سيدات أعمال سعوديات يحولن هواتفهن الجوالة إلى مكاتب عقارية هربا من الأنظمة

أكدن أن السماح بمكاتب عقارية نسائية سيزيد من عملية البيع والشراء وسيحرك الأموال المجمدة في البنوك

سيدات أعمال سعوديات قررن خوض تجربة التسويق العقاري والوساطة المالية بسبب إغراءات عوائدها المادية
TT

دخلت مجموعة من سيدات الأعمال السعوديات في تجربة التسويق العقاري، عقب صعوبات واجهتهن لافتتاح مكاتب رسمية، ولجأن إلى تحويل هواتفهن المحمولة إلى مكاتب عقارية نسائية، حققن من خلالها عوائد مالية مجزية، على خلفية دراسات أشارت إلى أن 60 في المائة من المواطنين السعوديين لا يتملكون منازل، مما فتح أبواب عمل جديدة أمام هؤلاء السيدات.

سيدة الأعمال، بمنطقة عسير، نورة مهدي الرافعي، أشارت لـ«الشرق الأوسط» بأن خبرتها في مجال الاستثمار أتاحت لها فرصة الدخول إلى السوق العقارية، مؤكدة أن المرأة أقدر على الإقناع والتسويق.

وقالت: «تمكنت من عقد صفقات عقارية كثيرة من خلال هاتفي الجوال، دون الحاجة إلى استعطاف الجهات المسؤولة لتسمح لي بممارسة عملي هذا من خلال مكتب مرخص، وهو، على الرغم من أنه قد يسهل بعض الصعوبات، فإن المرأة الطموحة قادرة على فك قيود الأنظمة، وتغيير مجمل المفاهيم العملية، وخاصة العقارية والاستثمارية، من خلال جهدها الخاص».

وحول ردة فعل من حولها، أضافت: «لله الحمد، لم أواجه صعوبة، فنظرتي للعمل العقاري لا تتجاوز التحدي وإثبات الذات، مع قليل من السعي لتحقيق مردود ومكاسب مادية، قد تكون في بعض الأحيان مجزية، وفق العقار المسوق له والمشتري».

وأشارت الرافعي إلى أنها بدأت تشارك إحدى صديقاتها اللاتي يتقن صناعة التسويق العقاري، ونظرا، بحسب تعبيرها، إلى كثافة العمل، اضطرت إلى التفكير في شريكة تسهل عليها تسيير أعمال بعض الطلبات العقارية والعروض.

وأردفت: «نظرا لسكني في مدينة أبها، التي تعتبر سياحية بالدرجة الأولى، وأغلب عقاراتها واستثماراتها سياحية، وجدت أنه لا بد من تسليط الضوء ورفع مستوى نشاطي في محافظة خميس مشيط، التي تعتبر هي الأخرى رابع منطقة تجارية في السعودية، إلى جانب أن الكثافة السكانية في محافظة خميس مشيط تفوق مدينة أبها، وذلك يعكس مدى إقبال أبناء هذه المحافظة على البيع والشراء، مما دفع وزارة الدفاع، وبمرسوم ملكي، مؤخرا، إلى الاستغناء عن مساحة كبيرة من أراضيها للمواطنين، ومن هذا المنطلق عملت على تثبيت عملي في محافظة خميس مشيط، من خلال الاستعانة بأقرب صديقاتي، التي تحمل نفس التوجه، مما خفف علي الكثير من الأعباء، مثل التنقل ما بين مدينة أبها ومحافظة خميس مشيط».

من جهة أخرى، أبدت نورة الناصر، وهي سيدة أعمال من المنطقة الشرقية، حبها للعمل في قطاع العقار، خاصة (بحسب قولها) أن إغراءات العوائد المادية الناتجة عن بعض الصفقات بعد إتمامها، سواء من خلال الوساطة المالية، أو الاستثمار ذاته، مربحة.

وقالت الناصر: «مع قرب صدور الأنظمة العقارية الجديدة واستعداد السوق العقارية في السعودية للانطلاق، التي كانت الداعم الأول لتوجه المستثمرين للسوق العقارية، نمت فكرة دخولي السوق العقارية، وممارسة عملية التسويق بشكليه الاستثماري والسياحي».

