سعوديون يبحثون عن فرص جامعية منخفضة التكاليف.. وأجانب يكتفون بالصور التذكارية

خلال المعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي الذي اختتم أعماله أمس

أرض معرض التعليم العالي تحولت طيلة أيام العرض إلى خلية نحل أشبه بالحرم الجامعي (تصوير: أحمد فتحي)
TT

تزاحم لافت للنظر ما شهدته أروقة المعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي في العاصمة السعودية الرياض، الذي أغلق أبوابه أمس (الجمعة)، حيث تحولت مساحته الداخلية الفسيحة إلى ما يشبه الحرم الجامعي.

عدد كبير من العارضين في الأجنحة، الذين يلحظ أن أغلب القائمين عليها من العنصر النسائي، حيث تشهد كزائر للمعرض العديد من النساء الأوروبيات، وهن يرتدين العباءات السعودية المزينة أكمامها باللون الأخضر الفاتح الذي يمثل هوية المناسبة، فيما دخل عشرات الطلاب والوفود الجامعية في نقاشات متعددة مع العارضين حول البرامج الدراسية والأكاديمية وفرص القبول والانتساب.

ويلحظ عدد من المنظمين للمعرض أن الأفكار التنظيمية للمعرض الحالي، مستوحاة من التجربة الأولى، التي يلاحظ أنها تحولت فعليا إلى مشاهد مماثلة، ولم يكن من الصعب التعرف على الحلول التصميمية التي تحدث عنها المنظمون، فالتوزيع الجديد كفل توفير متسعات إضافية للزوار والمشاركين.

وكان المشهد الأكثر تكرارا لضيوف المعرض من ممثلي الجامعات العالمية، ومن يلتقطون الصور بكاميراتهم الشخصية، في الوقت الذي يبدو فيه الجانب الآخر من المعرض في حالة من النشاط الملحوظ، خصوصا أجنحة الجامعات والكليات المحلية، التي يبدو جليا أن عددها قد زاد على ما كان عليه قبل عام.

الشاب أحمد الغامدي يتجول ممسكا بخريطة المعرض مع ورقة صغيرة كتب عليها أهم الجامعات التي يرغب في الاستفسار عن برامجها، يقول إنه «انتظر الدورة الثانية من هذا المعرض، بعد أن سمع عن نجاح المعرض في النسخة الماضية عن طريق أحد أصدقائه الذي يدرس حاليا في الولايات المتحدة، بعد أن رافقه العام الماضي إلى المعرض، وحينها نجح في التنسيق مع إحدى الجامعات الأميركية المعروفة».

وقال الغامدي «هذه المناسبات تختصر كثيرا من الجهد الذي يبذله الطالب من أجل الحصول على المعلومة، بل إنها جعلت الكثيرين يقفون واقعيا على مستوى الجامعات من خلال التواصل المباشر مع ممثليها». وعلى مقربة منه، كان الباحث مازن عبد الله يتحدث بلهجة إنجليزية متقنة مع أحد ممثلي الجامعات البريطانية، قبل أن يفصح عن رغبته في التواصل مع مراكز بحثية عالمية، للاستفادة من خبراتها والتعرف على أهم برامجها المتعلقة بتخصصات أكاديمية ومجالات حيوية مختلفة، مضيفا «كنت حريصا على زيارة المعرض في يومه الأول، وسأحرص على الحضور خلال اليومين التاليين، لجمع أكبر كم ممكن من المعلومات والعلاقات التي ستفيدني في مسيرتي العلمية».

في الوقت نفسه، تتوقع طالبة الصف الثالث الثانوي نادية التي جاءت مع عدد من زميلاتها، أن يزداد عدد زوار المعرض بشكل ملحوظ في يومي الأربعاء والخميس، موضحة أن زيارتها كانت للتعرف على أهم الخيارات الجامعية المتاحة لإكمال دراستها داخل أو خارج المملكة. وقالت إن «الفرصة التي يوفرها المعرض، جعلته يصبح من أهم التظاهرات التي تحتضنها الرياض، فكثيرا من الزوار الذين يأتون خصيصا من مختلف مناطق المملكة لهذه المناسبة تحديدا، يسعون لذات الغرض الذي نسعى له».

