رسمها الأمير سلمان.. مائة توصية تؤسس خارطة طريق لرعاية الأيتام في السعودية

تضمنت إعادة النظر في دور الأم البديلة واحتياجات البالغين من مجهولي النسب

الأمير سلمان بن عبد العزيز محتويا عددا من أيتام جمعية «إنسان»، وهو الرجل الذي عُرف عنه الاهتمام بتأسيس قواعد لرعاية هذه الفئة في المجتمع السعودي، وتبدو الفرحة على مُحياهم (تصوير: أحمد فتحي)
TT

وضعت توصيات تمخضت عن مؤتمر للأيتام أُسدل ستاره الثلاثاء الماضي، عددا من الاتجاهات الحديثة، للتعامل مع الأيتام بشكل عام، من شأنها ملامسة العلاج النفسي والاجتماعي والتكاملي، لدى التعامل مع أي قضية خاصة بالأيتام.

وأخذت التوصيات التي نتجت عن المؤتمر السعودي الأول لرعاية الأيتام، الذي رعاه الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بمنطقة الرياض (إنسان)، على عاتقها عدم التعرض لوصف الأيتام بنوع من الانتقاص أو التقليل من شأنهم، مع ضرورة توعية المجتمع بمفاهيم الأسر البديلة، وإعداد برامج خاصة لتأهيل الأمهات البديلات قبل العمل وأثناء العمل وبعده. وكفل المؤتمر الذي شهد حضورا لافتا من قبل مُهتمين بذات الشأن، المطالبة بإعادة النظر في النظم التي تحدد مكانة دور الأم البديلة، بحيث تصبح وظيفةً رسمية وعلى كادر حكومي، بالإضافة إلى إعداد دراسات تطبيقية عن الأم البديلة والضغوط التي تتعرض لها، وضرورة إجراء دراسات حول تأثير عوامل الشخصية عند الأيتام، والاهتمام بالتخفيف من حدة المشكلات السلوكية، وإشراك الأيتام أنفسهم في صياغة مشكلاتهم والتعبير عن احتياجاتهم.

في حضور لافت من المهتمين بمجال رعاية الأيتام محليا وخليجيا وعربيا، خرج المؤتمر السعودي الأول لرعاية الأيتام، بتوصيات يراها بعض المُهتمين كفيلة بتحديد خارطة طريق لإعادة تنظيم برامج الرعاية والخدمات المقدمة للأيتام في السعودية. وعلى الرغم من خروج المؤتمر بتوصيات محددة، فإن المتابع لجلسات المؤتمر يلحظ العدد الكبير من التوصيات التي طرحها المجتمعون بعد نهاية المؤتمر، مع العلم أن منها ما هو موجود سابقا، لكن ليس بالمستوى الذي يتطلع له المهتمون والمختصون في مجال رعاية الأيتام، ويعول الكثير على أن تكون تلك التوصيات مرجعا لكل مهتم بهذا المجال، حيث ستعمل تلك على تطوير الخدمات والبرامج المقدمة من القطاعين الحكومي والخاص. وتضمنت التوصيات المطالبة بإنشاء مركز بحثي خاص بالأيتام والتركيز على الإرشاد الجماعي والفردي والتربوي والنفسي عند التعامل مع الأيتام، وإنشاء تصميمات خاصة بدور الأيتام بعيدا عن التقليدية، بالإضافة إلى إنشاء مركز لتأهيل الأيتام، للتكيف مع واقعهم واختيار نماذج ناضجة من ذوي الاحتياجات الخاصة. ولم تغفل التوصيات احتياجات الأيتام الأساسية في كل دولة حسب إمكانياتها سواء صحية أو تعليمية أو ثقافية، ومراعاة توجيه الاهتمام بفئة المعاقين منهم، والاعتماد على ثقافة الحوار مع الشباب، لتشجيعهم على فهم حقوق الأيتام، والاهتمام بتأهيل الأم البديلة، من خلال أخصائيين مدربين ذوي خبرة، مستخدمين العديد من الأساليب العلاجية الحديثة، منها السلوكي والواقعي والأسري، بالإضافة إلى تقييم عمليات الرعاية المقدمة للأطفال الأيتام كل فترة زمنية حتى يتم تطوير سياسات الرعاية من فترة إلى أخرى. ووضعت التوصيات فرقا بين الأيتام من صغار السن، والأيتام البالغين، مع التركيز على احتياجات البالغين من مجهولي النسب عند خروجهم من مؤسسات الرعاية الإيوائية من الناحية النفسية والاجتماعية، وتوفير أماكن لإقامة البالغين من الأيتام وإيجاد وظائف لهؤلاء البالغين وتوفير الدورات التدريبية للعاملين مع مجهولي النسب من البالغين. ودَعت إلى قيام جميع مؤسسات المجتمع بوضع دليل إجرائي لتنظيم العمل داخلها، وصولا إلى مفهوم الجودة الشاملة، وتنوع البرامج داخل مؤسسات رعاية الأيتام، وتزويد العاملين بتلك المؤسسات بالمهارات التخطيطية، والإعداد المهني للأخصائيين الاجتماعيين العاملين في مجال رعاية الأيتام، واختيار أخصائيين اجتماعين مدربين ومعدين مهنيا على ممارسة العمل مع الأيتام، وبتطبيق برنامج الرعاية الأسرية في مؤسسات رعاية الأيتام ومن ثم تقويمه. وحرص المؤتمر على إنشاء مجلس إشرافي لرعاية الأيتام في المحافظات وتشجيع عمليات الكفالة للأيتام داخل الأسر، وإنشاء قاعدة بيانات خاصة بالأيتام في جميع المؤسسات الخاصة برعاية الأيتام، الرسمية وغير الرسمية، مع أهمية التوسع في افتتاح أقسام الاجتماع والخدمة الاجتماعية في الجامعات السعودية، والاستفادة من خبرات المتقاعدين والخريجين.

