الرياض: المولات والحدائق والثمامة والمنازل.. 4 محاور تتقاسم 4 ملايين نسمة في الإجازات

في حين تسرع الأمانة في إنهاء مشروع لـ100 ساحة بلدية في الأحياء

مشروع الساحات الجديدة في الرياض من شأنه أن يلبي الكثير من رغبات السكان («الشرق الأوسط»)
TT

أربعة محاور رئيسية يقصدها سكان مدينة الرياض البالغ عددهم نحو 4 ملايين نسمة على اختلاف فئاتهم العمرية والاجتماعية لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، والمتمثلة في المجمعات التجارية والحدائق العامة وفي مقدمتها جنبات وادي حنيفه والثمامة، إلى جانب تبادل الزيارات داخل المنازل، غير أن تلك الأماكن قد تستوعب فئة معينة منهم دون الأخرى في ظل تخصيص بعضها للعائلات فقط أو للشباب من دون عائلاتهم.

مدينة الرياض التي وصلت مساحتها إلى ما يقارب 650 كيلومترا مربعا باتت تملأ أرجاءها المجمعات التجارية باعتبارها المقصد الأساسي لمعظم العائلات كونها تحوي مرافق تتلاءم مع أفرادها عموما، والمتضمنة ألعاب الأطفال والمطاعم، الأمر الذي يجعلهم يختارون زيارتها نهاية كل أسبوع، إلا أن تكرار الزيارة من شأنه أن يبعث شيئا من الملل في نفوسهم نتيجة افتقارهم إلى التجديد في قضاء عطلة نهاية الأسبوع.

ومع الأجواء التي تعيشها الرياض في الفترة الحالية تحضر الثمامة والحدائق لتأخذ نصيبها من نزهات سكان الرياض، إذ تعج هذه الأماكن بعشرات الآلاف من السكان والمقيمين الذين يحرصون على التخييم في هذه المواقع خاصة خلال إجازة الأسبوع الحالي التي زادت يوما إضافيا احتفاء بعودة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.

إلى ذلك، وبرغم كل المقومات السياحية التي توفرها بعض هذه المواقع، يطالب السكان والزوار بخدمات إضافية تزيد من فرص التنزه في كل هذه الأماكن، رغم تأكيدهم على استمتاعهم بهذه النزهات، وهنا تقول السيدة أم أحمد إنها وزوجها يحاولان زيارة معظم المجمعات التجارية الموجودة في الرياض نتيجة عدم وجود بدائل أخرى يمكن القيام بها خاصة في فصل الصيف، مما يجعلها تفضل الأماكن المغلقة للترفيه عن أبنائها الصغار، مشيرة إلى أن ابنها الأكبر والبالغ من العمر 22 عاما لا يحب التنزه معهم كونه يفضل الذهاب مع أصدقائه إلى المقاهي.

وقالت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نحن بحاجة إلى أماكن أكثر تنوعا، ولا سيما أن عطلة نهاية الأسبوع باتت روتينا لا يختلف عن بقية الأيام، وهو ما يجعلنا نطالب فعلا بإيجاد أماكن مفتوحة تتيح لنا فرصة الشعور بأننا خارج المنزل، خصوصا أن معظم المواقع الترفيهية المخصصة للعائلات عادة ما تكون مغلقة».

وأشارت إلى أن أسعار المطاعم الموجودة بالرياض ليست في متناول الجميع، وهو ما يجعلها عائقا أمام الكثير من العائلات ذات الدخل المحدود، الأمر الذي يجعلهم يكتفون بزيارة الحدائق العامة أو الخروج إلى منطقة الثمامة نهاية كل أسبوع.

ولكنها استدركت في القول: «لا يمكن الاستفادة من الحدائق العامة والثمامة إلا في فصل الشتاء أو الربيع، غير أنه في الصيف لا يوجد أمامنا بديل للأماكن المغلقة التي تزدحم بشكل مهول، مما يشعرنا كمتنزهين بالملل والانزعاج».

بينما تفضل نورة وشقيقاتها تبادل الزيارات الخاصة في نهاية الأسبوع، إلى جانب تنظيم حفلات عشاء بينها وبين صديقاتها داخل منزل إحداهن في ظل عدم توفر أماكن مخصصة للفتيات كالمقاهي وغيرها.

وقالت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما تقتصر أيام نهاية الأسبوع على حضور حفلات أعراس أو ولائم عشاء داخل المنازل، إضافة إلى التجول في المجمعات التجارية، إلا أن وجود الأماكن الترفيهية في مناطق مغلقة يجعلنا نشعر بالرتابة والملل فعلا».

في حين طالبت شقيقتاها نوف وحصة بضرورة تخصيص أماكن ومساحات مفتوحة للفتيات، وذلك كونهن بحاجة إليها في ظل تميز مجتمع الرياض بشيء من الانغلاق أو الخصوصية المختلفة عن بقية المجتمعات السعودية الأخرى.

