وزيرا العدل والإعلام يتفقان: القضايا المنظورة.. محظورة

خوجه: وجهنا الصحف بعدم التطرق لها > العيسى: إعلامنا مستنير وبعيد عن أساليب «المراهقة»

وزيرا العدل والثقافة والإعلام خلال افتتاحهما ملتقى القضاء والإعلام في الرياض (تصوير: أحمد فتحي)
TT

تطابقت بالأمس وجهتا نظر وزيرين سعوديين، إزاء ضرورة حظر نشر وسائل الإعلام المحلية أي تفاصيل تتعلق بالقضايا المنظورة أمام المحاكم السعودية، وذلك بعد أن أسهم نشر بعض تلك القضايا في جعلها قضايا «رأي عام» تلقفتها وسائل الإعلام الغربية والمنظمات الحقوقية التي استخدمتها كـ«وسائل ضغط» للتأثير على مجريات سير المحاكمات.

وأكد كل من الدكتور محمد العيسى وزير العدل، والدكتور عبد العزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام، على ضرورة ألا تسعى وسائل الإعلام المحلية في نشر تفاصيل أي قضايا منظورة أمام المحاكم، ما لم يصدر بها حكم قضائي.

وأبلغ وزير الإعلام السعودي، الصحافيين، أمس، بأن وزارته «وجهت الصحف بعدم نشر قضايا لا تزال داخل أروقة المحاكم، من باب عدم التشهير، لكون أن احتمالية تبرئة القضاء للطرف المدعى عليه قائمة».

وزير العدل السعودي وصف بدوره إعلام بلاده بـ«المستنير»، وأنه بعيد كل البعد عن «أساليب المراهقة الإعلامية».

لكن الوزير العيسى، شدد على أنه «لا يجوز أن يتحدث الإعلام عن أي قضية لا تزال قيد النظر»، مضيفا أنه «حينما يتحدث الإعلام عن بعض القضايا، وإن كانت نهائية، يحصل لبس بالتحدث عن الحكم، ولا يتم الحديث عن الوقائع، وأحيانا قد يتجاوز بعض الشيء في الدخول لتصريحات ترمي إلى أطراف القضية وهذا لا يجوز».

وأكد محمد العيسى، على أن وسائل الإعلام حينما تُمكَّن من حضور بعض جلسات المحاكمة، فهي تمكن من ذلك بصفة «المراقب والمتابع».

ورد الوزير العيسى على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، عن كيفية أن تتم المواءمة بين تقرير علانية جلسات المحاكمة وإتاحة الفرصة أمام وسائل الإعلام لحضورها، وحظر نشر أي قضية لا تزال منظورة أمامه، بقوله: «عندما تحضر وسائل الإعلام للجلسات إنما تراقب وتتابع ولكن لا يتحدث عنها حتى تنتهي، مبدأ شفافية وعلانية الجلسات هو مبدأ من مبادئ العدالة، لأن القضاء يثق بعدالته وليس عنده ما يخفيه، وبالتالي فجلسات المرافعة مفتوحة للجميع ما عدا بعض القضايا، وخصوصا الأحوال الشخصية».

وكشف وزير العدل السعودي في هذا السياق، عن أنه سيتم تمكين وسائل الإعلام من حضور جلسات محاكمة المتهمين بالإرهاب. وقال إنه «سيتاح المجال أمام الإعلاميين حتى في محاكمة المتهمين بقضايا الإرهاب وأمن الدولة، وسيتم التنسيق مع المتحدث الرسمي لوزارة العدل في هذا، ونحن نرحب بحضور الجميع ضمن ترتيب مسبق لا بد أن يكون، وعندما نقول هذا نؤكد أن القضاء السعودي ليس لديه ما يخفيه، ونحن واثقون بإجراءاتنا وقضائنا».

وواجه مجموعة من الإعلاميين وزيري الثقافة والإعلام والعدل، بالكثير من الأسئلة حول لجنة المخالفات الإعلامية التي تنظر في قضايا النشر المخالفة لنظام المطبوعات.

وفي سؤال لـ«الشرق الأوسط»، حول ما إذا كان هناك توجه لإعادة قضايا النشر لتصبح تحت ولاية القضاء الشرعي، قال وزير العدل: «قضايا النشر هي تحت ولاية القضاء، ومن يتصور غير هذا فهو مخطئ».

وشرح الوزير العيسى ذلك بقوله: «اللجنة الإعلامية بوزارة الثقافة والإعلام هي لجنة تتلقى التظلمات ضد ما ينشر بالمخالفة لنظام المطبوعات والنشر، وما تصدره ليس حكما قضائيا ولكنه قرار إداري، والقرار الإداري إذا لم يرتضيه أي من أطراف القضية فمرده القضاء الإداري، وهو قضاء شرعي، فحينما يرى القضاء الإداري بأن قرار اللجنة غير مصيب يلغيه، ولا يسع اللجنة الإعلامية إلا النزول عند ما انتهى إليه القضاء، إذا ليس هناك فراغ في القضاء، بل إن اللجنة الإعلامية، هي أشبه بالمرشح لتدفق القضايا، وقد انتهى من هذه اللجنة مئات القضايا بالتراضي والحل الودي وبقناعة الجميع، إذا ارتاح بذلك القضاء ولم يُحجب أحد عن القضاء».

