إحجام ملحوظ عن شراء السيارات المستخدمة بسبب التلاعب في «العداد»

انتشار فنيين أتقنوا المهنة.. وضعاف نفوس استغلوها

TT

تسبب ظهور عدد من المختصين يتلاعبون بـ«عدادات» السيارات المستخدمة في السعودية، في إحجام ملحوظ عن شراء السيارات المستخدمة، حيث يؤثر ذلك بشكل أساسي في قيمة المركبة ويدخل في باب التحايل على المشتري، وعلى وكلاء السيارات في مراكز الصيانة، مما رفع من أسهم سوق السيارات الجديدة.

ففي شارع الإسكان بجدة، حيث تنتشر الورش المختصة بصيانة السيارات، عندما تسأل عن فني كهربائي مختص في إنقاص عداد السيارة، يشيرون على الفور إلى الورشة التي تقع على رأس الشارع، حيث يتمركز عدد من الوافدين المتمكنين في التلاعب بالعدادات، خاصة للسيارات الجديدة والمستوردة.

أحدهم قال لـ«الشرق الأوسط»: إن كثيرا من السيارات التي وصفها بالفخمة، وشبه الجديدة تأتي يوميا إلى الورشة، لإنقاص العداد، حيث لا يستغرق الأمر سوى نصف الساعة ليعود المؤشر إلى الصفر، فترتفع قيمتها في الأسواق.

وأضاف الفني أن سعر إنقاص العدد يختلف من سيارة إلى أخرى، فالسيارات ذات العداد الإلكتروني لا يقل سعر تصفيرها عن 500 ريال، مضيفا أن أكثر زبائنه من الذين ينوون بيع سياراتهم، أو من يريد إدخال سيارته إلى مركز الصيانة في الوكالة التي اشتراها منها.

هيثم حديد، شاب يبحث عن سيارة في سوق معارض السيارات المستخدمة، قال «عندما أردت أن أشتري سيارة مستعملة من المعارض، تفاجأت بسيارة من الموديل 2005 لا يتجاوز عدادها 40 ألف كيلومتر، ولكن بنظرة إلى الحالة العامة للسيارة، خاصة في المقود أو غيرها، يتضح أنها قد قطعت ما لا يقل عن 200 ألف كيلومتر».

وأضاف أن صديقة أخبره بأنه باع سيارته من نوع «كامري» موديل 2007، وقد تجاوز عدادها 250 ألف كيلومتر، وتفاجأ بأن سيارته تم عرضها للبيع وعدادها لا يتجاوز 70 ألف كيلومتر.

وأشار إلى أنه قرر شراء سيارة جديدة من الوكالة، بدلا من معارض السيارات، بعد أن شاهد وسمع التلاعب في العداد، واصفا من يفعل هذا الأمر بمنزوع الضمير وعديم الأمانة.

من جانبه، يقول أحد أصحاب السيارات الجديدة إن سيارته تجاوزت 60 ألف كيلومتر، ويريد أن يعيد عدادها إلى 9 آلاف كيلومتر لإدخالها مركز الصيانة، حتى لا يفقد الضمان الممنوح من قبل الشركة لسيارته.

وأضاف أنه أدخل سيارته على الوكالة لإصلاحها حسب اتفاقية ضمان الوكالة المجدول لديه قبل 5 أشهر تقريبا، وسيارته لم تتجاوز 5 آلاف كيلومتر، ويريد الآن أن ينقص عدادها ليدخل سيارته إلى دورة الصيانة الثانية والعداد لم يتجاوز 10 آلاف كيلومتر.

عبد الرحمن حسين، المسؤول في أحد معارض السيارات في جدة، طالب الجهات المعنية بالتدخل في إيقاف من يتلاعبون في العدادات ومعاقبتهم، مشيرا إلى أن هؤلاء لا يعملون بأمانة ولا يحافظون على المهنة.

وأضاف أن كثيرا ممن يريدون شراء سيارة لا يعتمدون على العداد، فمن المحتمل أن يكون عداد السيارة قد تم التلاعب به، ومن المفروض على من يشتري السيارة، الذهاب بها إلى مراكز الفحص، والتأكد من أن السيارة سليمة وخالية من العيوب.

وأوضح حسين، أن السيارة تعرف من خلال هيئتها العامة ووقفتها أو من خلال تجربتها بأن عدادها 50 ألف كيلومتر أو حتى 200 ألف كيلومتر من خلال التجربة والصيانة، مبينا أن كثيرا من المشترين وقعوا ضحية خداعه بسبب ضعفاء النفوس، موضحا أن هناك في المعارض بالفعل سيارات قديمة، ولكنها شبه جديدة لم يتجاوز عدادها حتى 40 ألف كيلومتر.

وبين أن قليلا ممن يبيعون ويشترون في السيارات، ويطمعون في مكسب قليل من المال في السيارة قد لا يتجاوز 10 في المائة من قيمتها، بإنقاص العداد إلى رقم يكون غير مشكوك فيه، ويحاول أن يبين للمشتري أن السيارة نظيفة ولم تستهلك، ليتم إغراؤه بشرائها.

وختم حديثه ناصحا بأن من يريد شراء سيارة، لا بد أن يفحصها جيدا في مراكز متخصصة، تفحص صلاحية المحرك والجيربوكس، والكهرباء وغيرها من أساسيات السيارة، مشيرا إلى أن فحص السيارة يعطي حقا في الاختيار بأن تشتري السيارة أو لا تشتريها.

العميد محمد القحطاني، مدير مرور جدة، علق على الأمر بقوله لـ«الشرق الأوسط» إنه لم ترد لهم أي شكوى حول التلاعب في عدادات السيارات، مشيرا إلى أنهم حيال تلك الحيل يطبقون الإجراءات مباشرة، باعتبارها من الغش والتحايل على المشتري.