حفلات الزواج الجماعية في السعودية.. هروب من الغلاء أم تكافل اجتماعي؟

أكثر من مليون و52 ألف فتاة بلغن سن الزواج ولم يتزوجن

الشباب السعودي لا يرى حرجا في أن يقدم على دخول القفص الذهبي من خلال أعراس جماعية، هربا من تكاليف المناسبات («الشرق الأوسط»)
TT

بات من الصعب أن تغلق سنة أبوابها، دون أن تشهد السعودية احتفالا لزواج جماعي، ربما لأن فكرة الزواج الجماعي، قد تعود على المقبل على دخول الحياة الزوجية، بفوائد عدة، أهمها التقليل من حجم المصروفات على حفلات الزواج، في ظل تنامي ارتفاع الأسعار المتزايد على مستوى العالم.

فخلال السنوات الأخيرة الماضية، ازداد حجم الإقبال على الزواج الجماعي، من قبل عدد من الشباب السعودي، الذي ربما يكون يُعاني من عدم القدرة على تحمل تكاليف الزواج، التي في الغالب، تتخطى حاجز الـ200 ألف ريال (53 ألف دولار أميركي) لإتمام الزواج.

ولعل ما قام به الأمير عبد العزيز بن فهد مؤخرا على خلفية زواجه في 21 ديسمبر (كانون الأول) 2010 مبادرة إنسانية اجتماعية لتزويج 300 شاب وفتاة في المملكة. وضمن حملة أطلقتها مؤسسة «الأميرة الجوهرة بنت إبراهيم آل إبراهيم الخيرية» بتنظيم مهرجان الزواج الجماعي هذا في ثلاث مدن، هي الأحساء وحائل وينبع، بحيث تحتفل كل مدينة من المدن الثلاث بتزويج 100 شاب وفتاة على مدار يومين متعاقبين تتواصل خلالهما الأفراح. وتلك الظاهرة التي باتت من الأمور المرغوب فيها في السعودية تجد لها نكهة خاصة بحسب كل منطقة من المناطق السعودية، في التعامل مع مثل تلك المناسبات، فالمنطقة الشرقية من السعودية، كانت شاهدا على كثير من الاحتفالات بزيجات جماعية، وتكاد تكون المنطقة الأكثر من حيث حجم الإقبال على هذا النوع من الزيجات التي في الغالب ما تتحول إلى مهرجانات ثقافية وفنية في آن واحد. بل إنه بعد انتشار ظاهرة الزواج الجماعي، ظهرت في الأحساء السعودية دعوة لإقامة حفل مشابه، لكن هذه المرة للراغبين في الارتباط بزوجة ثانية، في أول خطوة من نوعها في المملكة، وربما في العالم.

ويستند صاحب المشروع، وهو الأمين العام للجنة الزواج في الأحساء، عبد الهادي البرية، إلى أن هذا النوع من حفلات الزواج الجماعي يمكن أن يسهم في خفض معدل العنوسة، إلى جانب رغبة الكثير من الرجال المتزوجين بالارتباط بزوجة ثانية، دون أن يتمكنوا من ذلك بسبب الظروف المادية والاجتماعية.

ولحشد التأييد لمشروعه، أجرى البرية دراسة على عينة من 180 فتاة سعودية، تجاوزن الـ30 من العمر، لتظهر النتائج أن 78 في المائة منهن لا يمانعن الارتباط برجل متزوج، بل إن 61 في المائة من المستطلعات تطوعن بتحمل جزء من التكلفة المادية للزواج من رجل متزوج.

كما يؤكد إجراء دراسة على 300 رجل متزوج، أن 42 في المائة منهم أبدوا رغبة «حقيقية» في الارتباط بأخرى، وحال دون تنفيذ هذه الرغبة ظروف مادية واجتماعية.

وفي الوقت الذي خصصت فيه السعودية عددا من المشاريع الخيرية لتمويل تلك المناسبات، من أهمها وأبرزها مشروع «ابن باز الخيري لمساعدة الشباب على الزواج»، وهو المشروع الذي كان وليدا لفكرة من الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، وسماحة مفتي السعودية الراحل الشيخ عبد العزيز بن باز، استفاد من مشاريع الزواج الجماعي على مستوى السعودية، نحو 18 ألف شاب وفتاة، في مختلف مناطق ومحافظات البلاد، وهو ما انتشر منذ ما يقارب الـ15 عاما في السعودية.

