جدة: الطقس يتفاعل مع الزوار وصيفها الحار يفسح الطريق ليمر الربيع

سماؤها ملبدة بالغيوم منذ بداية الأسبوع

الطقس الربيعي جذب آلاف الزوار إلى منطقة الكورنيش («الشرق الأوسط»)
TT

تعد واحدة من المصايف المفضلة في المملكة العربية السعودية، بل وفي دول مجلس التعاون الخليجي، إذ تحط في مطارها عشرات الرحلات المحملة بالسائحين في المواسم يوميا، كما أن مداخلها البرية لا تكاد تهدأ مع كثرة القادمين والمغادرين طيلة أيام السنة. يحدث ذلك على الرغم من أن جدة تعاني من جو حار ورطب طوال العام، فلا حدود بين الفصول، ولا مؤشرات لتتابعها وسريانها، فالصيف هنا سيد الموقف. سيد الموقف هذا يؤثر على رغبة الكثيرين في البقاء في جدة، كما يؤثر بشكل كبير على عدد آخر من زوارها الذين يحجمون عن ذلك، فالجو يمثل «كعب أخيل» بالنسبة للمدينة الجذابة التي يطلق عليها عروس البحر الأحمر، إذ إن مزايا القرب من الحرمين الشريفين والساحل الطويل على البحر، والمجمعات التجارية والمراكز الترفيهية والمنتجعات، وكذلك التنوع الديموغرافي الفريد، كل هذا بغض النظر عن المناخ، يجعل جدة خيارا مفضلا واستراتيجيا ودائما. ومع الثورات والاضطرابات التي اجتاحت الكثير من المناطق السياحية المفضلة لدى السعوديين، كان الطريق إلى جدة هو الأكثر أمانا والأقل بعدا عن سكان المناطق المختلفة من المملكة، مضطرين لتحمل ما قد يتسبب فيه الجو الحار. تشرق الشمس في جدة كل صباح وحتى مغيبها عارية من كل ما يسترها عن نظر الجداويين، إلا أنها أحيانا قد ترتدي حللا من الغيوم تحجبها عن عيون أهل المدينة، ومع ذلك فإن تلك الأستار سرعان ما تذهب كاشفة عن جسد شمسي ساخن يرمي شظاياه الحارة حتى المساء. وعلى الرغم من ذلك الوصف الدائم عن جدة، فإن البلدة الساحلية غرب البلاد لم تخيب - بفضل الله - ظن زوارها وسياحها، الذين حيل بينهم وبين ما يشتهون من البلدان على خلفية الاضطرابات، فاستقبلتهم جدة بسماء ممتلئة بالغيوم طوال النهار، لتجعل من ليلها نهارا ومن نهارها ليلا، وهي المدينة التي لا تعرف شوارعها الحياة إلا في الليل.ويجدر القول إن تلك الغيوم لم تجد بالبقاء حتى المساء فقط، بل استمرت منذ السبت الماضي مغطية الأفق ترحيبا وعرفانا للسياح، وحتى اللحظة، لتعطي لهم فرصة التنزه والخروج والتسوق طيلة الأربع والعشرين ساعة في أيام الأسبوع السبعة التي توافق إجازة منتصف الفصل الدراسي الثاني بالنسبة لطلاب وطالبات التعليم العام والعالي في السعودية.

بينما الأمر يختلف بالنسبة للأهالي، الذين لم يستمتعوا كفاية بهذا الطقس النادر، فهم كانوا يغيبون أبناءهم وبناتهم عن الدراسة في مثل هذه الأيام، فهذا هاني بلفاس وهو أحد منسوبي شركة «الناغي» بجدة، يجد أن ازدحام الطرقات طيلة الوقت سبب في اكتفائه بالذهاب والعودة من عمله فحسب، مفضلا ذلك على الخروج الذي قد يضيع بفعله ساعات في الاختناقات المرورية، ومتأملا أن تستمر الأجواء الجميلة في الأسابيع المقبلة، حتى تعوضه ذلك الازدحام. ومن الممكن بسهولة التأكيد على ما قاله بلفاس عبر أحمد عماد، معلم اللغة الإنجليزية المقيم في جدة، والذي أكد أنه أثناء تجوله في شوارع جدة خلال الأسبوع الحالي صادف غير مرة عائلات تسأله عن أماكن مطاعم ومجمعات تجارية وطرق رئيسية، مما يدل على أن أولئك ليسوا من سكان جدة، مضيفا «عل إضافة الراتبين الأخيرين لموظفي الدولة وبعض موظفي القطاع الخاص أثر إيجابيا في هذا الاتجاه السياحي الترفيهي، خصوصا أن المدينة المنورة شهدت خلال الأسبوع الماضي ازدحاما شديدا ومشابها لما عليه جدة». وقد أكد على شدة هذا التدفق كذلك ما صرح به الأمير عبد الله بن سعود، رئيس اللجنة السياحية بالغرفة التجارية الصناعية في جدة، لـ«الشرق الأوسط» قبل بداية الإجازة بأيام، بأن المنتجعات السياحية والفنادق سجلت نسبة حجوزات بلغت 100 في المائة، وأن عددا كبيرا منها لديه قوائم انتظار.