جدة: المتطوعون يبحرون في قواربهم لإنقاذ غرقى المدينة المنكوبة

قالوا لـ «الشرق الأوسط» إن السيول لم تمنعهم من الخروج لأداء واجب الإغاثة العاجلة

مقيمون يعاينون أحد المنازل الشعبية الذي تهدم على سيارة كانت واقفة أسفلة (تصوير: غازي مهدي)
TT

أبحر متطوعو جدة في مدينتهم المنكوبة، لإنقاذ الغرقى، وإسعاف المصابين، ولم تمنعهم السيول التي داهمت المدينة أول من أمس، من الخروج لأداء واجب الإغاثة العاجلة.

وعلى الرغم من التحذيرات التي أطلقها الدفاع المدني، والتي دعت لضرورة اخذ الحيطة والحذر من استمرار هطول أمطار غزيرة على محافظة جدة، إلى جانب احتمالية استمرارها وتصاعد مخاطرها، فإن تلك التحذيرات لم تمنع المتطوعين الذين كانت لهم اليد البيضاء في كارثة جدة من الخروج وتقديم يد العون للمتضررين من جراء السيول.

وأسهمت الكارثة الثانية التي حلت بمدينة جدة الساحلية بعد عام من كارثتها الأولى، في تغيير نظرة المتطوعين لكثير من الأمور التي كانوا ينظرون لها كأساس في عملهم.

ففي الماضي كان المهتمون بالعمل التطوعي يطالبون بضرورة تنظيم الأعمال والمجموعات التطوعية، لتلافي المخاطر التي من شأنها أن تعترض طريق المتطوعين وأعمالهم. لكن جحافل المتطوعين التي خرجت في مدينة جدة المنكوبة خلال اليومين الماضيين، أثبتت أن حاجتهم للدعم وللمساحة التي يمارسون فيها أعمالهم أهم من تلك الهياكل والمظلات التي يريد البعض دمجهم بها.

ريم أحمد، إحدى المتطوعات اللاتي يشاركن بفاعلية في تقديم العون والمساعدة للمتضررين من سيول جدة التاريخية، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن المتطوعين لم يستطيعوا التقدم كثيرا يوم أمس، بسبب حالة الشوارع والطرق التي تسببت فيها الأمطار التي هطلت على مدينة جدة أول من أمس، وإن محاولات المتطوعين اقتصرت على مساعدة الأشخاص المحتجزين وذلك عبر نقلهم أو إيصال الطعام إليهم.

وحول دور المتطوعات بينت أن دورهن اقتصر على تقديم الدعم للمتطوعين من خلال التنسيق لهم مع الجهات ذات العلاقة، وعمل قاعدة بيانات بالمناطق المتضررة حتى يستطيع المتطوعون التوجه إليها وتوفير الدعم لأهلها ومعرفة ما يحتاجونه، وذلك من خلال التواصل مع أهالي المناطق المتضررة وسؤالهم عن آخر المستجدات عندهم.

وأكدت هذه المتطوعة في حديثها لـ«الشرق الأوسط» تجاوب أهالي المناطق المنكوبة معهم، لافتة في الوقت ذاته إلى مدى الصعوبة التي وجدها المتطوعون في الوصول إليهم وتحديد المناطق بدقة، خاصة في ظل وضع تلك المناطق، إلى جانب وضع شبكات الاتصال وفقدها بين الفترة والأخرى، مؤكدة أن جهودهم متصلة مع الدفاع المدني، الذي من خلاله استطاع المتطوعون توفير أماكن لإيواء المتضررين.

وتابعت حديثها، بالقول «وإلى جانب محاولتنا توفير مؤنات وكل المستلزمات الصحية، ومتطلبات الأطفال من حليب وحفائظ، وذلك من خلال التواصل مع أفراد وشركات تستطيع تقديم العون للمتطوعين حتى يتسنى لهم إيصاله للمتضررين، فإنه لم يتم تحديد دور المتطوعات في العمل الميداني نظرا لعدم استقرار الوضع.

أمين خفاجة، أحد المتطوعين، قال لـ«الشرق الأوسط» إن المتطوعين انتشروا في أكثر من منطقة بمدينة جدة حتى يتسنى لهم تقديم الدعم للمتضررين في أكثر من نقطة، موضحا أن دورهم اقتصر على نقل الأشخاص من المناطق التي احتجزوا بها أو لجأوا إليها بعد مداهمة الأمطار والسيول لهم.

وأضاف أنه حينما داهمت الأمطار المدارس والمنازل لجأ الكثيرون إلى بعض الأماكن القريبة منهم، مثل مسجد الملك سعود الواقع على طريق المدينة الطالع، وأحد الفنادق المجاورة لهم، وهو ما قصر دور المجموعات التطوعية على نقل بعض من هؤلاء الأشخاص إلى منازلهم، بينما تم نقل الذين تضررت منازلهم إلى مراكز الإيواء.

وأكد أنه في اليوم الأول بعد الأمطار التي شهدتها مدينة جدة، أصبحت الرؤية أوضح، وحركة الإغاثة أقوى، حيث أصبح بإمكانهم تحديد المناطق التي يودون الذهاب إليها، مشيرا إلى أن أعمالهم لليوم سوف تقتصر على نقل الأشخاص المتضررين من منازلهم في المناطق المنكوبة وتسجيلهم لدى الدفاع المدني حتى يمكن توفير السكن لهم بطريقة صحيحة.

وفي السياق ذاته، انتقد أحد المتطوعين، الذي فضل حجب اسمه «روتينية الإجراءات من قبل الدفاع المدني في توفير السكن المتضررين، وصعوبة توفير سيارات كبيرة الحجم من قبل البعض، إلى جانب رفض تعاون بعض الجهات معنا بحجة عدم ثقتها في عملنا».

من جانبه، أوضح سامر منشي، أحد المتطوعين، لـ«الشرق الأوسط»، توجههم للمناطق المتضررة، لافتا احتياجهم إلى عدة أمور، من أبرزها القوارب، حتى يتمكنوا من الوصول إلى الأشخاص المتضررين ونقلهم عبرها، مؤكدا على دور المتطوعات في مساندتهم ومحاولة التواصل مع الجهات والأفراد الذين باستطاعتهم توفير ما يحتاجون إليه. وقال إن تحويلهم وانتقالهم من أماكنهم جاء بناء على الاتصالات والرسائل التي تردهم بضرورة إخلاء المناطق من المتضررين الذين أنقذهم الدفاع المدني.