«التعليم العالي» يؤسس لخطة تعليمية استراتيجية لـ25 عاما مقبلة

الوزير العنقري يؤكد مواجهة تحديات تتطلب تبني الجامعات خططا وقادة يملكون رؤية ثاقبة

حضور مكثف للمعرض المصاحب لمؤتمر التعليم العالي الدولي الذي تحتضنه العاصمة الرياض («الشرق الأوسط»)
TT

كشفت الرياض أمس، عن خطة استراتيجية تنصّب وتستهدف تطوير التعليم العالي، لمدى حدده وزير التعليم العالي في المملكة بـ25 عاما مقبلة، من شأنها أن تعمل على تحويل هذا القطاع الحيوي إلى منظومة تحظى بالاعتراف والتقدير العالمي والإقليمي في آن واحد.

وعزا الدكتور خالد العنقري وزير التعليم العالي السعودي، تبني تلك الخطة طويلة المدى لما سماه بتطوير التعليم، وتحويله إلى منظومة تسهم في توليد المعرفة، وتراعي نشرها في الداخل والخارج.

وجاء كشف السعودية النقاب عن الأمر خلال افتتاح معرض ومؤتمر التعليم العالي الدولي، والذي يقام على مدى 3 أيام في العاصمة السعودية الرياض، ويحظى برعاية ملكية من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، افتتحه نيابة عنه الدكتور العنقري، الذي رأى أن التحول نحو اقتصاد المعرفة، يتطلب توفير الأموال اللازمة لدعم برامج التطوير، في وقت تضاعف فيه التمويل المخصص للتعليم العالي في البلاد إلى ثلاثة أضعاف خلال السنوات الخمس الماضية، حتى بلغ ما نسبته 12 في المائة من الميزانية العامة للدولة.

وأشار وزير التعليم العالي إلى برامج الجامعات باتجاه توفير تمويل مستدام من خلال الأوقاف والاستثمارات التي قاربت 6 مليارات ريال، معتبرا أن المرحلة المقبلة، ستواجه تحديات تتطلب أن تتبنى الجامعات السعودية استراتيجيات تنموية نموذجية، وإعداد قادة يملكون الرؤية الثاقبة للتعامل مع الأحداث والقضايا المختلفة.

وأبرز العنقري في كلمة ألقاها في الافتتاح، استراتيجية المملكة في مجال التعليم العالي، والتي رأى أنها تأخذ بعين الاعتبار، الارتباط بعوامل التنمية وللتحديات التي يشهدها في ظل العولمة وثورة المعلومات والاتصالات، مشيرا إلى نجاح المعرض خلال نسخته التي انطلقت العام الماضي، من خلال استقطاب أكثر من 250 ألف زائر، مشيرا إلى توقيع أكثر من 45 اتفاقية تعاون، كما تحدث فيه أكثر من 55 شخصية من 26 دولة.

وأبدى الوزير السعودي ثقته بأن يحقق المعرض في نسخته الثانية مزيدا من مؤشرات النجاح، لا سيما في وجود أكثر من 1000 عارض ومشارك من أكثر من 300 جامعة تمثل 50 دولة، وهو الأمر الذي وصفه الوزير بـ«الفرصة الاستثنائية»، مرجحا أن يكون لها تأثير واضح على التعليم العالي محليا وعالميا.

من جانب آخر عبر الدكتور ديفيد سكورتون مدير جامعة كورنيل الأميركية كلمة الجامعات المشاركة عن دهشته بما رآه في مجال التعليم العالي بالسعودية بالقول: «من المدهش ما نراه من التقدم في مجال التعليم العالي في المملكة، وهذه المناسبة فرصة مهمة، وتحد جديد نشترك فيه جميعا، ونتعاون على الاستفادة من الأفكار الجديدة والتجارب العلمية من أجل تطوير العمل في هذا المجال، خصوصا أن زملاءنا في المملكة يدركون دور الجامعات في تنمية المجتمع».

