تخويل المطلقة بتسجيل طلاقها رسميا.. والسماح ببطاقة أسرة لكل زوجة لـ«المتعدد»

فرض غرامة على من يتباطأ في تعديل بيانات السجل الأسري عقب الطلاق

TT

علمت «الشرق الأوسط» اتجاه الرياض للسماح للسيدة المطلقة، بعد وقوع حالة الطلاق وثبوتها شرعا، باستخراج سجل أسرة خاص بها وبأبنائها، عبر شريحة خاصة ببياناتها وبيانات أبنائها، يحق لها الحصول عليها من الجهة المسؤولة عن الأحوال الشخصية للسعوديين في البلاد.

وأكد محمد الجاسر الناطق الرسمي بوكالة وزارة الداخلية للأحوال المدنية لـ«الشرق الأوسط» السماح للمطلقة، وتخويلها بطلب استخراج سجل أسرة، لإثبات هويتها وهوية أبنائها، وتخويلها الحصول على شريحة بيانات خاصة بها وبأبنائها.

وأسهب الجاسر في شرح هذا التنظيم خلال تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مؤكدا على أحقية الزوجة في حالة عزوف الزوج عقب وقوع الطلاق، عن إسقاط بياناتها في سجل الأسرة وتغيير بيانات بطاقة العائلة، عبر مراجعتها هي أو أحد أولياء أمرها لوكالة الأحوال المدنية لتعديل البيانات بتسجيل الطلاق، وإسقاطها عن سجل الأسرة من خلال صك الطلاق المقيّد شرعا، عبر تصديقه في المحاكم الشرعية.

وكشف الجاسر عن توجه يجري حاليا سيمكّن الزوج من استخراج سجل أسرة لكل زوجة، بمجموع 4 سجلات، سيحوي كل سجل معلومات خاصة عن كل زوجة في حال تعدد الزوجات، فستكون كل زوجة وأولادها في حال رغبته بذلك، في خطوة استبشر بها الرجل السعودي، بعد مطالب متكررة بعدم جمع الزوجات في سجل أسرة واحد، ورغم ما في هذه الخطوة من حفظ لحقوق الزوجة بتحديد نسبة أبنائها لها، إلا أنها في واقع الأمر، جسدت رغبة جامحة من قبل الزوج، في حال محاولة الزوج إخفاء نبأ تعدد زوجاته، سواء أكان بين نسائه، أو حتى أبنائه.

الجاسر أكد أن الإعلان سيتم عن ذلك التنظيم الجديد في حينه، مع إيضاح الشروط والضوابط اللازمة للاستفادة من هذه الخدمة.

يأتي هذا الاتجاه الحكومي في السعودية، في حين شهدت عدد من ساحات القضاء العدلية، في بعض من مناطق المملكة ومحافظاتها، النظر في عدد كبير من المنازعات والدعاوى، في قضايا نزاع، سواء أكانت اقتصادية أو أحوال شخصية، من قبل سعوديات، عقب عزوف بعض الأزواج عن تسجيل حالات الطلاق، وتعديل بياناته في سجل الأسرة بعد الانفصال.

وهنا، روت لـ«الشرق الأوسط» مسؤولة في البنك الهولندي «رفضت ذكر اسمها» وقوع عدد من السيدات في حالة نصب واحتيال من قبل الزوج، من خلال استغلاله لبطاقة العائلة حتى بعد الطلاق، وذلك من خلال الاكتتاب بأسهم باسم الزوجة، أو الحصول على تمويل مالي (قروض)، وما إلى ذلك.

وتبقى إشكالية احتفاظ الأب بكافة الأوراق الثبوتية للمرأة، من سجل أسرة وجواز سفر أو شهادة ميلاد وغيرها، إلى جانب احتكاره أيضا أوراق أبنائه الثبوتية كافة، هو تحدي المرأة الأكبر في السعودية عقب وقوع الطلاق. وأرجع المستشار القانوني أحمد المحيميد وقوع بعض الحالات تلك، إلى بعض من العادات والتقاليد، التي يراها بعيدة عن الشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى انعدام الثقة ونظرة الريب، والتي تكلف المرأة أن تواجه صعوبة في الحصول على وثائقها الثبوتية إلا عبر كرامة وشهامة الرجل، وإلا فليس أمامها سوى اللجوء للمحاكم الشرعية للحصول على أقل متطلباتها النظامية نتيجة إرث ثقافي ومجتمعي.

