الحقيل: لا نعير شكليات ومظاهر القضاة اعتبارا و«رئيس محكمة الاستئناف يرتدي عقالا»

رئيس ديوان المظالم لـ«الشرق الأوسط»: اقترحنا إعداد نظام تجاري جديد ولم يردنا شيء حتى اللحظة

ديوان المظالم لا يمانع بوجود محاميات للترافع في القضايا («الشرق الأوسط»)
TT

أعاد مسؤول قضائي رفيع المستوى في السعودية، الكشف عن نظام تجاري موحد لدول مجلس التعاون الخليجي، للأمانة العامة لدول المجلس، التي تتولى دراسة النظام، الذي يأخذ صفة غير إلزامية، وبصبغة «استرشادية».

وتعمل إحدى أذرع الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي، التي تتخذ من العاصمة السعودية الرياض مقرا لها، وتتولى مسؤولية كل ما يُرفع للأمانة من دول المجلس الست، من حيث الدراسة والتمحيص، والرفع نهائيا للجهة التي من شأنها إقرار أو رفض ما تتم دراسته.

الشيخ إبراهيم الحقيل رئيس ديوان المظالم السعودي (أعلى جهة قضائية يحتكم إليها كل من له شكاوى ضد جهات الدولة كقضاءٍ إداري) أكد أن مشروع النظام التجاري الموحد، ما زال قيد الدراسة في الأمانة، وأنه كان جاهزا للعرض العام المنصرم, وطُلب إعادة دراسة بعض الملاحظات التي قدمت من قبل بعض الأعضاء، مؤكدا أن النظام سيبقى استرشاديا وغير إلزامي.

وبشأن تعديل النظام التجاري المقر في السعودية منذ عام 1350هـ, وقبيل ظهور المصارف والتغيرات العالمية، أبرزها انضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية، أكد الحقيل اقتراحه إعداد نظام تجاري بديل، إلا أنه وحتى هذه اللحظة، لم يرد له أي رد على الاقتراح، مُبديا جاهزية الديوان لإعداد مثل هذا الأمر وتشجيعه.

تصريحات الشيخ الحقيل التي خص بها «الشرق الأوسط»، والذي كما يرى مراقبون للشأن العدلي في المملكة، أنه كشف عن وجهٍ لا يُمكن وصفه سوى أنه «حداثي»، وعى وفهم جيدا معنى المكاشفة والمقاربة مع الإعلام، على خلاف جهات حكومية وخاصة عدة لا تزال تعيش فرقة مع الإعلام. كانت تصريحات الرجل على هامش ملتقى عقده ديوان المظالم مع جهاتٍ إعلامية مختلفة وحقوقية، في خطوةٍ ترمي لتبني مشروع تطوير القضاء الاستراتيجي في البلاد. الصورة النمطية تلك التي رُسمت عن الرجل - الذي يرأس بالإضافة إلى الديوان، مجلس القضاء الإداري، وهو مجلسٌ يعمل تحت مظلة ديوان المظالم الذي يرتبط برئيس مجلس الوزراء مباشرةً، ويدخل في ذات الوقت بعضوية المجلس الأعلى للقضاء - «جاءت من اتساع صدره، لا سيما أنه لوحظ، أن الرجُل لا يجدُ حرجا من الإجابة على أي سؤال، حتى إن كان السؤال يُشير بشكلٍ أو بآخر لمزاعم قبول القضاة لـ«هدايا وهبات، أو تبادل الدعابات بشأن سؤالٍ آخر، حول لبس القاضي للعقال، أو إطلاقه اللحية».

ونفى تلقيه أي شكاوى بخصوص قبول أي من قضاة ديوان المظالم هبات أو هدايا، مشددا على أن ديوان المظالم سيتعامل بحسم تجاه مثل هذه الأمور إن وقعت، مُعتبرا القضاء عرض الدولة، وسيبقى نظيفا وإن ظهر شيء من هذا القبيل، لن يُقابل بالسكوت، لكنّه اعتبر أن هناك ما وصفه بعمليات «ترويج لمثل هذه الأفكار على شبكة الإنترنت، وهو أمرٌ يُمارس من قبل ضعاف النفوس». الحقيل الذي لم يجد حرجا بالحديث عن أي أمر يتعلق بالقضاء، الذي وصفه بـ«عرض الدولة»، وأخذ بالحديث بإسهابٍ في ذات المناسبة، التي حضرها إعلاميون سعوديون من الجنسين، عن الاشتراطات الشكلية على مظهر القضاة، كلبس العقال، أو إطلاق اللحى، متخذا قرارا أصدره المجلس الأعلى للقضاء مُستندا له في حديثه، ينص بعدم المساس بأي من هذه الأمور الشكلية، مُستشهدا بكون رئيس محكمة الاستئناف الإدارية، يزاول مهنته مُرتديا عقالا، ولكنه قال مازحا: «أما وجود قاض دون لحيه صعبة شوي».