وكانت إحصاءات سابقة لوزارة التخطيط أكدت أن أكثر من مليون ونصف المليون فتاة تجاوزن سن الزواج في المملكة، من دون تحديد أعمارهن. وجاءتمنطقة مكة المكرمة على رأس القائمة بـ396248 فتاة، ثم منطقة الرياض بـ327427 فتاة، واحتلت المنطقة الشرقية المرتبة الثالثة بـ228093 فتاة، وكانت الحدود الشمالية الأقل بـ21543 فتاة. ومشاريع الزواج الجماعي في السعودية، في الغالب ما ترى النور، بتمويل رسمي، يسانده في الجانب الآخر دعم مادي من قبل بعض الجمعيات الخيرية، ورجال الأعمال السعوديين، والأوقاف، وهو ما يميز السعودية، عن نظيراتها في الدول العربية من حيث الدعم المادي، الذي يتجاوز في بعض الحالات، حاجز الـ20 مليونا كما حدث في الزواج الأكبر على مستوى العاصمة الرياض.

الشباب السعودي بدوره لا يرى حرجا في أن يقدم على دخول القفص الذهبي من خلال زيجات جماعية، هربا من تكاليف تلك المناسبات، التي قد تمنع الشاب الراغب في الزواج، من دخول ذلك القفص، الذي يعتبره البعض القفص الأعلى تكلفة على مستوى الحياة.

كما أن فكرة الزواج الجماعي ساعدت على تقليل حجم التكلفة للزواج، ووعي كثير من الأزواج بأهمية الزواج والخروج من شبح العنوسة.

من ناحية أخرى، فإن ظاهرة الزواج الجماعي في السعودية تعكس الظروف والمعوقات الاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها الشباب في بداية حياتهم الزوجية، إلا أن أهالي الشباب يتحملون غالبا مسؤولية ارتفاع تكاليف الزواج بسبب المغالاة في المهور والطلبات التي لا تنتهي لزواج ابنهم.

من ناحية أخرى، هناك دراسة حديثة أعدتها وزارة التخطيط السعودية أشارت لارتفاع معدلات العنوسة بالمجتمع، وأوضحت أن أكثر من مليون و52 ألف فتاة بلغن سن الزواج ولم يتزوجن، وجاءت منطقة مكة المكرمة في مقدمة المناطق التي بها أكبر نسبة عنوسة، بوجود أكثر من 396 ألف فتاة، ثم منطقة الرياض بـ32 ألف فتاة في سن الزواج. وبحسب رجل دين سعودي، وهو الشيخ الفوزان، فقد أكد ضمن حديث له مع إحدى الصحف المحلية أن إحدى السنوات الماضية شهدت 18 ألف حالة طلاق، مقابل 60 ألف حالة زواج.

بل إن الزواج الجماعي لم يقتصر على فئة معينة، بل إنه شمل فئات من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ ففي بادرة تعد الأولى من نوعها على مستوى الخليج العربي يحتفي أصحاب الإعاقة الحركية بإقامة أول زواج جماعي للمعاقين، الذي نظمته جمعية الإعاقة الحركية للكبار (حركية)، بمدينة الرياض، وضم ما يزيد على 120 عريسا وعروسا من ذوي الإعاقة الحركية، إلى جانب بعض المتعافين الذين لديهم رغبة بالارتباط بشريك من ذوي الإعاقة.

يأتي ذلك في حين تشير الإحصاءات الحديثة إلى أن نسبة المواليد المعاقين في السعودية تبلغ واحدا في الألف، مما يجعل عدد الأطفال المعاقين سنويا يأتي بين 400 إلى 500 معاق، بينما يوجد حاليا نحو 720 ألف معاق يشكلون ما نسبته 4 في المائة من مجمل السعوديين، و400 ألف منهم هم من ذوي الإعاقة الحركية.