«البلل» يرافق عناوين وسائل الإعلام السعودية في يوم المطر

المواقع الإخبارية والاجتماعية رصدت أحداث الغرق لحظة بلحظة

سعوديون يعملون على إعادة الحياة لأحد المساجد الذي غمرته مياه الأمطار (تصوير: عبد الله بازهير)
TT

ابتلّت العناوين المصاحبة لكافة القصص التي بثها أو كتبها الإعلام السعودي أمس، متوائمة مع ما أصاب جدة من أمطار وسعت مجمل وسط وجنوب وشرق المحافظة الساحلية، إذ هطلت للمرة الثالثة على التوالي في أقل من شهر أمطار اصطلحت غالبية الصحف والمحطات البث والصحف الإلكترونية على إسقاط مصطلح «الغرق« في كافة القصص.

وفردت الصحف ومحطات فضائية وإذاعية مساحة شاسعة للتغطية المتعلقة بالأمطار، تنوعت بين بيانات رسمية، وتصريحات خاصة وعامة من قبل المسؤولين والناطقين الرسميين باسم الجهات المختصة بالحدث، على رأسهم مدير الدفاع المدني بجدة، والمتحدث باسم الأرصاد الجوية، ورئيس لجنة الأمطار بأمانة جدة، إلى جانب مدير إدارة التعليم بالمحافظة.

وصاحبت التغطية الرسمية والأرقام والإحصائيات، قصصا ميدانية نفذها الصحافيون تحكي العقبات التي واجهت المحتجزين في مختلف المواقع، فيما نشرت قصص أخرى تناولت المشاكل السابقة والحالية للجهات المتصل عملها بالكارثة.

ويصف خلف الحربي الكاتب بعدد من وسائل الإعلام الخليجية أن الإعلام هو الجانب الفاعل في هذه المشكلة، « لقد سمى الأسماء بمسمياتها، متخليا عن اللغة الخجولة التي ظل يخاطب بها المتلقي»، ويشير إلى أن الإعلام السعودي ممثلا بالصحف والفضائيات والإذاعات والإعلام الإلكتروني والاجتماعي، وكتاب المقالات، باتوا يملكون سقفا مرتفعا عن السابق».

ويشير الحربي في اتصال مع «الشرق الأوسط» أمس، إلى أن تصريحات بعض المسؤولين تضلل المتلقي عوضا عن تنويره. وقال «إن الصمت أيضا يبقي الكارثة متكررة».

وحول «أقسام العلاقات العامة« الصديق اللدود للصحافة كما يحلو للصحافيين تسميتهم، ينتقد الدكتور سعود كاتب أستاذ الإعلام في جامعة الملك عبد العزيز عدم تواصل الجهات المعنية مع بعضها البعض، وذلك في ما يتعلق بالتحذيرات، ويتسائل «لماذا لم تحذر الأرصاد الجوية أمانة جدة والدفاع المدني من هذه الكارثة؟؟»، يستطرد «وفي حال تحذير الأرصاد – الذي وصلني الواحدة ظهرا وأنا أغرق-، لماذا لم تقدم الأمانة تحذيرا إلى الجهات الرسمية للتحذير من عدم الذهاب إلى المدارس أو الجامعات».

وعلى الرغم من تصريح مدير الدفاع المدني بجدة لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق عن تنسيق وصفه بـ«الجيد« بين الدفاع المدني والأرصاد، إلا أنه ذلك لم يتضح يوم هطلت الأمطار أول من أمس. ويجد مراقبون أن أمانة جدة من المفترض أن تراجع التنسيق بينها وبين الرئاسة العامة للأرصاد، حيث تعرف الأمانة جيدا المناطق الخطرة التي قد تختنق مروريا أو تتسبب في احتجاز المتواجدين حولها، لتحذر بنفسها عن ارتياد هذه الأماكن. بينما يرى آخرون بأن تنفذ الأمانة خرائط وتوزعها، تعتبر خارطة رديفة في حال وقوع الأمطار، توضح المناطق الحرجة التي تتأثر غالبا من الأمطار، حتى يتم معالجة المشاريع الخاصة بالتصريف، وتوزعها الأمانة على المواطنين عبر وسائل الإعلام والانترنت.

بينما لفت الدكتور سعود كاتب إلى ضرورة أن تتبع وسائل الإعلام الوسائل المهنية المصاحبة للكوارث الطبيعية، على غرار ما يطبق في كافة الدول المتقدمة. يقول: «هناك عوامل نعتبرها في الصحافة معايير ثابتة، تكمن في التغطية المتواصلة، والتوعية، نقل التصريحات، التحذير من الكارثة».

