إعادة جدولة ديون المشاريع الصغيرة والمتوسطة للحد من إعلان إفلاسها

عضو التفليسة لـ«الشرق الأوسط»: إحجام البنوك سبب في تعثرها.. والتسليف يوقف تمويل 47 مشروعا

بنك التسليف يدعم مشروعات الشباب ذات القيمة المضافة للاقتصاد الوطني (تصوير: عدنان مهدلي)
TT

شرعت لجنة مشكلة من وزارة التجارة السعودية في إعادة جدولة ديون المشاريع الصغيرة والمتوسطة لفترات طويلة ضمانا لاستمرارها، وللحد من إعلان إفلاسها، وذلك بالتنسيق مع الجهات القضائية لتحويل قضايا إفلاس المؤسسات إلى لجنة تفليسة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، للنظر في وضعها قبل صدور أحكام بإعلان الإفلاس وتوقف النشاط التجاري.

وأوضح الدكتور نبيل عباس عضو لجنة إفلاس المشاريع الصغيرة والمتوسطة لـ«الشرق الأوسط» أن اللجنة التي شكلها عبد الله بن أحمد زينـل وزير التجارة، جاءت بغرض دراسة وضع المؤسسات الصغيرة الراغبة في إعلان إفلاسها أمام الدائنين، حتى لا تفقد السعودية إحدى ثمرات اقتصادها الوطني.

وأضاف «وجد من خلال تسلم اللجنة مذكرات لـ25 مؤسسة صغيرة تم تحوليها للجنة، والتي أبدى أصحابها نيتهم في إعلان إفلاسهم لدى الجهات القضائية، أن تلك المؤسسات يمكن أن تعود لنشاطها بمساعدتها عن طريق تنظيم عملها وجدولة ديونها سواء لأفراد أو قطاعات حكومية، وخاصة بالسماح لفترات كافية لحين تسديد مستحقات الدائنين، شريطة أن تكون المؤسسة تعمل في السوق، ولها ميزانية محددة لمدة تزيد عن 3 سنوات، وهذا الشرط يبين مدى جدية صاحب المؤسسة، حتى لا يكون نوعا من الاحتيال والتلاعب بأموال الدائنين».

وأشار عباس إلى أن تعثر تلك المؤسسات يرجع إلى أسباب أهمها عدم المساهمة في إيجاد تمويل للمنافسة، حيث تحجم البنوك عن الإقراض للمشاريع الصغيرة والتي تصنفها ضمن المخاطرة العالية في ضمان إعادة قيمة التمويل والقيمة الربحية، على عكس الدول في العالم، والتي يمثل تمويل البنوك للمشاريع الصغيرة أحد أهم البرامج التي تحقق لها عائد مادي.

وبين الدكتور نبيل عباس أن أكثر من 85% من المشاريع الصغيرة والمتوسطة في السعودية قامت بتمويل ذاتي، أو عن طريق الاقتراض من مواطنين، والنسبة المتبقية من المشاريع تم تأسيس رأس المال بناء على تمويل كبير عن طريق بنك التسليف والادخار وصندوق التنموية الصناعي، بشروط محددة لقطاعات بسيطة، بينما ينذر وجود تمويل من قبل البنوك السعودية.

وترفض البنوك السعودية إقراض الشباب الراغبين في الدخول في مشاريع صغيرة ومتوسطة، لعدم وجود ضمانات كافية، ونقص الخبرة في نشاط المشروع، وهو ما حدا بالدولة ممثلة في صندوق التنموي الصناعي، بضمان الشباب والفتيات لدى البنوك شريطة توفير دراسة جدوى اقتصادية للمشروع وبعدها يتم تحويل الدراسة لأحد البنوك السعودية ومنحه تمويلا يصل إلى مليوني ريال.

وبالعودة إلى عضو لجنة تفليس المشاريع الصغيرة والمتوسطة الدكتور نبيل عباس أشار إلى سبب آخر يواجه قطاع المشاريع الصغيرة في جميع المناطق، ويتمثل في تقليدية المشاريع الصغيرة، وعدم وجود تخطيط سليم وهو ما جعل اللجنة تطالب بوقف وتأجيل بعض التراخيص التجارية، كالمطاعم والمقاولات لصعوبة المنافسة فيها، ويمكن أن يحدد استثناءات إذا وجد لها دراسة أو توفر رأس مال تأسيسي كبير للمشروع، أو خبرة طويلة في المجال، عندها يمكن الحصول على ترخيص من وزارة التجارة.

