مستشار وزارة التعليم العالي: أغلقنا 100 مكتب في السعودية تروج لشهادات مزورة

عبد الله المقرن قال في حوار لـ : هناك جهات مشبوهة تبيع شهادات عليا بقيم تتراوح بين 6600 و17600 ريال

تتجه السعودية إلى إكمال البنى التحتية المعززة لطريقة التعليم عن بعد («الشرق الأوسط»)
TT

اعتبر أن كلا من مواكبة التغيرات والتطورات التقنية في مجال التعليم عن بعد والاستفادة من التقنيات الحديثة في مجال التعلم الإلكتروني أصبح أمرا ضروريا ولم يعد ترفا تعليميا، مؤكدا أن تطوير البنى التحتية للجامعات السعودية يجب أن يتوافق والعصر الجديد للتعليم.

هذه الرؤية قدمها وتبناها الدكتور عبد الله المقرن، المستشار بوزارة التعليم العالي ومدير المركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، الذي التقته «الشرق الأوسط» عشية انعقاد المؤتمر الدولي الثاني للتعليم عن بعد.

الدكتور المقرن كشف عن وجود الكثير من الغموض حول طبيعة العلاقة بين المركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد والجامعات السعودية، ومدى استفادتها من خدمات المركز، مشيرا إلى محاولات جادة لبناء الثقة في التعليم عن بعد بوزارة التعليم العالي بالسعودية، واصفا لائحة التعليم عن بعد الصادرة بمرسوم ملكي في السعودية بأنها تهدف إلى تحقيق درجات كفاءة متقدمة في تطبيق التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، مؤكدا أنها ستضيف مسارا جديدا من مسارات التنوع في التعليم العالي بالمملكة، مشيرا إلى أن الجامعات السعودية قطعت شوطا كبيرا في تهيئة البنية التحتية للتعلم الإلكتروني.

وأفصح المستشار بوزارة التعليم العالي عن قيام جهات مشبوهة بإرسال رسائل إلكترونية تعرض فيها شهادات عليا للبيع، تتراوح أسعارها بين 6600 و17600 ريال، مؤكدا ملاحقة وزارة التعليم العالي بالسعودية عددا من المكاتب المشبوهة، التي زاد عددها في السنوات الأخيرة، مفصحا عن إيقافها أكثر من 100 مكتب ومعهد تروج للشهادات المزورة محليا.

هذه المحاور وغيرها في الحوار الذي أجرته «الشرق الأوسط» مع المستشار بوزارة التعليم العالي ومدير المركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد.. فإلى نص الحوار:

* كيف تقيمون البنية التحتية للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد في الجامعات السعودية؟

- الجامعات قطعت شوطا كبيرا في تهيئة البنية التحتية للتعلم الإلكتروني، نتيجة للدعم السخي الذي تتلقاه من حكومة خادم الحرمين الشريفين، ولاحظنا تحولا ملموسا في نشاط إدارات التعلم الإلكتروني لديها في مجالات شتى، مثل مجال المحتوى، والتدريب، ومجال إفادة الطلاب من التسهيلات التي تقدمها لهم، لكن لا يعني هذا أننا وصلنا إلى ما نطمح إليه؛ إذ ما زلنا في بدايات الطريق، أو لنقل الفجوة والاحتياج كبيران، والإصدار الأول من التقرير السنوي، الذي يصدره المركز الوطني، يبين للجامعات مدى ما وصلت إليه، وقد تميزت الجامعات من ناحية التقنية، ونأمل أن تتميز من ناحية المحتوى، والتدريب، والتحول الحقيقي لمفهوم التعلم الإلكتروني، خصوصا الجامعات الناشئة، فنحن نسير سويا في مسيرة واحدة، ونأمل في تسارع خطاها حتى نبلغ غاياتنا بأقل قدر ممكن من الصعوبات.

