267 مؤسسة بحث علمي.. تعمل 55% منها على العلوم التطبيقية والطبية

معظمها في الرياض.. والسنوات العشر الأخيرة شهدت إنشاء الجزء الأكبر منها

TT

كشفت دراسة حديثة، عن وجود 267 مؤسسة بحث علمي في السعودية، تغطي معظم تخصصات المعرفة البشرية، وينصب عمل ما يقارب ثلث هذه المؤسسات على العلوم التطبيقية، مما يعكس الاهتمام العلمي الملموس في البلاد في مجال العلوم التطبيقية، يليها في الاهتمام مجال العلوم الطبية، بقرابة 60 مؤسسة بحث علمي.

وتوصلت الدراسة التي شاركت فيها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إلى أن عدد مؤسسات البحث العلمي في السعودية يبلغ 267 مؤسسة، تغطي معظم تخصصات المعرفة البشرية، وتقع أكثر تلك المؤسسات في العلوم التطبيقية بنسبة تقدر بـ31.4 في المائة، تليها العلوم الطبية بقرابة 22.8 في المائة، ثم العلوم الإنسانية بنسبة 14.9 في المائة، فالعلوم الاجتماعية بنسبة قدرت بـ13.8 في المائة.

وجاء ذلك، ضمن أوراق العمل التي تم تقديمها أول من أمس (الثلاثاء)، ضمن منتدى الشركة المجتمعة في مجال البحث العلمي، الذي يقام تحت رعاية الأمير نايف بن عبد العزيز، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وتشرف عليه جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تحت عنوان «صناعة البحث العلمي في المملكة»، حيث بحث المنتدى مقومات البحث وواقعه وإسهاماته الاجتماعية والصناعية والاقتصادية والتنموية، والأدوار المنتظرة من فعاليات المجتمع المختلفة لإرساء دعائمه.

وأوضح الدكتور عبد الرحمن فراج، صاحب الورقة البحثية التي استعرضت النتائج، والتي جاءت بعنوان «مؤسسات البحث العلمي في المملكة العربية السعودية: دراسة تحليلية»، أن هذه الورقة تهدف إلى محاولة الكشف عن الخصائص البنيانية لمؤسسات البحث العلمي في السعودية، وذلك بوصفها أحد عناصر البنى التحتية للبحث العلمي والتقني.

وعدد الدكتور فراج من بين هذه العناصر، تطور هذه المؤسسات البحثية الزمني، والتوزيع الجغرافي لها، واهتماماتها الموضوعية، وأنماطها النوعية، وغطت الدراسة مؤسسات البحث العلمي في كافة قطاعات المعرفة البشرية، وفي جميع مدن البلاد.

وانصبت الدراسة على المؤسسات القائمة في الجهات الأكاديمية والوزارات والأجهزة الحكومية التابعة لها، وذلك دون مؤسسات القطاع الخاص.

وأوضح الدكتور فراج في ورقته البحثية التي قدمها في جلسات المنتدى، أن تاريخ مؤسسات البحث العلمي في السعودية إلى أكثر من أربعين عاما، حيث أنشئت أولى هذه المؤسسات عام 1390 هجرية، في حين أن العقد الهجري الأخير (1421 - 1430هـ) يعد أكثر الفترات الزمنية التي تمتعت بإنشاء مؤسسات للبحث للعلمي.

وأضاف الباحث أن مؤسسات البحث العلمي، توزعت على 12 منطقة مختلفة من مناطق البلاد، مشيرا إلى أن العاصمة الرياض تحظى بأكثر من نصف مجموع المؤسسات، وتميل كفة مؤسسات البحث العلمي نحو الجامعات والمؤسسات الأكاديمية، حيث تهيمن على أكثر من 8 أعشار مجموع تلك المؤسسات، بينما تحظى الوزارات والهيئات الحكومية على أقل من عُشري هذا المجموع.

وناقشت الجلسات الأربع، التي ضمت عددا من المتحدثين من قطاعات ذات علاقة بالمجال البحثي، قضايا البحث العلمي المختلفة، وتطرقت إلى تجارب عدد من الجهات الحكومية في هذا الصعيد، حيث طرح الدكتور محمد الكنهل، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للغذاء والدواء، ورقة بحثية تحت عنوان «الآثار المنتظرة من صناعة البحث العلمي في المملكة في مجال الغذاء والدواء»، تناول فيها ماهية الآثار المنتظرة من صناعة البحث العلمي في السعودية في مجال الغذاء والدواء.

