مطالب بمراجعة «خريطة» الاستثمارات.. لإنقاذ 26% من السعوديات من شبح «البطالة»

جدل «نسوي» احتضنته غرفة الشرقية.. ينادي بكسر «ذكورية» بعض المهن والتخصصات

TT

تجاوزت درجة الحرارة في غرفة الشرقية مساء أول من أمس، تلك المسجلة خارجيا، نتيجة جدل ساخن دار بين حاضرات لقاء الثلاثاء الشهري، وضيفة اللقاء الدكتورة نعيمة الغنام، وهي خبيرة تربوية ومساعد الفرع الإقليمي للجامعة العربية المفتوحة بالدمام، حيث توجهت أصابع الاتهام لقطاعات حكومية متعددة؛ رأت الحاضرات أنها أسهمت في تفشي كابوس «البطالة النسائية» بالسعودية، خلال اللقاء الذي حمل عنوان «المعادلة الصعبة بين مخرجات التعليم وسوق العمل».

وركزت الغنام خلال حديثها على «الحاجة إلى إعادة صياغة خريطة الاستثمارات في السعودية، حيث تركز على الطاقة البشرية وتقوم على التنمية المستدامة». في حين أبدت صدمتها من تجاوز نسبة البطالة في السعودية حدود الـ9 في المائة للذكور، وتجاوزها الـ26 في المائة بالنسبة للإناث، وأشارت إلى أن نسبة العمالة السعودية في القطاع الخاص لا تتجاوز 11.3 في المائة، بينما حذرت من وجود مئات من الخريجين الذين عادوا من الابتعاث بعد الدراسة في الخارج، واستمروا لأشهر في متاهة البحث عن وظيفة مناسبة. وانتقدت الغنام الدور الضعيف لرجال وسيدات الأعمال وتقصيره في علاج مشكلة البطالة النسائية. مطالبة منهم بأن «يعيدوا صياغة دورهم المجتمعي»، بقولها «دور القطاع الخاص يحتاج للتطوير، على مستوى الرؤية وعلى مستوى الأداء، ويفترض أن يكون هناك ربط بين حاجات السوق ومخرجات التعليم، بحيث يقوم ذلك على التواصل المستمر وعلى وحدة المصانع في تحديد الاحتياجات بشكل دقيق، بدلا من العشوائية».

بينما طالبات حاضرات اللقاء بأن تتيح الجامعات الأهلية للفتيات دراسة تخصصات جديدة، خصوصا التي تفتقدها جامعات المنطقة الشرقية مثل تخصص القانون وتخصص الإعلام، بدلا من حكرها على الرجال فقط، وهو ما علقت عليه الغنام بالقول: «لا بد على الجامعات الأهلية أن تكون لها خطوات في إيجاد تخصصات جديدة، لأن هذا جزء من التنافس بين الجامعات الأهلية والجامعات الحكومية».

وأثار اللقاء أزمة «ضعف اللغة الإنجليزية»، قياسا على دورها في تزايد معدلات البطالة النسائية، وهو ما دفع الحاضرات للإجماع على ضرورة تدريس الإنجليزية في الصفوف الدنيا الابتدائية، وتكثيف الاهتمام بها. وهنا كشفت الغنام عن أنه منذ عام 1984 (قبل 26 عاما) كانت هناك مطالبة فعلية بذلك، خاصة من قبل وسائل الإعلام وأهالي الأطفال بالمنطقة الشرقية، إلا أنها أكدت أن هذه المسائل تأخذ وقتا طويلا ودراسات عدة، بالنظر للاختلاف حولها ما بين مؤيد ومعارض.

يأتي ذلك في حين تعد البطالة إحدى أبرز المعضلات التي تواجه الاقتصاد السعودي، حيث وصلت إحصاءات البطالة للعام الماضي (2010) إلى 10.5 في المائة، وتعد البطالة النسائية العامل الرئيسي في ارتفاع هذه النسبة، إذ تبلغ معدلات البطالة بين النساء 28.4 في المائة، وصلت نسبة الجامعيات بينهن لأكثر من 75 في المائة، بينما كانت إحصاءات صادرة عن وزارة العمل العام الماضي قد أشارت إلى فقدان نحو 148 ألف مواطن ومواطنة - منهم 144 ألفا من ‏الذكور - لوظائفهم، في حين شهد استقدام القطاع الخاص للعمالة الأجنبية زيادة بنحو ‏‏812 ألف عامل.

من جهة أخرى، انتقدت حاضرات اللقاء القرار الذي ينص على وضع عمر محدد للقبول في جامعات التعليم المفتوح، بالنظر للخطوة التي قامت بها الجامعة العربية المفتوحة في السعودية مطلع هذا العام، والتي تتضمن إيقاف القبول عن الطلبة السعوديين الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة، وهو ما علقت عليه الغنام بالقول: «هذا ليس قرار الجامعة، بل هو قرار وزارة التعليم العالي، بأن يتم تسجيل فقط الطالبات، ممن تبلغ أعمارهن فوق الـ25 عاما، أما بالنسبة لمن تقل سنها عن ذلك، فلا تسجل بالجامعة إن كانت سعودية».

وبررت الغنام ذلك بكونه قرارا يأتي لفتح المجال الأكبر للسعوديات من صاحبات الظروف الخاصة الراغبات في استكمال التعليم الجامعي، خاصة بالنسبة للسيدات المتزوجات والموظفات اللاتي على رأس العمل، مع توجيه الفتيات الصغيرات إلى الجامعات الأخرى التي يتاح لهن التسجيل فيها وفق شروط كل جامعة. وكشفت الغنام أن معظم الطالبات المسجلات في الجامعة العربية المفتوحة يتركزن في قسم إدارة الأعمال، نتيجة الاعتقاد بأنه التخصص الأفضل للدراسة والعمل، إلا أنها لم تقدم نسبا وأرقاما حول ذلك، في حين أشارت إلى توجه شريحة من الفتيات إلى قسم التربية الخاصة، لكونه الوحيد الذي يتم التدريس فيه باللغة العربية، وهو ما جعل الغنام تعود للتطرق إلى ضرورة التركيز على تدريس اللغة الإنجليزية من المراحل الأولى في التعليم العالي.