ولم يجد رئيس ديوان المظالم خشية من الاعتراف صريحا بسلبيات عدة، من بينها نقص القضاة أو تأهيلهم، وأن التفتيش القضائي لاحظ التأخير والتأجيل غير المبرر للجلسات، مؤكدا في ذات الوقت على ضرورة مساءلة القاضي، وتفعيل الرقابة وتقويم الأداء بشكلٍ دوري. وفي سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول ما يعنيه اختيار أحد قضاة ديوان المظالم، لتولي منصب وكيل وزارة العدل الدكتور عبد اللطيف الحارثي، وما إن كان ذلك حقا للمحاكم العامة من قضاة ديوان المظالم ولبعض سياساتها، بالأخص بشأن ابتعاث القضاة وتكثيف الدورات الخارجية، أجاب إبراهيم الحقيل بأن ديوان المظالم ظل منبعا للقيادات برفعه لهامات القضاة في ديوان المظالم عاليا، مشيرا إلى أن الثقة الملكية مُنحت لعدد من قضاة ديوان المظالم، بداية بوزير العدل الدكتور محمد العيسى، والشيخ عبد الله السعدان المتحدث باسم وزارة العدل، وأخيرا الدكتور عبد اللطيف الحارثي، وغيرهم كثير.

من جهة أخرى، اعتبر الحقيل مسألة نشر الأسماء في القضايا التجارية أمر وارد، حيث إن المحاكمات في ديوان المظلم علنية، مضيفا «ما المانع أن تكون الأسماء معلنة»، واستدرك أن القضايا المتعلقة بالمحاكم العامة، ما زال من الصعب تقبل هذا الأمر بشأنها هناك.

واستبعد في الوقت الراهن نية نشر الأسماء، رغم تأكيده على عدم ممانعته أو اعتراضه على مثل هذه الفكرة، مؤكدا احتمالية دراستها مستقبلا وطرحها للبحث.

وهنا انقاد الشيخ علي الحماد نائب رئيس ديوان المظالم، مُعترضا على اقتراح نشر الأسماء، منوها أن القضاء العربي واللاتيني يعتبر المداولات سرية والأسماء شخصية، ومؤكدا أن الفائدة تقتصر على نشر المبادئ والأحكام، ولا فائدة مرجوة من نشر الأسماء.

وأضاف الحماد أن ديوان المظالم يُقرّ نشر الأحكام وليس المبادئ، وبعض العقوبات تقر نشر الأسماء للتشهير، مُعتبرا أن نشر الأسماء في مثل هذا الوقت أمر غير ملائم.

وبالعودة للشيخ الحقيل، فقد تحدث عن تخلف ممثلي الجهات الحكومية عن حضور الجلسات، مؤكدا ضرورة لجم مثل هذه التصرفات رغم اعتبارها غير «كبيرة»، مشيرا إلى مخاطبة ديوان المظالم الوزير المعني بالجهة الحكومية مباشرة في حال تخلف الممثلين.

وبشأن إنشاء أقسام نسائية خاصة في محاكم ديوان المظالم وتوظيف مستشارات، عاد الحقيل وجدد موقفه الواضح والداعم لوجود محاميات في محاكم ديوان المظالم، مؤكدا في ذات الوقت عدم وجود قوانين من شأنها منع أي منهن من الترافع في القضايا، مشددا على أن ديوان المظالم، ينظر إلى النساء نظرة مساواةٍ مع الرجال في مختلف الدوائر، كونهن «شقائق الرجال» وفق تعبير رئيس الديوان.

وعلق الحقيل على العلاقة المشتركة بين القاضي والمحامي، التي وصفها بأنها ليست بالسوء الذي يُروج له، رغم اعترافه وتأكيده على وجود بعض القضاة ممن يتبنون آراء ممانعة للمحامين، ووعد قاطعا بأن يعمل على معالجتها في القريب العاجل.