دراسة أكاديمية: 30% من الأمراض المعوية التي تصل إلى المستشفيات مصدرها عاملات المنازل

منها أمراض من بلدانهن تشمل طفيليات داخلية تصيب المخ والكبد وخارجية تتركز بالرجلين والرأس

TT

كشفت دراسة أكاديمية أن 30 في المائة من الأمراض المعوية التي تصل إلى المستشفيات في السعودية، وخاصة بين طلاب المدارس، ترتبط أسبابها بطفيليات ممرضة نقلت من الخادمات، بعضها تصيب المعدة ثم تنتقل من جدار الأمعاء الغليظة إلى الدم لتهاجم المخ والطحال والكبد.

نتائج الدراسة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، دفعت جامعة الملك عبد العزيز في مدينة جدة غرب السعودية إلى إعداد دراسة عاجلة أخرى، لكشف الطفيليات المعدية وغير الممرضة على حد سواء، والتي يصعب كشفها بالمختبرات المحلية في عيادات الكشف عن العمالة، إضافة إلى التأكد من الفحوصات الطبية التي أجريت لهم في بلدانهم عن طريق مكاتب الاستقدام، وذلك عقب التأكد من الإصابة بعد الكشف على عينه وصلت إلى ألف خادمة عند قدومهن عبر أحد المطارات السعودية.

وأوضح الدكتور ماجد بن حمدي مطر لـ«الشرق الأوسط» وهو أستاذ مشارك في علم الطفيليات التشخيصي بكلية العلوم الطبية التطبيقية بجامعة الملك عبد العزيز والمشرف العام على دراسة الأمراض المعوية المعدية من الخادمات «أن الدراسة بدأت بفكرة من خلال خبراتي السابقة أثناء عملي بمختبر الطفيليات التشخيصي بمستشفى جامعة الملك عبد العزيز، وخلال بعض الأبحاث السريعة في هذا المجال تم الإعداد لدراسة عاجلة وخرجت نتائجها منذ أشهر ماضية، بعد أن أجريت على 100 خادمة من مختلف الجنسيات المصدرة للعمالة المنزلية في مدينة جدة، وأثبتت الدراسة أن جنسيات معينة تنتشر بينها الإصابة بالطفيليات المعوية أكثر من غيرها، وقد يصل عدد الطفيليات إلى 25 طفيليا تختلف أنواعه وطرق تشخيصه».

وقال إن الدراسة بينت أن الأمراض التي تعاني منها الخادمة نقلت كما هي إلى المنازل، وأن أكثر المصابين هم من الأطفال وكبار السن. وأضاف: «إن إصابة العمالة المنزلية بالطفيليات المعوية قد تكون سببا في نقل عدد منها لمن حولهم بسبب قرب هذه العمالة من أفراد البيت، لذا قررنا أن نعمل على إعداد دراسة أخرى تكون شاملة من خلال أخذ عينات من براز الخادمات عند قدومها للسعودية للتعرف على تلك الطفيليات من مصادرها، ومحاولة إثبات في الدراسة علاجها قبل بداية العمل مع الأسرة، وقد حصلت على دعم من قبل الجامعة للبدء في عملية الدراسة والتي سيتم مناقشتها مع الجهات ذات العلاقة».

