دراسة: «الانتهازية» تهدد 88% من العملات الورقية بالتلوث البكتيري

استشاري ميكروبات: لا خوف من أعراضها

TT

خلصت دراسة أكاديمية إلى أن 88 في المائة من العملات الورقية تحتوي على بكتيريا معدية، تنتقل بسهولة عبر تداول العملات بين الأشخاص، خاصة الفئات الصغيرة.

وبينت الدراسة التي أعدها باحثون في جامعة الملك عبد العزيز بجدة، أن الإصدارات القديمة من الأوراق المالية كانت تحمل نوعين من البكتيريا، بينما الإصدارات الجديدة تظل «نظيفة» من الملوثات، بسبب عدم انتقالها بشكل كبير بين الأشخاص. وأوضح الدكتور أحمد الغامدي، الأستاذ المساعد واستشاري الميكروبات الطبية، ورئيس قسم التغذية العلاجية بكلية العلوم الطبية التطبيقية، ورئيس مختبر الأحياء الجزيئية التشخيصي بمستشفى جامعة الملك عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»، أن تداول النقود بشكل مستمر، بين أيدي فئات متعددة من الناس، بينهم السليم والمريض على حد سواء، وبين من يحرص على النظافة الشخصية وغسل الأيدي، وبين من لا يكترث، يؤدي إلى احتمال تلوث هذه النقود بأنواع مختلفة من الميكروبات، وبالتالي سهولة انتقالها بين المتداولين.

وأضاف الغامدي: «أجريت هذه الدراسة عدة مرات، وعلى فترات متباعدة، على الفئات الصغيرة من الأوراق المالية، كالريال وفئة الخمسة ريالات، باعتبارها الأكثر تداولا بين جميع الشرائح، إلى جانب عملات أجنبية لعدد من الجاليات المقيمة في السعودية، وخصص البحث ضمن مقرر بحثي اشترك فيه طلاب وطالبات السنة الرابعة بقسم تقنية المختبرات الطبية بكلية العلوم الطبية التطبيقية بالجامعة».

وأثبتت الدراسة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها أن 88 في المائة من الأوراق النقدية من فئة الريال، التي تم اختبارها تحمل نوعين أو أكثر من أنواع البكتيريا، بينما كانت عينات الأوراق المالية الجديدة، كما يطلق عليها في مؤسسة النقد «الإصدار الخامس للريال» قبل تداولها، خالية من البكتيريا. وأشارت الدراسة إلى أنه كلما زاد تداول العملة الورقية، زادت إمكانية تلوثها بالبكتيريا، وكلما كانت متسخة أو مشوهة، كانت أكثر عرضة لهذا التلوث، مبينة أن معظم أنواع البكتريا المكتشفة نوع يسمى «المعزولة»، وهي بكتيريا طبيعية لا تسبب المرض إلا في حالات نادرة، أما النوع الثاني من البكتيريا وتسمى البكتريا «الانتهازية»، يمكن أن تسبب المرض في حال توافر العوامل المناسبة.

وبينت الدراسة أن النوع الثالث من البكتيريا يشكل 38 في المائة من نسبة البكتيريا، وهي البكتريا العنقودية، التي يمكن أن تتسبب في بعض الأمراض السطحية كالتهابات الجلد، والدمامل، والتهابات ملتحمة العين، والتسمم الغذائي نتيجة لتلوث الطعام.

في حين جاءت بكتيريا الإيشيريشيات القولونية، وبكتيريا الكليبسيلا الرئوية، أقل الفطريات في عينات الدراسة، بنسبة لا تتجاوز 9 في المائة، وهي بكتيريا تنقل عن طريق البراز، نتيجة سوء غسل الأيدي وعدم النظافة الشخصية، ولأن هذه البكتيريا تعيش ضمن الفلورا الميكروبية في أمعاء الإنسان، وانتقالها من بيئتها الطبيعية في الجسم إلى منطقة أخرى، يمكن أن تتسبب في بعض الأمراض من تلوث الجروح والتهابات معوية ورئوية.

وبالعودة للمشرف على الدراسة، الدكتور أحمد الغامدي، أشار إلى دراسة مرتبطة بالأمر سيجريها فريق بحثي مشترك من جامعتي الملك عبد العزيز وجامعة أم القرى، لدراسة ظاهرة تلوث النقود الورقية بشكل أوسع في محلات الصرافة وفي مواسم الحج والعمرة.

وقلل الغامدي من المخاوف التي قد تصيب الناس في هذا الصدد بالقول: «البكتيريا موجودة في كل مكان من حولنا، وكذلك خارج وداخل أجسامنا، وكل جزء من الجسم له اتصال بالبيئة الخارجية التي توجد بها بكتيريا كالجلد، والأنف، والجهاز الهضمي، ابتداء من الفم وانتهاء بالأمعاء الغليظة. وإجمالا، وبشكل قاطع، لا يمكن القول بإمكانية التخلص من البكتيريا من البيئة المحيطة أو من الجسم بصفة عامة. لذا، أنعم علينا خالقنا بجهاز مناعي إبداعي يساعدنا في مقاومة الأمراض ومسبباتها».

وأضاف: «لكي تصيب الإنسان بالمرض، يجب أن تتوفر عدة مواصفات وشروط، واحتمالية وجود المرض منها وانتقاله من نقود ورقية إلى أخرى أو من نقود ورقية لشخص ما، وارد. ولا يعلم الإنسان ما الذي يمكن أن يواجهه أو ينتقل إليه، لذلك يجب الانتباه والحرص وذلك باتباع أمر بسيط وهو الحرص على غسل اليدين من حين لآخر».

واختتمت الدراسة بعدة توصيات ستوجه لعدد من الجهات الحكومية ذات العلاقة، وللمراكز العلمية المهتمة بنشر ثقافة الوعي الصحي بين أفراد المجتمع، كما نادت برفع معايير النظافة الشخصية، والحرص على غسل الأيدي، خصوصا بعد استخدام المرحاض وقبل الأكل، وبالأخص لمن يتعامل مع إعداد الطعام، وتخصيص موظف للتعامل المباشر مع النقود الورقية في جميع محلات خدمات الأغذية، ومحلات اللحوم والدواجن والأسماك والخضروات الأطعمة، كما نادت بالكشف الطبي الدوري على العاملين في محلات تقديم الخدمات الغذائية، ومحطات البنزين والأسواق والبنوك والصرافة، وسحب واستبدال الأوراق النقدية القديمة والتالفة.