الأمير سلمان.. دبلوماسية فن الحكم ونجاح الإدارة والحضور الإنساني

جوانب لافتة في شخصيته يرصدها مفكر عربي محددا المهارات السياسية والسمات التي يتمتع بها * قصة عشق بين سلمان والرياض تنتهي بزفاف «عروس الصحراء» * قائد تحولها خلال 57 عاما يكشف عن سر هذا العشق

الأمير سلمان بن عبد العزيز.. حضور إنساني. وفي الصورة يطبع قبلة على جبين أحد الأيتام (تصوير: أحمد فتحي)
TT

جاء نيل الأمير سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، جائزة الإبداع الإعلامي العربي لعام 2011، من هيئة الملتقى الإعلامي العربي، في المؤتمر الذي أقيم بالكويت بداية الأسبوع الحالي، انعكاسا طبيعيا لاهتمامات وحضور الأمير في المجالات المختلفة، ومنها الإعلام وبين الإعلاميين، بهدف النهوض بالرسالة الإعلامية وتعزيز موقع إعلام بلاده بين أجهزة الإعلام العربية والعالمية.

ولعل من الصعوبة الإحاطة بكل الجوانب اللافتة في شخصية الأمير سلمان، وتحديد المهارات والسمات التي يتمتع بها، من خلال حصيلة 57 عاما من التجارب والمواقف الإنسانية والخيرية والإدارية والثقافية والتاريخية؛ لكن يمكن القول بأن شخصية الأمير سلمان وحضوره اللافت في كل المجالات دفعت الكتاب إلى التهافت للتأليف عنه وسبر أغوار شخصيته، رغم رفض الأمير الدائم الكتابة عنه، ونجح عدد من المؤلفين والكتاب والمفكرين في رصد جوانب من شخصية الأمير والوقوف على «الكاريزما» الخاصة التي يملكها.. فقد رصد مفكر وكاتب عربي جوانب مهمة في شخصية أمير عاصمة دولة كبيرة لها وزنها وحضورها الديني والسياسي والاقتصادي إقليميا وعالميا، وقارن في كتاب عنه بين شخصية مؤسس هذا الكيان الكبير، وبين نجله الـ25 الذي ورث عن والده المؤسس عددا من الخصائص والمواهب، كما أبرز الكاتب جوانب مجهولة في شخصية الأمير السعودي الذي سجل طيلة أكثر من نصف قرن حضورا إنسانيا وخيريا وإداريا، كما سلط الضوء على جوانب تتعلق بنجاح الأمير إداريا وإلمامه بدبلوماسية وفن الحكم، كما حدد المهارات السياسية والملامح الإنسانية التي يتمتع بها الأمير.

وأنجز المفكر والكاتب السعودي زين العابدين الركابي، كتابا عنونه بـ«سلمان بن عبد العزيز.. الجانب الآخر»، ووصفه ناشره (مكتبة العبيكان)، بالمثير للاهتمام، مرجعا ذلك لسببين؛ أولهما: صعوبة الإتيان بجديد عندما يدور الحديث عن شخصية معروفة محليا وعربيا وعالميا، إذا كانت في علو قامة الأمير، والثاني جانبه التوثيقي الموضوعي في الكشف عن الجوانب المجهولة بالنسبة لكثيرين في شخصية الأمير سلمان.

وأورد الكتاب في سياق الحديث عن نهج الأمير سلمان في الشفافية كأحد فنونه في الحكم، حديثا لم ينشر من قبل للأمير سلمان مع مجموعة من طلاب جامعة هارفارد أثناء زيارة الطلاب للرياض مع أحد أساتذتهم قبل أشهر كشف فيه عن جوانب تؤكد إلمام الأمير سلمان بقضايا العصر وامتلاكه رؤى واضحة حولها، حيث أكد الأمير بصراحة بأن السعوديين يؤمنون بأن كل إنسان حر في عقيدته، لا يكره أبدا على عقيدة لا يريدها، موردا نصوصا كثيرة حول هذه المسألة، كما أوضح أمير منطقة الرياض لأستاذ وطلاب جامعة هارفارد أن هناك لبسا في فهم موضوع «الإرهاب والتطرف»، الذي يرتكب من قبل أشخاص ينتسبون إلى الإسلام، مشددا على أن ذلك ليس نابعا من مشكلة أصلية في الدين نفسه، وقال في هذا الصدد: «المشكلة ليست في المصدر ولا في المنهج، إنما المشكلة في (المتطرفين)، الذين يفهمون الدين خطأ، ويطبقونه خطأ، سواء أكان هؤلاء المتطرفون مسلمين أم مسيحيين أم يهودا». ولمح الأمير سلمان إلى أن تأكيداته على تلك الحقائق لا يريد منها الدفاع عن متطرفين أو إرهابيين يصنفونه عدوا، إنما للتنبيه على أنهم لا يمثلون الإسلام، موضحا بالقول: «إنكم سوف تعانون في يوم من الأيام من المتطرفين في المسيحية واليهودية، فهؤلاء المتطرفون من مسلمين ويهود ومسيحيين يضرون بالبشرية كلها من حيث إنهم يجعلون العلاقة بين الأديان والأمم علاقات توتر ومشاحنات وصراع وعنف، بينما أرادها الله علاقات تعارف وتراحم وسلام».

وفي حواره الذي لم ينشر من قبل مع مجموعة من طلاب جامعة هارفارد بحضور أحد أساتذتهم، كشف الأمير سلمان حقيقة ربما غابت عن كثير من الناس عندما قال: «التاريخ الموثق يخبرنا أن رسول الإسلام تحالف مع اليهود في المدينة وتعاون معهم من خلال دستور مكتوب عرف - تاريخيا - بـ(وثيقة المدينة).. والخلل في العلاقة جاء من اليهود الذين نقضوا الوثيقة، ولم يلتزموا ببنودها»، وأكد الأمير سلمان بالقول: «نحن ضد أي تعصب.. وأنتم تتذكرون اليسار الشيوعي الذي كان يقوم بجرائم إرهابية.. وتتذكرون أن أعمالا إرهابية حدثت في اليابان وألمانيا ودول أخرى».

وطرح الأمير سلمان في حواره مع الطلاب الأميركيين، رؤى لكثير من القضايا المحلية المتعلقة بالإصلاح والديمقراطية والمرأة والشورى.

ابتدر الأمير سلمان الطلاب الأميركيين بقوله: «أنا جدا مسرور أن أراكم هنا في المملكة العربية السعودية لكي تطالعوا الأمور والأشياء على حقيقتها وطبيعتها. وطالما قلت: إن المشكلة في (عدم المعرفة).. فمن يعرفنا على حقيقتنا لا مشكلة معه قط، لأن معرفته هذه تقوده إلى فهم أوضاعنا.. ليس بالضرورة أن يوافق على منهجنا، ولكنه يتفهم أن لكل مجتمع خصائصه وتقاليده وأعرافه وقيمه وخياره الحضاري. ولكل مجتمع - كذلك - حساباته في حركة تطوره. أرحب بكم مرة أخرى، وأنا مستعد للجواب عن أي سؤال».