من جانبها أوضحت ريم محمد خليل عضو جمعية الاقتصاد السعودي لـ«الشرق الأوسط» أن البنوك السعودية صنفت مؤخرا بأكثر البنوك في العالم التي تحجم عن تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، رغم أهمية هذا القطاع في تنويع مصادر الدخل الوطني، وتوفير عمل للعاطلين بفتح مشاريع يمكن أن تساهم في إيجاد فرص وظيفية كبيرة لأقرانهم.

وأردفت «حيث يتم الاهتمام بشكل كبير في السعودية على التمويل من قبل الجهات الحكومية، وهو ما يشكل عبئا كبيرا على الدولة، لذا يجب على الجهات ذات العلاقة الاهتمام بإنشاء بنية تحتية، أسوة بدول العالم».

وأضافت «تمثل المشاريع الصغيرة في الولايات المتحدة 80% من عدد المشاريع التجارية، ومعظم تلك المشاريع تم تمويلها بالكامل من قبل البنوك الخاصة، فبمجرد تخرج الشاب أو الفتاة من الجامعة أو الكليات يتوجه للبنوك ويقدم على قرض لمشروع تجاري بفوائد بسيطة، بناء على دراسة وخبرة في نفس المجال، عن طريق العمل أثناء الدراسة بنظام الساعة بهدف اكتساب الخبرة».

وطالبت خليل البنوك بالمساهمة في الاقتصاد الوطني، وعلى المؤسسات التعليمية المساهمة في إيجاد وتوفير جرعات تدريبية لمشاريع حتى يستطيع الشباب إدارة مشاريعهم وضمان عدم تعثرها مستقبلا.

من جهة أخرى، أجل بنك التسليف والادخار التابع لوزارة المالية تمويل 47 مشروعا تجاريا لكثرتها في السوق السعودية، وتقليدية فكرة المشروع، في المحاولة للبحث عن مبادرات لمشاريع ذات قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، ومن أهم تلك القطاعات قطاع المقاولات والمصانع التابعة لها كالجبس والخرسانة الجاهزة والمباني الجاهزة، والخزانات، والمطاعم، والملابس الجاهزة، والمكاتب الاستشارية، والمغاسل، وتحلية المياه.

وكانت اختصاصية متخصصة بينت أن السعودية والإمارات تستأثران بنسبة 69.5% من إجمالي عدد المصانع الصغيرة والمتوسطة بدول مجلس التعاون الخليجي 36.5% لدولة الإمارات، و33% للسعودية.

وتشرع جهات حكومية في السعودية كبنك التسليف، وصندوق المئوية، في تشجيع قطاع الشباب على العمل وإنشاء مشاريعهم الخاصة، من خلال تقديم الدعم المادي والمعنوي لهم، ليتمكنوا من ممارسة أعمالهم الحرة، ويقدم بنك التسليف قروضا من دون فوائد تتراوح قيمتها ما بين 50 ألف ريال إلى 4 ملايين ريال، بينما حدد الصندوق مبلغ 200 مليون ريال لدعم تلك المشاريع. وكانت دراسة أخرى قد حددت 4 عقبات تعترض عددا كبيرا من الشبان والشابات في السعودية الذين يعملون في مشاريعهم الصغيرة، والتي تمثل خيارا مناسبا للعاطلين عن العمل في البلاد بين الجنسين، لتحسين وضعهم المعيشي.

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» محمد العويد، المشرف العام على برنامج المنافسة الوطنية لإعداد دراسات الجدوى بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، في وقت سابق، أن مشاريع المنشآت الصغيرة في السعودية تعترضها 4 عقبات جوهرية من شأنها تقليص نسبة الاستثمار ما لم تتم معالجتها.

وبين أن «غياب المعلومات الدقيقة والجهات التمويلية وعقبات التراخيص ومشكلات التسويق، رباعي يحد من التشجيع في صناعة الاستثمارات الصغيرة».

وقال العويد الذي كان يتحدث على منصة غرفة مكة المكرمة في لقاء عن العمل الحر «إن تقييم نجاح تجربة المشاريع الصغيرة في السعودية خلال السنتين الماضيتين تحده عقبات جمة وعثرات اقتصادية بارزة تحد من انتشار هذا الاستثمار».