ولأن أمانة الرياض تدرك حجم الحاجة إلى التوسع في المشاريع والأعمال الترفيهية لساكني مدينة الرياض، فقد أعلن منتصف العام الماضي عن مشروع فريد في أحياء الرياض بإنشاء 100 ساحة بلدية في الأحياء وهو ما من شأنه أن يعالج الكثير من المشكلات ويلبي الكثير من رغبات السكان، وجرى تنفيذ جزء كبير منه حتى الآن.

وكان مسؤول في أمانة منطقة الرياض قد كشف في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» عن بدء الأمانة تنفيذ مشروع لإنشاء نحو 100 ساحة بلدية موزعة على أحياء الرياض كافة في غضون 3 سنوات، لافتا إلى أنه تم الانتهاء حتى الآن من نحو 50 ساحة خلال هذا العام. ولفت آنذاك المهندس توفيق الحماد، مدير إدارة الحدائق في أمانة منطقة الرياض، إلى جاهزية 32 موقعا مخصصا للساحات البلدية، فضلا عن استمرار العمل على 18 موقعا آخر ما زالت تحت التنفيذ.

وقال خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لاقت مشاريع الساحة الشعبية صدى واسعا من قبل الأوساط المجتمعية، وهو ما جعلها نقطة انطلاق لتنفيذ توجيهات الأمير نايف بن عبد العزيز، التي على أساسها بدأ التنسيق مع الرئاسة العامة لرعاية الشباب، بهدف تعميم الفكرة على مدن السعودية كافة، إلى جانب التنسيق مع البلديات الأخرى لتبادل الخبرات والتصاميم التي أعدتها أمانة منطقة الرياض».

وأشار مدير عام الحدائق وعمارة البيئة إلى أن هذه الساحات تمتاز بانخفاض تكلفة الإنشاء، إلى جانب أنها لا تحتاج لبنية أساسية كبيرة، الأمر الذي يتيح إقامتها بمواد غير باهظة السعر وفي وقت قصير جدا، فضلا عن كونها لا تحتاج لصيانة مكثفة وتخدم شرائح المجتمع كافة بوجود عناصر لكل شريحة من أهمها الشباب والناشئة.

وزاد: «شهدت مدينة الرياض في العقود الأخيرة زيادة كبيرة في عدد السكان واتساعا ضخما في المساحة، حيث وصلت مساحة المدينة إلى ما يقارب 650 كيلومترا مربعا بعد أن كانت لا تتجاوز 37 كيلومترا مربعا في عام 1960، وصاحب الامتداد الكبير في المساحة زيادة في عدد السكان ليتجاوز 4 ملايين نسمة، أكثر من 45% منهم دون سن 15 سنة، موضحا أن ذلك النمو تبعه أيضا ازدهار اجتماعي وثقافي وعمراني كبير، مما زاد الحاجة إلى الخدمات البلدية. واستطرد في القول: «إن أكثر من 60% من سكان الرياض تقل أعمارهم عن 25 سنة، مما يعني أنهم يشكلون ما يزيد على نصف سكانها، الأمر الذي دفع بأمانة منطقة الرياض إلى إنشاء تلك الساحات البلدية».

علي القحطاني أحد الشباب الذين تقتصر نزهتهم على المقاهي وبعض الأماكن المفتوحة المخصصة للشباب، أكد لـ«الشرق الأوسط» على أنه عادة ما يذهب مع أصدقائه إلى الثمامة ليقوموا بنصب الخيام والمكوث فيها يومي الخميس والجمعة.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «معظم المجمعات التجارية والحدائق العامة مخصصة للعائلات فقط، فلا نجد أي بدائل أخرى سوى المقاهي أو الثمامة أو حتى مجرد التجول بالسيارات في الشوارع، إلا أن التجمعات الشبابية في أي شارع يعرضنا للمساءلة من قبل الجهات الأمنية».

وذكر أن منعهم من الدخول إلى المراكز التجارية يجعلهم في بعض الأحيان ينتهزون فرصة زيارة عائلاتهم ليقوموا بالتسوق، إلا أن هناك أماكن مخصصة للمستلزمات الرجالية خارج المجمعات التجارية من شأنها أن تفي بالغرض، مطالبا في الوقت نفسه بتخصيص مراكز للشباب فقط، خصوصا أنه لا توجد أماكن أخرى يستطيعون التنزه فيها، على حد قوله.

أبو عبد العزيز الدوسري، عادة ما يصطحب عائلته نهاية كل أسبوع إلى الحدائق العامة، باعتبارها لا تكلف شيئا، لافتا إلى أن مادياته لا تسمح له بزيارة المجمعات التجارية الكبرى أو المطاعم. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا توجد بدائل أخرى أمام الأسر ذات الدخل المحدود سوى الحدائق العامة، حيث إنني لا أستطيع استئجار استراحة أو الدخول إلى المطاعم نهاية كل أسبوع، الأمر الذي يجعلني أقوم بذلك فقط في المناسبات والأعياد وذلك عن طريق مشاركة أقربائي الآخرين في دفع التكاليف مما يخفف علينا عبء تكاليفها المادية المرتفعة».