مدير زراعة نجران: إيقاف مشاريع زراعية حتى انتهاء الدراسات المائية.. ونحتاج إلى مصانع لتعبئة التمور

قال لـ«الشرق الأوسط» إن إيجار الدونم لا يتعدى ريالا واحدا سنويا دعما للمزارعين

المهندس تركي بن مسفر الوادعي
TT

أعلن المهندس تركي بن مسفر الوادعي، مدير عام الإدارة العامة لشؤون الزراعة بمنطقة نجران، عن وقف توزيع مخططات زراعية بمنطقة الساقية الواقعة شرق نجران، لحين الانتهاء من الدراسات المائية، تحسبا لإقامة مشاريع قد تستنزف المياه.

وقال الوادعي، في حوار مع «الشرق الأوسط»: إن وزارة الزراعة قامت بدعم المزارعين لتنمية القطاع الزراعي وتطويره، مشيرا إلى أنه قد تم صرف إعانات التمور والذرة لهذا العام، التي بلغت أكثر من 800 ألف ريال، وإرشاد المزارعين وتسهيل عمل المستثمرين في المشاريع الزراعية، وتأجير أراضٍ زراعية برسوم منخفضة، وطرح الكثير من الفرص الاستثمارية الزراعية.

فإلى تفاصيل الحوار..

* ارتفعت وتيرة الحديث مؤخرا حول تأمين الإنتاج الزراعي كرافد مهم في الأمن الغذائي في المملكة، ما مستقبل الزراعة بمنطقة نجران؟

- مستقبل الزراعة بمنطقة نجران واعد؛ فهي منطقة زراعية نشأت حضارتها العريقة على ضفاف أودية المنطقة، مثل وادي نجران ووادي حبونا ووادي ثار ووادي قاب، وغيرها من الأودية، وهي منطقة زراعية في الأصل، وذلك لما تمتاز به من أجواء مناسبة ووفرة المياه والتربة الصالحة للزراعة، وذلك لوجود تلك الأودية، ولعل هناك من يتحفظ على وفرة المياه؛ حيث إن منسوب المياه منخفض في مستوى أحواض تلك الأودية، ولكن رحمة الله واسعة وأمره بين الكاف والنون.

ويلاحظ أن معدلات هطول الأمطار في السنوات الأخيرة كانت مرتفعة بالنسبة للسنوات الماضية، وتمتاز المنطقة بأن أجزاءها الشرقية تقع ضمن تكوين الوجيد، الذي يحتوي على مخزون مائي كبير، كما أن هناك مشاريع قامت بها الدولة، ستؤدي إلى وفرة المياه، وستكون في متناول المزارع، ومن تلك المشاريع إقامة السدود ومشروع جلب المياه من الربع الخالي لسقيا الأهالي، الذي تقدر إنتاجيته بنحو 50 ألف متر مكعب من المياه، وذلك سوف يقلل من نسبة نزف المخزون المائي في الزراعة في أحواض الأودية، كما أن مشروع إعادة تنقية مياه الصرف الصحي واستغلالها في ري الحدائق والأشجار المزروعة في الشوارع، سوف يقلل من نزف المياه في أحواض الأودية، كما أن إعادة تنقية مياه الصرف الصحي سوف ترفع مخزون المياه في التربة عند إعادتها إلى التربة بعد التنقية، كما أن السدود الجوفية التي تقام في مجرى وادي نجران سوف تقوم بحفظ المياه ومنعها من التسرب إلى الصحراء وحفظها في المناطق الزراعية الموزعة، كما أن توعية المزارعين وإرشادهم إلى أساليب طرق الري الحديثة التي ثبتت كفاءتها في ترشيد مياه الري سوف تقلل من نزف المياه الموجودة في أحواض تلك الأودية.

* الجدوى الاقتصادية للمشاريع الزراعية أمر يتعلق باستراتيجية الدول، ويأخذ أهمية قصوى في الوقت الراهن، فهل ترون أن هناك جدوى في الاستثمار الزراعي في المنطقة؟

- القطاع الزراعي قطاع استثماري مهم وحيوي، بل يعتبر ركيزة من ركائز الاقتصاد الوطني، والشعوب التي تعتمد على نفسها في تأمين لقمة العيش هي مجتمعات وشعوب حرة، لا يقدر أحد أن يتحكم في لقمة عيشها، ولعل معظم الشعوب الصناعية تعاني بعض الضغوط من الدول التي تؤمن لها لقمة العيش ومن الدول المنتجة للحبوب مثل القمح والأرز والذرة التي تعتبر سلعا اقتصادية ومن الضرورة تأمين لقمة العيش لها.