* كيف يتم التنسيق بين المركز الوطني والجامعات السعودية فيما يخص التعلم الإلكتروني؟

- بداية.. يجب أن أوضح أن المركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد يتبع لوزارة التعليم العالي، ومن ثم هناك علاقة هيكلية موجودة في الأساس تنظم العلاقة عبر الوزارة، لكن فيما يخص التعلم الإلكتروني هناك لجنة وطنية خاصة ممثلة من الجامعات تنسق في الجهود، وفي المشاريع، وحتى في النجاحات، وتذليل الصعوبات، تجتمع بصفة دورية لا تقل عن 4 اجتماعات سنويا، نتواصل من خلال العالم الافتراضي بكل وسائل التواصل، ونعقد حلقتي نقاش في السنة.

* إلى أي حد أفادت الجامعات حتى الآن من مشاريع المركز الوطني؟

- نطمح إلى أن يكون المركز الوطني هو المحور الرئيس في كل ما له علاقة بالتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، وأن يكون المرجعية في مجال اختصاصه، وتستفيد منه مؤسسات التعليم الجامعي في نشر تطبيقات التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد بما يتوافق مع معايير الجودة، إضافة إلى إسهامه في توسيع قاعدة الفرص التعليمية فيها من خلال تطبيقات التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، وبشكل منتظم تستفيد الجامعات السعودية من جميع برامج التدريب التي ينظمها المركز لهيئات التدريس في مجالات التعلم الإلكتروني المختلفة، إضافة إلى أن المكتبة الرقمية توفر على الجامعات مبالغ طائلة، وساعدت الطلاب في الحصول على المراجع مجانا، ولو أرادت أي جامعة أن تحصل على كل ما يتوافر لدى المكتبة الرقمية السعودية لاضطرت إلى أن تدفع ما لا يقل عن 300 مليون ريال، ونطمح إلى المزيد من التنسيق مع الجامعات، والمزيد من التنسيق مع قطاعات الدولة الأخرى.

* مهمة المركز الاستشارية.. ألا تحد من تدخل المركز في تفاصيل تحول الجامعات إلى التعلم الإلكتروني؟

- أعتقد أن صناعة التغيير لا يمكن أن تفرض فرضا، فالتحول والتغيير يجب أن ينبثقا من قناعات، ونلحظ أن هناك حراكا جادا لدى الجامعات في التحول، والجامعات في الحقيقة هي التي تدعمنا في هذا التوجه، علما بأن هناك مشاريع مشتركة نستفيد منها؛ لذلك نحن نسعى إلى التنسيق والتكاتف والتوافق مع الجامعات لنكون حلقة وصل، وعاملا مساعدا للدعم بكل ما نستطيع، وبكل ما يتوافر لدينا من إمكانات، ولا نبحث عن سلطة نفرض من خلالها برامجنا على الجامعات.

* ينظم المركز الوطني مؤتمره الدولي الثاني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد في الفترة من 18 إلى 21 ربيع الأول الحالي.. إلامَ يهدف هذا المؤتمر؟

- هذا المؤتمر يأتي بعد نجاح المؤتمر الأول الذي أقيم منذ عامين محققا نجاحا كبيرا، وأكد أهمية توجه وزارة التعليم العالي إلى الإفادة من التجارب الحديثة في مجالات التعليم العالي، ومن بينها التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، ويستقطب هذا المؤتمر نخبة متميزة من الخبراء العالميين في التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، يناقشون 6 محاور رئيسية تهدف إلى الاطلاع على أحدث البحوث والدراسات العلمية في ميدان التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، وتبادل الخبرات العلمية بين المختصين والمهتمين في مجال التعلم الإلكتروني، واستشراف مستقبل التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد في عالم مجتمع المعرفة، إضافة إلى التعرف على الأبعاد التطبيقية لبيئة التعلم الإلكتروني، وتشجيع التعاون والتنسيق بين مؤسسات المجتمع التعليمية والقطاع الخاص في مجال التعلم والتدريب الإلكتروني، والاستفادة من التجارب والاتجاهات العالمية الحديثة في تطبيق نظام التعلم الإلكتروني في المملكة.

