وزير الإعلام السعودي: مهمة الوزارة تهيئة المناخ لنمو الحراك الثقافي

قاد حوارا شفافا ومباشرا مع المثقفين والمثقفات بمعرض الكتاب

إحدى المداخلات في لقاء وزير الثقافة والإعلام بالمثقفين على هامش الفعاليات الثقافية بمعرض الرياض الدولي للكتاب 2011 («الشرق الأوسط»)
TT

أفصح الدكتور عبد العزيز خوجه، وزير الثقافة والإعلام السعودي، عن تمنيه استقلال الثقافة عن وزارته الحالية، وأرجع ذلك إلى كون الهم الثقافي المحلي بحاجة إلى وزارة تتولى أعباءه.

جاء ذلك خلال لقاء مفتوح جمع وزير الثقافة والإعلام السعودي مع عدد من المثقفين والمثقفات ورؤساء ومديري عدد من المطبوعات الصحافية المحلية مساء أول من أمس الخميس، في ختام الفعاليات الثقافية المصاحبة لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2011.

وأفصح خوجه عن تأييده لمقترح بفصل الثقافة عن الإعلام بقوله «أتمنى أن تكون للثقافة وزارة مستقلة وحدها، لأن الهم الثقافي يحتاج لوزارة متفرغة للشأن الثقافي، وسأشارككم الرأي في حلمكم»، مؤكدا على أن وزارته ليست بديلا عن المجتمع في قيادة الثقافة التي تعد فعلا اجتماعيا، وأن مهمة الوزارة هي تهيئة المناخ لنمو الحراك الثقافي.

ولمح خوجه إلى أن الوزارة لا تمانع في قيام الكيانات الثقافية المستقلة كالأمسيات والملتقيات الثقافية التي يرعاها عدد من ذوي الاهتمام بالشأن الثقافي المحلي، وأوضح أن وزارته ترحب بذلك الحراك الثقافي لكونه يسهم في تعجيل النهضة الثقافية السعودية التي ستعكس الوجه الحضاري والثقافي للبلاد.

وحول وضع الأندية الأدبية بالسعودية وما تشهده من صراع حول لوائحها التنظيمية، أكد خوجه على أن الأندية الأدبية مؤسسات اجتماعية تقوم بهذا العبء نيابة عن المجتمع، مشيرا إلى صدور اللائحة الخاصة بالأندية الأدبية والتي لم ترض المثقفين بشكلها السابق، فتم طرحها على الأندية التي بدورها رجعت إلى جمعياتها العمومية وجاءت الصيغة الأخيرة معبرة عن جموع المثقفين المنتمين إلى الأندية الأدبية، وبشكلها المقبول من الجميع. ودعا المثقفين إلى تحمل مسؤوليتهم الثقافية، وأن الدولة مساعد ومساند لهم لكن يجب ألا يرتبطوا بها ارتباطا وثيقا.

وأكد خوجه في حديثه للمثقفين على أن دعم خادم الحرمين الشريفين للأندية الأدبية بمبلغ 10 ملايين ريال لكل ناد أدبي سيصل فورا ومباشرة إلى الأندية وهي المسؤولة عن تصريفها من دون أي تدخل من الوزارة إلا إذا طلبت الأندية مساعدتها في بعض المشاريع، مؤكدا على مسؤولية كل ناد أدبي عن تلك المبالغ المالية من حيث صرفها على مشاريعها الضرورية.

وعن تغييب المرأة في بعض الأندية الأدبية على الرغم من دعمها من قبل اللائحة، قال خوجه «الجمعية العمومية للأندية لها حرية تقرير ما تشاء، ولم نحدد من بها ما إذا كانوا رجالا أو نساء، فأنا أعمل على حلحلة النظرة القديمة بين الأندية والوزارة، وأن تكون للأندية استقلاليتها وشخصيتها شريطة أن تكون في إطار القيم والثوابت».

ولمح خوجه إلى أن الوزارة تعد حاليا لإقامة ملتقى المثقفين الثاني وملتقى الأدباء الرابع، موضحا أن جملة من القضايا الثقافية سيتناولها اللقاءان، ولن يكون اللقاءان لمجرد إصدار توصيات، بل سيكونان لإصدار قرارات تطبق على أرض الواقع وبشكل فوري.

وعن تبني جوائز تميز ثقافي تمنح للمثقفين السعوديين، أفصح وزير الإعلام والثقافة عن دراسة في ذلك الشأن تعد حاليا في هيئة الخبراء بمجلس الوزراء السعودي، حيث قال «كانت لنا نية في الإعلان عنها في ملتقى المثقفين، إلا أنها تدرس حاليا في هيئة الخبراء».

وعن سبب ضعف الإعلام المحلي سياسيا وعدم وجود خطاب وطني من القنوات المحلية لصد الهجمات المعارضة من القنوات الأجنبية، قال خوجه «يجب علينا أن نسمع جميع الآراء بطريقة تعكس الدور الحقيقي للمملكة، ولم نتعود على مقابلة الشتائم بمثلها، ولا الهجوم بمضاد مثله، ولا نعبأ بما يقوله البعض في الخارج، فنحن شعب لديه وحدة متميزة والتحام بين القيادة والشعب نستطيع من خلاله أن نعبر عن آرائنا بكل صراحة وطلاقة».