مبينا أن الطفيليات لا يمكن أن ترتبط بجنسية محدده ولكن هناك طفيليات تنتشر بشكل كبير في بعض البلدان والتي تتكون مراحل حياتها بدورة طبيعية، وهناك طفيليات خطرة موجودة بشكل كبير بين العمالة شرق وجنوب آسيا، ووجود طفيليات أخرى عن طريق خادمات من أفريقيا، وكل هذه الطفيليات يوجد علاج لها ويمكن القضاء عليها مع الجرعات الأولى من العلاج، وأردف: «المهم التشخيص وسرعة الكشف على الخادمات والمصابين بالأمراض المعوية». وبحسب الدراسة الأولى فإن الطفيليات بشكل عام هي كائنات تتطفل على الإنسان تطفلا داخليا أو تطفلا خارجيا، وقد تكون مضرة للإنسان وبعضها غير ضار، وبالفحص على الخادمات وعلى المصابين الذين نقلوا إلى المستشفى بأمراض معوية، وجد ارتباط نقل مسببات الأمراض المعدية من الطفيليات عن طريق الخدم، عبر الطبخ بالأيدي غير النظيفة، وتوجد الطفيليات بالأرجل أو الرأس وتنتقل عبر الجلوس مع الأفراد الآخرين. وبالعودة إلى الدكتور ماجد، قال إن الهدف من الدراسة هو محاولة معرفة طرق انتشار الطفيليات بين العمالة المنزلية، إلى جانب الدراسة الأخرى التي تتعلق بانتشار الطفيليات المعوية بين طلاب المدارس لتوضيحها للرأي العام، للحد من انتشار الأمراض المعوية، والتي حددتها الدراسات الأولية بأن 30 في المائة من الخادمات مصابات بطفيليات، تسببن في نقل الأمراض المعوية لكفلائهن وخاصة من كبار السن والصغار، نظرا لقربهم واحتكاكهم بالخادمات، وثانيا لضعف المناعة لديهم. وأوضح أن الدراسة بينت أن معظم إن لم يكن، كل المستوصفات والمستشفيات التي تتخصص في فحص العمالة، تستخدم لفحص الطفيليات المعوية ما يسمى بطريقة الشرائح المباشرة، وهي قد أثبتت عدم جدواها منفردة، حيث يحتاج الأمر إلى الطرق المركزة والتي من أشهرها ما يسمى بتقنية ريتشي، والتي تحتاج إلى استخدام مواد كيميائية وتقنيات خاصة.

وأردف: «بشكل عام، فإن الكشف المجهري للطفيليات يحتاج إلى تدريب ومهارات عالية، والتي مع الأسف، لا تتوفر في كثير من العاملين في مختبرات التحاليل الخاصة بالعمالة، حيث تجد أن شخصا أو شخصين في المختبر يقومون بعمل التحاليل في كل المجالات، وليس لديهم خبرة في التشخيص المجهري للطفيليات».

وأوصى الدكتور ماجد بن حمدي في دراسته أن يكون هناك إلزام من قبل الجهات الحكومية ذات العلاقة بالكشف على الخادمات عند قدومهن إلى السعودية أو أن تحتوي الفحوصات الطبية الكشف عن وجود طفيليات سواء كانت ممرضة أو غير ممرضه، إضافة إلى أن يتم فحص العمالة كل 6 أشهر بنفس الفحوصات للحد من انتقال الأمراض وإمكانية ضم التحاليل مع التأمين الطبي المخصص للكشف عن العمالة المنزلية.

وعن كيفية التنسيق وطريق العمل للحصول على الكشوفات الطبية قال الدكتور ماجد إن الخطة التي تم وضعها لإكمال الدراسة لتجميع العينات ستكون عبر مخاطبة الجهات الرسمية المعنية بالعمالة المنزلية لحظة وصولها لمدينة جدة وعمل إعلانات في بعض الصحف الإعلانية تدعو من يرغب لعمل تحاليل مجانية لعمالته المنزلية للتواصل، بالإضافة للاتصالات الشخصية للمعارف.

ويأتي هذا التوجه وسط مطالبات كبيرة من جهات رسمية ومن المجتمع المدني بتقليل الاعتماد على الخادمات بين الأسر السعودية بعد وجود تجاوزات في الطرفين وصلت في بعضها إلى وقوع حالات جنائية، إضافة إلى استغلال بعض الدول كإندونيسيا والفلبين في رفع تكاليف الاستقدام وصفه أعضاء في مجلس الشورى السعودي بالابتزاز.