في جدة: «الأربعاء» من يوم فرح وسعادة.. إلى يوم فزع وخوف

سطر على جبينه 4 أحداث احتضنتها سجلات التاريخ

TT

«الأربعاء»، ذلك اليوم الذي بات يشكل ناقوسا يوقظ العديد من المشاهد لكوارث ارتبطت به في ذاكرة الكثير من أهالي جدة، باعتباره مصدر خوف وقلق، بعد أن سطر على جبينه أربعة أحداث دخلت التاريخ من أوسع أبوابه، في حين ما زال البعض يترقب ما يمكن أن يحدث في أربعائهم الخامس.. اليوم.

أول أربعاء شهدته المنطقة الغربية قبل نحو 60 عاما، أتى برفقة سيل عرم من أعالي مكة المكرمة ليجتاحها بعد الأمطار الغزيرة التي هطلت عليها آنذاك، فغرق من غرق وتعرض للضرر الكثير من الناس.

وبعد ذلك الـ«ربوع» بنحو أربعة أعوام، عاد السيل في يوم أربعاء أسود آخر قادما من المكان نفسه، وكأنه يريد اجتياحها من جديد، ويأخذ معه كل ما كان في طريقه من أرواح وممتلكات حطمتها الأمطار أيضا، إلا أن هذا المشهد انقطع تماما في ظل إقامة الدولة لسد ضخم بأعالي مكة بهدف صد سيول الأمطار، الأمر الذي أعاد الأربعاء إلى ما كان عليه كيوم يعلن عن بدء الإجازة.

ومنذ ذلك اليوم، لم تعد الأمطار مهما ارتفعت كمياتها مصدر قلق أو ضرر، وإنما أصبحت مناسبة يجتمع من خلالها أهالي مكة المكرمة من كبارهم وحتى أطفالهم كي يستمتعوا بملامستها لأجسادهم، وكأنهم يرتمون بين أحضان أمهاتهم دون خوف، حيث إن المطر في ذلك الوقت لم يزد ضرره عن توقف الحركة لوقت قصير بعد أن يكف عن الهطول.

ومع مرور الأعوام والسنين، وبعد أن فقد السيل قدرته على الدخول إلى مكة المكرمة، فجع أهالي عروس البحر الأحمر قبل ما يقارب من عامين بقدوم أربعاء كان يشكل يوم تروية لحجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة، غير أنه في ذات الوقت أغرق في أحشائه نحو 132 ساكنا من سكان مدينة جدة، فما كان من الأحياء المتبقين إلا أن يعاودوا الخوف من نهاية كل أسبوع.

الأربعاء الرابع، والذي لا يقل سوادا عن الـ«ربوعات» السابقة، شهد كارثة جدة في نسختها الثانية والتي لم يمض على مرورها سوى شهرين جراء الأمطار الغزيرة التي خلفت وراءها أضرارا لحقت بنحو 90 في المائة من إجمالي مساحة عروس البحر، فضلاا عن تسجيل ما يقارب 10 وفيات قضوا نحبهم وسط مياه السيول، لتختلط حينها أنشودة المطر برائحة الموت.

لم يعد يوم الأربعاء مصدر تفاؤل لأهالي جدة بعد أن فقد هويته كدليل على بدء إجازة نهاية الأسبوع، فقد ارتدى معطفا أسودا يغطي كافة ملامحه خصوصا في مواسم الأمطار ليجبرهم على البقاء داخل منازلهم والاكتفاء بمشاهدة مدينتهم تموت غرقا ويشوب الشحوب ملامح وجهها التي لا تظهر إلا بعد شروق شمس صباح اليوم الذي يليه.

وفي الوقت الذي ما زالت تعمل فيه الجهات المعنية على ترتيب أوضاع المتضررين من الكارثة الثانية، جاءت تحذيرات الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة لتبلغ بتوقعات بهطول أمطار على محافظة جدة اليوم، والتي بدأت تهطل تدريجيا منذ البارحة، لتجعل الأهالي يرددون في مجمل أحاديثهم ومجالسهم: «إلى ماذا سيؤول بنا الحال في الأربعاء الخامس؟».