ارتفاع ضحايا كارثة جدة «الثانية» لـ10.. وعمليات البحث تتواصل للتحري عن 3 مفقودين

الأرصاد «خارج الخدمة مؤقتا» * انهيار 19 مبنى «تاريخيا» * إيواء 1055 أسرة في شقق مفروشة

ما زالت المياه متجمعة في بعض الشوارع وتبدو مداخل بعض المنازل وقد تضررت جراء السيول (تصوير: سلمان مرزوقي)
TT

تواصلت في جدة الجهود الحكومية والخاصة لإعادة جدة لما كانت عليه قبل أمطار الأربعاء الماضي، والتي تسببت بحسب أخر إحصائية لدفاع المدني، في وفاة 10 أشخاص، وفقدان 3 آخرين لا تزال عمليات البحث الميدانية قائمة عنهم حتى إعداد هذا التقرير، في حين شهدت جدة التاريخية سقوط عدد من المنازل، منها 19 مبنى تاريخي.

ودعّمت وزارة الصحة فرقها بنحو 5 فرق ميدانية متحركة من منطقة مكة المكرمة، فيما تسببت الإمطار في تعطل أجهزة الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، التي غمرتها مياه الأمطار الغزيرة.

وشلّت الحركة المرورية في الطرق الرئيسة، وتحول بعضها إلى طرق صحراوية، بسبب ارتال الطين، التي بلغ ارتفاع البعض منها كما في شارع فلسطين نصف متر، بحسب العميد محمد القحطاني مدير مرور جدة. القحطاني أكد على تسبب أمطار «الأربعاء» في عطب وتوقف نحو 11 ألف مركبه، تم سحب 7 آلاف منها من الطرق، وجاري رفع المركبات المتبقية، بمسانده نحو 233 ونش تم إرسالها من مكة المكرمة والطائف. وأحصى القحطاني ما تم إنقاذه الأربعاء الماضي بأكثر من 3 آلاف مركبه في عدة طرق، بعد ورود أنباء انهيار سد أم الخير، وتم إقفال الطريق لحين الانتهاء من سحب كافة تلك المركبات المتوقفة، وإزالة العقبات التي سببتها الأمطار، في حين تم تحرير طرق الأندلس وطريق المدينة حتى طريق الملك عبد الله جنوبا، لوجود خطر على المركبات.

واستدرك العميد القحطاني بالقول أن «أكثر الطرق تضررا كان طريق فلسطين التي غمرت بالطمر والطين، والتي تجاوز منسوبها في بعض المواقع نصف المتر، مؤكدا أن العمل يجري على إزالتها وإعادة الطريق إلى حالته الطبيعة، بعد تحول أجزاء منه إلى طرق ترابية، وأن 2000رجل أمن يعملون في الميدان على مدار الساعة». وفي جولة نفذها مدير مرور جدة على المحاور والميادين والانفاق المتضررة، كشف لـ«الشرق الأوسط»عن فتح 80 في المائة من المحاور الرئيسية في جدة باستثناء الأنفاق، «حيث تم إغلاق جميع الأنفاق ما عدا النفق الواقع في تقاطع شارع محمد بن عبد العزيز مع شارع الملك فهد (الستين)». وقال القحطاني «سيبدأ العمل في الشوارع الداخلية بعد الانتهاء من الشوارع الرئيسية». لافتا إلى أن عودة سير المرور بشكله الطبيعي مرهونة بما تنفذه أمانة جدة من إزالة لما يعيق لاستكمال ذلك.

وأكد بأن جميع أصحاب المركبات لن يدفعوا رسوم السيارات التي ستسحب مركباتهم، «وعلى المتضررين في مركباتهم التوجه إلى مقر الدفاع المدني في المطار القديم». وقال «سيتم نقل السيارات الواقعة بوسط الطرق إلى حجز المرور في حي الشرفية وحجز المرور في بريمان.. الحجز للمرور وليس خاصا، وصاحب المركبة لن يدفع ريالا واحدا جراء ذلك.. الدولة ستحاسب الونش، وصاحبها سيستلمها من قبلنا.. هناك مسؤول وزارة المالية موجود واستعد لتقديم المال لاي ونش مدني حياخذ حقوقه مباشرة من وزارة المالية.

