السعودية: توجه لبناء نظام تأمين صحي «تعاوني».. يراعي «ضبط التمويل»

وزير الصحة: الدول المتقدمة عانت من أنظمة التأمين.. ونسعى لنظام لا تدفع فيه الفاتورة «مرتين»

TT

دار جدل كبير أمس، في تجمع عقد في العاصمة السعودية الرياض، حول برامج التأمين الصحي المعتمدة في البلاد، في وقت كشف فيه الدكتور عبد الله الربيعة وزير الصحة عن سعي وزارته لإيجاد نظام تأمين صحي «تعاوني»، لا تدفع فيه الفاتورة «مرتين» على حد تعبيره.

وحذر وزير الصحة السعودي، من مغبة الدفع بنظام تأميني، قد يحمل المواطنين «أعباء طائلة»، إذ يؤكد أنه لا يوجد هناك نظام تمويلي مسؤول عن توفير الخدمة الصحية، وهو ما تسعى إليه الوزارة، مشددا على ضرورة «ألا يدفع المواطن ثمن الخدمة الصحية المقدمة إليه».

ويبدو من حديث وزير الصحة السعودي عن التوجه لإيجاد «نظام صحي تعاوني»، أن هناك حالة من عدم القناعة في مشروع نظام التأمين السابق المسمى «بلسم»، والذي تم الانتهاء منه في عهد سلفه الوزير حمد المانع، في وقت لم يعط الربيعة أي تصريحات حول مستقبل النظام التأميني السابق.

ودعا الدكتور الربيعة في اللقاء المفتوح مع عدد كبير من المتخصصين بالأنظمة التأمينية، إلى الحذر لدى دراسة أي نظام تأمين صحي.

وقال «لا خلاف أن التأمين هو أحد وسائل التمويل وضبط الإنفاق، ولكن يجب أن نعلم كيف ندير هذا النظام، هل نريد إدارته بطريقة تجارية بحتة وننقل بعض السلبيات التي مرت بها بعض الدول، أو أن نطبق نظاما تأمينيا تعاونيا يكون هدفه التحكم في التمويل وضبط التمويل والارتقاء بالخدمة والحد من الهدر؟».

وشدد على ضرورة الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة التي عانت من أنظمة التمويل، الأمر الذي انسحب على مواطني تلك الدول.

وتساءل «من سوف يدفع رسوم التأمين الصحي؟»، قبل أن يتابع بالقول «يجب أن نكون حذرين من سيتحمل الأعباء، وألا نتعجل برمي نظام دون أن نعرف الأطراف ذات العلاقة وشراكتها بتمويل هذا النظام».

وطمأن وزير الصحة بأن المتقاعدين سواء أكانوا من ذوي الدخل المحدود أم غيرهم، سيكونون على رأس القائمة التي تراعى في أي نظام تأمين صحي تعاوني يتم وضعه.

وبرزت تحذيرات خلال لقاء التأمين الصحي، من «التأمين الصحي التجاري»، حيث رأى أحد كبار المسؤولين بوزارة الصحة أنه محفوف بالمخاطر، وفيه محاذير كثيرة، على حد تعبيره، مشيرا إلى أن أي نظام صحي تعاوني سوف تتبناه وزارة الصحة يجب أن يكون بتغطية شاملة لجميع الأمراض بما فيها الأمراض النفسية وطب الأسنان، مؤكدا أن الوزارة ليست بصدد تحميل المواطن ثمن الخدمة الصحية، وأن هذا الموضوع «ليس مطروحا على الطاولة».

الدكتور منصور الحواسي وكيل وزارة الصحة للشؤون التنفيذية، قال «عندما نفكر في نظام تأمين صحي تعاوني سنفكر في جميع الفئات السكانية، وليس في أهالي المدن الكبرى فقط».

أما زيد الحسين نائب رئيس هيئة حقوق الإنسان الحكومية، فكان له رأي مخالف إزاء موضوع التأمين الصحي التجاري، حيث طالب وزارة الصحة بالجمع بين المنهجين في التأمين الصحي التجاري والتعاوني، بالرغم مما يعتري الأول من مشكلات.

لكن الدكتور رضا خليل المستشار السابق بوزارة الصحة السعودية، قال إن التأمين الصحي التجاري لن يحقق سقفا عاليا من الخدمات التي ينشدها المواطنون، وقال إن «المواطن يجب ألا يتحمل التكاليف الخاصة بالحصول على الخدمة أو أن يتكبد عناء الحصول على الخدمة».

ومقابل ذلك، رأى المهندس طارق القصبي رئيس مجلس إدارة شركة «دلة للخدمات الصحية»، أن هناك بعض الإجراءات الممكن أن تكون مفيدة لدى إطلاق أي نظام تأمين صحي، لناحية رفع الجودة وضبط الكلفة، كأن تقوم وزارة الصحة بتبني مشروع شبكة الرعاية الصحية الأولية، حيث تمثل أكثر من 50 في المائة من الكلفة.

وزير الصحة رد على هذا الأمر، بأن هناك تحديات أمام مشروع شبكة الرعاية الصحية الأولية، ولكن أهم عائق هو طب الأسرة الذي يعتبر محدودا جدا على مستوى العالم. وتابع بالقول «نحن نعترف بأن لدينا تأخرا.. ولكن وزارة الصحة تعلم أن أي نظام تأميني يتم يتطلب تشريعات وأنظمة ونظام معلومات، وهذه الأمور لا تتم بين يوم وليلة».

وقال الربيعة «لا يخفى على الجميع أن التأمين التجاري قد لا يحقق سقفا مفتوحا للرعاية الصحية أو شمولية أو تنوع التغطية أو سرعة في الحصول على الخدمات، وقد بينت الدراسات الأولية التي اطلعت عليها وزارة الصحة أن التأمين الصحي التجاري يؤدي إلى رفع تكلفة الخدمات الصحية كما هو حاصل في تجارب الدول المتقدمة، وقد يشكل عبئا إضافيا على الدولة والمواطن».