أهالي جدة: إحالة 332 شخصا للتحقيق لتحديد مسؤولياتهم الجنائية رسالة لكل من يحاول أن يتربح على حساب الأبرياء والآمنين

استبشروا بالقرار وطالبوا بالتشهير بالمتورطين

TT

استبشر أهالي جدة خيرا بالبيان الذي أصدرته وزارة الداخلية، أمس، والقاضي بإحالة 332 شخصا لجهات التحقيق، لتحديد المسؤوليات الجنائية والإدارية حيالهم، في كارثة سيول جدة الأولى، واستبشروا خيرا بقرب الإعلان النهائي عن العقوبات التي ستطال المتورطين المدانين في الكارثة، لمعاقبتهم حتى يكونوا عبرة لكل من يحاول أن يتربح على حساب الأبرياء والآمنين.

وبحسب مصادر مطلعة، طال التحقيق أسماء كبيرة في أمانة جدة، كما وصل لعدد من كتاب العدل، وتم الدفع بهم ليمثلوا أمام الدوائر الجزائية في قضايا إصدار صكوك لمخططات على مجاري السيول، كما تم استجواب قرابة أربعين مسؤولا بعضهم تم اعتقاله أثناء دوامه في مكاتب الأمانة وأطلق سراح أكثرهم بعد انتهاء التحقيقات.

سلطان الدوسري، مدير الدراسات والإعلام في إمارة منطقة مكة المكرمة، أكد أن لجنة تقصي الحقائق ومنذ تكليفها من قبل خادم الحرمين الشريفين باشرت أعمالها، وكان من بين أعمالها التحقيق مع من كانت لهم علاقة بالكارثة، وبالفعل أنهت التحقيقات في وقت قياسي لم يتجاوز ثلاثة أشهر.

وأضاف الدوسري «رفع أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة التحقيق نتائج التحقيقات بتقرير موسع إلى خادم الحرمين الشريفين، تضمن أسماء أشخاص وجهات لهم علاقة مباشرة وغير مباشرة بكارثة السيول، واشتمل أيضا على الحلول حول أسباب الكارثة والحلول الدائمة التي تضمن عدم تكرار المشكلة، وأحيلت بعد ذلك إلى لجنة وزارية برئاسة الأمير نايف بن عبد العزيز، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، والتي أقرت النتائج وأحالتها للمحاكم».

وعبر بسام بن جميل أخضر، عضو المجلس البلدي بجدة، عن ثقته وأهل العروس في القيادة الحكيمة ومعاقبتها كل من تثبت إدانته من جهات الاختصاص في الكارثة التي خلفت وراءها خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات وتسببت في حالة من الذعر والفزع بمختلف أحياء جدة.

وقال «استبشرنا خيرا بإعلان قائمة المتورطين الذين أساءوا إلى هذا الوطن قبل أن يسيئوا إلى أنفسهم عقب تصريح المصدر المسؤول في وزارة الداخلية، حيت نتوقع أن يعلن قريبا عن المدانين لمعاقبتهم حتى يكونوا عبرة لكل من يحاول أن يتربح على حساب الأبرياء والآمنين».

واستدل أخضر بتصريحات الأمير نايف بن عبد العزيز، الذي ذكر أن أسماء المتورطين في كارثة جدة ستعلن حال صدور الأحكام عليهم بالعقوبة، وأوضح حينها أن لجنة التقصي حددت المتسببين وسيحالون إلى لجنة «التحقيق والادعاء العام»، التي ستتولى هذا الموضوع، ومن يدان يحال إلى القضاء.

من جانبه، قال المستشار القانوني الدكتور ماجد قاروب، إن الإحالة تؤكد على أن مدينة جدة وأهاليها وضحاياها وشهداءها محل اهتمام خادم الحرمين الشريفين والقيادة الكريمة، وأن الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، الذي كلف برئاسة لجنة تقصي الحقائق، أدى واجباته كأمير للمنطقة ومكلف من قبل خادم الحرمين الشريفين، وأدى هذه المهمة على خير وجه.