ورفضت الناصر الفكر السائد عند بعض صغيرات المستثمرات في السعودية، اللاتي يعتقدن أن المشاريع المنزلية الصغيرة هي بداية ونهاية الاستثمار، حيث زاد «للأسف، تقوقع بعض المستثمرات الصغيرات على بعض المشاريع الصغيرة والضعيفة أحيانا، مما أثر على دور المرأة في سوق العقار والوساطة المالية، كما أن اكتفاء بعضهن بمستوى معين من حجم المشروع أخفى قدرات المرأة السعودية في قطاع الاستثمار والاقتصاد».

وقالت إن دخولها عالم التسويق والعقار لم يحده نظام أو قانون، وفسرت ذلك بقولها: «أمارس عملي وبكل حرية من خلال هاتفي الجوال، الذي أصنفه، بحسب مفهومي، مكتبي العقاري الخاص، هذا إلى جانب الاعتماد على الجدولة التي تسهم في تنظيم أعمالي».

وتطرقت زهرة بدوي، وهي مستثمرة ومسوقة عقارية في مكة المكرمة، إلى حال السوق العقارية السعودية في الوقت الحالي، التي، كما ذكرت، تشهد نموا سريعا، خاصة بعد الإقبال على الأراضي والوحدات السكنية.

وقالت: «لو نظرنا إلى النسبة المرتفعة للمواطنين، الذين لا يتملكون منازل، والاكتظاظ الذي تشهده مكاتب العقار بحثا عن أراض سكنية، لاكتشفنا أن سوق العقار تشهد طفرة تساعد على دخول المرأة لسوق العقار، وفرض مكانتها التي قد تثبت أن المستثمرة السعودية قادرة على إدارة الاستثمار والاقتصاد في السعودية باقتدار».

وذكرت بدوي أن فكرة افتتاح مكاتب عقارية نسائية في السعودية ستزيد من حركة البيع والشراء، وستؤثر بشكل إيجابي على الطلب، إلا أنها استدركت حديثها لتسلط الضوء على بعض الصعوبات التي تواجه ممارسة التسويق العقاري عند النساء، قائلة: «انعدام الشفافية، وسيطرة الرجل على سوق العقار في السعودية، يشكلان أهم الصعوبات التي قد تواجه المرأة في عالم العقار، والتسويق له، إلى جانب أن الأنظمة الحالية لا تحمي المرأة في هذا القطاع المغري».

وأعربت سمر الخالدي، وهي سيدة أعمال من مدينة الرياض، عن اعتقادها أن اقتحام المرأة السعودية لسوق العقار، وممارسة البيع والشراء والوساطة المالية، قد يسهمان في تحريك الأموال المجمدة في البنوك، بالإضافة إلى أن العوائد المالية للتسويق العقاري مضمونة وغير معرضة لتذبذبات السوق، وهذا ما يثير رغبة سيدات الأعمال في دخول سوق العقار، ومن أوسع أبوابها.

إلى ذلك أكد المستشار العقاري ورئيس اللجنة العقارية في غرفة جدة عبد الله الأحمري لـ«الشرق الأوسط» أن القرار الصادر عن مجلس الوزراء، يفضي بأنه لا يحق لأي شخص مزاولة أنشطة العقار، من تسويق أو وساطة مالية، إلا بسجل تجاري، وذلك حفاظا على حقوق الشخص المزاول لتلك المهنة، خاصة إن كان المزاول امرأة.

وبين أن دور المرأة فعال في مجالات التسويق، وقد تحققت كثير من النجاحات التي وصفها بـ«الجبارة» في القطاع العقاري، واستدرك: «إلا أن الأنظمة والقوانين حدت من جهودهن وجمدت أموالا نسائية طائلة في البنوك».

وأضاف: «عقد في وقت سابق مع وزير العمل ورشة عمل، وجه من خلالها بعمل كتابات تصب في مصلحة المرأة، إلا أن تلك التوجيهات لم تبصر النور، وأخفيت وراء جدار العادات». وبحسب قوله، فإن عدم ثقة الجهات المسؤولة بالمرأة، خاصة في القطاع العقاري والاستثماري، يصنف كظلم، ويقلل من أهميتها، وهذا ما جعل المرأة تتمرد على القوانين والأنظمة، ثقة منها بجهودها وإمكانياتها، التي تتضح من خلال نجاحاتها في عالمها ومجتمعها النسائي.