«متطرف» يباغت وزير الإعلام السعودي برسالة تدعو بحشره مع «أبي لهب»

المرسل وصف خوجه بالخبث واتهمه بالفساد وقال: أنا خصمك أمام رب العالمين

رسالة المتطرف كما جاءت على هاتف الوزير السعودي الجوال دون تصرف («الشرق الأوسط»)
TT

يبدو أن التشنجات التي يعيشها بعض الأطراف، امتعاضا من إقامة معرض الكتاب الذي تحتضنه العاصمة السعودية الرياض هذه الأيام، لم تكتف بظهورها داخل أروقة المعرض، بل تخطت حدوده، وبلغت مستوى تمنيى أن يحشر بعض من المثقفين السعوديين مع أبي لهب، الذي يصنف في العصور الأولى للإسلام، كأحد رموز المشركين المحاربين للرسالة المحمدية.

الأمر يتجسد هنا، بأمنيات شخص مجهول، أن يوضع أحد رموز الفكر والثقافة في السعودية والوطن العربي، في ذات المحشر مع رمز المشركين الذين توعدهم الله عز وجل في كتابه الحكيم بعذاب أليم، حيث طالت الهجمات المتطرفة، التي نالت من معرض الكتاب والقائمين عليه، الهاتف الجوال الخاص بوزير الثقافة والإعلام السعودي الدكتور عبد العزيز خوجه، وضمت الرسالة وعيدا شديد اللهجة لخوجه، وحوت تمني المرسل أن يحشر الوزير السعودي، مع أبي لهب في جهنم.

الرسالة التي عرضها الوزير خوجه في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، اتهمت الوزير بالفساد والخبث، وجاء فيها نصا كما وضعها دون تصرف «أنت مفسد في الأرض، وأبشرك أني خصمك بين يدي رب السماوات والأرض، وسوف أقتص منك يوم لا ينفعك منصبك ولا حسبك ولا نسبك، وتذكر أنك لو ملكت أعلى سلطة، ففوقك من هو أشد منك بأسا، حسبي الله عليك يا خبيث».

وربما خرج الوزير خوجه من شدة اللهجة في الدعاء الذي ينم عن تأصيل متطرف، أو شديد التطرف لكاتبها، ووضعها على الفور في صفحته هربا مما حوته من إشارات تجن ووعيد، في خطوة لجأ إليها المثقف والأديب السعودي خوجه، هربا مما أصاب نفسه، وهو الذي عرف عنه هدوؤه ولين جانبه وتعامله حتى مع من يختلف معه بشكل واضح وصريح.

مرسل الرسالة، وجه دعاءه إلى الله - عز وجل، متمنيا هلاك الدكتور خوجه، مسميا الوزير بـ«وزير الثقافة و(الأفلام)»، وتجاوز المرسل في تطرفه، حين استطرد قائلا «أسأل الله أن يعجل بهلاكك، اللهم احشر عبد العزيز خوجه وزير الثقافة والأفلام مع أبي لهب».

ولم يعلق الدكتور عبد العزيز خوجه، على الرسالة الواردة إليه، مكتفيا بطرحها كما جاءته على هاتفه، في حين استنكر العشرات من الموجودين ضمن قائمة أصدقاء الوزير محتوى الرسالة، وعلى الرغم من تفاوتهم في ردود فعلهم، فإنهم كانوا على اتفاق تام حول استهجان ما نصت عليه الرسالة.

وتظهر الرسالة النصية، التي وردت على هاتف الوزير، مدى التأصيل المتطرف لبعض ممن يتعرضون لوزارة الثقافة والإعلام في السعودية، وهو الأمر الذي يحاكي علة في نفوس متطرفين ومتشددين، جندوا قواهم للهجوم على عمل الوزارة والقائمين عليها، ويأتي على رأسهم الوزير الدكتور عبد العزيز خوجه.

وكانت الوزارة، قد تعرضت في وقت سابق، ولا تزال، إلى هجوم متكرر من قبل بعض التيارات المتشددة، وظهر الهجوم جليا في معرض الرياض الدولي للكتاب الذي تحتضنه الرياض هذه الأيام، حيث تناولته الكثير من الهجمات المتطرفة ونالت من الوزارة والمعرض والناشرين ودور النشر والمشاركين في المعرض.

وكان معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي فتح أبوابه للزوار منذ يوم الأربعاء الماضي الثاني من مارس (آذار) الحالي، قد شهد بعض الأحداث التي وصفت بأنها «استفزازية»، حيث قام عدد من المحسوبين على تيارات متشددة، بإبداء اعتراضهم على ما وصفوه بأنه مخالفة للقيم الإسلامية والمحلية، عبر تصرفات وصفها البعض بـ«التخريبية»، قبل أن يشهد المعرض وجودا أمنيا مكثفا من قبل رجال الأمن السعودي لضبط الأمور والهدوء داخل أروقة المعرض.

ولم تكن الأحداث التي شهدها معرض الكتاب في الرياض، سابقة تاريخية، بل تكررت أكثر من مرة في عدد من الدورات السابقة، إلا أن الوزير خوجه أكد مؤخرا أن المعرض سيستمر، وجاء على لسانه بلهجة صريحة «لن يثنينا تشدد البعض في الرأي عن قيام واستمرار المعرض في أيامه المقبلة، وإن صدورنا مفتوحة لأي رأي أو اقتراح».

الوزير خوجه، وزير الثقافة والإعلام السعودي الذي عمل لسنوات سفيرا لبلاده لدى عدد من الدول، كان آخرها سفيرا للرياض لدى لبنان، أول من كسر رتابة المنصب الوزاري، بإنشاء صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، واستغل التقنية في التواصل المباشر مع الجمهور دون تكلف أو عناء أو بروتوكولات وزارية، وكشف في بداية تأسيسه صفحته، ولا يزال، بعضا مما يعتري الوزارة من مشاق وصعاب، مستغلا الصفحة في طرح بعض الأخبار التي تصدرها وزارة الثقافة والإعلام.