الانتقادات الاجتماعية تنتقل من «المجالس» إلى «خشبات المسرح»

بعد قيادة المرأة للسيارة.. النظام المروري «ساهر» يأخذ نصيبه من التهكم على خشبة «أبو الفنون»

الاعتماد على نظام «ساهر» الآلي في رصد المخالفات أزال المشاهد التقليدية للطرق التي كانت تُتبع في تسجيل المخالفة المرورية («الشرق الأوسط»)
TT

لم تعد الانتقادات الاجتماعية في السعودية، لبعض الملفات التي يثار حولها الجدل، حكرا على المجالس العامة، أو حتى مواقع الإنترنت، بل باتت خشبة المسرح تلعب دورا مهما في التصدي للكثير من الملفات التي تنقسم الآراء حولها.

الجدل ما زال قائما لبعض هذه الملفات، ابتداء من قيادة المرأة للسيارة، وانتهاء بنظام «ساهر»، ما بين مؤيد ومعارض ومترقب؛ حيث تحولت هذه القضايا إلى تراجيديا تحاكي الإنسان العادي من خلال العرض المسرحي أو عن طريق المشاهدة الحية.

النظام المروري «ساهر» شكَّل هاجسا لدى المسرحيين، وحظي بحيز مهم من العروض المسرحية التي شهدتها الرياض مؤخرا؛ حيث شملت تلك العروض محاكاة لهموم يعيشها الكثير من قائدي السيارات في السعودية وانتقادا للآلية التي يتم عن طريقها احتساب تلك المخالفات، بطريقة كوميدية.

«بابا سامحني» مسرحية من بطولة الفنان السعودي خالد سامي وعدد من الممثلين، اسمها ليس له علاقة بنظام «ساهر»، لكن النظام المروري المثير للجدل نال من نال من انتقادات في هذا العرض المسرحي الذي أقيم في مركز الملك فهد الثقافي في العاصمة السعودية الرياض.

عبد العزيز النوفل، أحد المشاهدين للمسرحية قال لـ«الشرق الأوسط»: «تطرُّق الممثلين لقضية (ساهر) أعطى لها انطباعا إيجابيا، كونها إحدى القضايا القريبة من المجتمع».

كانت الاعتراضات على نظام «ساهر» المروري قد أخذت أشكالا متعددة في المجتمع السعودي، جنح بعضها نحو العنف تجاه كاميرات النظام، أحيانا بالتكسير، وأحيانا بإحداث أضرار أخرى.

وشهد المشهد العام في السعودية مطالبات واسعة من المواطنين بإيقاف نظام رصد المخالفات المرورية «ساهر»، حتى إيجاد حلول وسط لمسألة احتساب الغرامات المالية المترتبة على ارتكاب مخالفات مرورية.

ولا يزال الحديث مستمرا في الشارع بشأن دعوات إيقاف تطبيق النظام المروري «ساهر» حتى إشعار آخر، مع إمكانية إلغاء جميع المخالفات المترتبة على النظام، التي قام برصدها مؤخرا، خصوصا أن من عليه مخالفة يترتب عليه تعطيل كل مصالحه، ولا يستطيع إجراء أي معاملة حكومية إن لم يسدد.

الكل يعترف بالدور الكبير الذي قام به هذا النظام، من إجراءات صارمة كان لها أكبر الأثر في فرض ثقافة مرورية تلزم كل قائد مركبة باحترام القوانين والالتزام بها، إلا أن أصواتا شعبية وقانونية وإعلامية انتقدت النظام، معتبرة أنه يحوي الكثير من القصور، أبرزها طريقة إعلام المخالف بالمخالفة المسجلة عليه، الذي يتم حاليا عبر رسائل الجوال.

وأظهرت إحصاءات الحوادث خلال الفترة الماضية من المديرية العامة للمرور في السعودية التي تطبق نظام «ساهر» الآلي لرصد المخالفات المروية هبوط معدل الحوادث والوفيات الناتجة عنها.

وبيَّن التقرير، الصادر من مرور الرياض، أن نسبة الحوادث انخفضت خلال الشهر الأول من تطبيق النظام من 14094 حادثا إلى 10385 حادثا، كما سجلت الوفيات جرَّاء الحوادث تراجعا كبيرا، وانخفضت من 37 حالة إلى 20 حالة، بينما انخفضت إصابات الحوادث المرورية من 249 إصابة إلى 110 إصابات.

وتحتل الرياض المركز الأول في حوادث المرور، وهو ما أهلها ليتم تطبيق نظام «ساهر» للمرة الأولى على أرضها، ففي عام 1430هـ بلغ عدد الحوادث بالمملكة 484805 حادثا مروريا وبلغ عدد الوفيات 6142 وفاة بمعدل 13 حالة وفاة لكل 1000 حادث ووفاة 17 شخصا يوميا نتيجة للحوادث المرورية، وحازت منطقة الرياض أعلى نسبة للحوادث على مستوى المملكة؛ حيث وصلت إلى 29.20% ثم تليها منطقة مكة المكرمة بنسبة 23.19%.