وكشف خوجه عن وجود خطط لتحويل القناة السعودية الثانية إلى قناة «شبابية»، وتطرق الوزير خوجه إلى أن القناة الثقافية منبر لكل المثقفين والمثقفات، حاثا الجميع على التواصل معها والتفاعل مع برامجها. وعلى صعيد ذي صلة أكد خوجه أن الوزارة تعمل على عدد من المشاريع، منها إطلاق خدمات إلكترونية تأتي في سياق الحكومة الإلكترونية وتتمثل في فسح الكتب إلكترونيا لتشجيع النشر وأيضا تسجيل الحقوق الفكرية وحمايتها، مشيرا إلى أنه سيتم تطويره مستقبلا بحيث تصدر كل التعاملات والتراخيص الإعلامية والثقافية إلكترونيا.

كما أعلن خوجه عن توجه الوزارة إلى تحويل المكتبات العامة البالغ عددها 83 مكتبة في 29 منطقة إلى مراكز ثقافية، تقدم كل الخدمات التي يحتاج إليها المثقف، ولمح إلى وجود خطط لجعل تلك المكتبات تحتضن عددا من الفعاليات الثقافية كالفن التشكيلي والضوئي والعروض المسرحية وغيرها من أوجه الفعل الثقافي.

بينما اعتبر أن دور المرأة السعودية في وزارة الإعلام والثقافة لن يتوقف عند كونها مجرد مذيعة أو مراسلة صحافية، معتبرا أنها تتبوأ في الوقت الحالي مناصب قيادية في الإذاعة والتلفزيون، وقال «سيكون للمرأة دور في نهضة المملكة»، وقد جاء ذلك على خلفية تساؤل حول عدم تبوؤ المرأة مناصب قيادية في الثقافة والإعلام كما هو الحال في مجال التعليم والجامعات بالسعودية.

وفي ما يتعلق بمنع المقالات التي تتماشى مع نهج الحكومة إصلاحيا لمواجهة الفساد، شدد خوجه على أن وزارته لم تمنع أي مقال أو توقف أي كاتب انتقد مناحي الحياة في المملكة. وقال «بعض المقالات انتقدت وزارتي ورغم ذلك لم نكبل يد أحد نهائيا»، مؤكدا أنه لم يقم خلال فترة وجوده الحالية في منصب وزير للإعلام بالحديث إلى أي من رؤساء تحرير الصحف المحلية طالبا منع أي مقال أو كاتب عن النشر لمقاله.

وفي رده على تساؤل أحد رجال الدين الموجودين خلال اللقاء حول رؤيته للإعلام السعودي وهل هو يعكس الإعلام الإسلامي كون السعودية تعد بلدا مسلما وحاميا للإسلام، وعن رأيه في تطاول بعض الكتاب على وحدة الله وأن النصارى غير المقاتلين ليسوا كفارا، قال خوجه «نحن دولة إسلامية وساحة الإعلام مفتوحة، ولم يشط أو يخرج أحد بها عن المنهج والدين الإسلامي، فالإعلام المقروء متعلق برؤساء التحرير بالصحف المحلية»، مشيرا إلى أن للقارئ الحق في الرد على ما تنشره أي مطبوعة، مؤكدا على أن ثوابت الدين والوطن معروفة للجميع.

وحول معرض الكتاب وما شهده من أحداث، وفي رد على سؤال أحد رجال الدين الموجودين خلال لقاء المثقفين بوزير الإعلام والثقافة عن سبب السماح بكتب «تغريبية» وبعض آخر «تحريضي» على منهج البلاد، وكتب أخرى تدعو إلى الفسق والفجور ونشر الزندقة، مؤكدا في سؤاله على أن أعلى هيئة علمية بالبلاد أكدت على تحريم التعاطي مع تلك الكتب، شدد خوجه على أن وزارته تلاحظ كل المطبوعات، ولا وجود لأي كتاب «يخالف» القيم والثوابت في المعرض، وقال «قد تكون هناك ثغرات، ولا نتهرب من الأخطاء، لكننا نجتهد لتقديم صورة حضارية للمملكة».

وعن ماهية الضوابط التي رُشح من خلالها المحاضرون في الندوات والمحاضرات الثقافية التي أقيمت على هامش فعاليات معرض الكتب، وسبب عدم تمكين علماء الدين من المشاركة، أوضح خوجه أن اللجنة أمينة، ومن أبناء البلاد، وتجمعها راية التوحيد، موضحا أنها استطاعت تسيير الفعاليات على أحسن ما يكون، ولم تنتج عنها أضرار. ولمح إلى أن أحد من شاركوا في المحاضرات هو أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري، وهو من علماء الدين، مشددا على أن الكل يمثل الوطن ولم يخرج أحدا عن الثوابت.

وفي السياق ذاته، نفى وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجه أن تكون وزارته مارست أي إقصاء بحق أي من فئات أو مفكري الوطن على مختلف توجهاتهم من خلال البرنامج الثقافي لفعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب 2011.