جدة: نحو 8 ملايين مركبة تشهد حركتها الشوارع والطرقات يوميا

أكثر من مليار ريال تكلفة مشاريع معالجة الزحام خلال السنوات الخمس الماضية

8 ملايين مركبة تشهد حركتها شوارع جدة يوميا (تصوير: عبد الله بازهير)
TT

كشف مصدر مسؤول في أمانة محافظة جدة لـ«الشرق الأوسط» عن بلوغ عدد المركبات التي تشهد حركتها شوارع مدينة جدة نحو 7 ملايين مركبة يوميا، في ظل عدم وجود محاور طولية وعرضية تستوعب هذا الطلب المهول على الحركة المرورية، عدا عن غياب النقل العام في المدينة.

وأرجع الدكتور عبد العزيز العسيري، مدير عام النقل والمرور في أمانة محافظة جدة، سبب الزحام المروري الذي تعاني منه مدينة جدة إلى عدم اهتمام الناس بالمشي واستخدام الأرصفة، نتيجة اعتمادهم الكلي على السيارات في ظل ارتفاع الدخل المادي للأسر وزيادة عدد أفرادها، الأمر الذي يؤدي إلى امتلاك أكثر من سيارة للعائلة الواحدة.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تتميز جدة عن غيرها بكونها تشهد نحو أربعة أوقات للذروة بخلاف المدن الأخرى التي لا يتجاوز عدد أوقات الذروة بها فترتين، حيث إن جدة لديها ذروتا بداية الدوام الصباحي ونهايته، إلى جانب ذروتين لوقت التسوق، والتي تبدأ من الخامسة عصرا وحتى السابعة مساء، ومن بعد ذلك إلى الحادية عشرة مساء».

ووسط تأكيدات من قبل الجهات الخدمية المعنية الأخرى على استمرار إشكالية الزحام طيلة السنة، إلا أنها قد لا تكون ملحوظة بالشكل الكبير سوى في المواسم والإجازات، ولا سيما أن مدينة جدة تعد إحدى أبرز مدن السعودية جذبا للسياح السعوديين والخليجيين في ظل نشاط السياحة الداخلية للمملكة على خلفية الاضطرابات السياسية التي تشهدها حاليا عدد من دول عربية كانت مقصدا سياحيا لهؤلاء في السابق.

العميد عبد الله الجداوي، مدير إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة، وصف إشكالية الزحام بـ«المعاناة» الحقيقية، كونها تؤثر على الحياة بشكل عام من عدة نواح تتضمن صعوبة التحرك وسلوكيات قائدي المركبات، مما يدفع بهم إلى ارتكاب أخطاء كثيرة، بحسب قوله.

وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «معظم قائدي المركبات لا يعطون أي اهتمام للشوارع في ظل انشغالهم باستخدام أجهزة الهواتف الجوالة أو الـ(بلاك بيري) أثناء القيادة، الأمر الذي يجعلهم يتجاهلون ما يحدث حولهم من أحداث، والتي من ضمنها مساعدة مركبات الطوارئ في عبور الطرقات».

وأكد على أن الزحام سبب في تفاقم حوادث كثيرة، خصوصا أن الكثير من السائقين اعتادوا على التجمهر حول مناطق تلك الحوادث، وهو ما يعوق وصول مركبات الطوارئ إلى الحدث، مستشهدا على ذلك بحادث مروري شهده طريق مكة المكرمة السريع، والذي نجم عنه وفاة قائد المركبة المحتجز بداخلها نتيجة إصابته بنزيف لفترة طويلة بسبب تأخر وصول الدفاع المدني إليه على خلفية التكدس المروري حوله. وأضاف: «في بعض الأحيان نضطر إلى استخدام الطرق بالاتجاه المعاكس لها من أجل الوصول إلى موقع الحادث، وذلك نتيجة الزحام الشديد الذي يعوقنا عن الوجود في الوقت المناسب، إضافة إلى أن أي تأخير يحسب ضدنا، خاصة في مباشرة حوادث الحرائق بالمنازل وغيرها، ولا سيما أن معدات الدفاع المدني كبيرة الحجم».

وأوضح مدير إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة أن ضغوط القيادة في الزحام تعد السبب الرئيسي لارتكاب السائقين مخالفات سلوكية، مشيرا إلى أن أحد قائدي السيارات تعمد وضع ورقة كتب عليها مفردة بذيئة ليرفعها في وجه أي شخص يعترض طريقه أثناء القيادة.