* يتبنى المؤتمر الثاني شعار «تعلم فريد لجيل جديد».. كيف يتحقق التفرد في رأيكم؟

- يتحقق التفرد في التعلم بدعم تطبيقات التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد في المؤسسات التعليمية في المملكة، والحفز لإبداع الجديد منها، من خلال الاطلاع على التجارب العالمية في هذا المجال، عبر استقطاب الخبراء العالميين ومعرفة تفاصيل تجاربهم وبحوثهم، والإسهام في نشر ثقافة التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد في المجتمع، وإبراز دور التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد في تطوير التعليم وضمان جودته.

* لائحة التعليم عن بعد.. يبدو أنها قننت العلاقة بين المركز الوطني والجامعات؟

- لائحة التعليم عن بعد تهدف إلى تحقيق درجات كفاءة متقدمة في تطبيق التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد؛ إذ تسعى إلى إيجاد معايير لضبط وضمان جودة التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، ليضيف التعليم عن بعد مسارا جديدا من مسارات التنوع في التعليم العالي بالمملكة ضمن ضوابط جودة عالية. ونسعى إلى تحويل نصوص اللائحة لجوانب عملية وخطط تنفيذية تسهل ترسيخ هذا النمط من التعليم داخليا بالتنسيق مع الجامعات الحكومية والأهلية، وخارجيا بتوفير قائمة بالبرامج والتخصصات الجامعية المتميزة التي تتيح للراغبين الدراسة فيها في ضوء معايير وضوابط الجودة التي أشارت إليها اللائحة.

* لماذا التباطؤ في وضع معايير الجودة؟

- لا يوجد تباطؤ، وإنما وضع معايير الجودة يحتاج إلى دراسات متعمقة تشمل جميع جوانب وعناصر العملية التعليمية، لضمان سلامة مخرجاتها وجودة المحتوى التعليمي، والحرص على التدرج في التطبيق لصناعة تغيير ملائم لطبيعة التنمية في بلادنا، واحتياجات سوق العمل.

* تخشون من بيع الشهادات.. بينما العالم يمضي سريعا نحو التعليم عن البعد.. كيف يمكن فض الاشتباك وبناء الثقة؟

- من خلال وضع معايير الجودة التي تضمن سلامة مخرجات التعليم عن بعد وتوفر الضوابط التي تكشف التحايل والاستغلال، يمكن تطبيق التعليم عن بعد باطمئنان وسلاسة، فوجود نظام قادر على التحقق من جودة المخرجات، وقادر على منع التحايل هو الضامن الوحيد لبناء الثقة في التعليم عن بعد.

وتقوم جهات مشبوهة بإرسال رسائل إلكترونية تعرض فيها شهادات للبيع، بأسعار مغرية، حسبما تقول، كما لو أنها سلع تباع وتشترى، كما تدعي أنها شهادات معترف بها، وتحمل كل أنواع التوثيق اللازم، وهناك جهات حددت أسعارها، فالبكالوريوس أو الليسانس بمبلغ 1500 يورو وهو يساوي 6600 ريال، و2000 يورو ما يعادل 8800 ريال للماجستير، و4000 يورو أي بمبلغ 17600 ريال للدكتوراه. وقد لاحقت وزارة التعليم، ممثلة في لجنة معادلة الشهادات، المكاتب المشبوهة، وزاد عدد المكاتب والمعاهد التي تم إيقافها على 100 مكتب ومعهد تروج للشهادات المزورة.

ومما يؤسف له وجود جامعات خارجية تعتمد على مبدأ العبثية المتمثلة في منح الشهادات لأناس من خارج بلدانها، وبعض هذه الجامعات تتخذ شققا وبيوتا كمقار لها، وتمنح شهادات معتمدة ومختومة في أهم التخصصات.

ومن العجب، كذلك، أن كثيرا من طالبي دراسات التعليم عن بعد يدرسون في تخصصات لا تحتاج إليها سوق العمل ولا التنمية في المملكة، ولا شك في أن لائحة التعليم عن بعد وضعت معاييرها الدقيقة التي ستمثل حائط صد أمام مثل هذا العبث، الذي ينافي الأخلاق، ولا يليق بالعلم ولا العلماء.