وتطرق الأمير الدكتور خالد بن عبد الله آل سعود، عضو مجلس الشورى، واقع الدعم الحكومي لصناعة البحث العلمي في السعودية، الذي يتمثل في التعرف على واقع مؤسسات البحث وتاريخها العلمي، وطرح واقع الدعم المالي للبحث العلمي ومقارنة ذلك بما يقدم على المستوى العالمي وبالأخص في الدول والمجتمعات المتقدمة، وناقش الطموحات والتحديات التي تواجه صناعة البحث العلمي في السعودية وذلك لتحقيق الأهداف الوطنية المأمولة منها.

من جانبه، أكد الدكتور عبد الرحمن العبيد، نائب الرئيس التنفيذي للتقنية والابتكار في شركة «سابك»، أن بناء القدرات التقنية أمر حيوي لمتطلبات التنافسية والنمو المستديم. وأضاف أن «سابك» تغلبت على عدد من التحديات بوضع الاستراتيجيات اللازمة للأبحاث والابتكار، عبر سلسلة من الإجراءات العلمية المدروسة، متحدثا عن تجربة الشركة منذ تأسيسها عام 1976.

واستعرض الدكتور عمر سلمان عبد الحميد، من «أرامكو» السعودية، تجربة «أرامكو» واستراتيجيتها في تشجيع البحث العلمي في البلاد، التي تنص على أن تكون رائدة على المستوى العالمي بلا منازع في تقنيات التنقيب والإنتاج، وتقنيات استراتيجية أخرى مختارة حسبما يلزم لتحقيق النجاح على المدى البعيد، يتم تطويرها من خلال جهود الشركة وأعمال البحث والتطوير التعاونية المدعومة بمواهب ذات مستوى عالمي، مشيرا إلى أنه يستلزم دعم وتنفيذ هذه الاستراتيجية الطموحة في مجال البحث والتطوير.

وشدد عبد الحميد على ضرورة توطيد أعمال البحث والتطوير المنشئة للقيمة في «أرامكو» السعودية ودوائر الشركة التي عهد إليها بتنفيذ استراتيجية البحث والتطوير الخاصة بالشركة، ونشوء وتأثير العناصر الثلاثة المتداخلة لرأس المال الفكري؛ ممثلة في رأس المال البشري ورأسمال العلاقات والتنظيم، على أعمال البحث والتطوير المنشئة للقيمة، كما ناقش جهود «أرامكو» السعودية في تقدم البحث والتطوير في السعودية من خلال تأسيس برنامج التعاون مع الجامعات، وهبات كراسي الأستاذية والشراكات الاستراتيجية مع الجامعات والمعاهد المحلية، باعتبارها حالة نموذجية للاستفادة من رأس المال البشري، ورأسمال العلاقات في تعزيز رأس المال التنظيمي.

وقال «يأتي نشر ثقافة تبادل المعرفة من خلال تأسيس الجمعيات العلمية المحلية، مثل: فرع الجمعية العالمية للعلوم الكيميائية بالسعودية التابع للجمعية الكيميائية الأميركية، وفرع جمعية مهندسي البترول بالسعودية، اللذين سيتم طرحهما كمثال على تعزيز رأس المال التنظيمي ورأسمال العلاقات».

وعمل المنتدى الذي انتهت أعماله أمس، على تقويم مدى توافر البيئة المحلية على المقومات الرئيسية اللازمة لقيام صناعة البحث العلمي، وتحديد الآثار الاجتماعية، والاقتصادية، والتنموية المتوقعة من صناعة البحث العلمي في البلاد، والإسهام في تحديد الإطار العام لمجالات صناعة البحث العلمي، وأولوياتها في السعودية، واستشراف الأدوار المتوقعة من فئات المجتمع وفعالياته المختلفة في صناعة البحث العلمي فيها، واستعراض الفرص المتاحة أمام القطاع الخاص المحلي والأجنبي للاستثمار في صناعة البحث العلمي على المستوى المحلي.