قال البروفسور الذي يقود المجموعة الطلابية من جامعة هارفارد: «يسرني أن أتكلم نيابة عن نخبة من طلبة هارفارد يزورونكم في صحبتي، وهم نسيج متنوع من الولايات المتحدة الأميركية.. وأميركا الجنوبية.. وأوروبا.. وهذه (النخبة الدولية) من الطلاب يدرسون الأعمال، وسوف يصبحون في المستقبل في مواقع القرار في بلادهم، ولذلك جاءوا لتخصيب معرفتهم بالتعرف على صناع القرار من أمثالكم وبطريقة مباشرة».

الإرهابيون أساءوا إلى الإسلام

* وكانت بداية الأسئلة الحوارية سؤالا من طالب، إذ قال: «لدي سؤال وهو: إن هناك موجة من التطرف في العالم العربي، وأود أن أعرف ما جهود المملكة العربية السعودية لمواجهة الإرهاب؟».

- أجاب الأمير سلمان: «نحن في طليعة دول العالم التي واجهت الإرهاب بطرق وتدابير عدة، منها: تدبير الحزم والقوة، وتدبير تحكيم القضاء، وتدبير المكافحة الفكرية والإعلامية. وإننا نبذل كل جهد مستطاع لاجتثاث الإرهاب بكل الوسائل المتاحة والفاعلة، وعلى سبيل المثال: هناك متخصصون يلتقون المعتقلين ويتحدثون إليهم في محاولة لإقناعهم بالعودة إلى الطريق الصواب، وقد أحرزنا نجاحا ملحوظا على هذه المستويات جميعا.

وفي سياق جهود مكافحة الإرهاب بجد ومسؤولية يمكنكم أن تعرفوا مثلا أنه منذ سنتين عقد في المملكة العربية السعودية مؤتمر عالمي تركز على مكافحة الإرهاب، وقد عقد المؤتمر في الرياض برعاية الملك عبد الله بن عبد العزيز، كما يمكن أن تعرفوا أن لدينا (مركزا دوليا) لمكافحة الإرهاب، وهو مركز نأمل من دول العالم كافة أن تتعاون معنا على تعزيز نشاطه المتعدد المضامين والصور، حيث إن المركز يصب في حماية الإنسانية كلها من شرور الإرهاب وآثاره المدمرة.

وأحب أن أقول بصراحة: إننا ندين الأعمال الإرهابية كلها ونستهجنها، لأن الإرهاب يسيء إلى الإسلام، وقد صدرت بيانات من كبار علماء المملكة ومشايخها تعتبر الإرهاب جريمة كبيرة ضد الإسلام نفسه بما في ذلك الإرهاب الذي وقع في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) في واشنطن ونيويورك.

وأزيدكم صراحة ووضوحا فأقول: نحن نؤمن بأن كل إنسان حر في عقيدته لا يكره أبدا على عقيدة لا يريدها، وهناك نصوص كثيرة حول هذه المسألة، كما أن هناك آية قرآنية تقول: «آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله». فهذه الآية توجب على المسلمين الإيمان بالكتب والرسل السابقين وأن لا يفرقوا بين رسل الله بمن في ذلك موسى بن عمران وعيسى ابن مريم، عليهما السلام.

المشكلة ليست في المصدر ولا في المنهج، إنما المشكلة في (المتطرفين) الذين يفهمون الدين خطأ، ويطبقونه خطأ، سواء أكان هؤلاء المتطرفون مسلمين أم مسيحيين أم يهودا، وأقول لكم: إنكم سوف تعانون في يوم من الأيام من المتطرفين في المسيحية واليهودية، فهؤلاء المتطرفون من مسلمين ويهود ومسيحيين يضرون بالبشرية كلها من حيث إنهم يجعلون العلاقة بين الأديان والأمم علاقات توتر ومشاحنات وصراع وعنف، بينما أرادها الله علاقات تعارف وتراحم وسلام. وأعود فأؤكد: أن هؤلاء الإرهابيين أساءوا إلى الإسلام أكبر إساءة.

أنا مسلم، وأؤمن بأن الإسلام هو دين الوسطية، فلا تطرف إلى اليمين، ولا إلى اليسار، والإسلام كذلك دين رحمة ومحبة، والرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما اضطهده قومه أمر الصحابة المؤمنين به بالهجرة إلى الحبشة التي كان يحكمها النجاشي، وكان يدين بالنصرانية وقد عرف بالعدل فاستضاف النجاشي أصحاب محمد وأكرمهم.

والتاريخ الموثق يخبرنا أن رسول الإسلام تحالف مع اليهود في المدينة وتعاون معهم من خلال دستور مكتوب عرف - تاريخيا - بـ(وثيقة المدينة)، والخلل في العلاقة جاء من اليهود الذين نقضوا الوثيقة، ولم يلتزموا ببنودها.

نحن ضد أي تعصب، وأنتم تتذكرون اليسار الشيوعي الذي كان يقوم بجرائم إرهابية، وتتذكرون أن أعمالا إرهابية حدثت في اليابان وألمانيا ودول أخرى.

أنا لا أدافع عن إرهابيين يحملون أسماء إسلامية، فأنا مصنَّف عدوا لديهم، ولكن أريد التنبيه إلى أنكم سترون متطرفين إرهابيين من أديان أخرى، ومن حقكم علينا كشباب وصغار السن أن نوجه انتباهكم إلى هذه المعضلة المشتركة».

لا للقفز المتهور

* تدخل البروفسور فقال: إن كلامكم يتوافق تماما مع أفكار هذه النخبة من شباب هارفارد، ولدي سؤال من الجنس الناعم يقول: ما الخطوات التي اتخذتها المملكة لضمان حقوق المرأة في بلادكم؟

- قال الأمير سلمان: «الإسلام هو منهاج المملكة، وهذا المنهاج يضمن حقوق المرأة: حق الحياة وحق التعليم وحق الكرامة وحتى العمل، وهي حرة في مالها؛ لا يحق لزوجها أو غيره أن يسلبها هذا الحق بحال من الأحوال، وهي حرة في مسألة اختيار زوجها، لا يحق لأحد أن يكرهها على أن تتزوج بمن لا تحب ولا تريد.

هذه كلها حقوق كفلها الإسلام لها، ولكنني أريد أن أعرف ما المقصود بالضبط من السؤال، هل هي حقوق الانتخاب؟

* البروفسور: نعم - الأمير سلمان: نحن لنا ظروف اجتماعية خاصة، وأريد أن أسألك - في هذه النقطة - سؤالا واحدا محددا وهو: الولايات المتحدة وهي دولة علمانية، أقصد أنها لم تقم على أساس ديني وإن كان المسيحيون فيها هم غالبية الشعب.. وسؤالي هو: هل الدين المسيحي يمنع إعطاء المرأة حقها؟ متى أعطيت المرأة حقها في هذا المجال؟

* البروفسور: في وقت متأخر.