ولكون مجتمعنا في تطور ونمو مستمرين، فإن الطلب سيتزايد على المنتجات الزراعية، وذلك لزوم غذاء المواطن والاستثمار في المجال الزراعي، سواء بشقيه النباتي والحيواني، والاستثمار في زراعة الخضراوات والتمور والحمضيات متاح وناجح في المنطقة، وقد سجل مجال إنتاج الخضراوات في البيوت المحمية نجاحا باهرا حتى حصر بالمنطقة ما يزيد على 5 آلاف بيت محمي، وما يلاحظ أن المزارعين بالمنطقة مع الدعم المقدم لهم من قبل الدولة، مثل إعطاء المنح الزراعية بالمجان أو الإيجار الرمزي، وكذلك إعطاء القروض الزراعية ودعم آليات الإنتاج الزراعية، أصبحوا يتطلعون لما هو حديث في مجال الزراعة من الطرق والأساليب التي تعمل على ما من شأنه رفع كفاءة الإنتاج، وتوفير التكاليف وخفضها.

كما أن الاستثمار في مجال القطاع الحيواني، خاصة تربية الدواجن (اللاحم) و(البياض) مشاريع واعدة، وذلك لزيادة الملاحظة في أعداد السكان وتغير النمط الغذائي عند أهالي المنطقة؛ حيث أصبح يركز على استهلاك اللحوم البيضاء بدلا من اللحوم الحمراء، كما أن المنطقة، خاصة في الجزء الشرقي منها، الربع الخالي، منطقة رعوية تنتشر فيها تربية الإبل، كما تجد أن الماشية مثل الأغنام والماعز تتركز تربيتها في المزارع الموجودة على ضفاف الأودية وفي المناطق الجبلية في شمال غربي المنطقة.

* إذن، هل يمكن أن تعدد لنا الفرص الاستثمارية الزراعية بالمنطقة؟

- الفرص الاستثمارية الزراعية بالمنطقة عدَّة مثل مشاريع الزراعة في البيوت المحمية لإنتاج الخضراوات وكذلك مشاريع زراعة النخيل وبساتين الحمضيات كما يوجد في المنطقة الكثير من مشاريع إنتاج الدجاج اللاحم والبياض والاستثمار في مجال إنتاج البيض ومشاريع مسالخ الدواجن، كما توجد فرص استثمارية لاستغلال بعض مواقع الغابات لإقامة متنزهات ومدن ألعاب وأماكن نزل وكذلك فتح وإقامة الصيدليات والعيادات البيطرية.

* ما حجم التسهيلات المقدمة منكم للمزارعين؟

- التسهيلات متعددة؛ فقد كانت توزع الأراضي بالمجان، إلا أنها أوقفت في الفترة الأخيرة حتى إنهاء الدراسات المائية التي تقوم بها وزارة المياه، وتأجير الأراضي لإقامة المشاريع الحيوانية التي لا تتطلب استهلاك مياه كبيرة مثل إنتاج الدواجن اللاحم والبياض؛ حيث يتم تأجيرها برسوم رمزية؛ فالدونم الواحد (1000 م2) يؤجر بريال سعودي واحد فقط سنويا، ومن ضمن التسهيلات تأجير بعض المواقع بالغابات، التي يمكن أن تستغل لإقامة مشاريع تجارية مثل إقامة المتنزهات ونزل أو أماكن الملاهي والألعاب، كما أن هناك شعبة لإرشاد الخدمات الزراعية التي تقوم بتقديم الخدمات من دراسة احتياج العمالة اللازمة للمزارع وتقدير احتياجها، كما أنه تتم زيارة المزارعين في مزارعهم وإرشادهم إلى أحدث الأساليب في العمل الزراعي، كما يتم القيام بأعمال مكافحة الآفات والأمراض النباتية وصرف المبيدات والقيام بأعمال المكافحة وإرشادهم وإدخالهم ضمن برامج الزراعة العضوية وإلحاقهم بدورات تدريبية في القطاع الزراعي.

كما أن الدولة تقوم بإعطاء الإعانات السنوية لمنتجي التمور والذرة في المنطقة، كما توجد بالمنطقة وحدتان بيطريتان، بالإضافة إلى أقسام الثروة الحيوانية بالفرع، الموجودة بالمحافظات، وتلك الوحدات والأقسام تقدم الخدمة البيطرية المجانية مثل عمليات الكشف وفحص الحيوانات وعمل التطعيمات اللازمة بصفة دورية وصرف الأدوية بالمجان، كما تحتكم إلى محجرين زراعيين لفسح دخول وخروج المنتجات الزراعية وفحص العينات الزراعية الداخلية والتأكد من خلوها من الأمراض لكي يبقى الوضع البيئي للزراعة سليما.