وشملت التوصيات التحري عن الأم البديلة قبل تسليمها للعمل، وتبني وزارة الشؤون الاجتماعية استراتيجية لحماية الأيتام فكريا، ومتابعة اليتيمات ذوي الظروف الخاصة داخل الأسر، والتوعية المجتمعية بحقوق هذه الفئة.

وطالبت بتشكيل لجنة للقيام بتنفيذها، مع ضرورة التركيز على تفعيل الحوار الفعال في جميع التعاملات مع الأيتام، وعرض نماذج حوارية إيجابية على الأيتام لتنمية الحوار، وإنشاء قناة فضائية خاصة يديرها الأيتام، واقتراح بإنشاء جمعيات لذوي الظروف الخاصة، والتعجيل بإصدار النظام الخاص بالأيتام، وإنشاء جهة يسند إليها التنسيق والإشراف وسرعة تنفيذ كافة الأنظمة، والمبادرة بالعمل على زيادة وتوسيع دائرة الوعي لدى المجتمع بحقوق الأيتام. وحرصت على الأخذ بنظام الأسر البديلة في رعاية الأيتام بالمملكة والتشجيع عليها، وتوفير البيانات الدقيقة عن واقع الأيتام في الوطن العربي، والاهتمام بتربية الفتيات المراهقات في دور الأيتام، بما يحقق العفة والاحتشام، ولا يؤدي إلى أضرار صحية على الفتيات، مع الاستمرار في تطوير الخدمات المقدمة للأيتام ذوي الظروف الخاصة بما يحقق إشباع الحاجات وتحقيق التكيف الاجتماعي، ودمجهم في المجتمع من سن مبكرة خلال برامج متنوعة تضع في الاعتبار احتياجاتهم الفعلية، وتثمين العمر والسن والقدرات لتوسيع دائرة علاقاتهم بالآخرين، من خلال إكسابهم المهارات الحياتية، وتعزيز ثقتهم بالذات، ومساعدتهم على تقبل واقعهم الاجتماعي، وتوعية المجتمع بهذه الفئة من خلال إشراك الأيتام واليتيمات في تحديد البرامج والأنشطة التي تعكس احتياجاتهم، والتباحث معهم عن كيفية ترجمتها لواقع ملموس.