محكمة جدة الجزئية تبرئ معلمة سجنت 6 أشهر لاتهامها بقتل خادمتها الإندونيسية

السلامة: التكييف» الخاطئ سبب سجنها ومن حقها الحصول على تعويض

TT

برأت المحكمتان الجزئية بجدة والاستئناف بمكة المكرمة، معلمة تعمل بإحدى المحافظات التعليمية جنوب المملكة، من تهمة القتل شبه العمد لخادمتها الإندونيسية الجنسية، كما برأت زوجها من الإهمال في بعض الإجراءات الإدارية والصحية الخاصة بالخادمة.

وكانت تهمة القتل شبه العمد للخادمة قد وجهت للمعلمة من قبل هيئة التحقيق والإدعاء العام، وظلت على أثرها في سجن بريمان لمدة 6 أشهر، وأصدرت المحكمة أمرا بالإفراج عنها نظرا لما ظهر في القضية من وجود تكييف خاطئ لها، ثم صدرت بعد ذلك، إثر إجراءات المحاكمة واستئنافها، براءة المتهمة وتم تمييز الحكم بتبرئتها.

وقال رئيس المحكمة الجزئية بجدة الشيخ إبراهيم بن صالح السلامة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «التكييف الخاطئ للقضية أدى إلى ما أدى إليه من بقاء المتهمة أشهرا بالسجن، وهو نتيجة اجتهاد بشري قابل للخطأ والصواب، واجتهادات محققي الادعاء العام في التحقيق وفي تكييف القضية ليست أمورا قطعية»، مشيرا إلى أن القضاء له الكلمة الفصل في ذلك التكييف وصحته، فأمام القضاء يعتبر الادعاء العام كأي مدع قد تثبت دعواه شرعا وقد لا تثبت.

وفي سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن الحق الخاص في القضية «حق ذوي الخادمة»، قال الشيخ السلامة إن الحق الخاص لم يثبت بصدده شيء، بحكم أن الوفاة لم تكن نتيجة قتل عمد أو شبه عمد، أو حتى القتل الخطأ، وإنما كانت نتيجة مرض الخادمة المزمن، وما أصيبت به من أمراض تابعة. وأضاف «حضر ذوو المتوفاة إلى السعودية وسجلوا تنازلهم الشرعي، وعدم وجود أي دعوى لهم على مخدومي ابنتهم، بل إن إفاداتهم عن مرض ابنتهم المزمن وعن معاملة مخدوميها الحسنة لها جاءت لصالح تبرئة المتهمة مع القرائن والأدلة الأخرى». وقال إنه «تم الاستناد في إثبات براءة المتهمة إلى جملة من القرائن والأدلة، منها تقرير الطب الشرعي، وشواهد أخرى، منها أن الخادمة كانت قد قدمت إلى السعودية بتأشيرة عمل سابقة ثم أعيدت لبلادها بسبب مرضها، وكذلك لما شهد به أهلها من أنها كانت مريضة بجملة من الأمراض منذ سنوات».

وعن حق المتهمة «المبرأة» في التعويض عما لحقها من أضرار، قال السلامة إن من حقها أن ترفع مظلمتها في هذا الصدد إلى الجهة والمحكمة المختصتين، والمحكمة المختصة بهذا الشأن هي المحكمة الإدارية، وقد يحكم لها بالتعويض المادي المناسب عن كل يوم قضته في السجن، وذلك وفقا للأنظمة والتشريعات الخاصة بذلك.

من جهتها، قالت المعلمة عبر بيان بثته إنها تقيم في جنوب المملكة، وإن ما لحقها من أضرار نفسية وصحية وأسرية واجتماعية وعملية إثر ما جرى لها من اتهام وتوقيف لا يوصف. وأضافت «لم أكن أبدا مصدقة ما حدث لي»، وأردفت «كل تلك المدة قضيتها رهن التوقيف بلا ذنب اقترفته، أو جناية تسببت فيها، بعيدا عن أهلي وأبنائي وبيتي في ظروف هي في أي حال ظروف سجن ليتضح ضمن حقائق القضية ما يؤكد براءتي». واستدركت القول «كنت واثقة من أن قضاءنا العادل سيأخذ بعين الاعتبار حقائق القضية وسينصفني بعد أن أصبحت القضية على طاولته، وهذا ما تم فعلا».

وتضيف المعلمة «لم أكن أيضا مصدقة بعد أن أفرج عني (وقبل أن تنتهي إجراءات المحاكمة وتمييز الحكم) أن يلحقني كل ذلك الأذى والتفسيرات والتأويلات الاجتماعية والعملية».

وتعود تفاصيل القضية إلى إجازة صيف العام الماضي، حيث قدمت المعلمة مع أبنائها من جنوب المملكة إلى جدة حيث يقيم ويعمل زوجها، وكانت الخادمة قد عانت متاعب صحية متزايدة في الأيام الثلاثة الأخيرة أثناء انتقال الأسرة لجدة، ثم توفيت بعد وصولها جدة بيومين.

وفيما بدا أن نظرة محققي القضية والادعاء العام في تكييفهم للقضية وتوجيه التهمة تأثرت بحوادث أخرى تخص الخادمات الإندونيسيات، والتي طفت على السطح مؤخرا حيث ينتهي أغلبها إلى إدانة المخدومين والمخدومات من المواطنين السعوديين بتعذيب الخادمات وإلحاق الأذى أو التسبب في وفاتهن، فإن رئيس المحكمة الجزئية بجدة الشيخ إبراهيم السلامة رفض تأثر القضاء والنظرة القضائية في هذه القضية بالقضايا الأخرى الخاصة بالخادمات. وأكد الشيخ السلامة أن لكل قضية ملابساتها وظروفها التي تحدد بدقة التهمة والحكم الصادر بصددها.

وكانت تقارير طبية خاصة بالخادمة وأسباب وفاتها قد أكدت أنها كانت مريضة أصلا منذ قدومها للمملكة بل قبل ذلك، حيث ذكرت تلك التقارير إصابتها بالسرطان وصديد فوق الرئة والتهاب السحايا، ثم أخيرا الإصابة بحمى شوكية.

كما أكد ذووها الذين حضروا للمملكة بعد وفاتها حالتها المرضية المزمنة، وأكدوا أيضا تواصلها معهم أثناء وجودها بالمملكة، وأنهم كانوا على علم باستمرار مرضها وبحسن معاملة مخدوميها، وسجلوا تنازلهم الشرعي عن أي دعوى لهم.