- الأمير سلمان: أنا سمعت - ولم أذهب إلى أميركا في ذلك الوقت - أن السود لم يكن يسمح لهم بدخول بعض المطاعم والمرافق الأخرى! لماذا لم تعطهم بلادكم حقوقهم في المساواة في بداية القرن العشرين؟ قد يقال: ربما لو تم ذلك لحدثت حرب أهلية، إنما ما قصدته لا يعني بحال من الأحوال المقارنة ولا الرغبة في تأخير الحقوق، وإنما المقصود هو: تقدير الظروف الاجتماعية وشبكة الأعراف والتقاليد التي ينبغي أن يتم التطور من خلالها وبمعالجة عاقلة لها: لا بالقفز المتهور عليها.

إن المرأة لدينا تعمل في كل المجالات: في الإدارة والطب والهندسة والتعليم والتجارة، وغير ذلك من المجالات والحقول، وهذه وظائف وأعمال كانت ثمرة طيبة لـ(التطور المتدرج الهادئ) وفي ضوء هذه التجربة الناجحة أقول: إنه ليس من المستحسن أن تقوم دولة فتصدم شعبها بقرارات ذات حساسية معينة.

لعلكم تعلمون أنه قبل 50 سنة لم يكن لدينا مدارس بنات ولا بنية تحتية ولا أي مظهر من مظاهر الحضارة والتطور الذي تشاهدونه الآن، أما الآن فلدينا نساء مديرات لجامعات على الرغم من أنه كانت هناك معارضة شديدة لتعليم البنات، وكانت الوفود تأتي من كل أنحاء المملكة ترفض فتح مدارس للبنات، لكن اليوم يتسابق الناس في إرسال بناتهم للمدارس والجامعات.

إن ما أريد أن أقوله هو: إن التطور الطبيعي الهادئ المتتابع هو الممكن، وهو الأفضل في الوقت نفسه. نعم من التقدم الصحيح الثابت الخطى أن يأتي كل شيء في وقته المناسب بدليل أن مجتمعنا أصبح اليوم يتقبل أشياء كثيرة مفيدة لم يتقبلها قبل سنوات، ومع ذلك، فإن الدولة حريصة على قيادة التطور بمعدلات تحقق المصلحة من جهة وتتفادى الاضطراب والانتكاس من جهة أخرى.

واسمحوا لي أن أختم هذا الموضوع بالمثال الآتي الذي هو على مكتبي الآن:

إن الحقوق الشخصية للمرأة محفوظة ولدي اليوم أوراق تتعلق بامرأة تريد أن تتزوج من شخص ما، ولكن أهلها يرفضون ذلك وقد عرضت هذه القضية على المحكمة وأحالها القاضي إلى - اليوم - بخيارين: إما موافقة أهلها وإما أن يزوجها القاضي بمن تريد: على الرغم منهم، وتمكينا لها من ممارسة حقها الذي كفلته لها الشريعة الإسلامية. خيارنا وسطي

* البروفيسور: لدينا سؤال عن تيار الإصلاح، فقد سمع الطلاب كثيرا المثل الذي يقول: (في التأني السلامة)، وهذا يعني أن هناك اتجاها ينادي بالإصلاح، وتيار آخر يدعو إلى الصبر.

- سلمان: ما الإصلاح؟ يجب تحديد المعنى أولا، فكل له رأيه في هذه المسألة، وما يعتقده بعضهم إصلاحا يعتبره البعض الآخر إفسادا.

ويهمني مسؤولية الدولة في هذا الأمر، ومسؤولية الدولة هي المزج بين التيارين واستخلاص الأصلح من كل منهما، وأنا لست منزعجا من ذلك، فالدولة منذ التأسيس تسعى إلى الأفضل اجتماعيا وفكريا وسياسيا وإداريا وحضاريا. أنا لست من أنصار (الصبر الزائد)، ولا من أنصار (العجلة الزائدة).

إن الخير والمصلحة والحكمة تكمن في (خيار وسط) وهو: التطوير النشط الدائم من دون جمود ولا تهور، من دون بطء مميت ولا سرعة قاتلة.

وقلت منذ قليل: إن لكل دولة خصائصها وظروفها في المسارات الاجتماعية، وهذا ينطبق على الخيارات والوسائل السياسية أيضا، ولا بد من مواجهة هذه الأمور بوضوح شديد في زمن كثرت فيه شعارات الديمقراطية، وأنا لست ضد الديمقراطية التي يطبقها الآخرون، فمن خصائص السيادة والاستقلال لكل دولة أن تختار الصيغة السياسية التي تدير بها شؤونها، كما نص على ذلك ميثاق الأمم المتحدة، ولكن الديمقراطية بمفهوم معين ووحيد لها ليست (وصفة جاهزة) تصلح لكل مجتمع ولكل دولة.. مثال ذلك؛ أن الديمقراطية بمفهومها الغربي تعني - بالضرورة - تأسيس أحزاب متعددة. وهذا نمط سياسي اجتماعي لا يصلح لنسيجنا الاجتماعي.

أولا: لأن هناك عيوبا جذرية ينطوي عليها النظام الحزبي. وأهله أنفسهم يشْكون منه.

ثانيا: لأن هذه الحزبيات من شأنها أن تؤثر سلبا في الوحدة الوطنية التي هي أعز ما نملك بعد توحيد الله عز وجل. والبديل المناسب للديمقراطية - بمفهومها ذاك - ليس الدكتاتورية، فالقرآن قد ندد بالاستبداد في كل صوره، وإنما البديل المناسب هو (الشورى).

نحن متفقون على (مبدأ مشترك) لا خلاف فيه وهو: رفض الاستبداد بالرأي والقرار في إدارة شؤون الدولة، وإذا كان هدف الديمقراطية هو (منع الاستبداد) فإن على رأس أهداف الشورى عندنا: هدف (منع الاستبداد) أيضا، فلا قرار إلا بعد الشورى، فقد جاء في القرآن: (وشاورهم في الأمر فإذا عزمتَ فتوكل على الله). (آل عمران 159). فهذا أمر للنبي، ولكل حاكم مسلم بعده أن يشاور الأمة في الأمر، ولا يستبد برأيه وقراره. وتطبيقا لهذا المبدأ نص دستور المملكة العربية السعودية أو النظام الأساسي للحكم فيها على إدارة شؤون الدولة بالشورى.

الشورى لا الاستبداد

* وهناك شيء آخر لا بد من الالتفات إليه في هذه القضية وهو أن آية الأمر بالشورى تحدثت في الوقت نفسه عما (بعد القرار) وهو (العزم): (فإذا عزمتَ فتوكل على الله). (آل عمران 159)، وهذا العزم - بالتعبير القرآني - يقابله البت أو التنفيذ بلغة الدساتير العادية.

فالقرار - بعد التشاور - لا بد له من سلطة مخولة تحمله وتطبقه وتتحمل مسؤولية ذلك. ولتوضيح الصورة، علينا استعراض بعض التجارب الديمقراطية؛ ففي الولايات المتحدة الأميركية مجالس نيابية، ولهذه الجمهورية رئيس ذو صلاحيات معينة، وكثيرا ما يحدث أن يختلف رئيس الدولة مع هذه المجالس التي تحاول باجتهادها تعطيل صلاحياته، وعندئذ يستخدم الرئيس ما يسمى بـ(الفيتو) أو حق النقض وهو حق كفله الدستور.

