أهالي جدة يحولون منازلهم ملاجئ لبعضهم البعض

تناقلوا عناوينهم عبر أجهزة «البلاك بيري والجوال»

رجل أمن يقف وسط الطريق في محاولة لتنظيم حركة المرور
TT

في صباح يوم الأربعاء الـ26 من شهر يناير (كانون الثاني) خرج الطلاب والطالبات في مدينة جدة لتأدية امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الحالي، والموظفون توجهوا إلى أماكن عملهم، إلا أن شيئا لم يكن بالحسبان، حيث هطلت أمطار غير متوقعة أغرقت المدينة، ليحول واقع هذه المدينة بعد الأمطار دون عودتهم لمنازلهم، متسببا في مبيت الكثير منهم عند أصدقائهم أو حتى أناس لا يعرفونهم.

شروق، إحدى طالبات معهد «العواصم» تقول بعد هطول الأمطار: «قمت بالاتصال على والدي ليصطحبني للمنزل وبعد ثلاث ساعات تمكن من الوصول للمعهد ولكن لم يصطحبني للمنزل بمفردي بل كان معي أربع من صديقاتي اللاتي لم يتمكن أولياء أمورهن من الحضور لاستلامهن، ونظرا لسوء الأوضاع وغرق الشوارع اضطررن للمبيت في منزلنا حتى اليوم التالي».

أما أماني بن محفوظ فقد تفاعلت مع الحدث وقامت بإرسال «رسالة نصية» تحتوي على عنوان المنزل والهاتف عبر جهازها الجوال «البلاك بيري» لصديقاتها ليقمن بنشره لكل من يعرفن من محتجزين وسط الشوارع والمتضررة منازلهم طالبات منهم أن يتوجهوا إليهم حتى تهدأ الأوضاع.

وفي ذلك قالت أماني لـ«الشرق الأوسط»: «قمنا بفتح منزلنا لاستضافة المتضررين والمحتجزين الموجودين بالقرب من طريق المدينة وشارع حراء وشارع التحلية، الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى منازلهم حتى اليوم التالي»، مضيفة أن الكثير منهم لم يتمكنوا من الوصول للمنزل، فما كان من إخوتي إلا أن قاموا باصطحابهم من خلال التواصل معهم عبر الجوال لمعرفة أماكن وجودهم.

وذكرت أماني، أن هناك الكثير من بنات الجامعة اللاتي لم نستطع الوصول لهن، حيث جاءتنا اتصالات من أم طالبة تدعى هناء تقول إن ابنتها محتجزة في الجامعة وإنها لا ترد على الهاتف وحاولنا التوصل إليها، ولكن لم نتمكن ولا نعلم ماذا حدث بعد ذلك.

وحول أعداد الأسر التي استضافتها عائلتها، قالت أماني إنه منزلهم استضاف نحو 12 شخصا، وعائلتين مكونتين من رجال وسيدات، تمكن بعضهم من الذهاب في وقت متأخر من الليل والبعض الآخر بعد الفجر.

من ناحيتها أكدت الدكتورة خديجة بادحدح وكيلة شؤون الطالبات في جامعة الملك عبد العزيز، أنها استضافت 1700 طالبة وموظفة بجامعة الملك عبد العزيز داخل سكن الطالبات، مضيفة: «قمنا باستضافة الطالبات والموظفات اللاتي لم يتمكن من العودة إلى منازلهم داخل سكن الجامعة، ووفرنا لهن الراحة التامة إلى أن هدأت الأوضاع وجاءت بعض الأسر لاصطحاب بناتها في وقت متأخر من الليل ومنهم من جاء في الفجر، في حين قمنا بتوصيل البعض لمنازلهن بباصات الجامعة واستلمهن أولياء أمورهن».

ولم يخل الأمر من أن ينام بعض الموظفين أيضا في أماكن عملهم حيث اضطرت الدكتورة عائشة نتو عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بجدة، إلى النوم في مكتبها لأن الطريق الذي يوصل إلى بيتها مغلق، حيث قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها اضطرت للنوم في مكتبها حتى صباح اليوم التالي لأن الطريق الموصل للمنزل مغلق.

بينما أشارت أحلام وهي موظفة في إحدى شركات القطاع الخاص، إلى أنها اضطرت للمبيت في منزل إحدى زميلاتها في العمل، الأمر الذي تسبب لها بالإحراج لا سيما أنها غير معتادة على المبيت خارج المنزل، كما أنه لم يسبق لها أن ذهبت لزيارة زميلتها.

أما وفاء صالح الموظفة في مستشفى جامعة الملك عبد العزيز فلم تتمكن من الوصول إلى منزلها على الرغم من تنقلها في عدة مواصلا ت من سيارة مرورا بسيارة نقل إلى شاحنة، إذ تقول: «رأينا الموت بأعيننا داخل المستشفى فكان المطر يتساقط من السماء إضافة إلى المواسير التي انفجرت من البدروم، وكانت الأوضاع جدا سيئة وخرجنا للشارع بحثا عن وسيلة مواصلات فقام أحد زملائنا باصطحابنا بسيارته، ولكن سيارته غرقت وسط الشارع، فقام أحد المتطوعين باصطحابنا بسيارة نقل، وأيضا لم تتمكن هذه السيارة من إيصالنا حيث غرقت بعد فترة، فانتقلنا إلى شاحنة وقامت بنقلنا إلى مكان قريب من منزل إحدى زميلاتنا بالعمل وأكملنا المشوار سيرا على الأقدام وانتظرنا في بيتها حتى صباح اليوم التالي».