مرة أخرى.. أنفاق جدة تتحول إلى مسابح.. وطرقها الرئيسية تتضرر

رغم أن الأمانة أكدت حل مشكلاتها وإصلاح أوضاعها

مواطنون يحاولون عبور الشارع وقد غمرته مياه الأمطار (أ. ف. ب)
TT

مثلما غرقت أحياء جدة أمس، غرقت مصداقية عدد كبير من مسؤولي القطاعات الحكومية بشأن تطوير مدينة جدة، وحل مشكلاتها، خاصة بعد أن تكرر أمس غرق المواقع عينها التي شهدت أحداث كارثة جدة السابقة وفصولها، من دون أن تتخذ أمانة جدة أي حلول منذ كارثة العام الماضي، رغم الوعود التي أطلقتها وقت الكارثة.

السكان كانوا ينظرون أمس وكأن الأربعاء الذي شهد كارثة جدة يعيد نفسه من جديد، فها هو طريق الحرمين غارق في المياه، مغلق مرة أخرى، وها هو نفق طريق الملك عبد الله عاد ليصبح مسبحا مرة أخرى، بل زاد عدد المسابح في جدة بعدد الأنفاق التي تم تدشينها إلا ما رحم الله، وها هو مجمع فيلات أم الخير مغمور بكامله، وها هم سكانه إما معلقون بين السماء والأرض في حبال الطائرات المروحية، أو عائمون على ظهور قوارب الإنقاذ المطاطية.

المأساة نفسها والمواقع هي أيضا نفسها، بل الكارثة أنها تزيد ولا تنقص، لكن الجيد أننا لم نسمع حتى ساعة إعداد هذه المادة أي وعد بحل المشكلة خلال الأيام المقبلة، بل هناك اكتفاء واضح بطرح الإنجازات وطرق مواجهة المطر والحديث عنها.

الأمانة التي كانت أول متهم في نظر سكان جدة، غابت عن الحضور في هذا المكان لتوضيح موقفها، واكتفت بإرسال بيان بإنجازاتها اليوم في مواجهة الأمطار، والتأكيد على أنها طبقت خطة المطر والطوارئ مع أول قطرة مطر هطلت على مدينة جدة.

لكن بالعودة إلى تصريحات سابقة، فقد أكد مسؤولون عقب كارثة جدة أنه تم حل مشكلة نفق الملك عبد الله ولن تتكرر المشكلة، إضافة إلى أنه تم تنفيذ مشاريع تصريف للسيول في عدد من أنحاء جدة، وهو ما لم يره السكان أمس.

إلى ذلك، ألقى بسام بن جميل أخضر، عضو المجلس البلدي، باللائمة على أمانة جدة ووزارة المالية في زيادة الأضرار التي وقعت شرق الخط السريع. وقال في أعقاب مشاهدة الأضرار الجسيمة في مخطط أم الخير «كان بالإمكان تجنب الكثير من النكبات التي حدثت للناس أمس، لو نفذت الدراسات التي اعتمدتها هيئة المساحة والجيولوجيا السعودية بالاشتراك مع جامعة الملك عبد العزيز، حيث تأخر البدء في إطلاق المشاريع نتيجة بطء الإجراءات وتأخر وزارة المالية في صرف الاعتمادات المقررة».

وأضاف «شعرنا بالألم والحسرة ونحن نشاهد نفس المشاهد التي حدثت العام الماضي تتكرر أمس، وكأننا لا نريد أن نستفيد من الدرس، والغريب أننا حذرنا وبح صوتنا من الحديث عبر ورش العمل التي جرت قبل عيد الأضحى المبارك، وعبرنا عن مخاوفنا من تكرار المأساة في ظل عدم الانتهاء من أي مشروع».

وتابع «سمعنا كلاما كثيرا وتعهدات كثيرة وأرقاما كبيرة، لكننا لم نجد على أرض الواقع أي شيء جرى إنجازه بالفعل، حيث ظلت عبارات المياه في طريق مكة القديم معطلة، والمسؤولية ضائعة بين أمانة جدة وشركة المياه الوطنية، وتعثر إنجاز مشاريع إنشاء قنوات تصريف المياه في شرق جدة لأسباب تتعلق ببطء عمل المقاول وتأخر الاعتمادات المالية ووجود بعض الخدمات الأرضية.. وفي النهاية غرقت جدة تحت المطر».

يشار إلى أن المجلس البلدي وجه قبل نحو شهر انتقاده لأمانة جدة على لسان المهندس حسن الزهراني، نائب رئيس المجلس، الذي أبدى أسفه الشديد للأضرار والخسائر التي خلفتها الأمطار في جدة. وقال «حدث ما حذرنا منه خلال الفترة الماضية من خلال ورش العمل التي استضافها المجلس بمشاركة الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة والدفاع المدني وأمانة جدة وأصحاب الرأي والاختصاص، وشددنا خلالها على أهمية الانتهاء من مشاريع تصريف مياه الأمطار والسيول، والتحرك بسرعة لدرء الأخطار المحتملة على جميع الأحياء التي تقع بجانب مجرى السيل، ووضع كل الاحترازات الممكنة لعدم تكرار مأساة العام الماضي».

وأشار الزهراني إلى أن المجلس البلدي حصل على تطمينات كثيرة من المسؤولين عن إدارة درء مخاطر الأمطار والسيول في أمانة جدة. وقال «أبلغونا بأنهم تسلموا الميزانية المعتمدة من وزارة المالية، وأن العمل يجري على قدم وساق لمواجهة أي أخطار، وأنه سيتم تنظيف عبارات المياه الموجودة بطول طريق مكة المكرمة القديم. ومن جانبنا قمنا بعدد من الزيارات الميدانية لكل الأماكن المتوقع تضررها، وسجلنا الكثير من الملاحظات والمقترحات ورفعناها للأمانة».

وكان الدكتور هاني أبو راس، أمين محافظة جدة، أعلن في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي أنه سيتم توقيع عقد ترسية مشروع مخطط عام ورئيسي لدرء أخطار السيول والأمطار على مدينة جدة بالكامل في الرابع من شهر أبريل (نيسان) المقبل، وأنه ستكون لدى الأمانة منظومة متكاملة ومجموعة مشاريع لمعالجة هذا الأمر بشكل جذري، مؤكدا أن الأمانة انتهت من كراسة الشروط والمواصفات، وبدأت مرحلة تأهيل الشركات، وبناء على المخطط العام سيتم تحديد وضع زمني بالتنسيق مع وزارة المالية لتنفيذ المشاريع التي سيقرها المخطط العام. وأعلن في الوقت ذاته أنه يجري البحث عن حلول لحزمة من الإشكالات في مقدمتها فيلات أم الخير.