شابة سعودية تدعو إلى تعزيز مبدأ الـ«تواصي» بين الشباب عبر موقع إلكتروني

يقوم عليه أكثر من 50 متطوعا من الجنسين.. استلهموا فكرة المشروع من آية قرآنية

«تواصي» تجربة شبابية تطوعية تضيف إلى الحقل التطوعي في البلاد
TT

بادرت شابة سعودية بإطلاق موقع يعمل بكوادر تطوعية شابة، ويستهدف فئة الشباب، في سبيل تدعيم العمل الشبابي التطوعي، ونشر رسائل توعوية للشباب، والعمل على تحفيز الطاقات الإبداعية لديهم، كما يسهم الموقع في نشر ثقافة العمل التطوعي، ويعمل على إشهار الفعاليات المتعلقة بها.

وعلى الرغم من تخوف إحسان الجهني، طالبة إدارة الأعمال بجامعة الملك سعود، من إطلاق مشروع الموقع في بداية الأمر، فإن الموقع، الذي أطلقت عليه اسم «تواصي»، حظي بأكثر من 15 ألف زيارة، كما يتابعه عبر صفحة «فيس بوك» الخاصة به ما يقارب 7 آلاف شخص، وذلك منذ تأسيسه قبل 6 أشهر، أول رمضان الماضي، وتقول إحسان: «لست نادمة على التجربة التي خضتها، وأحلم بالمزيد لـ(تواصي)، أحلم ببرامج شبابية حوارية ومسلسلات أخرى شبابية في المستقبل».

السنوات الست التي أمضتها إحسان، ابنة الـ22 ربيعا، في العمل التطوعي والخيري في السعودية، وفرت لها بيئة أتاحت لها تعلم المهارات القيادية والتعامل مع الناس، وفرق العمل، وكسر حاجز الخوف والشك، كما عرفتها على مبدعين ومجموعات شبابية في أماكن مختلفة، وأساتذة ومثقفين قدموا لها الكثير في حياتها العملية، وأسهمت في إنجاح تجربتها في «تواصي».

إحسان الجهني، بعد أن عاشت فترة من عمرها خارج السعودية متنقلة في بلدان عدة لطبيعة عمل والدها، عادت إلى البلاد ووجدت روحا معنوية سلبية، تقول في هذا الخصوص: «هناك مبدعون غير قادرين على التحرك، يكتبون سنتين أو ثلاثا بعد العودة من الخارج، ثم ينطفئ نورهم ووهجهم، وهذا هدر للوقت والعمر والعلم، والكثير تنبأ لي بهذه النهاية المأساوية، إلا أنني أعطيت نفسي فرصة للتعرف على أبناء بلدي ومجتمعي بصورة أعمق، وبعد سنتين في العمل الاجتماعي التطوعي، والمشاركة في البازارات والفعاليات والأنشطة التطوعية والخيرية المختلفة، تكونت لديَّ شبكة معارف واسعة تعمل في بيئة العمل التطوعي والخيري».

شبكة العلاقات الاجتماعية، إلى جانب ما تملكه إحسان من روح إبداعية وعملية، كانت محصلتها رسالة شهرية، تقوم عليها إحسان عبر تجميع المعلومات والمواد التعليمية المختلفة، ثم إخراج الرسالة والخلاصة منها بأسلوب شبابي، عبر الاستعانة بمصممين ورسامين متطوعين، ليتم التصميم والرسم ثم التدقيق اللغوي والإخراجي، ثم تخرج الرسالة كل شهر طوال سنتين.

هذه الرسالة الشهرية كانت تنشر في بداية الأمر عبر مجموعات البريد الإلكتروني، والمواقع المختلفة، ولم تلقَ رواجا كبيرا كما تشير إحسان، إلا أن هذا لم يجعلها تترك المشروع أو الفكرة، وتقول إحسان: «استمررت لأنني أستمتع في العمل وكأنه هواية وعمل يعطيني شعورا أفضل عن نفسي، ويفيدني ويفيد أصدقائي، وهذه البادرة تطورت مع الوقت لتخرج في صيغة كتاب». وعلى الرغم من تردد إحسان في نجاح الفكرة، فإنها فوجئت بترحيب الناشر وإعجابه بالكتاب، لتبدأ بعد ذلك في مرحلة جديدة ومتقدمة، وهي تطبيق الفكرة بشكل متطور في قالب موقع على الإنترنت.