أما الوزير خوجة، فقال عن نفس الموضوع: «إن لجنة المخالفات الإعلامية مكونة من عدة وزارات، هي العدل والداخلية والإعلام والتجارة، وهي تقوم بدورها بصورة جيدة».

وزير العدل السعودي، وصف علاقة القضاء والإعلام بـ«المتينة»، وقال إن كليهما «يحرص على العمل الوطني المتميز».

ونفى أن يكون هناك حالة من التوجس بين القضاء والإعلام، وقال: «من يظن أن بين القضاء والإعلام حالة توجس أو عتب، فهو مبالغ كثيرا في ذلك».

وجاءت تصريحات الوزيرين خوجة والعيسى، على هامش ملتقى القضاء والإعلام، الذي ينعقد بترتيب من وزارة العدل السعودية، وبرعاية من المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق التي تم تكريمها في الحفل، حيث تسلم الدرع التكريمية نيابة عن الأمير فيصل بن سلمان، رئيس مجلس إدارة المجموعة، الرئيس التنفيذي الدكتور عزام الدخيل.

وقال وزير العدل إن ملتقى القضاء والإعلام جاء ليجسر العلاقة بين الجانبين ويعززها، واصفا الإعلام بأنه مهم للغاية، وأن القضاء يقدر الإعلام «لكونه ضمن منظومة مؤسسات الدولة، ودولتنا دولة مؤسسات مجتمع مدني، متميزة ورائدة وبعيدة عن أي جانب سلبي»، على حد قوله.

ووصف وزير العدل السعودي الإعلام بـ«السلطة»، وقال: «أنا ذكرت في الكلمة بأن هناك سلطات 3 ضمن الشخصيات الاعتبارية العامة للدولة، وقد بينها النظام الأساسي للحكم. سلطة الإعلام هي سلطة ضمن الشخصيات الاعتبارية المعنوية الخاصة، وهذه السلطة منضبطة ومسؤولة وتحت مظلة من مؤسسات الدولة تراقب مسارها ولا تتدخل في شؤونها، وهذه المراقبة أعطت الإعلام حرية منضبطة، إعلامنا السعودي يتميز بالرؤية الرشيدة والعقلانية والموضوعية، بعيد عن الارتجال أو أي أسلوب من أساليب المراهقة الإعلامية».

ويؤكد الوزير العيسى أن المرفق العدلي لم يجد من وسائل الإعلام المحلية إلا كل احترام لسلطة القضاء. وقال: «وجدنا من الإعلام احتراما لسلطة القضاء وحياده واستقلاله، ولم نجد ما يمكن أن يسجل عتبا على الإعلام، تحصل قليل جدا من الأطروحات الإعلامية التي لا يمكن أن يسددها إلا الإعلام القضائي المتخصص، نحن بوزارة العدل سنتواصل مع إعلامنا من أجل إيجاد الإعلام القضائي المتخصص لأن هذا يخدم الجميع؛ يخدم مصلحة السلطة القضائية وإعلامنا المستنير».

وحضر حفل ملتقى القضاء والإعلام، مجموعة من رؤساء تحرير الصحف المحلية. ورد وزير العدل على سؤال عما إذا كان دعوة رؤساء التحرير جاءت لكسب ود الإعلاميين، بقوله: «أبدا.. حضورهم هو استشعار منهم بأهمية المشاركة في أي عمل وطني يخدم المصلحة الوطنية، ليس كما يتم تصويره، رؤساء التحرير والقيادات الإعلامية قد كسبت ود الجميع ولا سيما مرفق العدالة. لا أخفيك أن هناك من يصعد من بعض الأمور اليسيرة والسهلة التي يمكن تلافيها».

ونفى وزير العدل أن يكون هناك توتر في العلاقة بين المواطنين والقضاة. وقال: «أنا بودي أن أوضح شيئا، ما قد يتصوره البعض من وجود حساسية في هذا إنما هي من شخص خرج من المحكمة محكوم عليه، والمحكوم عليه في الجملة سيكون ساخطا، الخطأ في أن أتلقى المعلومة منه ولا أسأل عن مصدرها المسؤول، وهو وزارة العدل، من الخطأ أن نبتسر المعلومة ونأخذها أحادية الأجانب، فماذا ينتظر من شخص خرج من المحكمة وهو محكوم عليه، وعندما يتلقى الإعلام هذا وينشره يخطأ في حق نفسه وفي حق السلطة القضائية».

وزير الإعلام خوجة، قال إن التعاون بين وزارتي الثقافة والإعلام والعدل «مهم وجذري واستراتيجي وضروري»، لافتا إلى أن كليهما (الإعلام والقضاء) يبحث عن الحقيقة والعدل؛ «فالقضاء يطبق أحكام الشريعة الإسلامية ويحقق الأمن والاستقرار، والإعلام يساعده في كشف الأخطاء»، واصفا مسؤولية الإعلام بـ«الخطيرة والكبيرة» جدا.