وأكد المحيميد عدم وجود قانون في الأنظمة السعودية يمنع المرأة من حقها في الاحتفاظ بأوراقها الثبوتية (حفيظة النفوس، والهوية الشخصية، وسجل الأسرة)، بل إن الأنظمة السعودية عاقبت من يعتدى على الأوراق الثبوتية، ومنعت رهنها، أو إتلافها، أو استخدامها من قبل الغير، وحتى تصويرها تصويرا يحاكي الواقع، واعتبرت الأنظمة ذلك مخالفة يعاقب عليها النظام بأشد العقوبات التعزيرية، كالسجن، والغرامة، واعتبرتها اعتداء على المحرمات، فضلا عن أنها عمل غير أخلاقي، وغير نبيل، بل يتسم بالعنف واستخدام القوة، وربما يكون نتاج عمل انتقامي غير مبرر، وفيه انتهاك لحقوق وخصوصية المرأة والأبناء.

وتعطي القوانين للمرأة الحق الكامل في الاحتفاظ بجواز سفرها، ولا يجوز مصادرته أو منعها منه، إلا لأسباب وقيود قانونية منطقية، ولكنها أيضا لا يحق لها استخدامه أو السفر من خلاله إلا بموافقة ولي أمرها، سواء أكانت موافقة مؤقتة، أو موافقة دائمة، للدول المصرح لها فقط دون غيرها.

وفي ذلك أكد القاضي ياسر البلوي في محكمة صامطة لـ«الشرق الأوسط» أن النظام يقتضي سرعة تعديل وضع البيانات في الأحوال المدنية، وإلا فسيتعرض للغرامة المنصوص عليها في قانون الأحوال الشخصية، وفي حالة تهرب الزوج عن أي قضية زوجية، أكد البلوي اللجوء في حال تهرب الزوج عن الحضور، أو ثبت المضارة بزوجته، إلى إدراجه على قائمة المطلوبين، وقطع كافة الخدمات الحكومية عنه حتى انتهاء القضية.

وفي ظل غياب قانون الأحوال الشخصية، والبطء في تجديد الفقه بملف العدالة الأسرية، والاعتماد على تراث فقهي لما يقارب 15 قرنا، لمواجهة مستجدات وإشكاليات الألفية الحالية فالنفق المظلم بالنسبة للمرأة المطلقة في السعودية، لا ينتهي عند أوراقها الثبوتية، إنما يتواصل مع سيرها طويلا لانتزاع حق أبناءها أيضا لأوراقهم الثبوتية، لمن هم تحت وصايتها، حيث بقي الاجتهاد القضائي متباينا بين قاض وآخر، بالإضافة إلى لعب الأعراف المجتمعية دورا كبيرا في تحديد حق الأم من عدمه، من حيث الحصول على جوازات أبنائها وإثباتاتهم، الأمر الذي وقف عائقا أمامهم، سواء أكان في سبيل الرغبة مراجعة المستشفيات أو تسجيلهم في المدارس على أقل تقدير. وبحسب ما أوضحه أحمد المحيميد المستشار القانوني، فإن جوازات السفر الخاصة بالأبناء لمن هم دون سن 21 سنة، يعود لولي الأمر الشرعي (الأب)، كما لا يحق لمن هم دون هذا العمر السفر إلا بموافقته، وفي حال كان الأبناء تحت وصاية وولاية والدتهم الأرملة أو المطلقة، أو التي تنازل لها زوجها برعاية وإدارة شؤون الأولاد، لأي سبب كان، فلا يوجد في النظام ما يمنع المرأة في هذه الحالة من أن تمنح الموافقة لأبنائها القصر في السفر، منوها (المحيميد) في ذات السياق بأن كثيرا من القضاة لا يأخذون بإعادة جوازات السفر الخاصة بالأبناء لوالدتهم.

وأشار إلى أن القاضي مقيد دائما بما يدون أمامه في الدعوى من طلبات ولا يجوز له نظاما الخروج عن طلبات المدعي، منوها بأنه في حال تقدمت المرأة صاحبت الولاية بطلب الإذن لها باستخراج جوازات سفر لأبنائها «القصّر» بصفتها الولي الشرعي عليهم، فليس أمام القاضي سواء الاستجابة لها، ما لم يكن هنالك مانع شرعي أو قانوني.

وفسر القاضي ياسر البلوي مسالة إعادة جواز سفر الأبناء للأم لمن هم تحت وصايتها في الجانب الشرعي، بأنه في حال طلب الحاضن ذلك، مبررا بأن مصلحة المحضون تقتضي في بقاء أوراقه الثبوتية لديه، فينص القاضي عليها في الحكم ويفصل في الطلبات.

وأكد البلوي على أن ما ينتهجه شخصيا يتلخّص بطلب تلك الأوراق وتسليمها للحاضن مباشرة مع الإشارة إلى ذلك في الضبط والصك، باعتبارها من «مصالح المحضون».