عريضة تطلب من الشورى مناقشة «قيادة المرأة للسيارة».. والمجلس يستبعد طرح الموضوع

128 مواطنا ومواطنة تقدموا بها بطريقة قانونية.. ومشرف الإعلام والنشر يؤكد أنه لا نية لطرحها

لا تزال قيادة المرأة للسيارة في السعودية إحدى القضايا المثيرة للجدل في مجتمع تشكل فيه الثقافة المحافظة النواة المحورية في التعاطي مع المستجدات الاجتماعية («الشرق الأوسط»)
TT

نفى مجلس الشورى السعودي، على لسان المشرف على إدارة الإعلام والنشر بالمجلس، أن يكون في صدد مناقشة موضوع «قيادة المرأة للسيارة»، وذلك بعد أن تقدم 128 مواطنا ومواطنة بعريضة إلى المجلس، تطلب منه إخضاع هذا الموضوع للنقاش.

وأبلغ «الشرق الأوسط» الدكتور محمد المهنا، المشرف على إدارة الإعلام والنشر بمجلس الشورى، أن هذا الموضوع غير مطروح على جدول أعمال المجلس نهائيا.

جاء تعليق المهنا على هذا الموضوع في وقت تقدم به 128 سعوديا وسعودية من الأكاديميين والإعلاميين من مختلف مناطق السعودية في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي بعريضة موقعة لمجلس الشورى يطالبون فيها رئيس المجلس الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ بفتح نقاش حول حق المرأة السعودية في القيادة.

وتوجد في مجلس الشورى لجنة خاصة بتلقي عرائض المواطنين واقتراحاتهم في الموضوعات ذات الصبغة الاجتماعية والوطنية.

وقال الموقعون، في عريضتهم: لقد ضمن الإسلام للمرأة حقوقها الشرعية والمدنية، وقيادة السيارة حق للمرأة كما أنها حق للرجل، وقد وقعت المملكة على اتفاقيات دولية تقضي بعدم التمييز ضد المرأة، ومنها حق التنقل واستخدام وسائله.

وأوضح الموقعون على العريضة: «وبما أنه لا يوجد نص شرعي يحرم قيادة المرأة للسيارة، والأصل في الإسلام الإباحة ما لم يرد نص بالتحريم، فإن مطلب قيادة المرأة للسيارة أصبح اليوم ملحا لأسباب اقتصادية واجتماعية وأمنية».

واستشهد الموقعون بما قاله الشيخ عبد الله المطلق، أستاذ الفقه المقارن والقاضي السابق في محكمة حائل، حين أعلن رأيه الواضح والصريح حول هذا الموضوع، مؤكدا أنه لا يوجد مسوغ شرعي يمنع المرأة من قيادة السيارة، وقد يمكن، بعد دراسة متكاملة، أن يتم بموجبها السماح للمرأة بقيادة السيارة من أجل درء المفسدة للسائق الأجنبي في المجتمع السعودي، كما دعا إلى السماح للمرأة بقيادة السيارة.

كما استشهدوا برأي الشيخ أحمد بن باز، حين قال إن قيادة المرأة للسيارة «قضية حقوق لا قضية أولوية»، وإن منعها من القيادة من مشايخنا الفضلاء في السابق هو «لاعتبارات لا أظنها موجودة الآن أو تمكن مناقشتها وإعادة النظر فيها»، معتبرا أن الخوف على النساء من أن يعتدي عليهن أحد ليس مبررا كافيا لمنعهن من القيادة.

وقال الموقعون في عريضتهم لرئيس مجلس الشورى: «لم تعد قيادة المرأة للسيارة هاجسا شرعيا أو اجتماعيا. لا بد أن معاليكم قرأتم عن الفتاة التي قادت السيارة لإنقاذ أسرتها و8 أسر أخرى كانت محتجزة في سيول جدة وتم تكريمها على بطولتها وشجاعتها، كما أن هناك دلائل على أن المرأة التي تقود السيارة في القرى النائية كسبت الاحترام لاتباعها الأنظمة المرورية، بما يفوق احترام الرجال لقوانين المرور. وبما أن المرأة تملك رخصة قيادة دولية وتقود السيارة في مختلف دول العالم، فهي قادرة ومتمكنة إن شاء الله من قيادة السيارة في بلادنا».

