جازان: جبال فيفا توفر 11 مخططا استثماريا معتمدا

مليونا مدرج زراعي تعانق السحاب.. وعبقها الفواح يجذب عشاق الطبيعة

TT

كشف لـ «الشرق الأوسط» مصدر مسؤول بمركز فيفا بمنطقة جازان – جنوب السعودية، أن قصور البنية التحتية في المركز يعد أهم العوائق التي تواجه مسيرة النهضة في المنطقة التي تعد من أهم المناطق المهيأة لصناعة سياحية متقدمة في السعودية.

وأبان عليوي العنزي، رئيس مركز فيفا، أن المحافظة تحتكم إلى مشاريع تطويرية تتركز في مرافق سياحية مطورة، من متنزهات وفعاليات سيتم تدشينها خلال العام الحالي، تتوافق مع فترة الإجازات السنوية، كون فيفا بجبالها تعتبر واجهة سياحية لمنطقة جازان، يفضلها الزوار كثاني مكان بعد جزيرة فرسان.

وأوضح أن هناك تخوفا من ضياع رأس المال من قبل المستثمرين، «حتى تجار المنطقة، والمحافظة، للأسف ليس لهم وجود في استغلال السياحة في فيفا ولم يتم عمل جدوى اقتصادية، ولو بدأ مشروع سياحي جيد لجذب الباقين على الاستثمار في فيفا».

وبين أن جنسيات واسعة تزور فيفا، «أكثر الجنسيات التي تزورونا الخليجية، تليها الجنسيات الأوروبية والأميركية، وعدة وزراء وسفراء قاموا بزيارتنا أيضا».

وأشار إلى عدم وجود مشاكل أمنية، وتعامل المواطنين مع بعض ومع التجار بشكل جيد، وقال «أبناء فيفا متعاونون ومشاركون في التطوير وجذب السياح والمستثمرين، الخدمات الحالية في محافظة فيفا أفضل وأحسن من السابق بكثير، وهناك مشاريع يعملون عليها لتحسين الخدمات».

وذكر رئيس مركز فيفا أن من المشاريع التي يتوقع أن تجذب السائح «طريق خادم الحرمين الشريفين» من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، وهناك مشاريع المتنزهات والمطلات ومستشفى فيفا، والطرقات والصرف التي يتم حاليا العمل على ترسيتها لإحدى الشركات المنفذة».

من جهته قال رستم الكبيسي، مدير جهاز هيئة السياحة والآثار بمنطقة جازان «نركز على مسارين في منطقة جازان، الأول مسار مدينة جازان، والثاني هو مسار جزيرة فرسان، فلو وزعنا مسارات في كل مكان لما أنجزنا، نريد أن ننجح في هذين المسارين فبل التوجه إلى أي مسار آخر».

وأضاف أن المسار السياحي الذي يقوم الجهاز بتوفيره هو الأماكن الترفيهية وحدائق عامة وقرى تراثية ومراسي وأسواق قديمة وأسواق حديثة وسكن وفنادق وجميع الخدمات التي يحتاجها السائح، هذا المسار لا بد أن نوفر فيه جميع الخدمات السياحية بالتعاون مع الأمانة.

وبين مدير جهاز هيئة السياحة والآثار أن سياحة جازان لديها أعمال واسعة لتنجزها، مشيرا إلى أن الهيئة تعمل حاليا على تجهيز خدمة الشقق المفروشة في فيفا وما زالت هناك مشكلة كبيرة وهي الطرق وتعبيدها.

وأوضح أن وزارة المواصلات لديها مشروع جديد للطرق بفيفا، «ونتمنى من البلدية أن تقوم بتوفير الأراضي الاستثمارية فيها، لأن موضوع فيفا يحتاج إلى جهد كبير ولو أن هناك أراضي كبيرة يسهل جذب الاستثمار».

وأشار إلى أن هناك مناطق جبلية أخرى في المنطقة كبني مالك والعارضة وجبل الأسود، ومناطق أخرى جبلية ذات جذب واسع، لكن المعروف عند الناس والعامة هو «فيفا».

من جانبه أكد المهندس مشهور بن قاسم الشماخي رئيس بلدية فيفا لـ«الشرق الأوسط» أن بلدية فيفا أوجدت 11 مخططا استثماريا لم تكن موجودة من قبل، وذلك في فترة بسيطة جدا، لافتا إلى أن الأراضي في المخططات مسطحة معتمدة من وزارة الشؤون البلدية والقروية، وأكد أن بلدية فيفا تأمل من هيئة السياحة أن تقوم بتسويقها ليس على مستوى المنطقة بل على مستوى السعودية لأن إمكانيات أهالي المنطقة محدودة.