وعن أولوية الطرق التي شرع المرور بفتحها، قال القحطاني ان الأولوية بدأت بفتح طريق الحرمين، ثم شارع الأندلس فطريق المدينة من ناحية تقاطع شارع فلسطين حتى منطقة البلد، إذ كان مقفلا بالمياه والسيارات. وتابع «فتحنا طريق المدينة حتى ميدان البيعة شمالا، لكن باتجاه الجنوب لم نستطع، لان هناك هبوط في الشارع الوقع في تقاطع طريق المدينة مع طريق الملك عبد الله». وزاد «الان فتحت غالبية التقاطعات الرئيسية ماعدا تقاطع طريق الملك عبد الله مع المدينة باتجاه الشمال.. ننتظر الأمانة تعالج الموضوع لنبدأ في فتحه».

واشار مدير مرور جدة إلى عدم تنفيذهم خطة خاصة بالمرور، «بل نفذنا خطة طوارئ عامة، طريق الحرمين بعدما انفك السد الاحترازي أخلينا داخله نحو3000 سيارة.. لم تحصل أي وفاة في طريق الحرمين، انصبت الجهود في الحفاظ على عدم تعرض أحد لخطر. وقال «رابط منذ هطول المطر نحو 2000 ضابط وفرد 24 ساعة متواصلة».

العميد عبد الله الجداوي مدير الدفاع المدني، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن فرق الدفاع المدني تواصل أعمالها الميداني بكافة الفرق الارضيه والجوية، للبحث عن مفقودين، في أعقاب العثور على جثة مفقود، أضيفت إلى 4 وفيات مسجله منذ هطول الإمطار.

وأحصى من تم إنقاذهم بقرابة1516 شخص، منهم 466 بواسطة المروحيات، و1050 بواسطة الفرق الأرضية، سواء من المركبات أو القوارب، وتم إيواء نحو 1050 أسرة في شقق مفروشة، وتم وتقديم الإعانة والإعاشة لهم حسب التوجيهات الصادرة من الجهات العليا. وأكد اللواء عادل زمزمي مدير عام الدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة تطبيق خطة طوارئ بالتعاون مع كافة الجهات الحكومية، من أجل مساعدة متضرري الأمطار التي أصابت محافظة جدة.

وأفصح عن تمكن رجال الدفاع المدني من السيطرة على الموقف وإنقاذ المحتجزين، فيما لا تزال الجهود قائمة إلى الآن، فيما أكد مدير شرطة منطقة مكة المكرمة اللواء جزاء العمري عدم تسجيل أي مشاكل أمنية وقت هطول الأمطار، وأن شرطة جدة قد تولت مهمة إسناد الدفاع المدني والمرور في تنفيذ أعمالهم ميدانيا.

وفي سياق متصل كشف مدير مرور جدة العميد محمد بن حسن القحطاني عن اتخاذ إجراءات احترازية على طريق الحرمين بجدة، للحفاظ على سلامة مستخدمي الطريق، وذلك بتحويل مساره إلى كبري أم الخير، بالنسبة للقادمين من الجنوب، أما القادمون من الشمال فتم تحويل مسارهم إلى كل من طريقي محمد بن عبد العزيز «التحلية» وشارع فلسطين.

وأفاد أنه تمت معالجة وخفظ منسوب المياه بالتعاون مع أمانة جدة لتسهيل عملية مرور المركبات فيما يتعلق بالتقاطعات داخل المدينة.

وأكد إقفال بعض الأنفاق حفاظا على أرواح المواطنين، بتوجيه من فرق الغوث الميدانية، مؤكدا رصد 38 حادث سير كانت دون المعدل المعتاد نتج عنها 5 إصابات فقط.

بدوره أكد الدكتور سامي باداود مدير الشؤون الصحية بمحافظة جدة، استقبال المستشفيات عدد من المصابين، منهم 3 حالات ترقد في العناية المركزة، لمعاناتهم من حالت حرجة، في يحين تفاوتت الحالات الأخرى بين بسيطة ومتوسطة.