ويعمل «تواصي» على تسويق أفكار المجموعات الشبابية، والمشاريع الشبابية الصغيرة، والحملات التي تستهدف الشباب، إضافة إلى تسويق الثقافة بألوانها المختلفة، عبر نشر المقالات الشبابية المتنوعة، والشعر والقصص والنثر والخواطر، إلى جانب النشر الإعلامي، كنشر الحوارات والأخبار وإعداد التقارير الإعلامية، حول القضايا التي تهم فئة الشباب.

ويسير موقع «تواصي» على قيم محددة، أبرزها الاحترام: احترام الذات والآخرين والمجتمع، واحترام الأفكار والمعتقدات والقوانين. وتراعي سياسة الموقع أدب الاختلاف والائتلاف، ويهتم بنشر الإبداع، وهو المصطلح الذي عبر عنه الموقع بـ«الإتيان بجديد على غير سابق مثيل، أو تقديم القديم بطريقة جديدة».

فريق العمل في الموقع، تعمل فيه إحسان الجهني رئيسة للتحرير، وتسوق له رفيقتها أروى قنديل، ويعمل في تحرير مواده ياسمين بن ماضي، وتكتب فيه عدد من المتخصصات في مجالات مختلفة؛ حيث تعمل هبة بن حسين، إخصائية التغذية وسيدة الأعمال، على كتابة زاوية عن أسواق العمل النسائية في السعودية، وتسهم الدكتورة نجوى أنديجاني بمقالات في الطب النفسي، كما تشارك سهى الموسى، المتخصصة في إدارة الموارد البشرية، بسلسلة تعدها في مجال التأهيل الوظيفي، إلى جانب أكثر من 50 شابا وشابة في مجالات متعددة، في التصوير الفوتوغرافي والفن التشكيلي والكتابة الحرة والمشاريع المبادرة.

ويعبر الموقع عن اهتماماته عبر 3 أقسام رئيسية، هي: «مع الإنسان»، الذي يهتم بعلاقة الإنسان مع نفسه، عبر طرح المواضيع التي تتعلق بكيفية التصالح مع الذات، وترتيب الأولويات، وكيفية اتخاذ القرار والإجابة عن تساؤلات الهوية، وتكوين الفكر، كما يطرح أفكارا في كيفية إدارة المرتب الشهري، وحلولا للاستذكار، والاستمتاع بالعمل، كما يهتم هذا القسم بنشر المواضيع المتعلقة بتطوير علاقة الشخص مع الآخرين؛ حيث يتضمن فقه العلاقات مع العائلة والأصدقاء، وطرق التعامل مع أفراد العائلة والجيران، وتطوير العلاقة مع الأصدقاء على اختلاف أنماطهم، والزملاء في العمل أو المدرسة أو الجامعة.

ويطرح القسم الثاني «مع المجتمع» مواضيع مختلفة لكيفية التفاعل مع الآخرين لخدمة المجتمع، وآلية التعامل مع أفراد المجتمع الآخرين من المسنين والمقعدين والأطفال المرضى والفقراء والأميين، وآلية اختيار العمل التطوعي الملائم للشخص، إضافة إلى كيفية العمل مع الفريق ومع صاحب الحاجة، وماهية المجالات المتاحة التي يمكن خدمة المجتمع من خلالها.

القسم الثالث، الذي يأتي تحت اسم «المقهى»، يأتي لطرح كل الأخبار والمشاركات الشبابية، والصور والرسوم والخواطر والمقالات والحوارات واللوحات، التي تطرح من قبل الشباب، أو تستهدفهم.

فكرة إطلاق اسم «تواصي» على مشروع إحسان جاءت من آية قرآنية في سورة العصر، وتقول إحسان: «ما شغف قلبي ولامس روحي هي سورة العصر (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ).. وجدت هنا خلاصة الدين كله، لب المشكلة في المجتمع، مشكلة التواصي بالحق والصبر، الحق أن نتواصى بالعلم الذي يحمل أصالة المعنى والمرجع، والصبر أن نتواصى لنلهم ونشجع بعضنا».