وبين أن فيفا تشهد ولأول مرة مشروع التخطيط العمراني والهيكلي، معتبرا ذلك قفزة نوعية حرص عليها أمين منطقة جازان ودعمها وزير وزارة الشؤون البلدية والقروية بشكل خاص، «لتؤسس لأول مرة، منهجا تنظيما وتخطيطا لبيئة جبلية بهذه الجغرافية، انبثق من ذات الواقع الخاص لفيفا ليحافظ عليه وينطلق بالتنمية لآفاق رحبة على أسس منهجية تهدف لأن تكون فيفا وجهة سياحية رائدة، ليس فقط من ناحية طبيعية بل أيضا من ناحية الخدمية».

وأوضح أن فيفا تنخرط في نحو 40 مشروعا متنوعا تبلغ قيمتها نحو 140 مليون ريال، تشمل سفلتة طرق وأرصفة وحدائق وإنارة ومشاريع حماية التجمعات السكنية والمرافق من السيول وتصريف المياه، مضيفا «إن فيفا الآن لها مداخل مزدوجة ومشاريع جديدة لتهذيب الكتل السكنية بالاتفاق مع وزارة المالية وخلخلتها من أجل أن نوجد بها شرايين رئيسية حتى نستطيع أن نعمل حركة التمدن وهناك مقترحات بديلة لبعض الشرايين الرئيسية في فيفا وجلبنا مشاريع نزع ملكية من أجل أن تكون واقعا وليست حبرا على ورق، ولدينا مشاريع لتهذيب الطرق ولتهذيب الأحياء ومشاريع لتنفيذ الشوارع ومشاريع نزع ملكية وعمر كل هذا لا يتجاوز سنتين».

وقال «تتوفر فيها أماكن آمنة مستقرة، الأماكن الخطرة معروفة ويتم التحذير منها من قبل الجميع».

وأشار إلى أن هناك تعاونا كبيرا من أجل أن تكون هناك تنمية سياحية فعلية تشهدها المنطقة من قبل أهاليها، «وهي تبحث عن مستثمرين يقدمون خدمات تليق بالمنطقة السياحية.. القصد أن تكون هناك تنمية سياحية وخدمات فندقية راقية.

من جانبه اعتبر يزيد الفيفي موظف وزارة الشؤون البلدية والقروية في فيفا، أن جبال فيفا سياحية من الدرجة الأولى في منطقة جازان، وذلك من حيث المقومات الطبيعية الموجودة بها، وهي منطقة بطبيعتها جميلة وخلابة تتكون من سلسة جبال، ذات تربة خصبة جعلتها تشكل مساحات كبيرة من البساط الأخضر، وتتنوع بها كثير من الأشجار والنباتات بحسب آخر إحصائيات أجرتها جامعة الملك سعود، إذ أكدت الدراسة أنها أولى المناطق في السعودية التي تحتوي تعددا في اختلاف النباتات بوجود ما يربو على 160 نوعا.

وأضاف أن في جبال فيفا نحو مليوني مدرج زراعي، وأوائل السكان قاموا سابقا بتشكيلها كمزارع تقاوم انجراف السيول، وأعطتها البيوت ذات الأشكال الاسطوانية تفردا كتحفة سياحية وتراثية في الوقت نفسه، وجعل شعارها المتبادل البيت الدائري الاسطواني الشكل والمدرجات الخضراء.

وأوضح الفيفي أن الجزء الاستثماري في فيفا يشتكي من سوء الخدمات في البنية التحتية، وهذا الذي جعلها تفتقد الاستثمار، مشيرا إلى تقرير مفاجئ من هيئة المساحة الجيولوجية بعد طلب من أمير منطقة جازان وقت انهيارات فيفا في عام 2006 التي سدت الطرق والمنافذ إلى فيفا وأوقفت جميع الخطط والمشاريع الاستثمارية.

وبين أن البلدية انتهت قبل نحو شهر من شق طريق سياحي في فيفا، ويتميز بمروره بمناطق سياحية رائعة وإنشاء متنزهات رائعة وأطلال متميزة بعيدة عن السكان والازدحام، وهو طريق سياحي لا يقترب من المناطق السكنية، معتبرا ذلك «خطوة أولى تبشر بالخير تجاه مستقبل تخطيط سياحي يفتح مجالا للاستثمار وخاصة الاستثمار الفندقي».

وزاد الفيفي «على الرغم من عدم توفر وسائل الاستثمار في فيفا نجد كثرة الزوار لها لدرجة أن السكان في فيفا يصعب عليهم الخروج من منازلهم من كثافة الزوار، وهذا يدل على السمعة الجيدة التي تروج عن فيفا من السياحة ومناظرها الخلابة، وكل من أتى يقول إنها بعيدة تماما عن الخدمات السياحية».