وكشف باداود عن دعم الفرق الطبية الميدانية بجدة والبالغ عددها نحو 12 فرقه بخمسة فرق من مكة المكرمة، باشرت أعمالها في كافة المواقع، في حين تم إرسال فرق أخرى لمواقع الإيواء لتقديم الخدمات الطبية للأسر في الشقق المفروشة، كما تم توجيه فرق الطب الوقائي التي قامت بالكشف على خزانات المياه في المنازل، خشية انتشار الأوبئة والإمراض. وأكد من جهته المهندس سامي نوار رئيس بلدية جدة التاريخية لـ«الشرق الأوسط» سقوط وانهيار 19 مبنى تاريخي في منطقة جدة التاريخية، تراوحت مابين انهيار كامل أو جزئي، دون تسجيل أي إصابات تذكر بين السكان، وأكد أن العمل جاري للحفاظ على المنطقة مع الأخذ في الاعتبار سلامة السكان.

من جانبه أوضح المقدم البحري صالح بن محمد الشهري الناطق الإعلامي لحرس الحدود بمنطقة مكة المكرمة أن الفرق الميدانية تعمل على قدم وساق في أعمال البحث والإنقاذ في جدة. وقال«حرس الحدود قام بتفعيل البلاغ الأحمر لخطة الإنقاذ بجميع فرق الإنقاذ وعددها 10 فرق مكونه من عدد 33 ضابطا و200غواصا منذ صباح يوم الأربعاء في الأحياء المتضررة جراء هطول الأمطار الغزيرة وارتفاع منسوب المياه لأكثر من مترين في بعض الأحياء، التي شارك فيها فرق الإنقاذ، وهي (حي الحمراء وحي الرويس وشارع الملك عبد الله وطريق المدينة النازل) إضافة إلى تقاطع شارع فلسطين مع طريق المدينة».

وتسببت الإمطار في انقطاع التيار الكهربائي عن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة وتعطل العمل بحسب مصدر في الرئاسة، واعتذرت الرئاسة عن تقديم المعلومات في الموقع الاليكتروني المخصص لها بعبارة «نأسف لعدم تحديث المعلومات والبيانات بسبب تعطل الأنظمة وشبكة الاتصال الخاصة بتحديث هذا الموقع لتراكم مياه الأمطار بمواقع الأنظمة وشبكة المعلومات نتيجة الأمطار الغزيرة التي هطلت على محافظة جدة يوم الأربعاء»، وتود الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة بأن تطمئن الجميع بأن الأحوال الجوية مستقرة لثلاث الأيام المقبلة».

ومن جانبها، أعلنت أمانة جدة تجنيد نحو 600 فرد و95 سيارة للقيام بعمليات المكافحة والرش عن طريق الرش بمشاركة وزارة الزراعة عبر عمليات «الضغط العالي« و«الرذاذ« و«الضباب» لكافة المواقع وتجمعات المياه في محافظة جدة، وتم توزيعها - بحسب المركز الإعلامي لـ«الشرق الأوسط» بواقع 42 سيارة شمال جدة، و48 شرقها، و14 سيارة في وسط جدة، إضافة إلى 12 سيارة جنوبها، وتم وضع فرق طوارئ في كافة البلديات الفرعية لمتابعة أي بلاغات مباشرة.

وأوضح المهندس هشام عابدين رئيس لجنة أعمال الأمطار بالأمانة، أن الأمانة بدأت في إصلاح الأضرار التي خلفتها السيول في أم الخير، جراء انهيار جزء كبير من السد، حيث تم البدء برفع السيارات التي جرفها السيل، ويجري التعامل مع تجمعات المياه داخل الأنفاق. وقال «يجري ضخ المياه المتجمعة بنفق الملك عبد الله عن طريق المضخات وتصريفها بجوار النفق، وفي نفق تقاطع شارع حراء مع الأمير ماجد يجري شفط تجمعات مياه الأمطار والسيول عن طريق 12 مضخة، كما يجري سحب المياه المتجمعة من نفق طريق الملك فهد مع طريق الملك عبد الله، اما نفق تقاطع شارع الروضة مع الأمير ماجد فتم إعادة فتحه أمام الحركة المرورية». وأشار عابدين إلى أن كميات الأمطار والسيول كانت أكثر من طاقة المضخات في الأنفاق، وأكثر من سعة شبكات التصريف، حيث بلغت كميات الأمطار 112 ملم، في حين أن شبكات التصريف وفقا لتصميمها لا تستوعب هذه الكميات الكبيرة.