وأضاف قاروب «نحن أهالي جدة نتمنى إصلاح أي شكل وأي خلل في أي من الجهات الحكومية، وسلطات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية، إضافة إلى كل قطاعات الدولة المختلفة، ونتمنى أن تكون جدة نموذجا للإصلاح الشامل والداخلي لباقي مدن المملكة، لأن ما يحدث في جدة ليس مقصورا عليها فقط، فالفساد والإصلاح في كل مكان، ونتمنى إصلاح الضرر في جدة».

أما من الناحية القانونية، فأوضح المحامي قاروب «نتطلع لأن تكون التحقيقات والتقاضي والأحكام بما يتفق وتصحيح الأنظمة وضوابطها، وأن يحصل المتهمون على حقهم المشروع، في أن يكون لهم حق التقاضي، والمحاكمة تؤسس لمرحلة جديدة من العمل القانوني والقضائي الحقوقي في السعودية، تتفق في شكلها ومضمونها مع ما هو منصوص عليه في مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرافق القضاء وديوان المظالم، وكلنا ثقة في أجهزة التحقيق والادعاء وأجهزة القضاء».

وبالعودة لسلطان الدوسري، وسؤاله حول اقتصار دور اللجنة على إحالة المتهمين فقط، أكد أن «التقرير احتوى على أسماء المتسببين والجانب والحلول التنموية، كما تم تشكيل لجنة فرعية لمعالجة المشكلات التي أدت للكارثة، واللجنة تجتمع بشكل دوري، وقد عقدت أمس اجتماعا ضم الأمير خالد الفيصل وزير المالية والشؤون البلدية والقروية لتفعيل الحلول الدائمة والعاجلة والتسريع بتنفيذها».. وهو ما كان أكد عليه الأمير خالد الفيصل، في آخر جلسات منتدى جدة الاقتصادي، من أن «المشاريع التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين لمحافظة جدة استثنائية واعتمدت في وقت قياسي»، وأعلن في السابع من مارس (آذار) الماضي عن موافقته على الخطط العاجلة لحماية محافظة جدة من السيول والأمطار على المدى القريب، مؤكدا أن تنفيذ تلك الحلول العاجلة سيتم في مدة لا تتعدى ستة أشهر، بعد أن وجه بالبدء فورا في تنفيذها. وأعلن عن أسماء نحو 11 شركة تمت دعوتها لتقديم عروضها، من أجل المنافسة للعمل كاستشاري لمشروع تصريف السيول والأمطار، وإنشاء البنية التحتية لمحافظة جدة.

وتشمل التدابير إعداد كل الجهات الأمنية والخدمية المعنية بمجابهة الكوارث الطبيعية خططا شاملة وموحدة لمواجهة الطوارئ، وإنشاء مركز لإدارة الأزمات والكوارث بصفة عاجلة، ودعم الدفاع المدني والمرور بكل الإمكانيات، ودعم الجهات الأمنية المعنية بالكوارث الطبيعية بالكوادر المدربة والمؤهلة. كما تتضمن إعادة هيكلة أمانة محافظة جدة ودعمها بكفاءات إدارية مؤهلة، مع توفير وسائل اتصال بديلة ومتقدمة، وتحديد مسارات وطرق مخصصة لآليات الدفاع المدني والإسعاف والهلال الأحمر والمرور كي يسهل انتقالها للموقع المطلوب. وتشتمل أيضا على تحديد أماكن آمنة (مناطق خضراء) وقت وقوع الكارثة للاحتماء من الأخطار، وتوفير دور للإيواء في كل محافظات المنطقة، بالإضافة إلى تفعيل الدور الإعلامي في توعية المواطنين بما يمكنهم فعله أثناء وقوع الكوارث.

من جانبه، قال يحيى المجرشي، أحد سكان حي قويزة وهو أحد أكثر الأحياء تضررا من الكارثة «أتمنى من كل قلبي أن تتم محاسبة جميع المقصرين والمسؤولين عن هذه المصيبة كبيرهم قبل صغيرهم، وأن يتم التشهير بهم، وأن يأخذوا جزاءهم على الوجه الأكمل». وقال إن المشكلة ليست في الخسائر المادية وإنما في أرواح الأبرياء التي راحت ضحية الاستهتار وسرقة المال العام.

