السمنة في السعودية تنتظر مشروعا وطنيا لمكافحتها وسط غياب المراكز المتخصصة

أرقامها مخيفة: بلغت 40% بين النساء.. و38% بين الرجال

الوجبات الدسمة تعد أبرز الأمور المسببة للسمنة في السعودية.. وفي الإطار الدكتور عبد الرحمن سالم شارحا مخاطرها على الصحة العامة (تصوير: خالد المصري)
TT

أفصح مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» عن ضرورة تبني السعودية مشروعا وطنيا شاملا لمكافحة السمنة، على غرار تبنيها لعدد من المشاريع الوطنية التوعوية التي استهدفت مكافحة المخدرات وحوادث السير، ويأتي ذلك عقب إفصاح منظمة الصحة العالمية عن أرقامها بشأن السمنة في العالم، ووفق تلك الأرقام الواردة بموقعها الإلكتروني فإن السعودية بها ثالث أعلى معدلات السمنة في العالم حيث تصل نسبة السكان الذين يعانون من زيادة في الوزن إلى 35 في المائة.

وأوضح الدكتور عبد الرحمن سالم استشاري الجراحة العامة، والمتخصص في جراحات السمنة بالمركز التخصصي بالرياض أن ذلك لمشروع الوطني لمكافحة السمنة يجب أن لا يقتصر دوره على الجانب التوعوي فقط بل يتعداه إلى تبني مراكز طبيبة متخصصة في مجال السمنة، موضحا أن السعودية تفتقر لوجود مثل تلك المراكز الطبيبة المتخصصة، بحسب المواصفات الطبية المعترف بها عالميا.

وأبان سالم عن كون السمنة في السعودية باتت خطرا يهدد الصحة العامة في ظل النسب العالية التي بدأت تظهر للعيان، وأوضح من جانبه تفاقم السمنة في المجتمع السعودي في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى ما كنت عليه الإحصائيات للسمنة في السعودية بنهاية التسعينات من القرن الماضي بأنها لم تكن تتجاوز 20 في المائة، أما الآن فالنسبة بلغت بين النساء 44 في المائة، والرجال 38 في المائة، معتبرا أن تلك النسبة تعكس حجم المشكلة وضرورة التحرك السريع من قبل الدولة لمواجهتها، في ظل عدم وجود أي مركز متخصص لعلاج السمنة ومكافحتها بالمقاييس العالمية بالسعودية.

وأفصح عن كون جميع المستشفيات التي تقدم علاجا للسمنة في السعودية هي مبنية على اجتهادات للأطباء العاملين بها دون وجود مركز متخصص في هذا المجال بها.

وعن جراحات السمنة التي بات العديد من السعوديين يتوجهون إليها للتخلص من معاناتهم مع السمنة، يؤكد الدكتور عبد الرحمن سالم أن أنواع عمليات السمنة لا نهائية، ولكن يجب معرفة أي منها أفضل لحالة المريض. واعتبر سالم أن كافة العمليات تدور حول ثلاث طرق؛ الأولى منها التقليل من حجم الغذاء الداخل للجهاز الهضمي والعمليات التي تتفق مع هذا الطريقة عمليات تدبيس المعدة أو حزام المعدة أو تكميم المعدة، والطريقة الثانية عدم امتصاص الطعام، بحيث يستطيع الإنسان أكل الكمية التي يريد ولكن لا يتم امتصاصها، وهذه تكون بعمليات تحوير الاثني عشر، وتحوير الأمعاء مع تصغير المعدة، والطريقة الثالثة تقليل كمية الطعام ومنع امتصاصه، وهي عملية التحوير.

