تراجع عضو من أعضاء الغرفة التجارية الصناعية بجدة عن استقالته التي قدمها لمجلس إدارة الغرفة قبيل أحداث كارثة جدة الثانية، بعد أن عرضها على صفحته الشخصية بموقع «فيس بوك»، وذلك ضمن اعترافه في وقت سابق بتحمل الغرفة جزءا من المسؤولية عما شهدته جدة من أحداث مأساوية جراء الأمطار الأخيرة التي تعرضت لها في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي.
وأوضح الدكتور عبد الله مرعي بن محفوظ عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة أن استقالته التي قدمها أثناء أحداث كارثة جدة الثانية كانت في وقت رأى فيه عدم تحرك القطاع الخاص بالشكل المطلوب، لافتا إلى أن الغرفة التجارية الصناعية آنذاك لم تؤازر هذا الوضع.
وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «التجار في غرفة جدة الآن أصبح لهم دور كبير جدا في تخفيف عبء البطالة وتنفيذ المشاريع بالمواصفات المطلوبة وتأدية دورهم بشكل أكبر مما يطلب منهم أيضا»، رافضا التأكيد على استمرار مطالبته بالاستقالة من عدمه.
وشدد بن محفوظ على أن الغرفة التجارية الصناعية بجدة تصب تركيزها الكامل حاليا على الوضع الداخلي، الأمر الذي يجعل الوقت الآن غير مناسب للحديث حول الاستقالة، مؤكدا في الوقت نفسه أنه في حال حدوث أي جديد ستتم متابعته شخصيا مع «الشرق الأوسط» - بحسب قوله -.
وكان الدكتور عبد الله مرعي بن محفوظ قد اعترف في وقت سابق بتحمل الغرفة جزءا من المسؤولية عما شهدته مدينة جدة من أحداث مأساوية جراء الأمطار الأخيرة التي تعرضت لها المحافظة في شهر يناير الماضي.
وطالب جميع الأعضاء بتقديم استقالة جماعية بعد أن قرر تقديم خطاب لرئيس الغرفة يتضمن المطالبة، إلى جانب ضرورة أن يكونوا عند المسؤولية والحدث في نفس الوقت وذلك من خلال استقالاتهم وانتخاب أعضاء جدد، لافتا إلى أن هذا الخطاب سيعد استقالة شخصية له إذا ما تم رفض مطالبته.
وقال في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط»: «نحن شركاء في الكارثة التي ألمت بجدة شراكة مفصلية باعتبارنا الشركاء الاستراتيجيين لأمانة محافظة جدة في تنفيذ مشاريع البنية التحتية والمشاريع التنموية على حد سواء».
وأشار إلى أن الكارثة الأولى أدت إلى صدور تعليمات واعتمادات وميزانيات لمشاريع مدينة جدة، التي كان من الأولى على مجلس إدارة غرفة جدة تكوين لجان وليس لجنة واحدة من أجل متابعة ما سيتم في تلك المشاريع، إلى جانب التركيز في منتدياتها على أن تكون جدة محلية قبل أن تصل إلى العالمية.
وأضاف: «ذكر صالح كامل رئيس الغرفة التجارية الصناعية بجدة أثناء منتدى جدة الاقتصادي الماضي أنه كان من الواجب مناقشة أسباب كارثة جدة، غير أننا طيلة عام كامل لم نناقشها ولم نكون لجانا لها، ولم نأت بشركات القطاع الخاص لنستمع إليها، ولا سيما أنها قد تتعرض إلى عمليات تأخير في الاعتمادات المالية لها».
وذكر الدكتور بن محفوظ أنه كان من الأجدر على غرفة جدة عقد منتدى يجمع بين شركات القطاع الخاص والمسؤولين الحكوميين وأفراد المجتمع المدني بهدف مناقشة كيفية تنفيذ مشاريع مدينة جدة.
واستطرد في القول: «لو كنا قمنا بذلك، لكان بإمكاننا الخروج بمبادرات كثيرة، ولا سيما أن ما حدث من أمطار أخطرنا بها، غير أننا تأخرنا في إيجاد برنامج للطوارئ، والذي تعد غرفة جدة مسؤولة عنه بجزء كبير لأنها أعلنت عن مساهمتها في إعداد كتيب للطوارئ».
ولفت إلى أنه سبق أن اقترح رجل الأعمال صالح التركي على أعضاء مجلس غرفة جدة التركيز على الشباب المتطوعين الذين تقدموا إلى الغرفة أثناء الكارثة الأولى التي شهدتها جدة والقيام بتدريبهم للاستعانة بهم في حال حدوث أي طارئ، مشيرا إلى أنه كان من الممكن الاستعانة بهم في أمطار أول من أمس لو كان المجلس استجاب لذلك المقترح.
وزاد: «بدلا من أن نكتفي بالتفرج على الجهات المسؤولة وتحميلها مسؤولية ما حدث، لا بد أن يكون القطاع الخاص دائما صاحب المبادرات في ظل تحمله مسؤولية كبيرة بمثل هذه المشكلات».