وطالب من جهته إبراهيم الزهراني بالتشهير بأسماء المتورطين حتى يكونوا عبرة لغيرهم، ويكون ذلك رسالة لكل من تسول له نفسه هدر المال العام والتخاذل في أداء عمله والتهاون في أرواح الأبرياء.

وكانت لجنة درء مخاطر السيول والأمطار طالبت أمس بضرورة الانتهاء من المشاريع التي بدأ تنفيذها لتصريف السيول ومعالجة 14 نقطة حرجة في محافظة جدة قبل بداية مواسم الأمطار للعام المقبل. وشددت على ضرورة التزام المقاولين بالجدول الزمني الذي وضعه الخبراء الأجانب حتى لا تتكرر المأساة التي شهدتها العروس خلال كارثتي السيول في العامين الماضيين.

جاء ذلك خلال اجتماع اللجنة الذي ترأسه المهندس حسن الزهراني، نائب رئيس المجلس، ظهر أمس الأربعاء، بمقر المجلس وسط البلد، بحضور العضو بسام أخضر، والدكتور محمود دوعان من جامعة الملك عبد العزيز، والمهندس ناصر الصاعدي من هيئة المساحة الجيولوجية، والتي ناقشت في اجتماعها الجدول الزمني الذي وضعه الخبراء الأجانب لإنجاز مشاريع تصريف السيول والأمطار وإبداء الملاحظات النهائية على تلك المشاريع.

وقال المهندس حسن الزهراني إن «الاجتماع شهد مناقشة مستفيضة للجدول الزمني الذي يفترض أن يكون تم البدء به من مارس (آذار) الماضي، وينتهي في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، أي قبل شهر كامل من بداية موسم الأمطار بجدة، وأبدينا عددا من الملاحظات بناء على الجولات الميدانية التي قمنا بها في الفترة الماضية والمتابعة للنقاط الحرجة الـ14 التي تم الإعلان عنها في وقت سابق، واستعرضها الخبراء الأجانب على طاولة المجلس البلدي في اجتماع سابق، وتم التشديد على ضرورة التزام المقاولين بالمواعيد المعلنة».

وأشار نائب رئيس المجلس إلى أن المتابعة المستمرة للجنة درء مخاطر السيول والأمطار المشكلة من قبل المجلس البلدي وجامعة الملك عبد العزيز وهيئة المساحة الجيولوجية تأتي تكاملا مع الجهود المبذولة من قبل الجهات التنفيذية بناء على قرارات اللجنة الوزارية التي تشكلت بالأمر السامي عقب كارثة السيول الأخيرة، مشيرا إلى أن أعضاء اللجنة أجمعوا على ضرورة أن تقام المشروعات الحالية بأسلوب غير تقليدي حتى يتم الانتهاء منها على وجه السرعة.

من جانبه، أوضح بسام بن جميل أخضر، أن الخبراء الأجانب قدموا حزمة من الحلول لـ14 نقطة حرجة في شرق وشمال ووسط جدة تمثل حجر الزاوية حال سقوط أي أمطار جديدة، وعرضوا أمام المجلس رؤية شركة «إكوم» للحلول العاجلة لمواجهة مخاطر سيول في جدة بعد توجيهات الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة.

وأشار إلى أن اللجنة حرصت على طرح ملاحظاتها ورؤيتها عن السدود والقنوات الموجودة حاليا في جدة، وشددت على أهمية الدراسات التي تجرى في الوقت الحالي من أجل وضع حل نهائي وجذري لمشكلات تصريف مياه الأمطار والسيول في جدة، حتى لا تتكرر الخسائر في الأرواح والممتلكات.

وأشار إلى أن الاجتماع شدد على ضرورة المتابعة الدقيقة لكل المشاريع التي يجري العمل عليها، كما ستواصل اللجنة اجتماعها الأسبوعي لاستعراض آخر التقارير ونتائج الزيارات الميدانية التي يتم القيام بها.