* كم يبلغ حجم إعانات وزارة الزراعة لمزارعي نجران سنويا؟

- تقوم الوزارة بتقديم الإعانات سنويا لمنتجي التمور والذرة، وما يعطي للمزارعين من إعانات لا يمثل عدد المزارعين بالمنطقة؛ حيث نجد أن هناك عددا من المزارعين لم يعطَ إعانة؛ لأن الإعانة تعطى شخصيا لمن يقوم بدفع الزكاة للجان الجباية، فنلاحظ أن هناك تناقصا في أعداد المزارعين بين المستفيدين مقارنة بأعداد المزارع الموجودة بالمنطقة.

ونحن نوصي بأن يتم إبلاغ رؤساء المراكز وعمد القبائل ونوابها وإشعارهم بمواعيد جباية الزكاة حتى نخلص إلى فائدتين، أولا: أنه من جباية زكاة تلك المزروعات إقامة ركن من أركان الإسلام، وثانيا: أن ذلك المزارع يستفيد من دعم قدمته له الدولة، أيدها الله، وتلك الإعانة سوف تساعده على الاستمرار في المجال الزراعي وتساعده في تأمين مدخلات الإنتاج وقد بلغت إعانة التمور والذرة لهذا العام 863050 ريالا.

* حدثنا عن مشاريع الدواجن وتعبئة التمور والمناحل والساقية.

- بالنسبة لمشاريع الدواجن فهناك مشاريع قائمة ومنتجة تقدر بـ14 مشروعا لإنتاج الدجاج اللاحم، كما توجد بالمنطقة 3 مشاريع لإنتاج البيض، وهناك موقعان حديثان تم تخطيطهما في منطقة حمى مخصصة لإنتاج الدجاج اللاحم؛ حيث خصص 18 مشروعا لذلك الغرض كما خصصت 4 مواقع لإقامة مسلخين وموقعين لإنتاج البيض، وقد سلم البعض منها للمستثمرين، والبعض الآخر قريبا سيتم التعاقد مع المستثمرين لتلك المواقع يخص تعبئة التمور، فإن المنطقة بحاجة لمثل تلك المشاريع، والمجال مفتوح للمستثمرين للاستثمار في هذا النشاط، أما ما يخص المناحل فإن عدد النحالين بالمنطقة لا يتجاوز 30 مستثمرا، وقد تمت إقامة حلقات إرشادية وعقدت لهم بعض الدورات الإرشادية ونحن مستمرون في إقامة بعض الدورات الإرشادية والتعريفية بأهمية ذلك النشاط والاستثمار فيه والعمل جارٍ على تنظيم عملهم وتشجيعهم على توسعة نشاطهم لكون ذلك المجال خصبا ومشاريعه ناجحة لزيادة الطلب على العسل كما أن في المنطقة الكثير من المناطق الرعوية كما أنها تمتاز بقربها من منطقة تهامة التي يتم نقل النحل لها أثناء فترة الشتاء.أما ما يخص مشاريع الساقية فإن تلك المنطقة قد عُملت لها الدراسات اللازمة وكميات المياه فيها متوافرة واعتمدت بها الكثير من المخططات الزراعية، إلا أنها أوقفت لعمل الدراسات المائية تحسبا لإقامة مشاريع قد تستنزف المياه المتوافرة بذلك التكوين.

* ما جهودكم في رفع وعي المنتجين في الحقلين الزراعي والحيواني لترشيد استهلاك المياه؟

- الوزارة تعمل جاهدة في المحافظة على القطاع الزراعي وتطويره بما يتواكب مع تطلعات الدولة، ولما للقطاع الزراعي من أهمية اقتصادية كونه ركيزة من ركائز الاقتصاد الوطني، فإن العمل جارٍ على زيادة المشاريع المنتجة للحوم والبيض وكذلك العمل على تطوير القطاع الزراعي بشقه النباتي؛ حيث تعمل الوزارة جاهدة لتوعية المزارعين وإرشادهم إلى استخدام أساليب الزراعة العضوية التي من شأنها ترشيد المياه، وكذلك الاستغناء عن استخدام المبيدات والأسمدة الصناعية؛ حيث يتم إنتاج منتجات صحية وسليمة وكذلك تقليل تكاليف الإنتاج لاستخدام برامج الدورات الزراعية، كما أن من ضمن الخطط رفع الوعي لدى المزارع لاستخدام أساليب زراعية حديثة، وتلك الأساليب تعمل على رفع الإنتاج باستغلال أقل قدر من المياه، وذلك باستخدام بعض أنواع التربة الزراعية التي ثبتت كفاءتها في خفض كميات المياه المستغلة في الزراعة، وكذلك استخدام شبكات الري التي ثبت ارتفاع كفاءتها؛ حيث بلغت نسبة كفاءة الاستفادة من مياه الري 80% من تلك المياه المستخدمة، كما أن من الخطط المستقبلية إرشاد المزارعين وتوجيههم إلى زراعة المحاصيل التي لا تتطلب كميات كبيرة من المياه وكذلك تعريف المزارعين بما هو جديد في القطاع الزراعي من استخدام الميكنة الزراعية التي تعمل على توفير الجهد والمال ورفع الإنتاج.