وهذه صيغة شرعت لأجل (حفظ التوازن) بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ولم تشرع - بطبيعة الحال - من أجل خدمة التسلط الدكتاتوري.

وهي صيغة لها جذور في نهج الشورى الإسلامية، فلا قرار بلا شورى كما قلنا، ولكن بعد اتخاذ القرار الشوري يجب على الحاكم المسلم أن يمارس صلاحياته، ويباشر مسؤولياته التنفيذية من دون تردد، وهذا ما يسميه القرآن بـ(العزم): (فإذا عزمت فتوكل على الله). (آل عمران159). ولهذا النهج صوره التطبيقية في تاريخ المسلمين السياسي.

ثم إذا كانت الديمقراطية (شأنا دنيويا بحتا) فإن الشورى تجمع بين (الشأن الدنيوي) و(الشأن الديني)، مما يجعلها أقوى إلزاما من الناحيتين: الدستورية، والأخلاقية، فمن يهمل الشورى، يرتكب مخالفة دينية كبيرة تتمثل في معصية أمر الله بالشورى (وشاورهم في الأمر). (آل عمران 159) إلى جانب أنه يرتكب مخالفة سياسية دستورية في حق الأمة بمقتضى القانون الإنساني العام.

وأحب أن تتأكدوا من شيء تاريخي وواقعي وهو أن المملكة العربية السعودية صديقة للولايات المتحدة صداقة استراتيجية امتدت عشرات السنين ونمت وتطورت مع مرور الأيام والاتصالات والتفاهمات وتبادل المصالح في ظل قيادات مدركة للأهمية الحيوية لهذه العلاقة لمصلحة البلدين.

والعبرة التي ينبغي أن تستقيها الأجيال الجديدة من أمثالكم هي أن العلاقة الوثقى بين البلدين نشأت ونمت وتطورت وتعززت في ظل نظامين سياسيين مختلفين، بمعنى أن المصالح الحيوية المتنامية المتبادلة لم تلزم أي طرف بتغيير نهجه الاجتماعي والسياسي».

وأوضح المؤلف في مقدمة الكتاب أن هذا الكتاب ليس «سيرة ذاتية» للأمير سلمان بن عبد العزيز.. «فللسير الذاتية خصائصها وطابعها وأدبياتها ولغتها، إنما هذا الكتاب اكتشاف الجانب الآخر من رجل قدر لي أن أقترب منه وأعرفه معرفة مباشرة موسعة، وأن أتعامل معه في مستوى فكري راق، ملؤه الجد والحرية والتشاور والشفافية والاختلاف الرفيع أحيانا، ملمحا أن الاختلاف الرفيع يقصد به تنوع وجهات النظر - إلى آخر آماد التفكير الحر - في قضايا تحتمل وجهات نظر متنوعة. أما في الأساسيات فهناك تطابق ووحدة».

وأشار المؤلف إلى أن «الجانب الآخر الضخم للأمير سلمان الذي وددنا أن يشاركنا فيه قارئ هذا الكتاب، هو أنه (رجل فكر)، بمعنى التفكير الخلاق ذي الرؤية الواضحة، المتسمة بالمبادأة من الاستقلال، والنزوع القوي إلى التنوير، وهو (رجل فكر) من حيث إنه صاحب (نظرية الإبداع في ظل لا إله إلا الله)، كما أنه صاحب (رؤية فكرية) مفعمة بالاستقلال والنقد والتعامل مع المفردات والمصطلحات - مثلا - (كمصطلح القرون الوسطى المظلمة)، فهو يرفض تعميم هذا المصطلح على التاريخ الحضاري العربي الإسلامي، استنادا إلى أن تلك القرون المظلمة في أوروبا يقابلها قرون العلم والمعرفة والعقلانية والتنوير في التاريخ العربي الإسلامي، وهو صاحب (رؤية فكرية) سياسية في فن الحكم وفي الجمع المتناغم بين الدين والدنيا والوطنية والعالمية والإثبات والمرونة.. والشورى والحزم.. والأسرة الخاصة والوطن الكبير، والعمومية الرحبة والأخوة الحميمة، فهو أخ حميم تشعر بأخوته الغامرة الصدوقة، كلما اقتربت منه بعقل واحترام وصدق ووضوح».

يقع الكتاب في ثمانية فصول؛ يبدأ أولها بالمقارنة بين شخصية الملك عبد العزيز، وبين نجله الخامس والعشرين «الذي ورث عن أبيه العظيم حظا موفورا من الخصائص والمواهب، كالذكاء المتوقد، وسرعة البديهة، وقوة الإيمان، وقوة الذاكرة التي لا غنى عنها لكل قائد ناجح، وموهبة الانتظام في العمل، وتقدير الوقت إلى درجة أن موظفي الإمارة يضبطون ساعاتهم على وقت الحضور اليومي للأمير. ومن الخصائص المشتركة المهمة أيضا، ذلك الشغف المعرفي والنزوع إلى تحقيق تنوع ثقافي متعدد المصادر، فالأمير سلمان يقرأ في الدين والتاريخ والسياسة والاقتصاد وعلم الأنساب والاجتماع، وهو صديق صدوق للكتاب في السفر مثلما هو في المقام، ولعل مكتبته المنزلية خير شاهد على مستوى اهتمامه بالجانب الثقافي؛ إذ تحتوي رفوفها على ما يزيد على ستين ألف مجلد تغطي ثمانية عشر ألف عنوان متنوع تشمل مختلف حقول المعرفة وميادين الثقافة».

من السمات المشتركة التي يرصدها الكتاب كذلك، المتابعة النشيطة والاطلاع المتجدد على الأحداث اليومية المحلية والعالمية، وذلك من خلال القراءة المباشرة للصحف، والاتصالات المباشرة، والزيارات والعلاقات الخارجية مع المنافذ السياسية والدبلوماسية المهمة، ومتابعة التقارير اليومية التي تقدم إليه يوميا باعتباره حاكما إداريا، تتم المتابعة كذلك من خلال مكتبه الخاص ذي النشاط الجم الذي يرصد كل شيء في الإعلام المقروء والمسموع والمرئي ويقدم عنها خلاصة وافية للأمير.

من الناحية الإدارية وفن الحكم، يجتمع السلف والخلف على مبدأ بسيط ومهم في آن، وهو التسامح تجاه الفرعيات والحزم تجاه الأساسيات التي لا يقبل فيها صفح ولا شفاعة، وهي: الدين، وأمن الدولة، وحقوق الناس ودماؤهم وأعراضهم.

في فصل لاحق بعنوان «المفهوم التنويري للدين»، يتناول الكتاب الشعار الذي عرف به الأمير سلمان وهو «لنفكر ونبدع في ظل لا إله إلا الله»، متتبعا في ذلك خطى والده في الفهم المستنير للإسلام، والتمسك بالثبات والتجديد في الوقت ذاته، «فالثبات، هو ثبات التلقي من المصدرية العليا وهي القرآن والسنة المبنية عليه، وثبات مصادر التشريع لا يعني جمود الفهم والتحجر وعدم الانفتاح على كل ما هو جديد ومفيد، وهو الذي قال: (إن الذي لا يتغير قط هو القرآن والسنة، لكن ثباتهما لم يمنع من سن الأنظمة التي تتطور بتطور الأزمنة)».