وعن نسبة الوفيات في عمليات جراحة السمنة، أكد سالم على أنها تشكل نسبة 2 في الألف، مؤكدا على ضرورة إجرائها تحت إشراف طاقم طبي متخصص، تجنبا لأي مضاعفات قد تنجم عنها، مشيرا إلى أهمية أن يكون المركز الطبي يتمتع بتدريب جيد لكافة أطقمه الطبية وبما فيهم جهاز الطوارئ ليكونوا على دراية بكيفية التعامل مع الحالات الطارئة الناتجة عن تلك العمليات الجراحية في حال حدوثها. وعن أي من حالات السمنة التي تحتاج لتدخل جراحي أشار سالم إلى أن السمنة التي تعتبر طبيا بحاجة لتدخل جراحي هي زيادة الدهون في الجسم أما زيادة الوزن بسبب كتلة الجسم كالأشخاص الذين لديهم كبر في حجم العضلات بسبب مزاولتهم رياضة «بناء الأجسام» فهؤلاء لا ينظر إليهم على أنهم من زائدي الوزن، مشيرا إلى أن مضاعفات السمنة ترتبط بزيادة حجم كتلة الجسم، فكلما زادت الكتلة ارتفعت نسبة الإصابة بالأمراض المصاحبة لتلك السمنة، بل إن نسبة الوفيات تتضاعف مع السمنة المفرطة والمميتة.

وأوضح أن الموصى به عالميا لمن يقدم على عملية التدخل الجراحي لعلاج السمنة أن يتم من قبل المريض القيام بثلاث محاولات جادة لإنزال وزنه، موضحا أن نزول الوزن يكون بالحمية والسلوك النفسي والرياضة ويكون التدخل الجراحي آخر العلاج، مؤكدا على أن التدخل الجراحي يبقى في دائرة الأمور المساعدة لإنزال الوزن وليس الحل النهائي.

ولمح إلى أن قياس السمنة من الناحية الطبية يتم بحسب كتلة الجسم، وتحسب بوزن المريض على تربيع طوله بالمتر، وأشار إلى أن الإنسان الطبيعي كتلة جسمه من 18 إلى 25، فإذا كانت كتلة الجسم من 25 إلى 30 تسمى زيادة وزن، ومن 30 إلى 40 تسمى سمنة، ومن 40 إلى 50 تسمى سمنة مفرطة، وما زاد على ذلك يسمى سمنة مميتة.

وأفصح الدكتور عبد الرحمن سالم عن كون حالات الاكتئاب لدى المصابين بالسمنة تصل إلى 40 في المائة، موضحا أنه لا يوجد سمين لا يشكو من أي أعراض مرضية لتلك السمنة، فمثلا نسبة السكر تصل لدى من يعانون من السمنة إلى 20 في المائة، وأمراض المفاصل وضغط الدم وشرايين القلب والتناسل قد تصل من 40 في المائة إلى 60 في المائة.

وعن خطورة عمليات جراحات السمنة أوضح سالم أن الهدف من هذه العمليات هو إنقاص الوزن وكلما نزل الوزن وقلت خطورة العملية كانت تلك العملية طبيا الأمثل، موضحا أنه حتى الآن لم تصل جراحات السمنة للعملية المثالية في عمليات جراحات السمنة.

وأبان أن 20 في المائة إلى 30 في المائة ممن سبق لهم إجراء عملية السمنة بأنواعها يحتاجون إلى تدخل جراحي من جديد نظرا لعودة زيادة الوزن لهم من جديد بسبب عدم الالتزام بالبرنامج الغذائي والحميمة.

وعلى صعيد ذي صلة كشف الدكتور زياد ميمش وكيل وزارة الصحة المساعد للطب الوقائي، عن أن نسبة السمنة في المملكة تزداد بشكل ملحوظ، الأمر الذي يتطلب مواجهتها للحد منها وإيقاف انتشارها، خصوصا أنها ترتبط بالعديد من المضاعفات على رأسها مرض السكري الذي أخذ يزداد في الآونة الأخيرة بين كل أفراد المجتمع السعودي، وكانت جامعة الملك سعود ممثلة بكرسي الشيخ علي بن سليمان الشهري للسمنة والحد من انتشارها بين كل فئات وشرائح المجتمع قد تبنت وضع الخطط والبرامج الوطنية التي تنفذها وزارة الصحة السعودية في هذا المجال.