* ما التنظيم الجديد الذي تم اعتماده في مصانع الكرتون؟

- يوجد بالمنطقة الكثير من المصانع التي تقوم بعملية تصنيع الكراتين، وكانت تعمل من دون رقيب، مما نتج عنه إنتاج كراتين لا تتوافق مع المواصفات القياسية السعودية اللازمة، فقد تم تفعيل الدور الرقابي عليها وتم طلب المواصفات والمقاييس الخاصة بتلك العبوات من قبل الجهة المختصة بالوزارة، وتم تزويد كل مصنع بنسخة من تلك الموصفات وإلزامها بتطبيق حجم موحد، ولا نخفي دور الإمارة في ذلك؛ حيث وجهت الجهات المختصة بالتعاون معنا وقد تم بالفعل ذلك والتزم جميع منتجي تلك العبوات بالمواصفات المطلوبة ونحن نقوم بعمل المراقبة بصفة مستمرة، وما يحل بتلك المواصفات يتم الرفع في حينه للإمارة لتكليف الجهة المختصة بتطبيق النظام بحق ذلك المخالف.

* وماذا عن جهودكم في مكافحة عمليات تهريب الأغنام والاحتطاب الجائر؟

- بالنسبة لجهود التصدي للمخالفين في عمليات تهريب الأغنام، فإن إدارة الثروة الحيوانية بالإدارة العامة والوحدة البيطرية بنجران، وكذلك الأقسام البيطرية بالفروع والوحدة البيطرية بشرورة، تقوم بعمل مسح ميداني لمداخل المنطقة وللأسواق وأماكن بيع الأغنام الحية، التي يلاحظ أنها من خارج المنطقة يتم إبلاغ الجهات المختصة بذلك؛ حيث يتم إلزام ذلك المهرب إذا كانت تلك المقبوضات من الداخل بإعادة تلك الأغنام إلى المنطقة التي استوردها منها؛ حيث يسلم للجهات الأمنية المختصة التي بدورها تقوم بتسليمه للجهات الأمنية في المنطقة التي تم استيراد تلك الأغنام منها وتتم إحالة أوراق صاحب الشاحنة إلى إدارة الطرق والنقل لتطبيق عقوبة وغرامة النقل عليه، أما ما وجد داخل مواقع الذبح فإنه يتم عمل محضر بذلك، ويسلم لأمانة المنطقة التي بدورها تقوم بمصادرتها وإعدامها.

أما فيما يختص بالاحتطاب الجائر، فإن الأوامر السامية الكريمة تمنع منعا باتا الاحتطاب أو قطع الأشجار، ما لم يكن لدى المحتطب ترخيص من جهة رسمية يخوله بمزاولة ذلك النشاط، علما بأن تلك التراخيص متوقفة في الوقت الحالي، وقد قمنا بعمل لجنة تتكون من 6 دوريات، 4 منها تتبع للشركة المكلفة بتوظيف حراسات أمنية للغابات والمراعي بالمنطقة، ودوريتان من الإدارة العامة بالمنطقة وقد أدت تلك اللجان دورها بنجاح؛ حيث حدت من عملية الاحتطاب وتسويقه؛ حيث تم القبض على أكثر من 30 مخالفا وتمت مصادرة الكثير من حملات الحطب وبيعها بالمزاد العلني، وتلك اللجان مستمرة في أداء عملها، ونحن بصدد تنفيذ تلك الحملة في المحافظات التابعة للمنطقة؛ حيث إن أغلب المخالفين يتمركز نشاطهم في تلك المحافظات والمراكز التابعة لها، وذلك لارتفاع نسبة الكثافة الشجرية، مما يزيد من طمعهم في استغلال تلك المواقع وقطع الأشجار والشجيرات الخضراء والعبث بأراضي المراعي والغابات، وإننا في هذا الإجراء لا نخفي دور وتوجيه ودعم أمير منطقة نجران الذي يوجهنا إلى أن نحرص ونبذل قصارى جهودنا في تنفيذ الأوامر السامية والتوجيهات الكريمة التي من شأنها المحافظة وتطوير مقدرات هذا الوطن والرقي بالمواطن لكي يعيش حياة كريمة.