الشيخ بن حميد: إرغام المراجعين على دفع مبالغ مالية «نمط سلوكي للفساد الإداري»

إمام الحرم المكي يحذر من «البلاك بيري» .. وفرق بين الابتزاز والرشوة

TT

وضع مسؤول عدلي كبير ممارسة بعض الموظفين العاملين في كافة القطاعات الحيوية (لم يحددها حكومية كانت أم خاصة) تخويف أو تهديد المراجعين، أو إرغامهم على دفع مبالغ مالية، أو أشياء عينية، ضمن ما يسمى بـ«الابتزاز»، الذي رأى أن أقوى وسيلة لمواجهته، تعزيز الوازع الديني في نفوس كافة شرائح المجتمع، بغض النظر عن الفئة العمرية أو الجنس أو اللون.

وصنف الشيخ الدكتور صالح بن حميد رئيس المجلس الأعلى للقضاء في السعودية وإمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة، خلال تقديمه ورقة بحثية في محاضرة احتضنتها جامعة الملك سعود أمس، حول «الابتزاز المفهوم والواقع» الابتزاز كنمط سلوكي للفساد الإداري، يلجأ له في الغالب بعض الموظفين لاستخدامه مع المراجعين، أو المتهمين، ممن تشوب قضاياهم أو تنقلاتهم شائبة، عن طريق تخويفهم أو تهديدهم، لإرغامهم على دفع مبالغ مالية، أو تقديم أشياء عينية، أو تعريضهم للإيذاء الجسدي، أو التعذيب النفسي، أو التوقيف، أو المراقبة، حتى في ظل وجود تأكيدات على بطلان التهم.

وتصدى رئيس المجلس الأعلى للقضاء في السعودية وإمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة، لما سماه «ظاهرة الابتزاز» عبر تقوية الوازع الديني بين أفراد الأسرة، وضرورة توافر المودة للأبناء، خصوصا الإناث، مع إعطاء الثقة للأبناء والمتابعة والمراقبة عن طريق مباشر وغير مباشر.

وحذر الشيخ الدكتور صالح بن حميد رئيس المجلس الأعلى للقضاء من بعض وسائل التقنية، ووضع تقنية «البلاك بيري» مثالا على ذلك، ولم يغفل المطالبة بإبلاغ الجهات الرسمية والأمنية عن أي حادثة ابتزاز، وضرورة عدم الخضوع لها مهما كانت العواقب.

وفرق بن حميد بين مفهوم الابتزاز والرشوة، واعتبر الرشوة تدفع طواعية وبرضا، لأنها تحقق منفعة، أو مصلحة الراشي، أما الابتزاز فينطوي على استخدام التهديد، بالإيذاء الجسدي، والنفسي، أو الإضرار بالسمعة، لكنه لم يجد شكا في تحريم الأمرين، في حين قسم الأمرين إلى «عاطفي، ومادي، وظهر أخيرا إلكتروني».

وأرجع إمام وخطيب المسجد الحرام أسباب ظهور الابتزاز لضعف الوازع الديني والاستخدام السيئ لوسائل الإعلام والاتصالات الحديثة، وسوء سلوك بعض العمالة الوافدة للبلاد، وما يعرض من برامج على بعض المحطات الفضائية، من أفلام ومسلسلات هابطة، رأى بن حميد أنها «تؤجج العواطف وتلهب المشاعر».

وعدد بعضا من الجوانب والطرق التي قد تزيد من تفاقم الابتزاز، وبلوغه مرحلة الظاهرة، مثل «تقصير الأسرة في مراقبة أولادها، وحب التجربة والتقليد، والفراغ والحرمان من المحبة والود، والجهل بطرق التربية الرشيدة»، ونبه في ذات الوقت من أن آثار قضايا الابتزاز تتفاوت بين انتشار الجريمة، وتدمير مستقبل الضحايا، بالإضافة إلى نشر الإمراض النفسية والجنسية، وتزايد الفوضى والخوف.

ومن جانبه، وفي ذات السياق، أوصى الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بتشديد الأنظمة التي تجرم هذا السلوك وآلية التعامل معه، واستهداف برامج مساعدة على انتشاره وتزايده في المجتمع، مع ضرورة تأهيل ضحايا الابتزاز وفق خطط محدودة، وتوعية المجتمع والضحايا، عبر تقديم الشكاوى ضد المبتزين لردعهم، والتوعية بخطورة إساءة استخدام التقنية الحديثة من كافة الأجهزة المستخدمة من قبل الأفراد.

وطالب الشيخ عبد العزيز الحمين رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بتكامل أجهزة الدولة في محاربة ومواجهة تنامي هذه الظاهرة كل حسب اختصاصه، بالإضافة إلى دعم جهاز الهيئة في عملية الضبط الاجتماعي، لما له أثر في حماية المجتمع من الجرائم الأخلاقية، مع الاهتمام بالبحوث العلمية لهذه الظاهرة، وإيجاد الحلول الجذرية لها.

وأبرز الشيخ الحمين دور واهتمام جهاز الهيئة في هذا المجال، عبر بحوث يقوم بها مركز البحوث والدراسات بالرئاسة، الذي يجد مساندة من كراسي البحث في جامعة الملك سعود والجامعات السعودية الأخرى، يدعمها بالتأكيد ما تجده تلك الكراسي البحثية من دعم منقطع النظير من قبل أجهزة الدولة ذات الارتباط والعلاقة في مواجهة هذه الآفة.

وعدد الحمين دوافع القائمين بعملية الابتزاز، واختلافها من فرد لآخر، فمنها ما يكون ماليا، أو جنسيا، أو انتقاميا، مبرزا الآثار السيئة للابتزاز على الفرد والمجتمع، ومن أهمها الآثار الشرعية، والنفسية، والأمنية، والاجتماعية، واضعا عمل جهازه أمام هذه الآفة بـ«توجيهي، ورقابي، وضبطي» جميعها يسعى لإيقاف انتشار الظاهرة مهما كلف الأمر.