وحول وجود أي حلول لإشكاليات الزحام في جدة، أوضح أنه تمت مناقشة الجهات المعنية الأخرى والخروج بجملة من المقترحات المتمثلة في زيادة عدد مراكز الدفاع المدني وطرق الخدمات وإنشاء طرق للطوارئ، غير أنه لم يتم البدء في تنفيذها حتى الآن، مؤكدا أنه في حال وقوع أي حادث، فإن تقييم الوضع للوصول إليه بات فرديا ويعتمد على قائد مركبة الطوارئ دون وجود حلول أخرى. وطالب العميد عبد الله الجداوي بضرورة تعاون كل من المرور والدفاع المدني وكافة الجهات المعنية الخدمية لتقديم كل منها مقترحات وتوصيات ومناقشتها ومن ثم الخروج بطرق معالجة سليمة للزحام.

وهنا، علق مدير عام النقل والمرور في أمانة محافظة جدة قائلا: «إن الأمانة لديها الكثير من المشاريع لمعالجة الزحام، والتي تنفذها بقدر ما تأتيها من اعتمادات مالية، حيث إنه تم إنفاق أكثر من مليار ريال على هذه المشاريع في السنوات الخمس الماضية، عدا عن تخصيص نحو مليار ونصف المليار ريال أيضا خلال السنوات الخمس المقبلة».

وشدد على ضرورة رفع مستويات الخدمة على المحاور والطرق لاستيعاب الطلب الكبير على النقل، خاصة أن التقاطعات في جدة تشهد اختناقات مرورية كبيرة يقابلها تدني مستوى السلامة المرورية وتأخير طابور من المركبات على بعض المحاور.

وزاد: «في هذه الحالة لا يمكننا كخطط عاجلة سوى التنسيق مع وزارة النقل وإدارة المرور من أجل العمل على الحلول التشغيلية والمتضمنة منع دخول السيارات المحتوية على راكب واحد فقط لمناطق وسط البلد واقتصار الدخول على العائلات أو المركبات المحتوية على أكثر من راكب، عدا عن منع إدخال سيارات الأجرة الفارغة وإلزامهم بالوقوف في نقاط معينة».

وذكر الدكتور عبد العزيز العسيري أن من بين الحلول التشغيلية التي يتم العمل عليها حاليا تحويل بعض المحاور لتكون أحادية الاتجاه، وذلك بهدف رفع مستوى الخدمة، إضافة إلى استخدام أنظمة النقل الذكية والمتضمنة زيادة مدة فتح الإشارات المرورية. ومما لا شك فيه أن تأثير الزحام المروري في مدينة جدة لا يقتصر على سكانها فحسب، وإنما قد يعرقل حتى خطوط سير العمل على المشاريع التي تقوم أمانة محافظة جدة بتنفيذها، من بينها الجسور وغيرها، وهو ما أكده مدير عام الطرق والمرور في أمانة جدة. ولكنه استدرك قائلا: «عادة ما نعمل على تحرير محاور خط العمل في تلك المشاريع، إلا أن المشكلة تكمن في وجود تحويلات أخرى لخدمات المياه والاتصالات والكهرباء وغيرها، ما يدفعنا لاستخدام برامج رديفة شريطة ألا تتسبب في حدوث اختناقات إلا للضرورة»، مبينا أن جدة قد تتميز بوجود محاور طرق بديلة، على حد قوله. وبين أن تغيير ساعات العمل على المشاريع وتأخيرها لأوقات متأخرة من الليل قد يعد من ضمن البدائل التي تسهم في التخفيف من حدة الزحام أثناء النهار، غير أنه في المقابل تلقت الأمانة شكاوى كثيرة من المواطنين الذين أبدوا انزعاجهم من أصوات المعدات الثقيلة باعتبار أن معظم المشاريع تكون قريبة من مناطق سكنية. وطالب الدكتور عبد العزيز العسيري بضرورة تفعيل دور الإعلام كأحد الحلول المتعلقة بالتوعية والسلامة المرورية والحوادث والتعامل مع الشوارع والطرق التي تعد ملكا للجميع. من جهتها، حاولت «الشرق الأوسط» التواصل مع العميد محمد القحطاني، مدير مرور محافظة جدة، للاستفسار عن الخطة المرورية المتبعة في مدينة جدة خلال موسم إجازة الربيع، إلا أنه لم يرد حتى وقت النشر.