في الفصول الأخيرة للكتاب نتعرف إلى المهارات السياسية والملامح الإنسانية التي تميز بها الأمير سلمان، ففي الإدارة تقع الشورى في مركز اتخاذ القرار، لكن المرونة والقبول بالآراء المختلفة قبيل الموافقة على القرار، تتحول بعد اتخاذه إلى حزم وعدم تساهل في التطبيق.

أما في ما يتعلق بالجانب الإنساني والنشاط الخيري، فقد بدأت رحلة الأمير سلمان مع ذلك منذ عام 1956، عندما ترأس لجنة لجمع التبرعات وإرسالها إلى المتضررين من العدوان الثلاثي على مصر، ورأس في العام نفسه لجنة أخرى لجمع التبرعات للشعب الجزائري، وفي 1967، ترأس اللجنة السعودية الشعبية لمساندة مجاهدي فلسطين، تلتها رئاسته للجان عديدة لإغاثة منكوبي كل من باكستان (1973)، وأفغانستان (1980)، والمتضررين من كوارث السيول في السودان (1988)، ولمساعدة المواطنين الكويتيين أثناء الاحتلال العراقي للكويت (1990)، وفي 1991 ترأس اللجنة المحلية لتلقي التبرعات للمتضررين من فيضانات بنغلاديش.. وهذه كلها ليست سوى نماذج، وغيض من فيض النشاط الخيري والإنساني الذي عرف به الأمير العربي الأصيل الذي صح أن يقال فيه:

* خمسون عاما والذراع طويلة في البر والمعروف والإحسان - المؤرخ الأول المعاصر

* وفي كتاب توثيقي صدر قبل عامين عن سيرة وأعمال الأمير سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، تناول مؤلفه الدكتور عبد اللطيف بن محمد الحميد، أستاذ التاريخ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ومدير تحرير مجلة «الدرعية،» بالعرض والتحليل والاستشهاد بأقوال المعاصرين، أبرز محطات حياة أمير منطقة الرياض، وإنجازاته المشهودة طيلة أكثر من نصف قرن، في مرحلة مهمة من تاريخ السعودية والعالم.

وقال المؤلف الحميد: «خمسون عاما من تاريخ نجد سطرها سلمان بعقله وفؤاده وشبابه ورجاله، عمرانا بشريا فريدا، في المجالات شتى؛ التنموية والاجتماعية والمعرفية والاقتصادية والصحية والعمرانية؛ وسلمان بحق هو المؤرخ الأول المعاصر في بلادنا؛ ممارسة وهواية ودراية، وهو رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز، والرئيس الفخري للجمعية التاريخية السعودية، ومؤسس جائزة ومنحة الأمير سلمان لدراسات الجزيرة العربية؛ فضلا عن كونه أمير منطقة الرياض، مهد الدولة والدعوة التي انطلقت برسالتها المباركة لتشمل الجزيرة العربية منذ منتصف القرن الثامن عشر الميلادي».

ويضيف الحميد في تناوله لشخصية وسمات الأمير بقوله: «لما كان دخول الملك عبد العزيز الرياض في الخامس من شهر شوال عام 1319 هجرية، واسترداده ملك آبائه وأجداده، ملحمة من ملامح تاريخ الجزيرة العربية الحديث، والحد الفاصل بين فوضى الماضي واستقرار المستقبل، فإن الأمير سلمان قد أضاف إلى منجزات الملك عبد العزيز ورصيد إخوانه الذي تولوا إمارة الرياض، الأمراء: ناصر بن عبد العزيز وسلطان بن عبد العزيز ونايف بن عبد العزيز وفواز بن عبد العزيز وبدر بن سعود بن عبد العزيز، منجزات أخرى واكبت تطور العصر وسياق التنمية وفكر الإنسان المتجدد.

سبعة عقود من تجربة سلمان الذاتية ومن سماته الموروثة والمكتسبة، ورصيد خبرته الشخصية، أفرزت نموذجا إنسانيا فريدا، ومفهوما إداريا جديدا، أطلق عليه أحد الإعلاميين السعوديين، وهو الأستاذ عبد الله بن ناصر العتيبي (المنهج السلماني) (Salmanism)، وهو مصطلح يرتبط في الغرب بالشخصيات القيادية الفذة، التي يصبح لمنهجها الإداري والسياسي تأثير فاعل في تاريخ بلدها، استنادا إلى (كاريزما) أي جاذبية شخصية تتوافر فيها صفات قيادية استثنائية، وهو منهج يمثل تلك الثنائية المتناغمة من الحزم، والحنوّ، والشدة، واللين، والثواب، والعقاب، والمرونة، والصلابة، والتفويض، والمركزية، اعتمادا على أسلوب إداري لا يكسر عرفا قبليا ولا مفهوما قرويا متعارفا عليه».

ويعرض الدكتور الحميد، البرنامج اليومي للأمير، «حيث يصل إلى مقر عمله بالإمارة بقصر الحكم، في الساعة الثامنة صباحا، بعد أن يكون قد قرأ الصحف اليومية واطلع على الأخبار ومستجدات الساعة، ثم تعرض عليه المعاملات اليومية، كما أن بعض مسؤولي الإمارة والإدارات الحكومية بمنطقة الرياض يعرضون عليه معاملاتهم ويأخذون توجيهاته. ومن الساعة العاشرة تبدأ المواعيد الرسمية التي يتم ترتيبها من قبل إدارة المراسم لمقابلة الأمير. وخلال هذه المدة يبدأ بعض الزوار بالحضور إلى مكتب الأمير، وحين تحين الفرصة بين المواعيد الرسمية وزحام المعاملات اليومية، يدخلون فوجا فوجا، فيسلمون ويتحدثون قليلا ثم يغادرون.

وحين يؤذن جامع الإمام تركي بن عبد الله، فإن الأمير يذهب إلى الجامع إن كان هناك من يصلى عليه الجنازة، وإلا أدى صلاة الظهر بمصلى الإمارة، مع جموع المراجعين والموظفين، ثم يستقبل في صالة كبيرة المواطنين والمقيمين من أصحاب القضايا والعرائض، وفيهم كبار السن والمعاقون، فيقرأ كل معاملة ويطلب صاحبها باسمه، ثم يطلب من أحد أفراد مجموعة الموظفين والمحيطين به، الأخذ بيد المراجع ومعاملته إلى الموظف المختص، وبعد الانتهاء من قضايا جميع المراجعين، وعددهم لا يقل عن مائتي شخص، يعود إلى مكتبه لاستئناف عمله إلى حدود الثالثة بعد الظهر. ويتخلل البرنامج اليومي خروج الأمير لافتتاح مناسبة رسمية أو مؤتمر أو ندوة في العاصمة أو استقبال ضيوف الدولة في المطار.