وينتقد الحربي وجود أقسام العلاقات العامة لتنظيم عملية إرسال الأخبار، ويطالب الجهات المختصة، بضرورة إطلاع الصحافيين على المعلومات المتعلقة بالمشاريع وغيرها» من جانبه أخذ الإعلام الاجتماعي بمختلف شبكاته يتسع اطرادا مع تزايد الأحداث، ورصدت «الشرق الأوسط» مواكبة المستخدمين الفورية لاستغاثات المستجيرين، إلى جانب نشر مقاطع الفيديو والصور لحظة التقاطها، فضلا عن التنبيه إلى نشرات الأخبار والتقارير والقصص التي تنقلها الفضائيات. بل برمج أحد الشبان مدونة تجمع بشكل «أوتوماتيكي« كافة مقاطع الفيديو التي يرفعها مستخدمي الموقع الاجتماعي «يوتيوب»، إلى جانب جمع الصور المتفرقة من مواقع الانترنت و«فيس بوك». يقول الحربي «يعتبر الإعلام الاجتماعي بطل المرحلة»، في إشارة إلى التئام الشبان والفتيات النشطاء في موقعي تويتر وفيس بوك إلى نشر متواصل ومتسق للمستجيرين والمحتجزين، وتناقلوا الصور والبيانات الفورية الصادرة من الجهات الرسمية، سواء الأرصاد الجوية أو الدفاع المدني.

يضيف الحربي «بات المواطن يصور وينقل، ولا ينتظر بيانات من أقسام العلاقات العامة لتطمئنه بأن كل شيئ على مايرام.. كان هذا في السابق، لأن من يغرق بيته وتدهم المياه أدوار منزله الأرضية، أو تتعطل سيارته في شارع، أو يحتجز، يعرف جيدا أن هذا غير صحيح».

وكان مستخدمو تويتر وبلاك بيري يتداولون رسائل متكررة، تتداول الصور والمقاطع المصورة والأدعية والمشاركة التطوعية وتنظيمها وقت الأمطار أول من أمس.

وكان الشبان والفتيات يدحضون الإشاعات التي يصدرها آخرون، من دون انتظار مسؤول ليؤكد أو لينفي المعلومة أو الصورة، وجاءت تباعا لصور ومقاطع فيديو تداولها بعض المستخدمين تشير إلى غرق أو وفاة، فيما اتضح بعد ذلك أنها كانت تصويرا للكارثة الأوى نوفمبر (تشرين الثاني) 2009. وقال أحد المستخدمين على تويتر «رجاء لا تستخدموا هذه الأساليب التي تؤثر على مصداقيتنا.. الحقيقة لا تحتاج إلى تنميق».

ورصدت «الشرق الأوسط» إطلاق مستخدمي تويتر ما يسمى بـ«هاش تاق« وهو ترميز لصفحة تسمح لجميع المهتمين بالموضوع المحدد للاطلاع على كافة المستجدات، ودأب مستخدمو تويتر بالكتابة مع تذييل نوعين من الهاش تاق «#JeddahRain»، «JeddahHelp».

وكان الموقع الاجتماعي تويتر كشف لـ«الشرق الأوسط» بداية العام الجاري، عن ارتفاع عدد المستخدمين السعوديين للموقع بنسبة 240 في المائة، في عام 2010، في وقت أكد فيه الموقع أيضا أن عدد مستخدميه وصل إلى 170 مليون مستخدم في العالم. مقدرا نسبة زيادة التداول اليومي لما يسمى بـ«tweets« أو التغريدات اليومية، وهي الرسائل التي يتشاركها المستخدمون في السعودية، بـ440 في المائة، لافتا إلى أن معدلها اليومي في العالم يبلغ 95 مليون «تويتة».

ويشير الدكتور عمار بكار، مدير الإعلام الجديد في مجموعة «mbc» إلى إقبال الناس على الأخبار من خلال الروابط التي يرسلونها لأصدقائهم عبر المواقع الإلكترونية. ويقول الدكتور بكار خلال رصده لتوقعات الخبراء حول تقدم الإعلام الاجتماعي لعام 2011: «من المتوقع أن تزيد المواقع الاجتماعية من الانتشار بشكل واسع، حيث سيصبح هذا النوع من الاختيار مصدرا مهما للأخبار للناس خلال الأعوام القليلة القادمة».