مفتي السعودية للمفسدين: إن فلتم من عقاب الدنيا فأين ستذهبون من الله؟

طالب بترسية المشروعات العامة للدولة على جهات ذات خبرة

الأماكن المتضررة في شرق الخط السريع (تصوير: غازي مهدي)
TT

دعا الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي عام السعودية، في خطبة الجمعة أمس، إلى محاسبة المقصرين في تنفيذ المشروعات العامة للدولة، منتقدا بشدة مظاهر الفساد التي تعتري أعمالهم عبر ظاهرة «التقاول من الباطن»، والتي تفضي إلى تسلم تلك المشروعات لمقاولين بسطاء يسيؤن تنفيذ المشاريع العامة.

وجاءت دعوة المفتي على خلفية السيول التي أغرقت مدينة جدة (غرب السعودية)، والتي اعتبرها «أمر عظيم».

وطالب الشيخ عبد العزيز آل الشيخ رئيس هيئة كبار العلماء في السعوددية، بترسية المشاريع العامة للدولة على جهات ذات خبرة واختصاص، على اعتبار أن المشاريع العامة أمر لا يجب التهاون فيه.

وقال «إن مشاريع الأمة العامة النافعة يجب أن تسلم وأن ترسى على خبرة مختصة ذات علم وخبرة بالأمور، لأن هذه الأمور لا ينبغي التساهل فيها ولا التهاون، فيجب أن تسلم لجهات ذات اختصاص علمي وقدرة على التنفيذ بما يعود على الأمة بالخير».

وحذر المفتي من ترك الحبل على الغارب بالنسبة لمشاريع الدولة، وجعلها بين أيادي كبار وصغار المقاولين. وقال «يجب ألا ندع تلك المشاريع تتقاذها الأيدي يربح هذا من هذا، ويكون الأخير نصيبه قليل وينفذ الأعمال ويسيء التصرف».

ونادى الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، بمحاسبة المقصرين في تنفيذ من ترى عليهم المشروعات لأول مرة «حسابا دقيقا».

وقال أنه «لا بد من محاسبة الجهة الأولى ومن تولى هذه المشروعات، حسابا دقيقا، ولا بد قبل ذلك بأن يراقب الله فيما عهد إليه من مسؤولية، وأن يعلم أن أي مال أخذه نتيجة إهماله وإفراطه وتساهله بأنه مال حرام دخل عليه بغير حق وسيحاسب عليه يوم القيامة».

وأوصى مفتي عام السعودية، المسؤولين عن المشروعات العامة، بمراقبة الله. وقال أنهم لو تمكنوا من التخلص من محاسبة المخلوقين لهم، فسيواجهون يوم القيامة حسابا من الله.

وذكر في هذا الصدد ما نصه «أيها المسؤول عن أي مشروع من مشاريع الأمة راقب الله فيما تنفذه، وأعلم أنك مسؤول ومحاسب أمام الله، راقب الله قبل كل شيء، وإن استطعت أن تتخلص من محاسبة المخلوقين فالله سيحاسبك يوم القيامة، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم».

ونوه الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، بما قامت به الدولة من دفع للأموال على المشروعات العامة، مطالبا الجميع بالتعاون لتنفيذ تلك المشاريع على أكمل وجه، مضيفا بالقول «فالدولة وفقها الله بذلت جهودها وأنفقت الأموال الطائلة، إلا أنه لا بد من التعاون بين الجميع في تأدية الواجب، فإن وطننا أمانة في أعناقنا في كل أحواله، نحفظ أمنه واستقراره ومشاريعه وكل شؤونه، فهذا هو المطلوب بأن نكون يدا واحدة وأن نخلص لله في أمورنا كلها».

وجاء كلام المفتي حول مشروعات الدولة، ومظاهر فساد بعض من توكل إليهم على خلفية ما اصطلح على تسميتها بـ«كارثة جدة الثانية».

وقال آل الشيخ حول هذه الكارثة «إن ما أصاب جدة من هذه السيول العارمة، إنه لأمر عظيم، ولكن المسلم يرضى بقضاء الله وقدره، ويعلم أن هذا بقضاء وقدر من الله..فيرضى العبد بما قضى الله وبما قدر والله على كل شيء قدير، وليأخذ عبرة وعظة بأن المخلوق مهما كان فإنه ضعيف أمام قدرة الله وليتذكر بأن الله جل وعلا، جعل هذا المطر رحمة يرحم به من شاء، وعقوبة قد يعاقب بها من شاء..».

وأضاف المفتي «ومع إيماننا بأن هذا قضاء وقدر وأن الله على كل شيء قدير، إلا أننا مطالبون بالأسباب الواقية والحرص على كل سبب يقينا أي كارثة، فإنا نبينا صلى الله عليه وسلم يقول (احرص على ما ينفعك واستعن بالله..) فالعباد يرضون بقضاء الله ويطمئنون لذلك، لكن مع هذا لا بد من الأخذ بالأسباب الواقية والاحتياطات النافعة».

ودعا مفتي عام السعودية على مراعاة التنفيذ الصحيح لمشروعات تصريف السيول. وقال «هذه الأمور يجب مراعاتها، وولي أمرنا وفقه الله الذي هو مع الجميع بقلبه ونظره أصدر أمره على الجهات المعينة بالحرص على تضميد الجراح ومواساة المحتاجين، والسعي بالأسباب التي تقي العباد الكوارث فيما يستقبل على قدر طاقة البشر، فقد أوصى بذلك، ووضع لجنة عليا يرأسها من نحسبه ولا نزكي على الله أحدا بأنه حريص على المصلحة العامة إن شاء الله.. فالوصية لها تقوى الله بالأمور كلها والإخلاص له في ذلك».

ولم يفت الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، أن ينوه بالجهود التي بذلها الدفاع المدني والقوات المسلحة في كارثة جدة، وقال موجها كلامه لجهات الإنقاذ «ونحن إذ نشكر للدفاع المدني والقوات المسلحة جهودها ونشاطها وإسعافها وإنقاذها للمحتجزين، فكل هذا أمر عظيم نفتخر به ووسام شرف في نفوس أولئك الذين قدموا هذه التضحية العظيمة، وهذا الجهد الكبير، وهو بلا شك عمل صالح يشكرون عليه ونسأل الله لهم مزيد من التوفيق والسداد».