ويخصص الأمير مساء كل اثنين بعد صلاة العشاء مباشرة في فصل الشتاء، وفي فصل الصيف بعد المغرب، لاستقبال المواطنين والزوار وأبناء الأسرة المالكة في قصره بالمعذر. ويقصد هذا اللقاء الأمراء والعلماء والمفكرون والمسؤولون وشيوخ القبائل والإعلاميون والدبلوماسيون والمواطنون وذوو الحاجات. ولهذا الاستقبال أسلوب بروتوكولي، بعيد عن المبالغة.. فيدخل الضيوف بسياراتهم إلى أفنية القصر ثم يزلفون فرادا إلى قاعة الاستقبال على يسار صالة الدخول، للجلوس في الكراسي المخصصة في محيط القاعة والصفوف وحول مكان جلوس الأمير، وتدار القهوة والشاي، ويبدأ حديث الأمير حسب موضوع الساعة». ويقول المؤلف في هذا الصدد: «وفي آخر لقاء تسنى لي في هذا الاستقبال، سمعت الأمير يقول: (إن غاية سعادتي أن ألبي طلب مواطن أو صاحب حاجة، ولكن في بعض الأحيان قد لا يستطيع المسؤول، أنا أو غيري، تحقيق ما يريد بعض هؤلاء لأسباب ليست في اليد، وهذا في حدود الطاقة والمسؤوليات)».

وبعد نحو نصف ساعة، ينهض الأمير ومعه ضيوفه إلى قاعة الطعام حيث يتناول الجميع العشاء، عدا من يغادر قاعة الاستقبال مباشرة، ويتخلل ذلك بعض الحديث والمناقشات.

وفي المساء من أيام الأسبوع، ينشغل وقت الأمير بالبروتوكولات الرسمية أو الدبلوماسية أو الاجتماعية، مثل حضور زفاف أبناء الأسرة المالكة أو مشاركة بعض المواطنين أفراحهم، أو زيارة مريض في المستشفى أو في المنزل، أو مواساة لبعض الأسر. وما فضل من الوقت، فهو لأسرته وأبنائه.

مكتبة ضخمة وأوسمة متعددة

* وتمثل القراءة إحدى هوايات واهتمامات الأمير، حيث تعد مكتبته الخاصة، الواقعة في قصره بالمعذر، من نماذج المكتبات التي تعكس صفات الأمير واهتمامه، وتبلغ إجمالي مقتنيات المكتبة، نحو 20 ألف عنوان، وتضم المكتبة أهم الموسوعات والأعمال المرجعية في العلوم الدينية، إضافة إلى كتب التراث والتاريخ العربي والإسلامي، إلى جانب أهم مصادر علوم السياسة والإدارة، كما تضم مجموعة كبيرة من الأبحاث والتقارير والرسائل الجامعية، كما تحتوي المكتبة على الأعمال الرئيسية وأمهات الكتب التي تتعلق بتاريخ السعودية قديما وحديثا، وسيرة الملك عبد العزيز وتراجم الأعلام والقادة، وكتب الرحلات والمذكرات، وفنون الأدب، ودواوين الشعر العربي القديم والحديث بما في ذلك الشعر الشعبي القديم في الجزيرة العربية، إلى جانب معظم المؤلفات من الإنتاج الفكري السعودي قديمه وحديثه.

ويحمل الأمير سلمان بن عبد العزيز، الذي ولد بمدينة الرياض في 31 ديسمبر (كانون الأول) 1935، وبالتحديد في قصر الحكم بالديرة، قلب العاصمة السعودية، الذي كان مشيدا بالطين واللبن آنذاك، عددا من الأوسمة والجوائز المختلفة، من أهمها وشاح الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى، الذي يعد أعلى وسام في السعودية، كما حصل على وشاح العاصفة ووسامها، وذلك تقديرا من حركة فتح الفلسطينية للأمير عام 1969، ووسام بمناسبة مرور 2000 عام على إنشاء مدينة باريس، وقلده الوسام الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، عندما كان عمدة باريس عام 1985، ووسام الكفاءة الفكرية، الذي قلده إياه ملك المغرب الراحل الحسن الثاني في الدار البيضاء عام 1989، ووسام البوسنة والهرسك وقام بتقليده الرئيس البوسني الراحل علي عزت بيغوفيتش في الرياض عام 1997، ودرع الأمم المتحدة لتقليل آثار الفقر في العالم في العام ذاته، ووسام القدس الذي قلده الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، في حفل أقيم بقصر الحكم بالرياض عام 1997، ووسام (سكتونا) الذي يعد أعلى وسام في الفلبين، وقلده إياه الرئيس الفلبيني جوزيف استرادا، أثناء زيارة الأمير للفلبين عام 1999، وذلك تقديرا لمساهمة الأمير الفعالة في النشاطات الإنسانية، كما منح الأمير الوسام الأكبر في جمهورية السنغال، وقلده الرئيس السنغالي عبده ضيوف أثناء زيارة الأمير للسنغال عام 1999، كما قلده الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أثناء مرافقة الأمير للملك عبد الله عندما كان وليا للعهد في زيارته لليمن عام 2001، وسام الوحدة اليمنية من الدرجة الثانية، كما يحمل الأمير سلمان «زمالة بادن باول الكشفية» من قبل ملك السويد كارل جوستاف السادس عشر عام 2008، وجائزة البحرين للعمل الإنساني لدول مجلس التعاون الخليجي عام 2008.

وفي السياق ذاته، نجح المؤلف والإعلامي صالح محمد الجاسر في تقديم كتاب تناول فيه من يحملون اسم (سلمان) دون غيره من الأسماء، مضيفا بذلك إلى المكتبة العربية معلومات غير مسبوقة، حيث وجدت قلة من الباحثين والمؤرخين اهتمت بالبحث عن الأعلام الذين يشتركون في اسم معين.

نهج صالح محمد الجاسر في كتابه الذي صدر العام الماضي، وحمل عنوان «إتحاف الأنام بمن اسمه سلمان من الأعلام»، على ما درج عليه ممن سبقوه، في هذا المجال. لكنه تميز بإدراجه في كتابه من حملوا اسم (سلمان)، حتى وإن أورد بعض المؤرخين روايات أخرى للاسم مثل سليمان أو سلمة. كما حرص المؤلف على تضمين الكتاب كل ما استطاع الوصول إليه ممن حملوا هذا الاسم، وسعى للتعريف بهم أو الترجمة لهم مهما كانت الترجمة قصيرة أو مختصرة.

واقتصر المؤلف في الكتاب على من حمل هذا الاسم من السابقين الذين لهم ذكر في كتب التاريخ والتراجم والحديث والأدب. ولم يتطرق إلى المعاصرين من الأحياء ممن يحملون اسم سلمان، وهذا ما درج عليه المؤرخون السابقون.

