6 عقبات في محيط 120 كيلومترا تقود الباحة لمصاف أهم المناطق «سياحيا» بالمملكة

مدير عام النقل والطرق بالباحة يرى في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن السراة وتهامة مطلات هي الأهم على مستوى البلاد

تحتكم الباحة إلى عدد من العقبات التي تربط السراة بتهامة وتتميز بشدة انحدارها مما يضفي تفردا يندر وجوده في غيرها («الشرق الأوسط»)
TT

لم يمانع مسؤول في إدارة النقل والطرق بالباحة (جنوب السعودية) من التفكير في الاستفادة من بعض الطرق، التي تملك مميزات مختلفةً عن غيرها، كإمكانية أن يُستفاد منها كمطلاتٍ سياحية على بعض المرتفعات التي تملكها المنطقة بطبيعتها، لتندرج ضمن مقومات السياحة التي تملكها الباحة والقرى التابعة لها.

وحصر عبد العزيز بدوي مدير عام النقل والطرق في الباحة في تصريحاتٍ لـ«الشرق الأوسط» العقبات التي تصل مرتفعات السراة وتهامة بعضها ببعض في 6 عقباتٍ رئيسية، سيتم الاستفادة منها كمطلاتٍ لما تكتنزه المنطقة من جماليات ربانية، بإجمالي أطوال يقترب من 120 كيلومترا، وأكد في ذات السياق أن البعض من تلك العقبات يشهد أعمالا تطويرية، ليتسنى تسلمها بشكلٍ رسمي، وبالتالي من الممكن التفكير في تحويلها لما ينصّب في مصلحة السياحة بالمنطقة.

وكشف بدوي عن قرب الفراغ من أعمال صيانةٍ طرأت مؤخرا على البعض من تلك العقبات، ليتم توفير الشروط اللازمة لاستثمارها من الناحية السياحية، لتنتهي في نهاية المطاف لصالح المنطقة وأبنائها.

وعن إمكانية استثمار بعض المواقع السياحية التي تكتنزها المنطقة، أبدى بدوي رغبةً جامحة في تطوير بعض المواقع، متى ما توفرت الشروط اللازمة التي تتطلبها المواقع السياحية، شريطة أن يتم ذلك في ظلال جهات الاختصاص العاملة في السياحة كالهيئة العامة للسياحة والآثار، وعلى ألا تشكل خطورة في الوقوف والدخول والخروج فيما يتعلق باستثمارها.

وتتميز منطقة الباحة بثلاث بيئات متباينة التضاريس، تشمل السراة الممتدة بين بني مالك غربا، وحدود محافظة بيشة شرقا، وترتفع جبالها لأكثر من 2000 متر عن مستوى سطح البحر، وتنتشر على سفوحها قرى «غامد وزهران» وتطل على تهامة الباحة، وأجزاء من تهامة محافظة الطائف جنوب غرب، ومنطقة عسير في الجنوب الشرقي.

وتمتلك الباحة مرتفعات السراة التي تُصنف ضمن أهم المرتفعات على مستوى العالم، بينما تتوسط تهامة منطقة الباحة بسهول تمتد حتى حدود محافظة القنفذة والمظيلف التابعة لمنطقة مكة المكرمة، فيما تأتي بيئة الصحراء باتجاه محافظة بيشة وأجزاء من محافظة الطائف شمالا، وتحديدا محافظة العقيق والمراكز التابعة لها.

وتملك الباحة عددا من العقبات التي تربط السراة بتهامة، التي كانت ولا تزال الشريان، الذي يربط المواطنين بعضهم ببعض، وتساهم في المجالات التجارية والاقتصادية، عبر منظومة الأسواق في تهامة والسراة، التي تتميز بشدة انحدارها، مما يُضفي شيئا خاصا بالمنطقة تتفرد به عن غيرها.

وعن تاريخ الباحة تحدث غرم الله بن مرزن، معرّف قرية قرن ظبي في الباحة، وسلط الضوء في حديثٍ لـ«الشرق الأوسط» على عدد من الإضاءات التاريخية للمنطقة، وأكد أن الأجداد كانوا يتعاملون مع جبال المنطقة بطريقة وصفها بـ«العجيبة» من حيث رسم الطرق الخاصة بتنقلاتهم بين مكان وآخر، سواءً داخل البيئة الواحدة، أو بين البيئات التي تملكها المنطقة، وبالذات بين السراة وتهامة، حيث الارتفاع الشاهق، كانوا في تلك الحقبة يعملونها بالحجارة على شكل درج متلو أشبه بالثعبان، ويساهم فيها كل من تنقله قدمه أو دابته، بغرض التنقل أو التسوق.

