وزير سعودي سابق يطالب باستقلالية الجامعات وإجراء التعيينات فيها عن طريق الانتخاب

د. الرشيد يعتبر أن ربطها بوزارة يحد من نشاطها ويجمد حركتها ويؤكد عدم الثقة فيها

د. محمد بن أحمد الرشيد
TT

في الوقت الذي اعتبر فيه أن انتشار الجامعات في بلاده، سواء كانت حكومية أو أهلية من خلال التوجه الذي يقوده الملك عبد الله بن عبد العزيز في نشر الجامعات في عموم المناطق وجعل مخرجاتها تتناسب وسوق العمل السعودية، وجه وزير سابق وأستاذ في مجال التربية والتعليم انتقادا لآلية العمل الإداري في الجامعات السعودية، من خلال ارتباطها بوزارة تشرف عليها، مما يحد من نشاط هذه الجامعات ويجمد حركتها. مشددا على ضرورة أن تحكم الجامعات نفسها بنفسها، لأن غياب ذلك يعبر عن عدم الثقة فيها.

وأبلغ «الشرق الأوسط» الدكتور محمد بن أحمد الرشيد وزير التربية والتعليم السابق، بأنه مع وافر غبطته بانتشار الجامعات في بلاده، حكومية أو أهلية، إذ إن ذلك يمثل واقعا حضاريا زاهيا متجددا، غير أنه لا يجد سببا حتميا يقيد هذه الجامعات من أن تحكم نفسها بنفسها من خلال مجلس أمناء لكل جامعة، لأن لكل جامعة منها تخصصاتها، وظروفها بجانب موقعها، فالجامعات العالمية الكبرى المرموقة يصدر مجلس أمنائها قراراتها من خلال ظروفها، وحسب سياستها وأهدافها، وإذا لم نثق في الجامعات، وهي تصطفي من يظن أنهم في مجملهم من خيرة المؤهلين علميا في مجالات مختلفة، فمن الجدير بالثقة؟ مشددا بالقول: لذا فإنني بحكم تخصصي أجد نفسي غير راض عن أمرين: أولهما أن تحكم جامعاتنا لوائح موحدة أو تكون برامجها التعليمية متطابقة، لأن الأجدى هو أن تكون لكل جامعة سياستها وما تنفرد به وتخصص فيه من برامج، ومناهج، تتبدل وتتطور طبقا لتطور متطلبات التنمية وحاجات المستقبل، وثانيهما: أن تظل الجامعات مرتبطة إداريا بوزارة، فلا تعين عميدا ولا تقيم مؤتمرا، ولا تحتفل بنشاط إلا بموافقة الوزير، وهذا تقليل من شأنها.

وأورد في هذا الصدد موقف المفكر العربي الدكتور يحيى الجمل الذي عرض عليه رئيس الدولة أكثر من مرة أن يتولى وزارة مهمة، لكنه شكر الرئيس في كل مرة، وقال: أحب إليّ أن أكون رئيس جامعة لا وزيرا، لأن ذلك أعز مكان عندي، ولي فيه من الحرية والإبداع والخبرة ما يحقق الخير أكثر من الوزارة، ومن خلاله أتعامل مع النخبة من العلماء، ويتجدد شبابي من خلال تعاملي مع طلاب الجامعة.

ورأى الدكتور الرشيد أنه ما دامت جامعاتنا السعودية مرتبطة بوزارة فإن في ذلك حدا لنشاطها، وجمودا لحركتها، وإشارة إلى عدم الثقة فيها. مضيفا بالقول: وإلى جانب ذلك أرى أن يصرف للجامعة الحكومية مبلغ مقطوع كل عام، والجامعة هي التي توزع هذا المبلغ على أبواب الميزانية، وبنودها حسب متطلباتها، وهذا لا يعني أن تترك الجامعة دون محاسبة مالية أو مراقبة، ولكن هناك مراجع حسابات داخلي ومراجع خارجي للتأكد من سلامة الإنفاق.

ولمح إلى ضرورة أن يتم اختيار أعضاء التدريس والمسؤولين في الجامعات والكليات عن طريق الانتخاب، دون الرجوع إلى وزارة التعليم العالي. موضحا في هذا الجانب أن من الأمثل أن كل من استحق أن يكون عضو هيئة تدريس جامعيا أن تصل الثقة به لأن يختاره زملاؤه ليكون رئيس قسم، أو وكيلا أو عميد كلية، أو وكيل جامعة أو رئيسا لها، ولا داعي لأن ترفع مثل الأمور العملية إلى الوزارة، كما أن من الأهم أن يشكل رئيس الدولة مجلس أمناء الجامعة لمدد محددة، تتجدد طبقا لقانون ينظم ذلك. مؤكدا على ضرورة تسمية هذه السلطة العليا للجامعة بمجلس أمنائها، لأنها فعلا أمانة ملقاة على عاتقهم، أما مجلس التعليم العالي فإن مهمته تنسيقية تكاملية، وليست إدارية تشريعية.