وأشار سكورتون إلى دور الثقافة العربية والإسلامية في تاريخ عدد من العلوم والآداب، واعتبر أن مفهوم المجتمع الدولي الذي يلتقي لدعم العلم والتعلم يمثل شكلا حضاريا للتعاون، من أجل خدمة الإنسانية، مشيرا إلى أن المعرض يعمل على جعل الدول تضع أيديها معا، في سبيل تطوير التعليم العالي، في الوقت الذي يشهد فيه هذا القطاع اندماجا كبيرا بين جهود الإفراد والمؤسسات، ويزداد دور التعليم العالي وضوحا وتأثيرا على المجتمعات، معتبرا الأفراد المتعلمين أساسا لرخاء أي بلد في العالم.

وأشاد سكورتون في كلمته بما شاهده في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، من حرص القيادة السعودية على إرساء تنمية علمية وفق أحدث المعايير العالمية.

وعلى صعيد ذي صلة انطلق صباح يوم أمس أول برامج ورش العمل المصاحبة للمعرض والمؤتمر الدولي الثاني للتعليم العالي، والتي من المتوقع أن تزيد على 10 جلسات عمل يوميا في معارض الرياض.

وكانت أولى الجلسات للدكتور سالم با عبد الله بعنوان «برنامج منحتي»، والثانية للدكتور جايسون ليقات عن البحوث التطبيقية العالمية وللدكتور عادل الرجب، والدكتور عبد الله الخراشي من جامعة الفيصل الأهلية، فيما برز في الجلسة الثالثة موضوع التعليم عن بعد بجامعة الملك عبد العزيز للدكتور تميم سمان، بالإضافة إلى ورشة للدكتور حسين عقيلي بعنوان «بناء وإدارة المنهج المطور بكلية الطب بجامعة جازان».

وناقشت الورشة الرابعة «كرسي بحث جريدة الجزيرة للدراسات اللغوية» ألقتها الدكتورة نوال الحلوة، وجلسة أخرى بعنوان «سنوات من التميز لجامعة بافيا» ألقاها الدكتور جيان باريجي، فيما شملت الجلسة الخامسة للدكتور بيتر لي مناقشة التواصل التجاري خلال الدراسات العليا، ومعايير الجودة في كراسي البحث في المملكة، للدكتور سعد الزهراني والدكتور فهد العسكر والدكتور محمد خياط.

ومن المتوقع أن يتجاوز عدد ورش العمل المصاحبة للمعرض 30 ورشة عمل، موزعة على 3 أيام يقدمها مشاركون من جامعات عالمية ومحلية، وتدور مواضيعها حول قضايا هامة في التعليم العالي كالجودة والاعتماد الأكاديمي والإرشاد الطلابي والتعليم عن بعد وخدمة المجتمع وتجارب بعض الجامعات العالمية.

من جانبه، رأى الدكتور خالد السلطان مدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن أن 70 في المائة من سكان المملكة دون سن الثلاثين عاما، بسبب الديمغرافية السكانية، وهو الأمر الذي يلقي على الجامعات مهمة تستدعي ضرورة النمو ومواكبة العصر بكافة عوامل التقدم التي بلغها التعليم في أرجاء المعمورة.

وقال السلطان: «على المملكة تنويع اقتصادها كونها من أكبر اقتصاديات العالم بسبب البترول، فأهمية التحول للاقتصاد المعرفي يستند على كون الخطة التاسعة تشجع القطاع الخاص على التحول المعرفي بنسبة 23 في المائة، في حين تعمل الجامعات السعودية ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية على نقل الاقتصاد السعودي من النفط إلى المعرفة، فالمملكة تسعى لأن يكون اقتصادها له دور عالمي عام 2020، وهناك ضرورة أن يكون الاقتصاد الصناعي قائما على المعرفة ومعتمدا على ربط برامج وزارة العلم ومؤسسة التعليم الفني ووزارة التجارة في آن واحد».

يشار إلى أن الندوة الأولى للمعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي التي أقيمت يوم أمس الثلاثاء، واندرجت تحت عنوان نظام الجامعات العالمية الرائدة، قد شهدت نقاشا موسعا بين المشاركين والحضور حول أبرز النماذج والتجارب لخلق كيانات جامعية بمستوى عالمي.