وحول مطالبته بتقديم استقالات جماعية، أفاد عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة، بأنه يطالب بالإعلان عن استقالة جماعية ومن ثم تكوين مجلس تصريح لأعمال الغرفة والمكون من صالح كامل ومازن بترجي والدكتورة لمى السليمان، وإعطاء وقت لوزارة التجارة والصناعة من أجل تحديد موعد جديد للانتخابات.
واستطرد في القول: «لا بد من وضع معايير حقيقية للمرشح في مجلس إدارة غرفة جدة والمتضمنة إمكاناته المادية وقدرته على تقديم الأعمال التطوعية ومراقبة المشاريع التنموية الحاصلة في محافظة جدة حتى عام 2015».
وأبان الدكتور عبد الله مرعي بن محفوظ أن مشروع تطوير مطار الملك عبد العزيز الدولي من المزمع الانتهاء منه خلال عام 2014، في حين يفترض أن يتم الانتهاء من مشاريع تصريف مياه الأمطار بجدة بنهاية العام الحالي، مؤكدا أن مجلس إدارة الغرفة حاليا غير صالح لمراقبة هذه المشاريع.
في حين أكدت الدكتورة لمى السليمان نائبة رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة، خلال اتصال هاتفي سابق لـ«الشرق الأوسط» أن مراقبة القطاعات الخاصة ليست مسؤولية الغرفة باعتبارها جهة غير حكومية وغير ربحية.
وأشارت في ذلك الوقت إلى أن دور الغرفة يتمثل في دعم تطور وتنمية القطاع الخاص، بينما تعد مهمة مراقبتها مسؤولية الجهات الحكومية، مشددة على أن غرفة جدة مظلة تحتضن القطاع الخاص ليستطيع من خلالها التحاور مع الجهات الحكومية.
وأضافت: «تعتبر اللجان القطاعية نواة الغرفة التجارية التي تعكس القطاعات المختلفة، خصوصا أننا عملنا على مساعدة هذه القطاعات بتشكيل لجان لها بشكل انتخابي، ولا سيما أننا نقوم بدورنا كحلقة وصل بين القطاع الخاص والجهات الحكومية عن طريق حوار اجتماعي يحقق للطرفين المصالح العامة».
وأفادت بأن غرفة جدة بذلت جهدا كبيرا في الكثير من الأمور، الأمر الذي يمنع محاسبتها في ظل استعداد أعضاء الغرفة للجلوس مع القطاعات الخاصة والاستماع إلى مطالبها، مضيفة: «فضلا عن ذلك فلا أحد يحاسب الغرفة».
من جهتها أكدت الدكتورة عائشة نتّو عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة على استلامها بريدا إلكترونيا من الدكتور عبد الله مرعي بن محفوظ يعتذر فيه عن التصريحات الإعلامية التي أدلى بها سابقا لـ«الشرق الأوسط».
وقالت في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «لم نتقدم نحن الأعضاء بأي استقالات، خصوصا أن استقالة بن محفوظ كانت بمثابة تصريح فردي أصدره دون حتى اجتماع مسبق».
وأشارت إلى أن أعضاء الغرفة التجارية الصناعية بجدة لم يناقشوا إطلاقا استقالة الدكتور عبد الله مرعي بن محفوظ، ولا سيما أنه لم يأخذ رأيهم قبل الإعلان عنها، مبينة عدم وجود أي سبب يستدعي تقديم الأعضاء لاستقالاتهم – بحسب قولها -.
وأضافت: «لا علاقة للغرفة بكارثة جدة أو عمليات التخطيط في المدينة، خصوصا أنها تحوي صناعا وتجارا، إلى جانب أننا شاركنا في الأحداث وخرجنا إلى الميدان، وذلك من منطلق مسؤوليتنا المتمثلة في خدمة المجتمع»، موضحة أن منتدى جدة الاقتصادي سيشهد مناقشة أوضاع جدة أيضا.
وهنا، علق الدكتور عبد الله مرعي بن محفوظ قائلا: «إن الاعتذار الذي بعثت به لأعضاء غرفة جدة كان متعلقا بكوني عرضت استقالتي على وسائل الإعلام قبل عرضها على رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية».
وأشار بن محفوظ في البريد الإلكتروني الذي تسلمه أعضاء مجلس إدارة غرفة جدة آنذاك إلى أن موضوع استقالته سوف يطرح على رئيس الغرفة الذي سيطرحه بدوره على أعضاء مجلس الإدارة، مؤكدا أن اعتذاره لصالح كامل جاء من منطلق أن القواعد الإدارية والقانونية تفرض عليه عرض الاستقالة عليه قبل عرضها على وسائل الإعلام.
وطالب عضو مجلس الإدارة في غرفة جدة عبر رسالته الإلكترونية الماضية بترك الموضوع للمناقشة على طاولة المجلس، وذلك خلال مخاطبته لأحد أعضاء غرفة جدة بعد محاولته إثارة النقاش حول تصريحات بن محفوظ لـ«الشرق الأوسط» عبر البريد الإلكتروني.