كما نوه الموقعون بأن المادة 32 من نظام المرور تنص على أنه «يحظر على أي شخص قيادة أي مركبة قبل الحصول على رخصة القيادة اللازمة وفقا لأحكام هذا النظام ولائحته»، وتأسيسا على هذا النص فإن كلمة «شخص» الواردة فيه ليست مقصورة على الذكر دون الأنثى، وبهذا فإن قصر إصدار رخصة القيادة للذكور دون الإناث ليس له مستند من نظام المرور ولا لوائحه التنفيذية.

واقترحوا من خلال العريضة أن يناقش المجلس الأمر - كمرحلة تجربة - وأن يتم الإذن بقيادة المرأة للسيارة ضمن خطة منظمة في وقت معين من اليوم ويحدد له مدينة أو محافظة مع ضرورة إصدار عدد من القوانين الرادعة والحامية للنساء تطبق بكل شدة والتزام تحميهن من أي تعدٍّ عليهن أو تحرش بهن وتسجل المخالفات ويحال أصحابها فورا إلى التوقيف والسجن وأن يغرموا غرامات مرتفعة رادعة، بحيث لا يتجرأ إنسان على مضايقتهن أو إيذائهن، وأن يتزامن مع ذلك إصدار قرارات بتخصيص مدارس تعليم القيادة تعتمد شهادتها لإصدار الرخص، واستحداث أقسام نسائية في مراكز المرور تقوم بالتعامل مع الرخص النسائية والمخالفات واحتياجاتهن وتوعية المجتمع بأن القرار حكومي رسمي يسمح ويحمي من ترغب من المواطنات والأسر، لكنه ليس إلزاميا، وإطلاق حملة توعوية للشباب والمجتمع للتشجيع على قبول قيادة المرأة للسيارة واحترامها مع الإعلان عن العقوبات التي ستطال المتحرشين، حتى يتأقلم الجميع ويصبح الأمر عاديا.

على جانب ذي صلة، فقد أثار استبيان نُشر عبر المواقع الإلكترونية حول «قيادة المرأة للسيارة في السعودية» غضب شريحة من المجتمع السعودي، مما أدى إلى التسبب في خسائر لصاحب الاستبيان، من خلال إغلاق وتخريب الموقع عدة مرات.

إلا أن ذلك لم يقف عائقا أمام المهند وليد - طالب بمعهد الإدارة العامة بالرياض - الذي كان يجري هذا الاستبيان لتطبيق أساليب مادة البحث العلمي المقررة عليهم في المعهد، وقال لـ«الشرق الأوسط»: لدينا مادة تسمى أساليب البحث العلمي، ومن متطلبات المادة إجراء بحث حول موضوع معين من خلال منهج بحث محدد، فقمت باختيار موضوع قيادة المرأة للسيارة كونه أكثر موضوع حساس ومطروح على الساحة.

وبيَّن المهند أنه كان يطمح، من خلال استبيانه، إلى الحصول على ألف صوت، لكنه فوجئ بنسبة التصويت التي بلغت أربعين ألف صوت. وقال: إن نسبة المؤيدين وصلت إلى 80%، لافتا إلى أن نسبة الاستجابة كانت كبيرة، مبينا أنه لم يتوقع أن يصل البحث إلى هذه النسبة وهذا العدد من المجتمع، وبين أن الفئات العمرية المستخدمة من 18 إلى 55 سنة، لكنه أبدى أسفه من بعض المتعصبين في المجتمع الذين تسببوا له بخسائر أكثر من مرة؛ حيث أغلقوا الموقع وعطلوه.

من جهته، أشاد المشرف على البحث بمعهد الإدارة العامة، الأستاذ محمد الموسى، بالطريقة التي اتبعها الوليد لإجراء البحث، وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن الطالب ابتكر فكرة حديثة للحصول على أصوات حول الاستبيان الخاص ببحثه. وأشار إلى أن عنوان البحث طرحه الطالب ونحن ركزنا على طريقة وأسلوب البحث العلمي أكثر من الموضوع كون هذا ما يهم المعهد. وقال: كنا قد طلبنا نسبة أصوات بسيطة ولكن بالفعل فوجئنا بكثرة التصويت على الموضوع.