وأفاد رئيس لجنة أعمال الأمطار بالأمانة أن مواقع تجمعات مياه الأمطار والسيول التي تم رصدها في أكثر من 100 موقعا يجري التعامل معها بواسطة 200 ناقلة مياه كبيرة، منها 80 ناقلة تابعة للأمانة ومقاوليها، و120 من ناقلات الأهالي، فضلا على 30 مضخة و40 معدة أخرى ما بين شيولات وقلابات ومكانس.

وأكد أن يوجد ما يزيد على 50 فرق ميدانية وأكثر من 500 عامل ومراقب ميداني تابعين للأمانة، موزعين على كافة أحياء مدينة جدة، لمتابعة الأوضاع والتدخل السريع في الحالات الطارئة بالتعاون مع المرور والدفاع المدني، وأشار إلى التعامل مع أهم مواقع تجمعات مياه الأمطار والسيول حسب الخطة في كافة المواقع. وأفاد أنه منذ تلقي بلاغ الرئاسة العامة للأرصاد بهطول أمطار على جدة، جرى تطبيق خطة الطوارئ للأمطار، التي تتضمن تحديد المواقع الحرجة في المدينة، وأماكن تجمع المياه، سواء كانت في الشوارع الرئيسة أو الفرعية أو أمام الجهات الحكومية والمدارس والمساجد،وتم نشر فرق ميدانية للبلديات الفرعية بها والعمل على معالجة سلبياتها في أسرع وقت ممكن، وتوزيع دوريات السلامة وفرق الإنقاذ على الشوارع والميادين المسجلة لدى غرفة العمليات مسبقا، والتي تتجمع فيها مياه الأمطار للتدخل في الحوادث وتقديم المساعدة. ويعمل على تنفيذ الخطة مديرو عموم الإدارات المعنية، ورؤساء البلديات الفرعية وموظفوها وعمالها؛ بالإضافة إلى المسؤولين والعاملين في الشركات العاملة مع الأمانة ومندوبي الإدارات الأخرى المشاركة، وتم حشد الطاقات البشرية والمالية وتجهيز المعدات اللازمة والمتوفرة لدى الأمانة ومقاوليها لتنفيذ خطة عمل الأمانة بالمستوى المطلوب.

وأكد الدكتور عبد الفتاح مشاط عميد القبول والتسجيل بجامعة الملك عبد العزيز على عمل اختبارات بديلة في مواعيد أخرى سيعلن عنها من خلال الموقع الرسمي لجامعة الملك عبد العزيز، ومن خلال ارسال رسائل نصية للطلاب والطالبات. وأفاد الدكتور خالد محمد حسين عميد تقنية المعلومات بإيقاف موقع الجامعة مؤقتا حفاظا على الخوادم الرسمية للجامعة كإجراء إحترازي، وأن البيانات الخاصة بالطلاب والطالبات ونتائج الاختبارات التي سبق عملها لم تتأثر، بسبب قيام عمادة تقنية المعلومات بعمل نسخة محفوظة من جميع البيانات أولا بأول يوميا.

من ناحيته أكد مدير الجامعة الدكتور اسامة بن صادق طيب أن الدراسة سوف تستأنف كما هو مقرر يوم السبت الخامس والعشرين من شهر صفر.

وفي العاصمة الرياض، وجه الأمير الدكتور عبد العزيز بن محمد آل عياف أمين منطقة الرياض بتشكيل فريق عمل عاجل برئاسة مساعد أمين منطقة الرياض، وعضوية كل من وكيل الأمين للخدمات ووكيل الأمين للتعمير والمشاريع، ومدير عام النظافة ومدير عام التشغيل والصيانة بالأمانة، وقد عقد الفريق اجتماعا عاجلا لتحديد الدعم الممكن تقديمه لأمانة محافظة جدة من أفراد ومضخات ومعدات ثقيلة وخفيفة حيث غادر الأفراد والمعدات فجر اليوم الجمعة، وتم خلال الاجتماع تكليف فريق عمل ميداني برئاسة مدير عام النظافة، وعضوية مدير عام صحة البيئة وطاقم من الفنيين، بالتوجه إلى جدة لمتابعة العمل الميداني هناك والتنسيق مع زملائهم بأمانة محافظة جدة.