ونجح الجاسر في كتابه الذي عمل على إعداده خلال أربعة أعوام، بالرجوع إلى أكثر من 120 كتابا كمصادر للبحث، في تضمينه 121 شخصية حملت اسم «سلمان». وجاء إهداء الكتاب إلى الأمير سلمان بن عبد العزيز، تعبيرا عن الشكر والتقدير والامتنان له، وعلى عنايته وحبه للكتاب والاحتفاء بأهله.

وبدأ المؤلف كتابه بالإشارة إلى أن اختياره الكتابة عن «سلمان» الاسم جاء حبا في «سلمان» الإنسان، مشيرا إلى أن بين «سلمان الإنسان».. و«سلمان الاسم» توافقا عجيبا. و«قديما قيل: (لكل من اسمه نصيب)، وإذا كان هذا المثل ليس مصيبا على إطلاقه، إلا أنه في حالة سلمان بن عبد العزيز مصيب».

وقال المؤلف: «سلمان الإنسان حالة نادرة وقليلة التكرار، يتميز بشخصية آسرة ومؤثرة، حديثه حديث علم ومعرفة وأدب، يأسرك بأخلاقه وبعلمه وثقافته، ومعرفته بالناس، وإنزالهم منازلهم. يشكل الالتزام جانبا مهما من شخصيته، إلا أن هذا الالتزام لا يطغى على الجانب الإنساني، فهو رغم مشاغله وارتباطاته الكثيرة لا ينسى مشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم». ورأى المؤلف أن «من لا يعرف سلمان الإنسان.. سيسارع بالكتابة عنه تفاعلا مع ما يسمعه عنه الناس.. فإذا عرفه تردد. وإذا ازداد معرفة به تراجع، وهذه حالة استثنائية، فالإنسان غالبا لا يكتب إلا عما يحسن ويعرف، ولكن في حالة سلمان الإنسان، تكون المعرفة دافعا للتراجع خوفا من الفشل، وخوفا من عدم إعطاء الرجل ما يستحقه، فسلمان بن عبد العزيز كالجبل الشامخ، كلما اقتربت منه زاد ارتفاعا وشموخا، وكلما ازددت منه قربا ازداد منك ابتعادا. ليس في الجسم أو الود أو حسن المعشر، وإنما في العلم والمعرفة. حين يطرق سمعك اسم أو عبارة أو معلومة، وتعتقد أنك متميز في معرفتها، تفاجأ أن لديه عنها أكثر مما لديك، فإن كنت قرأت عنها في كتاب أو مرجع، فهو عايشها وعرضها عن قرب وعمق، وهو لا يكتفي بالسماع، ولا يبني على ذلك رأيا أو موقفا، وإنما يؤصل ما يسمعه من معلومات ويردها إلى مرجعه».

يقول المؤلف: «وجدت أن الكتابة عن سلمان الإنسان مثل خوض غمار بحر عميق يحتاج إلى زاد ومركب وجماعة من أولي العزم، ولهذا ولأن سلمان بن عبد العزيز رفض مرات كثيرة أن يؤلف عنه كتاب، زهدا بأن يسمع ما يستحقه من ثناء، وإدراكا منه أن ما يقوم به جزء من الوفاء لهذا الوطن وأهله، اخترت الكتابة عن (سلمان الاسم) حبا في (سلمان الإنسان)، وبحثت عمن حمل هذا الاسم من السابقين، فكان هذا الكتاب الذي تضمن 121 شخصية حملت هذا الاسم».

وفي مدخل الكتاب، قدم المؤلف تعريفا بعلماء اللغة للاسم واشتقاقه، ومصادر الأسماء عند العرب، وتناول باختصار منطلقات الأسماء من معنى أو صفات أو أفعال أو أقوال، مشيرا إلى أن بعض الخلفاء يمنح من يسمى باسمه مالا لإنفاقه على المولود تقديرا لمن يسمى باسمه، مما يجعل الاسم ينتشر بين الناس. وفي المقابل كان بعض الحكام لا يريدون أن يسمى أحد بأسمائهم، ويعتبرون ذلك تقليلا من قيمتهم أو استخفافا بأسمائهم. وأورد المؤلف رواية لأبي حامد الغزالي تتعلق بهذا الجانب حيث يقول: «كان عبد العزيز بن مروان الذي ولي مصر سنة 65هـ واستمر فيها إلى أن توفي عام 85هـ وهو والد الخليفة عمر بن عبد العزيز، أميرا بمصر، فركب يوما بموضع وإذا رجل ينادي ولده: (يا عبد العزيز)، فسمع الأمير نداءه، وأمر له بعشرة آلاف درهم لينفقها على ذلك الولد الذي هو سميه، ففشا الخبر بمدينة مصر فكل من ولد له في تلك السنة ولد سماه عبد العزيز». وضد ذلك، كان الأمير (الحاجب تاش) بخراسان، فاجتاز يوما بصيارف بخارى ورجل ينادي غلامه وكان اسم الغلام (تاش) فأمر بإزالة الصيارف ومصادرتهم وقال إنما أردتم الاستخفاف باسمي».

وتناول صالح محمد الجاسر الأسماء المستعارة أيضا، موضحا أن «العديد من الأعلام اشتهروا بأسمائهم المستعارة التي طغت على أسمائهم الحقيقية، بل إن البعض من الأعلام لا يعرفون إلا بأسمائهم المستعارة.

ومن أبرز هؤلاء الشاعر الأموي الفرزدق (همام بن غالب بن صعصعة)، وفي المجال السياسي هناك ياسر عرفات (محمد عبد الرؤوف القدوة)، وهواري بومدين (محمد بوخروبة)». كما أورد المؤلف أسماء من كتبوا تحت أسماء مستعارة في العالم العربي «منهم الشاعر اللبناني بشارة الخوري الذي اشتهر بـ(الأخطل الصغير)، والكاتب أحمد علي سعيد المشهور بـ(أدونيس). كما أصدر الدكتور حسين هيكل روايته (زينب) عام 1912 باسم (الفلاح المصري). وحين لقيت روايته قبولا بين الناس أفصح عن اسمه الحقيقي. واشتهرت الأديبة المصرية ملك حنفي ناصف باسمها المستعار (باحثة البادية). والشاعر السوري محمد سليمان الأحمد اشتهر بلقب (بدوي الجبل). وكانت الأميرة فاطمة كريمة الملك محمد الخامس توقع مقالاتها باسم (باحثة الحاضرة). وفي السعودية اشتهر الأديب أحمد السباعي، الذي كان يكتب في صوت الحجاز باسم مستعار (فتاة الحجاز). كما كان أحمد عبد الغفور عطار يكتب تحت اسم (الجاحظ) والشاعر حسين سرحان يكتب تحت اسم (الفتى النجدي)». وأوضح المؤلف الجاسر في كتابه ما درج عليه العرب منذ القدم في استخدام التصغير في بعض الأسماء وذلك لأغراض عدة، معتبرا أنه قد يفيد التلميح والتجنب، خاصة حين يطلق على طفل مثل حميد وعبيد وعزوز وخويلد، وقد يفيد التصغير التحقير والتقليل من الشأن، كما أوضح المؤلف أن هناك العديد من الأسماء تكون مشتركة بين الرجال والنساء، و«هي وإن كانت قليلة، إلا أنها معروفة حتى عصرنا الحاضر، ومنها أسماء نضال، طلعت، تيسير، بهجت، عنان، صباح، نجاح، عطية، رباح، فيروز، رجاء، صفاء، أمل، نهاد، سماح، ولاء، سناء، إيمان، إقبال، إكرام، وحيد، عريب». وفصل المؤلف في اسم ومعنى سلمان، موضحا أن سلمان من الأسماء التاريخية القديمة وعرف في مختلف الديانات، وإن كان النصارى التزموا في الغالب بصورته المصغرة، فاستعملوا سليمان بدلا من سلمان.

