السعودية: مطالب بعقوبات تعزيرية لمرتادي أوكار السحرة

في ظل وجود قوانين غير رادعة

TT

طالب مختص في الرقية الشرعية، بوضع عقوبات تعزيرية رادعة لمن يلجأون إلى السحر لعلاج أو أي شكل من الأشكال التي يُلجأ للسحر بسببها، سواء داخل السعودية أو خارجها، وهو الأمر الذي سيسهم في الحد من انتشار السحر بين أفراد المجتمع.

وأوضح سمير سميداني، المعالج بالرقية الشرعية والمختص في فك السحر، لـ«الشرق الأوسط»، أن بعض السيدات يلجأن إلى السحرة لسببين هما الأكثر انتشارا، الأول قطع الأرزاق أو كما يسميه البعض بـ«تدمير حياة معيشية» عبر مارد أو جني الأرزاق، ويكمن السبب الثاني للسعي وراء الفرقة أو المحبة، ويستخدم للتفرقة بين المحبين، خاصة الأزواج، أو إخضاع الشخص وطاعته طاعة عمياء، وهو ما يتم عن طريق وضع سحر بداخل المنزل أو شرب السحر.

واعتبر سميداني العقوبات التي تتخذ بحق من يلجأ للسحر غير رادعة، في الوقت الذي يجب فيه اتخاذ عقوبات أكثر حزما وردعا للحد من السحر وانتشاره في المجتمع. وكانت آخر العقوبات التي حكمت صدرت في حق خادمة ثبت أنها كانت تضع في الأكل بولها لمن تعمل لديهم، ووضعت سحرا بداخل المنزل بهدف إخضاع الأسرة لها، حيث صدر بحقها قرار حبس لمدة شهرين، ومن ثم ترحيلها لبلدها، وهو ما لم يكن متناسبا مع حجم الخطأ والجريمة التي ارتكبتها في حق الأسرة.

وأشار إلى أن بعض الحالات التي تراجع الرقاة من المصابين بأمراض لا تتعلق بالسحر أو العين، وتكون أمراضهم نفسية أو جسدية، وتحتاج لعناية طبية بالمراكز الصحية، وهناك حالات تتعرض فعلا للسحر وغالبا ما تكون مستعصية ومتأخرة لسنوات، لعدم معرفة الأسرة بآثار وعلامات السحر.

وعدد سميداني علامات السحر، والتي تكمن في خروج رائحة كريهةٍ من المعدة عن طريق الفم، وألم شديد في البطن، وحركة غريبة فيه كغازات بشكل ملحوظ، ورغبة في التقيؤ في غالب الأحيان، وعدم الرغبة في الأكل، بالإضافة إلى إمساكٍ شبه مُزمن، وسواد وشحوب على الوجه، وثقل وخمول كامل على الجسم، وضعف البصر، وضيق في التنفس يشبه مرض الربو، ومشكلات غير طبيعية مكثفة، بالإضافة إلى عدم الزواج أو إبطال الخطوبة والبعد عن الزوج أو الطلاق، وعدم القدرة على الجماع، وكراهية الزوج زوجه عند اللقاء، بالإضافة إلى العقم وعدم الإنجاب، أو الإسقاط، وأورام ليس لها دواء عند الأطباء، والنفور من المجتمع، وتغيرات مفاجئة ومن دون سبب في طباع المسحور، وضباب في العينين مثل الغشاوة، مع حرقة في المعدة وانتفاخ البطن.

وبين سمير داني أن علامات السحر تختلف عن علامات المس أو العين، وكل نوع له طريقة في إبطاله عبر قراءة القران، فالمصابون بالعين كثير منهم يشاهدون في الأحلام واليقظة عينا كبيرة عرضها 70 سم، إضافة إلى أعراض معروفة كالبكاء من غير سبب، وضعف شديد في الجسم، وهذه العلامات يمكن علاجها بتلاوة سورة الفلق 99 مرة في الصباح والمساء.

وبالنسبة لأكثر أنواع السحر انتشارا، فهو الذي غالبا ما يتم في الخارج، ويختص بقطع الأرزاق وعكس حال المسحور إلى أسوأ حال في عملة وتجارته وأسرته عبر مارد العكس ومارد الأرزاق، وسحر الفرقة، وما يبطل هذا النوع من السحر قراءة آيات مخصصة لبطلان السحر، كآية يونس 81، وآية طه 69، وآية الفرقان 23، وآية الإسراء 81.

وتعتبر قضية ساحر قناة «شهرزاد» أشهر قضية في السعودية، والذي قدم من لبنان إلى المدينة المنورة لإعداد سحر لزوجين، واشتهر الساحر في برنامج عبر القناة بأعمال السحر والشعوذة، وضبط قبل ثلاث أعوام متلبسا بالجرم في فندق شهير في المنطقة المركزية في المدينة، وبحوزته أوراق سحر وشعوذة وكميات من الأدوية والأعشاب التي تستخدم في أعمال السحر، وحكمت المحكمة في المدينة عليه بالقتل تعزيرا، وهو ما رفضته المحكمة العليا في الرياض ولم تصادق على الحكم، وطالبت بخفيفه إلى ما دون القتل ونفيه من البلاد.. ويرجع السبب في ذلك إلى عدم وجود ما يثبت في عمل سحر لشخص متضرر أو وجود عمل سوابق مسجلة عليه.

