مبادرة «ثمين» تحول التراث العمراني في المملكة لمعالم وطنية ومشاريع اقتصادية

تركز على عدد من المشاريع الرائدة التي ترشحها مجالس التنمية السياحية في المناطق

أحد المواقع التراثية في منطقة القصيم التي تشهد إقبالا من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي («الشرق الأوسط»)
TT

أكد عدد من المسؤولين والمختصين ورجال الأعمال على أهمية مبادرة «ثمين» التي أطلقها الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، أثناء زيارته لمحافظة شقراء مؤخرا، في المحافظة على مباني التراث العمراني واستثمارها اقتصاديا وتحويلها من أماكن خربة لا يستفاد منها إلى معالم وطنية ومشاريع اقتصادية.

وأشاروا إلى أن المبادرة ستسهم في تشجيع المواطنين ورجال الأعمال على العودة للمناطق التراثية واستثمارها والاستفادة منها في إبراز البعد الحضاري للمملكة، ودعوا المسؤولين والمستثمرين في السياحة لبذل جهود من شأنها دعم المبادرة.

وأوضح عبد ا لرحمن الجساس المدير التنفيذي لجهاز التنمية السياحية بالرياض، والمدير التنفيذي لمبادرة «ثمين« أن المبادرة تنبثق من البرنامج الوطني للتراث العمراني، وتسعى إلى إيجاد مسار سريع لإنجاز مشاريع معينة على أرض الواقع، وسد الثغرات في التمويل اللازم لتهيئة واستثمار مواقع التراث العمراني، وستتعدى الأدوار التقليدية للهيئة، حيث ستكون بمثابة برنامج عمل يتقاطع مع قطاعات الهيئة المختلفة في الاستثمار والتسويق والموارد البشرية والتراث العمراني وغيرها، وفي الوقت ذاته لها أهدافها الخاصة، وإطارها الزمني المحدد، وميزانيتها الخاصة من خلال صندوق تمويل يخصص لهذه الغاية، وستعتمد على قيام رعاة وطنيين يمثلون القطاعات الاقتصادية الكبرى في المملكة بسد، ويعتمد نجاحها على إقناع الرعاة بأهمية المساهمة، ليس فقط كدعم أو تبرع ضمن برامج المسؤولية الاجتماعية، وإنما كشراكة يكون للرعاة عائد إيجابي منها.

وأشار إلى أن المبادرة تركز على عدد من المشاريع الرائدة التي ترشحها مجالس التنمية السياحية في المناطق، وتنطبق عليها معايير الاختيار للمبادرة، ثم يصدر بها قرار من اللجنة التوجيهية للمبادرة التي يترأسها رئيس الهيئة، حيث يتم اختيار المشاريع التي سيتم تنفيذها من خلال مبادرة «ثمين« وفق عدد من المعايير ومنها: رغبة الملاك من حيث المبدأ في ترميم وتطوير ممتلكاتهم، وذلك بإعادة تأهيلها واستخدامها في الأعمال التجارية السياحة الثقافية ذات الصلة، واستعداد ودعم الشركاء من القطاع الحكومي ممثلا بإمارات المناطق والمحافظات وأمانة المنطقة والبلديات وغيرها للمساهمة في تطوير الموقع بما في ذلك الدعم المالي للمشروع. وتشمل المبادرة على معايير قيمة في العوامل التراثية والسياحية والاستدامة من حيث الأهمية التراثية والتاريخية، والاستمرارية التجارية، والجاذبية والقرب من أسواق الطلب، والقدرة على إيجاد فرص العمل للمجتمع المحلي، توفر البنية التحتية الملائمة وخدمات الدعم، بالإضافة إلى سهولة الحصول على متطلبات واحتياجات التطوير، تعدد الأسواق المستهدفة.

وعن الفترة الزمنية للمبادرة قال الجساس: «من المقرر أن تكون مدتها 3 سنوات، يمكن تمديدها بناء على تطورات تنفيذ المشاريع على ألا يتعدى الإطار الزمني للمبادرة 5 سنوات».

عن هذه المبادرة اعتبر الدكتور أحمد زيلعي عضو مجلس الشورى وأستاذ التاريخ أن «ثمين» من أهم المشروعات المطروحة في الوقت الحالي من وجهة نظره؛ نظرا لإسهامها في المحافظة على التراث العمراني الذي تعتبره المملكة ثروة وطنية لا تقل أهمية عن غيرها من الثروات المادية لما له من أهمية وقيمة كبيرة تتطلب ضرورة المحافظة عليه وتنميته لا سيما وأنه مكون رئيس في تركيبة الهوية الوطنية، كما أنها ستدعم تطوير وتشجيع السياحة الداخلية. وفي ذات السياق أكد الدكتور مسفر الخثعمي أستاذ التاريخ القديم المشارك بجامعة الملك خالد وعميد كلية المجتمع ببيشة اهتمام الحكومة بقطاع الآثار والتراث اهتماما بالغا، لقناعتها بالدور الحضاري والفكري الذي تلعبه، حيث أنها تسهم في دعم هوية المواطن السعودي الثقافية والحضارية وتعريفه بتاريخه وإسهاماته الحضارية، وهذا ما ظهر جليا في مبادرة «ثمين».

ويرى أن المبادرة جاءت في الوقت المناسب لرفع الوعي عند جميع فئات المجتمع بأهمية التراث كمنتج حضاري وضرورة المحافظة عليه لما يمثله من بعد حضاري وثقافي للمملكة. وأشار الدكتور عبد ا لعزيز سعود الغزي رئيس الجمعية السعودية للدراسات الأثرية المشرف على مركز الأبحاث الأثرية بالهيئة العامة للسياحة والآثار إلى أن الهدف الرئيس من مبادرة الأمير سلطان بن سلمان «ثمين» رفع قيمة التراث معنويا والمحافظة عليه من قبلنا ماديا.

وأضاف «أعتقد بأن عنوان المبادرة أكد ذلك تماما، فـ«ثمين» تعني الشئ ذو القيمة العالية، وهي تسعى لإعادة تأهيل بعض مناطق التراثي العمراني حتى تسهم في تحقيق أهداف التنمية السياحية الوطنية من خلال القطاعين العام والخاص». وأشاد الدكتور عبد ا لناصر الزهراني أستاذ الآثار بجامعة الملك سعود بالدور البارز للهيئة العامة للسياحة والآثار في الحفاظ على التراث والتوعية بأهميته، وأكد أن المبادرة تهدف للمحافظة على التراث وتطويره واستثماره بصورة تجارية، وتكمن أهميتها كونها ستركز على عدد من المشاريع من أجل ترميمها وإعادة تأهيلها واستخدامها في الأعمال التجارية السياحة الثقافية ذات الصلة.