جدة: أهالي حي «أم الخير».. ما بين منازل بنوها وشقق مفروشة أووا إليها

عاصروا مأساة تضررها للمرة الثالثة على التوالي

عائلة أخذت موقعها فوق سطح المنزل في انتظار وصول طائرات الإخلاء التابعة للدفاع المدني
TT

كأحلام بقية الناس، أراد سكّان حي أم الخير بناء منازل لهم يعيشون فيها باستقرار تام، ويصممونها كيفما أرادوا، في لحظات لم يخطر على بال أي أحد منهم أن يؤول به الحال إلى قضاء ما لا يقل عن أسبوعين في شقق مفروشة وإن كانت مدفوعة التكاليف.

أهالي أم الخير، عاصروا ولا زالوا يعاصرون على مدار ثلاثة مرات مأساة تضرر منازلهم أمام أعينهم نتيجة مياه الأمطار على اختلاف طرق وصولها إليهم، فبعضها كان قادم من السماء، في حين جاء بعضها الآخر من خلفهم بعد أن حجزها السد ليدفع بها مرة واحدة بقوة، مما أسفر عن وصولها إلى طوابق مرتفعة من بيوتهم. معاناة سكان أم الخير استمرت للعام الثاني على التوالي، فبمجرد سقوط الأمطار الأخيرة انهار السد الذي وضع لحماية الحي، وغمرت المياه من جديد المباني الموجودة، حيث أكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» انهيار السد الترابي في حي أم الخير ودخول مياه الأمطار على الطوابق الأولى من المنازل الموجودة في الحي، لافتين إلى أن سكان الحي بدأوا في إطلاق نداءات الاستنجاد. وأوضح تيسير الحبشي، رئيس نادي التطوع البيئي السعودي في جدة، خلال حديث سابق أن سد بحيرة الصرف الصحي بدأ في الانهيار، وذلك بحسب آخر إفادة وصلت من قبل أحد المتطوعين الموجودين في المناطق القريبة من البحيرة. وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «وصلت مستويات المياه القادمة بعد انهيار سد أم الخير إلى ارتفاع 4 أمتار لتغطي الطوابق الأولى من المنازل والفيلات السكنية الموجودة في الحي، وذلك بحسب ما أكده سكان الحي هناك». في حين أكد محمد السقاف، بحسب ما علم به من قبل أحد أفراد الدفاع المدني الموجودين بالقرب من نفق الملك عبد الله، انهيار سد أم الخير وتدفق المياه على مدينة جدة، غير أنه أشار إلى أن ارتفاع منسوب تلك المياه ما زال يتفاوت حتى الآن دون وجود أرقام محددة. وللمرة الثالثة على التوالي، يتعرض منزل المواطن محمد الرويس وعائلته الواقع في المنطقة خلف السد الاحترازي لحي أم الخير إلى الدمار جراء الأمطار التي هطلت على مدينة جدة. محمد الرويس، أحد المواطنين الذين تم إيوائهم مجددا بعد انهيار السد الاحترازي وغرق منزله بالكامل، ذكر لـ «الشرق الأوسط» أن التعويضات التي تسلموها بعد أضرار كارثة جدة الأولى أتت عقب أن نسوا ما تعرضوا له – بحسب قوله-. وأضاف: «تم إيوائنا أثناء كارثة جدة منذ عامين لمدة أسبوع واحد فقط لنجبر بعد ذلك إلى العودة لمنازلنا قبل أن يتم تقدير الأضرار من قبل اللجان المخصصة لذلك، وهو ما دفعنا إلى تنظيف منزلنا على حسابنا الشخصي والمكوث فيه لحين قدوم لجنة تقدير الأضرار إلينا). وأشار إلى أن الأمطار التي شهدتها مدينة جدة منذ نحو ثلاثة أسابيع تسببت في وصول المياه إلى الطابق الثاني من منزلهم، غير أن الأمطار الأخيرة دمرت المنزل بالكامل، مبينا وجود تعقيدات في إجراءات الموافقة على الإيواء والتسكين. وبيّن أن العقوم الترابية التي تم وضعها خلف حي أم الخير تسببت أيضا في تفاقم الأضرار بعد أن حبست وراءها كميات كبيرة من المياه لتدخل دفعة واحدة للمنطقة بعد انهيار تلك العقوم والسد الترابي في آن معا.

تشبّع «أم الخير« والأحياء المتضررة الأخرى بالمياه، أرجعت سببه مصادر مسؤولة في أمانة محافظة جدة إلى ارتفاع منسوب المياه الجوفية داخل الأرض، وذلك استنادا على ما كشفته الصور الفضائية التي تم التقاطها لمدينة جدة أثناء الكارثة الأخيرة عن أن المدينة بأكملها كانت مغطاة بالمياه، إلى جانب تشبع الأرض بالمياه الجوفية. ومع إشراقة شمس كل صباح منذ بدء رفع الأضرار وحتى اليوم، تشرق آمال أهالي «أم الخير» كونهم يرون منازلهم تجف شيئا فشيئا، غير أن وضوح حجم الأضرار يجعلهم يعاودن الرجوع إلى حالة «خيبة الأمل» التي تدفعهم للتساؤل مرارا وتكرارا: «متى ستنتهي هذه الظاهرة؟».