وقال «إن عدد سكانها يزيد على نحو 40 ألف ساكن، ولكن الساكنين فيها بمساكنهم نحو 18 ألف والباقي خارج فيفا لأعمالهم موزعين على بقية مناطق المملكة بحكم الوظيفة، والبعض الآخر مهاجرون بسبب عدم توفر التنمية، وتعبيد الطرق جعل المهاجرين يعودون إلى فيفا الذين كانوا خارجها، والبناء بأراضيها وتنميتها».

وأشار إلى أن أبناء فيفا أعطوا أرضهم عطاء محدودا بأسواق ومحلات تجارية على الشارع العام بمحدودية الإمكانية، التي لا توفر إلا الكماليات فقط، مشيرا إلى أن أهالي فيفا يذهبون إلى محافظة صبيا أو جازان لقضاء احتياجاتهم الأساسية.

يؤكد المهندس أحمد القنفذي وهو أمين عام الغرفة التجارية الصناعية بمنطقة جازان لـ«الشرق الأوسط»، «عزوف المستثمرين عن محافظة فيفا لعدم توفر الأراضي الاستثمارية»، مشيرا إلى أن فيفا مهيأة سياحيا للاستثمار ولكن تقف عند عدم توفر مسطحات وأراض استثمارية. ويضيف «إن الأراضي الصغيرة المملوكة للأهالي تثبط عزم المستثمر عندما يبحث عن أرض لاستثمارها كبناء فندق على سبيل المثال».

وبين القنفذي أن الاستثمار السياحي يتطلب وجود مراكز ترفيهية وفنادق، وقال «لا نستطيع أن نوجد مراكز ملاهي الأطفال في فيفا لأن المناطق السطحية في جبال فيفا محدودة المساحة وصغيرة، بحثنا ولم نجد، كلها مملوكة لمواطنين».

وأوضح أمين الغرفة التجارية بجازان أن طريقة السياحية التي يتخذها المرتادون تتمثل فيما يسمى بـ«سياحة اليوم الواحد»، وعزا ذلك إلى عدم توفر الفنادق والشقق المفروشة بشكل كاف، «ولو وجدت الأرض الاستثمارية التي تتيح تشييد الفنادق ستصبح المنطقة جاذبة للاستثمار».

وأشار إلى أن الغرفة التجارية لا تستطيع دعوة المستثمرين في ظل عدم وجود الأراضي التي تجذب العوامل الاستثمارية في فيفا.

ولفت أمين عام الغرفة أن فيفا منطقة قابلة للتطوير لو توفرت فيها عوامل الجذب وتعاون الأهالي على توفير الأراضي لتسهل عملية استقطاب المستثمرين.

ويتصور زائر فيفا أنها قطعة من خارج الجزيرة فغيومها التي لا تبرح السماء ومطرها الذي لا يمل الهطول وخضرتها الممتدة توقف الزمان وتجعل الخيال يسرح بعيدا مع أن الخيال لم يتحرك من المكان شبرا.

إلا أن المنطقة الخلابة شرقي منطقة جازان تعاني تجاهل المستثمرين والمسؤولين رغم كل الإغراءات التي تقدمها لهم، من مدرجاتها الخضراء ومبانيها الدائرية ونباتاتها العطرية وخضرتها الدائمة.

على بعد نحو 120 كيلومترا شرقي مدينة جيزان «جنوب غربي السعودية» تقع سلسلة جبال فيفا التي يصل ارتفاعها عن سطح البحر إلى ما يربو على 9 آلاف قدم، وتشتهر بالمناظر الطبيعية والمدرجات الزراعية وبلهجة تعد فريدة إذ يصعب فك شفرتها إلا من قبل أهلها، فضلا عن اعتدال مناخها طوال العام، متمايلا نحو البرودة شتاء في قمم الجبال المرتفعة، ويسخن صيفا على سفوحها وسط أمطار متواصلة في غالبية أيام السنة.

وعلى الرغم من أن جبال فيفا تفتقر إلى البنية التحتية فإن الساعين إلى الطبيعة الخلابة والجبال الخضراء وروائح الزهور العطرة يترددون إليها من كل أصقاع العالم، إلا أن جانبا من المستثمرين يعزون عدم التفاتهم إليها بعدم توفر مسطحات أرضية تصلح للاستثمار، وأن الأراضي جميعها مملوكة لمواطنين، وأنها «ليست من خططهم وليست من ضمن مساراتها السياحية»، بيد أن فيفا أبت أن تخضع وسوقت نفسها مستعينة بمقوماتها البدائية التي تعتمد على الطبيعة التي هباها الله تعالى، ووفرت 11 مخططا استثماريا لم تكن متاحة من قبل، وشقت الطرق وأقامت الحدائق والمطلات، ونفذت مشاريع تنموية لتقوية البنية التحتية التي تحتاجها تلك الجبال الخلابة.