المنطقة في تلك الآونة كانت تملك عشرات الأسواق على مدار الأسبوع، كل منها يشتهر بنوع أو أكثر من المعروضات التجارية المحلية، أو بمعنى آخر هو ذو اهتماماتٍ خاصة، كبيع المواشي أو منتجاتها، بالإضافة إلى العسل وبعض أدوات الزراعة ومستلزمات المنزل البسيطة في تلك الحقبة الزمنية، وبيع المنتجات الزراعية المحلية والحبوب بأنواعها، بالإضافة إلى كونه تواصلا بين الأصدقاء، وحضور المناسبات، وبالتالي يتحتم على المواطنين، إيجاد وسيلة للتنقل عبرها، فأنشأوا الطرق القديمة التي ساهمت في التواصل بين المجتمع ومهدت للمهندسين في الوقت الحاضر الطرق، وعملوا على هندسة مساراتها، وقاموا بربط المنطقة بالعقبات الجديدة التي ساهمت في سرعة الحركة، حتى غدت المنطقة بها كالجسد الواحد.

ويستدرك بن مرزن بقوله «العقبات كانت تحتاج متابعة وصيانة وقائية دائمة، حتى لا تتحول إلى عائق في عملية التنقل، واستشهد بالأمطار التي شهدتها المنطقة هذا العام وكل عام، والتي تتسبب في دمار واحتجاز السيارات العابرة»، وطالب بإعادة النظر في البعض منها، خاصةً في عقبة (حزنة والأبناء وعقبة قلوة) والعقبات التي تربط زهران بتهامة، امتدادا حتى برحرح، فجميعها لم ينل نصيبه من مشاريع الطرق الحديثة، رغم مئات الملايين التي تنفق على الطرق سنويا، مشيرا إلى اطلاع أمير المنطقة مؤخرا على بعضها، وسمع وشاهد معاناة المواطنين، ووجه بضرورة المتابعة والقيام بكل ما يحقق لها الاستمرارية في تسهيل التنقل عبرها.

وفي الوقت الحاضر، تأتي عقبة الملك فهد في مقدمتها لتربط بين الباحة ومحافظة المخواة، مرورا بقرية ذي عين الثرية وبطريق ممهد، شيد قبل 30 عاما، بتكلفةٍ زادت عن 600 مليون، لتضم مجموعة كبيرة من الجسور تزيد على 64 جسرا معلقا، وأكثر من 25 نفقا تمت إنارة بعضها مؤخرا لطول مسافتها، التي يزيد بعضها على نصف كيلومتر، وبجانب هذه العقبة يبقى الطريق القديم الذي كان يسلكه المواطنون من وإلى الباحة، للتسوق بين سوقي الخميس بالباحة والثلاثاء في المخواة، عندما كانت وسائل النقل محصورة بالدواب والجمال، كشاهدٍ على التاريخ القديم للمنطقة. وفي ذات السياق، يتذكر مرزن ما كان يُكنى به أحد مواطني ذي عين، حيث يكنى بالبريد، لأنه عمل أكثر من 15 عاما في نقل البريد من وإلى المخواة، بواسطة الحمير عبر طريق وعر، كان يسلكه لأكثر من 3 ساعات يوميا، وكانت من العقبات المهمة والرئيسية للتواصل والتسوق وبيع المنتجات الحيوانية والنباتية والمحاصيل.

وتبقى الباحة بالنسبة للمملكة، وللخليج عامةً، ضمن أجمل ما تمتلكه منطقة الخليج من مناطقٍ، وتشهد بشكلٍ سنوي إقبالا من السعوديين والخليجيين، لما تتميز به من مرتفعات، وطقسٍ يعتبر فريدا من نوعه بين مدن المملكة، ويعول على المنطقة أن تحوي روافد سياحية من شأنها جذب الزوار خلال الإجازات السنوية.