السينما السعودية تحت أضواء الإعلام الجديد

عدم توافر دور العرض في البلاد لم يعق الأفلام من الانتشار

سعوديون يتابعون فيلما سينمائيا في الرياض كأول عرض من نوعه في العاصمة السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

لم يجد المصورون والمخرجون السينمائيون بالسعودية صعوبة في توقف نشاطهم لتصوير وإنتاج أفلام سينمائية عالية الجودة وباحترافية عالية، في ظل عدم تواجد دور عرض بالسعودية، فتواجد الشبكات الاجتماعية والثورة التقنية الحديثة في تقنيات عرض الوسائط المتعددة على الإنترنت، وبجودة عالية وبتكلفة أقل، جعلت الغالبية تفضل إنتاج مثل هذه الأفلام، وعرضها عليها، فضلا عن ارتفاع سقف الحرية فيما يطرح.

وتنوعت المجالات التي تعرضها الأفلام السعودية القصيرة على القنوات الشخصية لأصحابها على الـ«يوتيوب» والـ«فيميو»، من أفلام وثائقية تلخص حياة البعض ومواقفهم، وأفلام سينمائية لها أبعاد اجتماعية، وكذلك كوميدية، وأفلام ذات طابع خاص، كالمختصة بمطالب معينة، كالتي كان لها الصدى الأوسع في المجتمع السعودي على الإنترنت.

«رحلة نقاء» كان من أبرز الأفلام الوثائقية التي غطت موسم الحج من خلال التصوير بتقنية «التايم لابس» التي من خلالها يتم جمع صور ثابتة وتحريكها كالفيديو المتحرك، بكاميرا احترافية حديثة، تكلفتها المادية بسيطة مقارنة بجودتها العالية.

المهند الكدم مصور وصاحب فيلم رحلة نقاء يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «تصوير موسم الحج بالنسبة لي حلم منذ فتره طويلة، والحمد لله تحقق الحلم بفيلم رحلة نقاء، وبأفضل نتيجة ممكنة، لا سيما مع التفاعل المبهر من إدارة موقع (فيميو) الذين قاموا بوضعه في واجهة الموقع لمدة أسبوع تقريبا، ثم من المواقع الأجنبية بشكل عام، حيث تم وضعه في عدد لا يحصى من المواقع، باختلاف لغاتها، ألمانية، وإسبانية، وروسية، وتركية، وهندية، ونيبالية، وفرنسية، ورومانية، وغيرها مما لم أعرفه حتى الآن».

ويضيف: «بالتأكيد كلنا نعلم أثر الإعلام الجديد وسرعة انتشاره، وبلا شك، أصبح أقوى من الإعلام التقليدي، وهذا ما رأيناه في الأحداث الراهنة، وأصبح المجال مفتوحا للجميع في قنوات الـ(يوتيوب)، و(فيميو) وغيرهما، والبقاء للأقوى بالمحتوى المميز والأداء الفني الجذاب».

في مجال الأفلام السينمائية القصيرة، برزت مؤخرا سلسلة «الأخير» للمخرج المصور بدر الحمود، التي تميزت بالطابع النقدي الساخر للمفهوم الجديد للأعمال التطوعية عند فئة الشباب الممثلين، الذين بدأوا التجربة والانتشار عن طريق قناة بشبكة الـ«يوتيوب».

«عبد المجيد الكناني» الممثل والسنياريست بسلسلة «الأخير» يذكر بأن الأفلام السعودية القصيرة، لم تتعد مرحلة التجارب، لكنها ارتقت للاحترافية، وأصبحت رقما صعبا في المهرجانات السينمائية الخليجية والعربية، كون الفيلم القصير صناعة وفنا قائما بذاته، تكمن فيه المتعة في تكثيف الفكرة عبر وقت قصير.

وعن مدى تحقيق الانتشار المطلوب في الشبكات الاجتماعية، يقول: «بالطبع الانتشار يكون أكبر بالقنوات التقليدية خصوصا التلفزيون، ولكن في اعتقادي أن لكل منهم جمالياته، والأجمل في الشبكات الاجتماعية أن هناك شكلا من أشكال الارتياح والحرية في طرح الآراء، كون الفيلم بعيدا عن رقابة التلفزيون والمنتج».

وبالحديث عن المهرجانات السينمائية، يقول المخرج عبد الله آل عياف الفائز بالمركز الأول لأفضل فيلم قصير «عايش» في مهرجان أبو ظبي السينمائي لـ«الشرق الأوسط»: «لو وجدت صناعة سينمائية يصنع السعوديون من خلالها أفلاما لتشاهد في صالات السينما، فسيؤثر هذا الأمر على انتشار تلك التجارب على الإنترنت، حيث ستنتشر ثقافة صناعة الفيلم بشكل أكبر وسيشاهد الشباب المحترفون وهم يصورون أفلامهم بالشوارع وسيحاولون القيام بأمر مشابه وعندها سيكون الإنترنت المكان الأسهل والأضمن».

وبهذا الصدد يقول: «لم أضع أيا من أفلامي على الإنترنت فيما عدا عمل واحد قصير بعنوان (صوت نورة) تمت صناعته ليتم عرضه بالإنترنت وهو متوفر بموقع الـ(يوتيوب)، لكني في المقابل حريص على وضع المقاطع الإعلانية القصيرة لتلك الأفلام (تريلر) لكي يعرف المشاهد بعضا من عناصر الفيلم».

ويضيف: «كان الانتشار جيدا لتلك المقاطع وأسهم في توسيع دائرة الانتشار لتلك الأفلام، ويرجع سبب عدم وضعي لأفلامي على الإنترنت لسببين: أولهما أن معظم المهرجانات تمنع قبول الأفلام التي توضع على الإنترنت أو تعرض على التلفزيون، والثاني هو أنني صنعت تلك الأفلام لتشاهد في صالة سينمائية أو في بيئة مقاربة تتميز بالهدوء وغياب المشتتات، ليتم التركيز على الفيلم وهو الأمر الذي لا تتسم به مشاهداتنا للأعمال على الإنترنت».

وعن سؤاله عن عدم توافر دور عرض بالمملكة ما إذا كان سبب اتجاه المصورين لإخراج أفلامهم ووضعها بالشبكات الاجتماعية قال: «لا أعتقد أن الأمر مربوط بدور عرض سينمائية، فغالب المحتوى الموجود من تلك التجارب ليس سينمائيا أصلا، ولم يصنع ليناسب صالات سينما، بل هو تجارب إبداعية واسكتشات بعضها مميز جدا، لكنها لا تصلح لأن تشاهد في قاعات خاصة يقوم الجمهور بدفع المال لمشاهدتها، بل صنعت لأجل المشاهدة السريعة في الإنترنت للتعبير عن فكرة خاطفة أو مشهد ظريف أو رؤية ما، كما أن وجود صالات سينما في معظم دول العالم، لم يقلل من ظهور هذه النوعية من الأعمال في تلك الدول، أي أن الأمر ليس مرتبطا مباشرة بغياب الدور».