الأحداث العربية والعالمية تحول السعوديين للسياحة الداخلية

«فوكوشيما» وثورة 25 يناير وانتفاضة درعا أبرزها

TT

تماشيا مع مقولة «مصائب قوم عند قوم فوائد»، فإن امتداد رقعة الثورات العربية إلى عدة دول في الوطن العربي، كانت قبل أن تشهد أحداثا داخلية وجهة للسعوديين في عدد من الإجازات سواء الصيفية أو الفصلية أو إجازة الربيع التي ستدخل الأسبوع بعد المقبل، كان سببا في ثني بعض الأسر السعودية عن تلك الوجهات إلى وجهات أخرى، دون النظر للتفاوت، ربما في الأسعار، أو الطقس، أو طبيعة البلد العامة.

فامتداد تأثيرات إشعاع مفاعل «فوكوشيما» أعاق الراغبين في السفر إلى دول شرق آسيوية، أهمها ماليزيا وإندونيسيا، فيما كانت ثورة 25 يناير (كانون الثاني) سببا في كف اقدام كثير من الأسر السعودية، التي اعتادت أن تقضي إجازة الربيع التي لا تتجاوز 10 أيام، في مصر قبل الثورة، بالإضافة إلى ما يدور على أرض الواقع بسورية في هذه الآونة.

وربما تكون الأحداث أمرا مساعدا للجهات السعودية الرسمية التي من مهمتها أن تُهيئ برامج سياحية تتناسب مع متطلبات الأسرة السعودية، لا سيما بعد أن لجأت الهيئة العامة للسياحة والآثار مؤخرا إلى تخصيص برامج سياحية لكل منطقة، مما أكسب كثيرا من مناطق المملكة نكهة خاصة بها دون غيرها. ومن المنتظر أن يتوافق مهرجان الجنادرية هذا العام، والذي يعتبر «أبو المهرجانات السعودية»، مع إجازة رسمية، فيما تعمل وتعد الهيئة العامة للسياحة والآثار مهرجانات عدة، من بينها مهرجان الصحراء في منطقة حائل، والذي سيقتصر هذا العام على محافظات الشنان والغزالة والحائط بفعاليات سياحية محدودة. وينتظر السعوديون، بل العالم بأسره، انطلاق مهرجان التراث والثقافة السنوي (الجنادرية) الذي سيحل هذا العام في 13 من أبريل (نيسان) المقبل.

وفي جانب آخر، توقع عاملون في محلات بيع لوازم الرحلات البرية إقبالا كبيرا في هذا الوقت من قبل هواة البر والرحلات البرية، حيث بدأ نشاط ملحوظ في هذه المحلات، خاصة من قبل الشباب، الذين عمد البعض منهم إلى تجهيز وإعداد اللوازم لرحلات برية.

فبعض أهالي منطقة حائل على سبيل المثال بدأوا الإعداد لهذه الإجازة، عبر تجهيز مخيمات عائلية في صحراء وسهول المنطقة، لقضاء أيام الإجازة كاملة في مخيمات ذات طابع عصري، حيث يؤكد مشعل طراد الصايل الذي يعمل معلما أن عائلته التي تقطن منطقتي حائل والجوف قامت بالإعداد لإجازة الربيع بتجهيز مخيم على طريق حائل الجوف، في منتصف الطريق بين المنطقتين، وسط صحراء النفود الكبرى، حيث ينتظر بحسب مشعل أن تقضي العائلة أيام العطلة الربيعية بكاملها في المخيم، بعد تأمينه بكل الاحتياجات وتحويله لمخيم عصري، وتأمين وسائل توفير الكهرباء، ليتسنى إيجاد التلفزيون للعائلة، والألعاب الإلكترونية للأطفال، وملاعب الطائرة للشباب، مع وجود برامج خاصة بالأسرة.

وتعمل بعض الأسر بحسب تأكيدات ذويها للتخطيط للرحلة، لزيارة مواقع عدة سياحية وأثرية داخل السعودية، من أهمها على سبيل المثال زيارة العاصمة الرياض، لمشاهدة والاستمتاع بمهرجان الجنادرية لهذا العام، والذي ينتظر أن يحظى بتوافد الكثير من الزوار، فيما تفضل عائلات أخرى مواقع ومدنا سياحية أخرى، كزيارة الساحل الغربي، وينبع، والوجه، وأملج، والتي ينتظر أن تكون وجهة لكثير من الأسر السعودية، بالإضافة إلى زيارة مدائن صالح والمواقع الأثرية القريبة منها. وبلا شك، تبرز نية أسر أخرى في أداء مناسك العمرة، وزيارة المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، والتي تحظى ببرامج سياحية بطابع خاص. وفي المقابل يؤكد راكان متروك الأسحم، شاب في العقد الثالث من عمره من أهالي حائل، قيامه بالإعداد لرحلات برية داخل الصحراء برفقة أصدقائه خلال إجازة منتصف الفصل الدراسي الثاني، حيث سيجوب راكان مواقع عدة، من أهمها زيارة مدائن صالح ومواقع أثرية أخرى، مع ممارسة هواية صيد الطيور، وهذا النوع من الرحلات يقتصر على الشباب فقط دون العائلة. ويرى راكان أن الظروف التي تشهدها بعض من الدول العربية، والظروف الطبيعية التي تشهدها بعض الوجهات السياحية في شرق آسيا، كانت سببا في إرغام الكثير من الشباب على تحويل وجهاتهم للداخل، طمعا في الاستقرار، فقد تغيرت وجهات عدد من رفاقه الذين كانوا ينوون السفر إلى سورية التي تشهد هي الأخرى اضطرابات أدت إلى تغيير وجهة سيرهم لها.

وتبرز هنا مطالب الكثير من الأسر للهيئة العامة للسياحة والآثار، عبر مكاتبها في مناطق المملكة، بإيجاد برامج عدة من شأنها إشباع رغبة الأسر السعودية بالدرجة الأولى، وهو الأمر الذي تعمل من أجله الهيئة منذ سنوات، عبر تخصيصها مهرجانا سياحيا لكل منطقة، من منطلق دعم عجلة السياحة المحلية في الداخل السعودي.