ويعلق أستاذ النقد الدكتور عبد الفتاح أحمد في إحدى الجامعات المشاركة في المعرض حيث يرى أن أهمية المعرض والمؤتمر الدولي لا تتوقف فقط عند جانب التواصل المباشر مع ممثلي الجامعات والأكاديميين العالميين، بل تتعدى ذلك إلى القيمة الكبيرة التي يقدمها البرنامج العلمي المصاحب، مضيفا «لقد اطلعت على برنامج الندوات وورش العمل، وأعجبت كثيرا بمستوى الضيوف المشاركين وأهمية المحاور المطروحة، إن هذه الفعاليات جميعها يجب أن تحظى بالاهتمام الكافي من قبل الجمهور عموما والعاملين في مجال التعليم العالي نظرا لما فيها من طروحات قيمة على المستوى الأكاديمي والإداري والتنموي».

وعلى مستوى العارضين، تجد الجميع على أهبة الاستعداد دائما للإجابة عن كل التساؤلات، ويتضح من وسائل العرض والمطبوعات والتناوب المستمر على مقابلة الزوار أن الجامعات التي تمثل قرابة 34 دولة باتت تملك معرفة أكبر بطبيعة المعرض وجمهوره من خلال مشاركتها العام الماضي.

العارض مايكل غياكون من جامعة اوت النيوزيلندية الذي يزور المملكة للمرة الرابعة، أبدى سعادته بما رآه في المعرض هذا العام، مشيدا بما يلمسه من الحماس الكبير والثقافة العالية لدى الشباب السعوديين، الذين يسألون عن فرص الدراسة الجامعية، معتبرا أن الدعم الذي تقدمه لهم الحكومة ممثلة في وزارة التعليم العالي، يمثل حافزا كبيرا يجب الاستفادة منه في التطور العلمي للفرد والمجتمع.

من ناحية أخرى، تقول العارضة لين ايجين من جامعة زيجيانغ الصينية، إن المعرض يمثل تجربة مهمة بالنسبة إليها وفرصة جيدة لتعريف الجمهور بالدراسة في الصين، وقالت في هذا الصدد إن «التنظيم يعبر عن احترافية القائمين على قطاع التعليم العالي في المملكة، فنتمنى أن تسهم هذه الفعالية في تعزيز العلاقات العلمية بين دول العالم ودعم الشراكات القائمة في مجالات أخرى دبلوماسية وثقافية واقتصادية».

أما المشرف على جناح جامعة سان رافايل الإيطالية في ميلانو، لورينزو داينا، فقد أبدى تفاؤله بالمشاركة في المعرض، مؤكدا على أن اليوم الأول أبرز وأظهر إمكانية عالية لتحقيق نجاح جماهيري وتنظيمي، من شأنه أن يسهم في دعم حركة التعليم العالي في المملكة. وقال إن «جامعته تطمح في استقطاب طلاب سعوديين، من خلال إعداد برامج عصرية في مجالات علمية مهمة، يأتي في مقدمتها التخصصات الصحية».

في جانب آخر، عجز رايموند فاكوجا المشرف على جناح جامعة فيتربي الأميركية عن إخفاء إعجابه الهائل بمستوى التنظيم، حيث وصفه بـ«المذهل»، وهو الأمر الذي توقع خلاله أن تكون الأيام المقبلة شاهدة على حضور أكبر من الزوار، لا سيما الطلاب والطالبات السعوديون من الراغبين في الحصول على أكبر قدر من المعلومة عن الجامعات في الخارج، أملا في إكمال ومواصلة دراستهم، لا سيما أن المملكة تقدم لأبنائها برنامجا ضخما وهائلا يتمحور حول الابتعاث الخارجي، وهو ما يشكل نقلة حضارية في تاريخ المملكة على المستوى القريب.