريع المياه والصرف الصحي بمنطقة الباحة بـ50 مليون ريال، وتنفيذ مشاريع مياه للمنطقة بمبلغ 150 مليون ريال، وتنفيذ خطوط ناقلة ومحطات ضخ ومناهل جديدة بمبلغ 150 مليون ريال، ولإيصال التيار الكهربائي لمحطات الضخ بـ50 مليون ريال، بالإضافة إلى مشروع إنشاء مختبر للمياه ومستودعات بتكلفة 30 مليون ريال، وإنشاء خزانات للمياه بمائة مليون ريال وتدعيم المشاريع تحت التنفيذ 1.2 مليون ريال.

واستطرد مدير مياه الباحة في الحديث عما تكتنزه المنطقة من كميات مياه، وأكد أن الدراسة توضح أن الفجوة في حجم مياه الشرب تتفاوت بين السلبية والإيجابية، بحسب عدد السكان في كل محافظة وكمية الاستهلاك، إذ تشير الإحصاءات إلى أن عدد سكان المنطقة في آخر إحصائية عام 1425هـ بلغ 377739 نسمة، بينما يتوقع زيادة عدد السكان ليصل إلى 553705 نسمة عام 1460هـ، وبالتالي سيرتفع إجمالي حجم الطلب الحقيقي لمياه الشرب من قرابة 73 ألف متر مكعب هذا العام إلى أكثر من 100 ألف متر مكعب يوميا، في ظل وجود مشاريع لتحلية المياه، من شأنها توفير عشرة آلاف متر مكعب هذا العام، لتصل بالتدريج إلى 40 ألف متر مكعب بعد عشر سنوات.

وعن المياه السطحية، أكد أنها تضاف إلى كميات المياه الجوفية المخزونة، التي قد تصل إلى 91 مترا مكعبا خلال عقد مقبل، بينما تتسع الفجوة سلبا بين الطلب والمتوافر من مياه الشرب هذا العام بواقع 41971 مترا مكعبا، وتبدأ الاستقرار لمدة 20 عاما، لتعود سلبا لأكثر من 10 آلاف متر مكعب بعد 30 سنة، لكثرة عدد السكان وازدياد الطلب وثبات المشاريع.

ويرى العضيد ضرورة إدراج هذه المشاريع في الخطة إلى جانب توريد وتركيب أنظمة الحاسب الآلي للمديرية وفروعها في المحافظات، بالإضافة إلى تركيب أنظمة المرافق والتحكم (سكادا) ونظام الفوترة لمشاريع المياه والصرف الصحي.

وقدر عدد الردود بناقلات مياه الشرب للعامين الماضيين بأكثر من مائتي ألف رد، كما تم تشغيل 26 سدا وصيانتها، بينما لم تبلغ نسبة التغطية لخدمات المياه، بالنسبة لعدد السكان أكثر من 15 في المائة قبل عامين، كما لا توجد شبكة صرف صحي في أنحاء المنطقة، ولا توجد سوى محطة واحدة تحت الإنشاء لمعالجة مياه الصرف الصحي.

ويقدر العضيد الاحتياج من خدمات المياه والصرف الصحي حتى نهاية الخطة الحالية بأن تصل أطوال الشبكات للمياه إلى 850 كم، وعدد التوصيلات المنزلية إلى 17 ألف وصلة، بينما تستهدف الخطة أن يصل عدد محطات المعالجة للصرف الصحي لنحو 11 محطة، بطاقة إنتاجية تصل إلى 180 ألف متر مكعب، وأن يبلغ عدد التوصيلات المنزلية للصرف الصحي 60 وصلة منزلية.

وكان وزير المياه والكهرباء المهندس عبد الله بن عبد الرحمن الحصين، رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، قد أعلن أثناء زيارته للأمير مشاري بن سعود أمير منطقة الباحة، عن ترسية منافستي مشروع تنفيذ نظام نقل مياه (الطائف - الباحة) ومشروع تصنيع وتوريد أنابيب المشروع بمبلغ يفوق مليار ريال.

وأكد حينها الوزير أن مشروع تصنيع وتوريد الأنابيب تقدر تكلفته الإجمالية بـ170 مليون ريال، ويتكون من أنابيب مصنعة من الحديد الكربوني بطول 233100 متر، وبقطر 40 بوصة، وقد تم طرح المنافسة بحيث تكون مدة العقد 15 شهرا.

واعتبر الوزير في ذاك الوقت، أن هذا المشروع سيؤمن جزءا من إنتاج محطة التحلية وتوليد الطاقة الكهربائية بالشعيبة (المرحلة الثالثة)، التي أنشئت بمشاركة القطاع الخاص بطاقة إنتاجية قدرها 880 ألف متر مكعب، من المياه المحلاة يوميا، إضافة إلى 900 ميغاواط، من الطاقة الكهربائية.

في ذات السياق، وفي أمر ذي علاقة بالمياه، توصل باحث سعودي يعمل في جامعة الباحة إلى وجود إشكالات عدة في ما يتعلق بوفرة المياه في المنطقة، وهو الأمر الذي يزيد تفاقمه، من الإقبال البشري على المنطقة، خلال المواسم والعطلات، في إشارة إلى أن الباحة من أهم المناطق السياحية في المملكة، وتشهد إقبالا منقطع النظير من سياح سعوديين وخليجيين في ذات الوقت.

وتقدم الدكتور عادل شاويش، أحد أعضاء التدريس بجامعة الباحة، لجامعة المنوفية في مصر، بدراسة جغرافية اقتصادية تطبيقية، أفادت بأن المنطقة تواجه إشكالات عدة في ما يتعلق بالمياه، وطرق نقلها بالمنطقة، وأبرز ضرورة معالجة ما تعانيه ناقلات المياه الكبيرة من إشكالات، قد تؤثر على الكميات التي يتم نقلها عبرها. وعبر عن خشيته من تناقل أمراض أو فيروسات من تلك الناقلات، التي تحتاج إلى تعقيم وتنظيف بين فترة وأخرى.

كما توصل الباحث إلى أن السدود الستة وعشرين، التي بنيت منذ أكثر من خمس وثلاثين سنة، وتركزت في الجهة الشرقية من المنطقة، بأنها لم ولن تستطيع توفير المياه اللازمة للأغراض التي أنشئت من أجلها، وعلى رأسها أغراض الشرب، حيث يأتي سد وادي العقيق في مقدمة هذه السدود التي تنتج مجتمعة أكثر من 6 ملايين متر مكعب، بينما يتذبذب مخزونها المائي بحسب كمية الأمطار التي تتفاوت كمياتها من عام لآخر، في حين يعتبر الشتاء وأوائل الصيف الموسم الذي يعول السكان عليه في سقوط الأمطار، وبالتالي زيادة المياه في السدود والآبار الجوفية، ومع ذلك استدعى الأمر جلب المياه المحلاة من الشعيبة عبر محافظة الطائف، وإنشاء أكبر سد في وادي عردة ليوازي الطلب الذي قدره الباحث، بصهريج واحد شهريا للأسر الصغيرة، ويتضاعف إلى 12 صهريجا للأسر الكبيرة.

ويبدو أن «أزمة» المياه في الباحة، جنوب غربي السعودية، أوشكت على الذهاب بلا رجعة، في أعقاب إعلان وزير المياه والكهرباء عن ترسية منافستي مشروع تنفيذ نظام نقل مياه (الطائف - الباحة) ومشروع تصنيع وتوريد أنابيب المشروع، بمبلغ إجمالي يفوق المليار ريال.