وتسعى هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية إلى محاربة السحر وأعمال الشعوذة، وتنظيم ممارسة الرقية الشرعية، عبر مشروع نظام، يقضي بمكافحة تلك التصرفات، المنافية لضوابط الشريعة الإسلامية.

وبحسب تصريحات مصادر لـ«الشرق الأوسط»، نشرت في وقت سابق من داخل أروقة رئاسة هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في العاصمة السعودية الرياض، فقد أكدت أن عددا من مكاتب الاستشارات القانونية تدرس مشروع إصدار لائحة، ومرشدات إجرائية، تعطي رجال الضبط العاملين في الميدان الحق في التعامل مع السحرة والمشعوذين، عقب تحديد الأعمال السحرية وأوصافها، ووسائل إثباتها وإدانتها، إضافة إلى التعامل مع من يعمل في تلك الأعمال المنافية ويروج لها.

وترتكز الدراسة التي أنجزها مركز البحوث والدراسات التابع لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على تعريف السحر والشعوذة والكهانة والتنجيم، وغيرها من الأمور، والتوصيف العلمي لأعمال السحر، وتقديم النماذج التي يمكن الاستدلال بها على تلك الأعمال، التي اشترطت الدراسة وضوحها للعاملين في الرئاسة، والمتعاملين مع قضايا السحر والشعوذة. واشترطت الدراسة أن تبرز ملامحها التي تتعلق بأعمال السحر والشعوذة، ليطلع عليها الجمهور، وهو ما اعتبرته إرشادا لمكافحة تلك الأعمال والوقوف أمام الدعاية لها. وأوجبت إيضاح علامات الساحر والمشعوذ ومراحل كشفهما، إضافة إلى إيضاح الرموز التي من الممكن استخدامها من قبل السحرة، وإجراءات ضبط الأدوات المستخدمة من قبل الساحر، وإيضاح آلية للتعاون مع الجهات المعنية في مكافحة تلك الأعمال ومن يقوم عليها.

وتبنت الدراسة اقتراح آلية وبرامج عمل لتنسيق جهود هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع جهات أمنية مختصة، لمكافحة ما سمته الرئاسة «مكافحة مظاهر المشكلة، وتحديد مسؤوليات الجهات المعنية للحد من انتشارها»، فيما أوصت بإجراءات تحفيزية لجهات الضبط التي تكافح السحر والشعوذة. وطالبت بالحصول على أنظمة تحدد دور شركات الاتصال ومقدمي خدمات الإنترنت في حماية المجتمع من خطوط السحر وقنواته، وإيجاد عقوبة لممارسي تلك الجرائم الإلكترونية. واشترطت أن تتوافق نتائج الدراسة مع أنظمة الأحكام الشرعية الإسلامية، ومع النظام الأساسي للحكم، ونظام الإجراءات الجزائية.

وتسعى الرئاسة من خلال دراستها تلك، عقب الفراغ من تحديد ملامحها القانونية والنظامية، إلى ضرورة إيضاح أدلة الإثبات العلمية والعملية في السحر والشعوذة، وهو ما يزيد ارتباط الكثير من رجال الضبط الجنائي، ومن بينهم رجال هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمحققون، والقضاة، الذين اعتبرتهم الرئاسة بحاجة لجلاء الأمر ووضوحه، بالنسبة للأدلة التي يمكن أن يعول عليها في إثبات السحر والشعوذة.

وخصص جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ضمن الإدارات الخاصة به، مركزا للبحوث والدراسات، في حين يعمل عدد من الباحثين والمختصين الذين تبنى إدراجهم ضمن العاملين في صفوفه خلال السنوات الماضية. وأجرى المركز مؤخرا دراسة ترتكز على عدد من الملاحظات التي تم رصدها على شباب المجتمع السعودي، من حيث المظهر، مثل بعض الألبسة، وقصات الشعر، ولبس السلاسل في الأعناق.

وبحسب إحصائيات غير رسمية نشرت في وسائل الإعلام فإن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تمكنت من الإطاحة بـ200 ساحر خلال ثلاثة أعوام، وكشفت الإحصائية أن السحرة كانوا يعملون تحت غطاء مهن مختلفة تشمل حارس عمارة، وطبيبا شعبيا، ومعالج عقول.

وقامت الهيئة بتدريب أكثر من 50 عضوا من مختلف مراكز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة الرياض في دورة تدريبية مكثفة بعنوان «مكافحة السحرة والمشعوذين» استمرت لمدة أسبوع، واشتملت على عدد من المحاور الرئيسية، منها نبذة تاريخية عن السحر وبيان الأدلة على ذلك من مصادر التشريع الإسلامي، وتعريف الأعضاء بالطرق المناسبة في كيفية التعامل مع الأعمال السحرية وطرق حلها وإبطالها، والعلامات البارزة في الساحر، وكيفية التفريق بين الساحر والكاهن والمشعوذ، وغيرها من المهارات المطلوبة في هذه القضايا.