وأشار المؤلف الجاسر إلى أن «اسم سلمان يعني: (البريء الخالص من العيوب والآفات). ولهذا يسمى به الرجل تفاؤلا بسلامته من العيوب والآفات. وسلمان اسم جبل، كما أنه اسم رجل كما جاء في (لسان العرب)، وهو مشتق من كلمة (سلم) ومنها اشتقت الأسماء: سليمان، سليم، سلمى، سلام، سلاّم، سلمة، سالم، سلوم، سلامة. ولاحظ المؤلف أن «اسم سلمان من الأسماء القليلة الاستعمال بين الخلفاء والأمراء والسلاطين، فمن خلال تتبع أسماء الخلفاء الراشدين وخلفاء بني أمية وخلفاء بني العباس وسلاطين الدولة العثمانية، وما نشأ من دويلات في عالمنا الإسلامي خلال فترات التاريخ المختلفة، نجد أن اسم سلمان يكاد يكون غائبا عن هذه الدول. وفي الدولة السعودية بمراحلها الثلاث، نجد أن أول من سمي باسم سلمان من أمراء آل سعود هو الأمير سلمان بن محمد بن سعود بن فيصل آل سعود، وثاني من حمل هذا الاسم هو الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض». ولفت المؤلف إلى أن العديد من الأسر في السعودية والأردن والعراق وسورية ولبنان من السنة والشيعة والدروز يحمل اسم السلمان، وقد ذكرهم بتفصيل عمر رضا كحالة، في كتابه «معجم قبائل العرب»، كما ذكر حمد الجاسر الأسر التي تحمل اسم السلمان في نجد في كتابه «جمهرة أنساب الأسر المتحضرة في نجد»، وقدم المؤلف 121 شخصية حملت اسم سلمان.

قصة عشق بين الرياض وسلمان

* قاد الأمير سلمان بن عبد العزيز منذ 57 عاما، التحول الذي طرأ على مدينة الرياض التي تعد أسرع مدن العالم نموا ووصل عدد سكانها إلى أكثر من 5 ملايين نسمة، حيث تحولت الرياض خلال أكثر من نصف قرن من بلدة صغيرة تحيطها الأسوار، إلى مدينة عصرية، وأضحت إحدى الحواضر ذات التأثير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي خلال العصر الحالي ليس على المستوى المحلي؛ فحسب بل على المستوى الإقليمي والدولي.

وتجاوزت مساحة الرياض كثيرا من الدول؛ حيث تبلغ مساحتها أكثر من ثلاثة أضعاف مساحة البحرين أو سنغافورة على سبيل المثال، حيث تبلغ مساحة نطاق العاصمة السعودية العمراني أكثر من ألفي كيلومتر مربع، وتجاوز سكان الرياض الملايين الخمسة في الوقت الحالي بعد أن كان عدد سكانها في عام 1862م لا يتعدى الثمانية آلاف نسمة، في حين يتوقع أن يصل عدد سكان المدينة بعد عقد وبالتحديد في عام 2020م إلى نحو عشرة ملايين نسمة. وقاد الأمير سلمان بن عبد العزيز الذي تولى إمارة المنطقة قبل 57 عاما العاصمة السعودية إلى آفاق رحبة وإنجازات غير مسبوقة في المدن الحديثة، حيث دفع عشقه الخاص للرياض إلى أن تكون مدينة متميزة وعروسا وسط الصحراء.

وقبل أكثر من ربع قرن من اليوم، وفي كلمات تؤكد الارتباط العميق للأمير سلمان بن عبد العزيز بالرياض، قال قائد تحول المدينة عن ذلك: «لا أتخيل نفسي بعيدا عن مدينة الرياض حتى لو لم أكن موجودا فيها، فالرياض بالنسبة لي الوطن والتاريخ الماضي والحاضر والمستقبل والأمل، منها قام والدي المغفور له الملك عبد العزيز بوثبته العملاقة الكبرى التي غيرت مجرى تاريخ الجزيرة العربية حينما وحّد شتات هذه الأقاليم التي لعب الجهل والتخلف والإقليمية أدوارا كبيرة في تمزيقها وتفريقها حتى جاء البطل، ليصنع من هذه الأقاليم أعظم وأقوى وحدة في تاريخ العرب الحديث؛ فيها ولدت وترعرعت وتربيت على يد الملك العظيم الذي غرس في قلبي وقلوب أبنائه حب الوطن والتفاني من أجله، عشت زهرة الشباب وأنا أرى وألمس حكمة القائد وحسن أدائه وعلو مكانته محليا ودوليا حتى أثر ذلك في نفسي، وتعلمت من سيرته الكثير، تسلمت مسؤولية إمارتها منذ أكثر من ثلاثين عاما، وشهدت خطواتها خطوة خطوة، وتسلمت مسؤولية تطويرها، وخلال هذه المدة الطويلة تابعت سياسة التطوير، وكان لي شرف الوقوف على تنفيذها، وشهدت كل خطوة حضارية خطتها مدينة الرياض، ومن هنا يصعب علي أن أفكر أن أكون بعيدا عنها حتى لو كنت خارجها.. عندما أكون خارج المدينة داخل المملكة أو خارجها، فأنا أعيش معها ولها. وفي الحقيقة، فأنا عندما أغيب عنها أظل أتخيلها.. أعمالها، تصريف شؤونها، شوارعها، حدائقها، ملاعب الأطفال فيها، مدارسها، مستشفياتها، كل شؤونها، كل ركن أو زاوية فيها تعيش معي في تفكيري، في قلبي، في جوارحي، أحس أنني موجود في كل زاوية من زواياها، وأنني أتابع خطوة خطوة كل حركة فيها وكل مشروع، يدفعني الحب لها ولأهلها ولولاة الأمر فيها، فهي الرياض مدينتي وهي الرياض عاصمة المملكة الحبيبة. وكل قرية ومدينة في بلادي عزيزة وغالية، ولها في نفسي أسمى مكانة وأرفع موقع، إن مسؤولا بمثل مسؤوليتي لا يستطيع ولو للحظة أن يكون جسمانيا غائبا عنها، فهي تعيش معي وأعيش معها، وهي أمام عيني في كل لحظة، وإذا اضطرتني ظروفي إلى مغادرتها مدة تقصر أو تطول، فأنا دائم التفكير فيها ولها كثير من الشوق، وأنا حريص على سرعة العودة لمتابعة شؤونها والإشراف على تطويرها عن قرب ومعالجة الأمور فيها».