«الخطوط الجوية السعودية» تتحفظ على تشغيل مطار «العلا» رغم اكتماله منذ 8 أشهر

الأمير فهد بن عبد الله بن محمد لـ «الشرق الأوسط»: السبب يعود إلى رغبتها في تحقيق مردود مالي

جانب من افتتاح فعاليات ملتقى الشراكة الاستراتيجية مع القطاع الخاص في جدة أمس (تصوير: مروان الجهني)
TT

كشف لـ«الشرق الأوسط» الأمير فهد بن عبد الله بن محمد، مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام لشؤون الطيران المدني في السعودية، عن تحفظ «الخطوط الجوية السعودية» من تشغيل مطار العلا الذي تم الانتهاء منه منذ نحو 8 أشهر، مرجعا سبب ذلك إلى رغبة «الخطوط السعودية» في تحقيق مردود مالي لها.

وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «ما نحاول القيام به هو تنمية وتكثيف التعداد الموجود في منطقة العلا، خصوصا أنها تعد قريبة من المناطق السياحية، الأمر الذي يجعلنا نحاول القيام بذلك لتوفير خطوط من وإلى العلا»، مؤكدا على أنه سيتم تشغيل المطار في القريب العاجل.

وأضاف: «هناك إعادة جدولة تقوم بها (الخطوط السعودية) حاليا، حيث إنه من الممكن تشغيله فور توفر عدد ركاب مناسب ليس من العلا فقط وإنما من قبل المتوجهين إليها أيضا».

وشدد الأمير فهد بن عبد الله بن محمد على أن وضع استراتيجيات مشاريع الطيران المدني لا بد أن يأخذ في عين الاعتبار المبدلات والمتغيرات، خصوصا إن كانت تلك الاستراتيجيات عادة ما تكون على المدى البعيد.

جاء ذلك خلال افتتاح فعاليات ملتقى الشراكة الاستراتيجية مع القطاع الخاص يوم أمس الذي تنظمه الهيئة العامة للطيران المدني، ويختتم أعماله اليوم الثلاثاء، وذلك بمشاركة نخبة من الخبراء الدوليين والمسؤولين، والمهتمين محليا وخارجيا، بهدف ترسيخ مفهوم شراكة القطاعين العام والخاص. وأشار مساعد وزير الدفاع والطيران في مؤتمر صحافي إلى حاجة المطارات الاقتصادية في السعودية لنظرة تفحصية في الوضع الراهن، عدا عن ضرورة وجود قواعد تبنى عليها من الناحيتين الاقتصادية والأمنية. واستطرد الأمير فهد بن عبد الله بن محمد في القول: «إننا نشجع القطاع الخاص على أساس إنشاء شراكات وتشغيلها في السعودية حتى وإن كانت هناك بعض الصعوبات التي تواجه الشركات، إلا أنه من الممكن التغلب عليها خلال الفترة القريبة المقبلة، في ظل وجود المصارف التي لها دور كبير في هذا الخصوص».

وفي رد على سؤال «الشرق الأوسط» حول المعوقات التي تواجه القطاع الخاص، ذكر أن الشراكة سابقا كانت تتم عن طريق طرح مشاريع إنشائية قصيرة الأمد، غير أنه حاليا يتم طرحها على أساس الاستثمار وجذب القطاع الخاص سواء في الخدمات ونحوها شريطة أن تكون طويلة الأجل بين كل من الهيئة العامة للطيران المدني والقطاع الخاص، فإن ذلك من شأنه أن يخلق مجالات واسعة تمكن القطاع الخاص من الاستفادة منها، والمتضمنة الإنشاءات والخدمات، والأمن، والملاحة الجوية والكثير من المجالات الواسعة.

واستشهد على نجاح الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال الطيران في موسم الحج الذي يتم تشغيله بواسطة شركات طيران خاصة، مشددا على ضرورة أن تكون الشراكة مع القطاع الخاص طويلة الأجل.

وفيما يتعلق بأسعار التذاكر، أفاد الأمير فهد بن عبد الله بن محمد بأنها تعد ثابتة ولم تتغير، ولا سيما أن هذه الأسعار ليست مرتفعة داخل السعودية، باعتبارها تعد أقل من المعدل الطبيعي مقارنة بدول أخرى، موضحا في الوقت نفسه أنه لم يتم إصدار أي قرار حتى الآن بشأن دراسة تحرير أسعار التذاكر.

بينما أعلن الدكتور فيصل الصقير رئيس الهيئة العامة للطيران المدني عن وجود جملة من المشاريع التي ما زالت قيد الدراسة تمهيدا لطرحها وتنفيذها خلال الفترة المقبلة، مبينا أنها تتمثل في ترسيتها على أفضل المستثمرين المتقدمين وفق معايير عالمية وبالكفاءة والسرعة المطلوبتين.

وأشار خلال كلمته التي ألقاها يوم أمس إلى أن الهيئة العامة للطيران المدني قامت بتشكيل فريق عمل مختص في مشاريع شراكة الهيئة الاستراتيجية مع القطاع الخاص، مفيدا بأن ذلك الفريق مكلف بإدارة ومتابعة الإجراءات اللازمة لطرحها حتى تتم ترسيتها وإعلان الإغلاق المالي لعقودها، إلى جانب متابعة تنفيذ تلك المشاريع والإشراف على المستثمرين طوال فترة عقود الامتياز.

من جهته، قدر المهندس محمد الزير رئيس مجموعة «ماز» للطيران حجم الاستثمار في مشاريع الطيران المدني والعسكري في السعودية بنحو 25 مليار دولار من إجمالي الاستثمارات في منطقة الشرق الأوسط والتي تبلغ ما يقارب 100 مليار دولار.

واتهم البنوك المحلية بعدم قدرتها على المساهمة في تطوير قطاع الطيران بشقيه المدني والعسكري في السعودية بالشكل الذي يؤهله لأن يكون أحد روافد التنمية الوطنية، مرجعا سبب ذلك الاتهام إلى أن تلك البنوك تحجم عن تمويل القطاع الخاص نتيجة عدم وجود مختصين لديها من أجل دراسة الفرص الاستثمارية في المجال الذي وصفه بـ«الجديد نسبيا» في السعودية. وزاد: «ثمة اعتقاد سائد لدى البنوك حول وجود مخاطرة عالية في الاستثمار بمجال صناعة الطيران مقارنة بغيره من المجالات، خصوصا أن هناك تجارب سابقة لمشاريع لم تستطع الصمود والنجاح بالشكل المأمول». ولفت إلى أن السوق السعودية تشكل ما نسبته 29% من حجم المسافرين عالميا، والتي تعد نسبة ضخمة وكبيرة من شأنها أن تعطي قطاع صناعة الطيران السعودي إمكانيات لا تتوفر لغيره من القطاعات، مؤكدا أنه في حال استثمار هذا القطاع فإنه سيكون عاملا مساهما في التنمية بنسبة تتجاوز 4% من الناتج المحلي.

وأوضح رئيس مجموعة «ماز» للطيران أن تفعيل ذلك القطاع من شأنه أن يوفر ما يقارب 150 ألف وظيفة رئيسية للشباب السعودي و100 ألف أخرى مساندة، خاصة أن المبالغ التي يتم صرفها حاليا على قطاع صناعة الطيران لتفوير الفرص الوظيفية لا تتم الاستفادة منها بالشكل المأمول رغم استهلاكها فعليا، مؤكدا أنه إذا ما تم صرفها في الداخل فإنها ستعمل على تقليص ميزان المدفوعات بنسبة ملائمة.